مجدي عابد - الكرسي والعظيم

الكرسي والعظيم وما العظيم , فبالمقام المجد لمن يأبى المقام , انما الرجل العظيم ذلك الذي لا يسود ولا يساد.

امتنا العربية تثور ضد زعمائها علها تحدث تغييرا مما يجلب لها المصلحة والمنفعة وأهمها أعطائها أمكانيات التقدم واللحاق بالشعوب المتقدمة.
قد تتساءلون ما للكرسي وللعظيم أو الزعيم أو الحاكم أو الرئيس أو حتى رئيس بلدة أو نقابة أو حتى المختار وما للكرسي وللمحاماة ؟ اذ يجمع الكرسي كل أولئك المحترمين وبدون الكرسي لا رئيس ولا رئاسة , لا عظيم ولا زعامة . ولهذا فأن أمتنا مهما تقدمت وتعلمت الديمقراطية ولعبتها ولو أنها لعبتها فقط لمجرد اللعبة, فان الكرسي يبقى الكرسي ويجب الحفاظ عليه حتى الموت.
لا نستغرب السحر الموجود في هذا الكرسي ففاعليته غريبة ومخيفة فكل من يجلس عليه ومن أول مرة يعمل المستحيل لكي يتشبث به فيصبح قسم من دنياه ويعمل حتى لتوريثه لأبنائه ويكون مستعدا لعمل كل شئ ليبقى عليه , فانه يبيع ضميره ووجدانه و"يتزكزك" من دنيا كبر وترعرع فيها الى أخرى ذات طروحات وفكر مناقض لضميره ومبادئه ففعل هذا الكرسي يجعل المرء يتفنن في ايجاد التبرير والابداع لماذا عليه الأبقاء على هذا الكرسي. فالمهم البقاء على الكرسي مهما كلفه الأمر ، فهو يحسب ومن أول مرة جلس على هذا الكرسي المسحور بأنه أحسن واحد في العالم ولا يستحق الكرسي سواه , وعندما يضطر بسبب طلب الشعب للتغيير فان كل ما يعمله هو اقالة حكومته وتغييرها باخرى لا تختلف بالجوهر عن سابقتها فهو يستهين بشعبه ويستخف في مقدار ادراكهم ويشكك حتى في مقدرة الشعب على التفكير , والسبب هو واحد هذا الكرسي اللعين.
كل من جلس على هذا الكرسي خاف مفارقته والأسباب لذلك معروفة أما العمل على الصاق الكرسي الى من يجلس عليه خوفا من أن يفقده فهذا لأمر غريب , فالجالسون على الكرسي يتفانون في ابتكار الطرق التي تبقيهم ملتصقون اليه فالبعض يستعمل الصمغ السريع والقوي والبعض الآخر يستعمل حتى "التباشيم " فهو يريد الجلوس على الكرسي لسنين طوال والمعظم منهم نجحوا وللأسف في ذلك فبقي الكرسي ملصق اليهم وفصله عنهم يلزم اجراء عمليات جراحية معقدة وطويلة ومضنية عادة غير متوفرة عند أمتنا.
ليس بالغريب أن يحب شخص ما كرسيا ولكن بأن يحب الكرسي ويعمل للعودة اليه مثل العاشق الذي يعود الى عشيقته فهذا جنون العظمة, فكل من جلس على الكرسي يصبح معبودا له فيأكل ويشرب ولا يفارقه, ينام ويقوم وهو ملتصق اليه .. اذ أن وقع عمل الكرسي يكفيه ويعوضه عن أي نقص, وهذه الأمور صحيحة مهما علا المقام ابتداء من رئيس دولة او رئيس حكومة أو بلدية أو رئيس مجلس محلي أو حتى المختار.
وهكذا فقد تعددت المناصب وتنوعت وعلت فأما الكرسي فهو واحد كالجبل الشامخ منتصب عال وباق لا تهزه ريح. ولهذا ولكي نتجنب سحر الكرسي نقترح بأن تصنع هذه الكراسي من مواد متآكلة لا تصمد أكثر من فترتي رئاسة تنتهي وتذوب مع انتهاء هذه الفترة.
والطريف بالأمر أن كل من جلس على هذا الكرسي وبعد فترة تزعمه الاولى يدعي بأنه سئم من الكرسي وأنه لا يريده طبعا اذا ألزمه الأمر بأن يلعب اللعبة الديمقراطية واجراء الانتخابات , وبقدرة قادر ولأنه قد تعود على الكرسي وبمفاهيمه الوهمية المريضة بدء العظمة فيعمل عند منتفعيه لكي يقول في النهاية بانه ونزولا عند رغبة الشعب ولأن لا أحد يستحق الكرسي اللعين سواه سيرشح نفسه بحجة خدمة الشعب ولأنه في الحقيقة لا احد غيره يستطيع سلب الشعب أحسن منه فبالمحصلة هو المنتفع الوحيد ولا تصدقوا بانه يضحي ويستميت في الحفاظ على مصالحكم فهذه بدعة مفضوحة وكل كرسي وشطارة ملتصقه , ولا وجود لأية التباس اذ مع الوقت وتعود الجالس على حبيبه والكرسي على جالسه فجسارة الزعيم تزداد , طمعه يكبر حتى يصير يأكل ولا يشبع.
وهذه مسيرتنا مع الكراسي , ولهذا نتوجه لكل المحامين في لواء الشمال بالاشتراك في لعبة الكراسي فهي لعبة مسلية ومفيدة وقادرة على التغيير وقلب الزعيم واسقاطه ولا حاجة لمظاهرات في ميادين التحرير أو التغيير.
نحن من الشعب ومع الشعب, نحن ضد الزيف والسلبية, ضد الاستغلال, ضد السلطة والتسلط في صورها. نحن صوت الأغلبية الصامتة التي قد تسكت حينا وتكظم غيظها حينا ولكنها لن تسكت الى الأبد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى