نادية الكيلاني - الكرسي المجيد والآخر المحترم

مدونة الاحرار : نادية الكيلاني - من أجل الكرسي المجيد يخلع من يجلس عليه كرامته ومبادئه ووطنيته، ويذل نفسه لمن هو أكبر منه، ويعتبره وليَّ نعمته.
وبسبب الكرسي المجيد يذبح شعبه ويسيل دماءه أنهارًا، دون رادع من ضمير، وكأنهم يعيشون أبدًا، وما يحدث لغيرهم لا يحدث لهم؛ لذلك لا يتعلمون من تجارب السابقين.
نعم الكرسي فقط هو أصل كل بلاء في عالمنا الأهوج.
من أجل الكرسي تهتف الشعوب: يحيا الزعيم، بالروح والدم نفديك يا عظيم، أنت فل الفل ونحن لا نستحق كل هذا الكرم منك.
أما لو نطق أحد: نريد كرامتنا وعزتنا، نريد لقمة عيش هنية، نريد بعض حرية، فالويل كل الويل.
من أجل الكرسي يصاب حكامنا بنوبات من الصرع والشراهة، فينسون دورهم الرئيس من خدمة الشعب والعمل على مصالحه، بل يتحول الأمر إلى خدمة أنفسهم ومعاونيهم دون وعي أو ذرة عقل.
وبدلاً من العمل على تنمة الأموال تكدس بالمليارات في خزائنهم، وتفكيري القاصر لا يدرك الفائدة من تكدس تلك الأموال دون استثمار، والانسان في زعمي المتواضع لا يأكل أكثر من ملء بطنه مهما كانت واسعة، ولن يلبس أكثر مما يحيط ببدنه مهما كان بدينًا، ولن ينام إلا في مساحة ضعف جسمه حتى وإن كان كثير التقلب في الفراش!!
أما الأجواء التي يعيش فيها ويمنحها كل مظاهر الأبهة والعظمة، فقد تحققت بالفعل، فما فائدة التكديس؟ لا أدري!
والأنكي أنه تكديس ليس عن فائض إنما هو رغم فقر العباد وفساد البلاد،
وتعطل الإنتاج وخراب الذمم وبيع الضمائر و............ و............... كثير.
وعندما يهرب لا يستطيع حمل أثقاله مما كنز، فيتركها وينجو بجلده.
ولأن هذا الكرسي المجيد هو السبب - كما أوضحنا - وجدتني أرفع يدي بتحية تعظيم وإجلال لكرسي الأوتوبيس.
كرسي الأتوبيس هو الوحيد المحترم.
الكرسي الوحيد الذي تتركه طواعية إذا جاءت محطتك،
والكرسي الوحيد الذي تعزم به على من هو أكبر سنًّا أو أضعف بدنًا،
والكرسي الوحيد الذي يستحقه من يقف بجواره، فلا يأتي أحد من بعيد يحاول الاستيلاء عليه، إلا إذا سمحت له.
والكرسي الوحيد الذي تعرف أنه ليس ملكًا لك وحدك؛ بل ملكية عامة يجب المحافظة عليه.
كرسي الأتوبيس يوصلك لغرضك في راحة، دون تكاليف زائدة،
والكرسي الوحيد الذي يحمي من يجلس عليه من الحسد والانقلاب والتآمر والخداع.
توصية: ليتكم تصنعون للحكام الجدد كراسي من مثل مادة كرسي الأتوبيس
ثم تدرسون فلسفته في المدارس بعد إصلاح التعليم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى