نحاول هنا اضاءة موجزة للحي الخلفي ومحاولة عيش والثعلب الذي يظهر ويختفي. ثلاث روايات للكاتب المغربي الراحل محمد زفزاف. كتابة سردية تعتمد العبارة الموجزة السريعة المتوالية الحضور كسرعة حياتنا المعاصرة ، لغة سلسة متدفقة فيها مشهدية بصرية عالية وفيها زمان سريع يأكل أهله وفيها مكان يحبونه ويتنقلون فيه كلما ضاقت بهم ظروف الحياة. أعمال أدبية ترتفع بحوارات وأسئلة وهموم الحارة والشارع موجزة وسريعة وساخرة مثل كوميديا سوداء .هذه النصوص الروائية بلغتها الممتعة وموضوعاتها المتنوعة وحواراتها العميقة هي محاولات عيش رفيعة الأدب والتمرد والفن.
في الميناء يبيع الولد حميد الصحف قرب الباخرة الفرنسية وأحيانا يذهب مع والده الى الغابة لجني البلوط الذي يبيعه أبوه، ثم يقصد السوق لشراء حاجات البيت.
يقول حميد: عندما أكبر سوف أصير حمالا في الميناء.
حميد يلف المدينة بالصحف ويأخذ جولات في مختلف الملاهي الليلية.
في رواية الحي الخلفي هناك حارات وهناك قائد يراقبها، هذا الحي فيه ممارسات سرية مشبوهة والقائد هو المقدم وهو مجرد منفذ والسكان الغرباء يفهمون ذلك جيدا ويعرفون أنهم مطرودون في هذه اللحظة أو تلك بل قد يتعرضون للسجن، وبعيدا عن هذه البنايات في الحي تكومت مجموعة من أكواخ الصفيح الواطئة والمتربة وهي في الغالب ملك لهؤلاء الغرباء مغتصبي أملاك غيرهم .
تظهر المعالم الفنية للتخييل الذاتي واضحة في رواية الثعلب الذي يظهر ويختفي ، الرواية عن الصويرة مدينة الكاتب، والصويرة كما يرى محمد زفزاف كالمرأة والمرأة هي القفل والمفتاح معا : مشيت بحذر وذهول داخل الأزقة الضيقة .. كانت الازقة أحيانا تتسع لشخصين فقط.. وأحيانا بدون منفذ.. دخلت الى أول فندق.. نمت حوالي الساعة لأنني لم أنم أمس بما فيه الكفاية.
( لم يكن الهراوي من الغرباء ولكن البيت الذي يسكنه هو وأمه وأخته ملك له، لقد اشترى والده قبل أن يموت بقعة من الأرض وبنى الطابق الأرضي لكنه لم يحقق حلمه فمات، كان ينوي بناء ثلاثة طوابق إلا أنه مات في حادثة سير، سوف يكبر الهراوي وسوف يكمل دراسته ويتوظف ثم يزوجه أبوه ويسكنه في الطابق الأول ويربي ابناءه، لكنه مات مثلما ماتوا ويموتون، وطرد الهراوي من المدرسة لكثرة تغيبه، ولأنه كان صغيرا وجميلا أفسده من هو أكبر منه سنا، وها هو الان قد كبر وتشوه وجهه بضربة سكين معلم .) .
(قال المسيح : خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني .
وفكرت أن خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها لكنها لا تتبعني بل تتحول الى ذئاب شرسة أحيانا، وهكذا يصبح من الضروري قتل المسيح في داخلي والتحول الى نعجة أو ذئب أو ثعلب وقد فعلت ذلك مرارا في الليل وفي النهار.)
كل رواية من روايات الكاتب المهم محمد زفزاف في حدود مئة صفحة فقط ، لكنها عالم من المتعة والأدب الرفيع في الحكي وفي اللغة السلسة الممتعة التي لا تتكلف ولا تفتعل وفي صور الكوميديا السوداء العالية جدا . لا تشعر بالممل ولا تشعر بورطة الكاتب في منتصف الرواية.
في الميناء يبيع الولد حميد الصحف قرب الباخرة الفرنسية وأحيانا يذهب مع والده الى الغابة لجني البلوط الذي يبيعه أبوه، ثم يقصد السوق لشراء حاجات البيت.
يقول حميد: عندما أكبر سوف أصير حمالا في الميناء.
حميد يلف المدينة بالصحف ويأخذ جولات في مختلف الملاهي الليلية.
في رواية الحي الخلفي هناك حارات وهناك قائد يراقبها، هذا الحي فيه ممارسات سرية مشبوهة والقائد هو المقدم وهو مجرد منفذ والسكان الغرباء يفهمون ذلك جيدا ويعرفون أنهم مطرودون في هذه اللحظة أو تلك بل قد يتعرضون للسجن، وبعيدا عن هذه البنايات في الحي تكومت مجموعة من أكواخ الصفيح الواطئة والمتربة وهي في الغالب ملك لهؤلاء الغرباء مغتصبي أملاك غيرهم .
تظهر المعالم الفنية للتخييل الذاتي واضحة في رواية الثعلب الذي يظهر ويختفي ، الرواية عن الصويرة مدينة الكاتب، والصويرة كما يرى محمد زفزاف كالمرأة والمرأة هي القفل والمفتاح معا : مشيت بحذر وذهول داخل الأزقة الضيقة .. كانت الازقة أحيانا تتسع لشخصين فقط.. وأحيانا بدون منفذ.. دخلت الى أول فندق.. نمت حوالي الساعة لأنني لم أنم أمس بما فيه الكفاية.
( لم يكن الهراوي من الغرباء ولكن البيت الذي يسكنه هو وأمه وأخته ملك له، لقد اشترى والده قبل أن يموت بقعة من الأرض وبنى الطابق الأرضي لكنه لم يحقق حلمه فمات، كان ينوي بناء ثلاثة طوابق إلا أنه مات في حادثة سير، سوف يكبر الهراوي وسوف يكمل دراسته ويتوظف ثم يزوجه أبوه ويسكنه في الطابق الأول ويربي ابناءه، لكنه مات مثلما ماتوا ويموتون، وطرد الهراوي من المدرسة لكثرة تغيبه، ولأنه كان صغيرا وجميلا أفسده من هو أكبر منه سنا، وها هو الان قد كبر وتشوه وجهه بضربة سكين معلم .) .
(قال المسيح : خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني .
وفكرت أن خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها لكنها لا تتبعني بل تتحول الى ذئاب شرسة أحيانا، وهكذا يصبح من الضروري قتل المسيح في داخلي والتحول الى نعجة أو ذئب أو ثعلب وقد فعلت ذلك مرارا في الليل وفي النهار.)
كل رواية من روايات الكاتب المهم محمد زفزاف في حدود مئة صفحة فقط ، لكنها عالم من المتعة والأدب الرفيع في الحكي وفي اللغة السلسة الممتعة التي لا تتكلف ولا تفتعل وفي صور الكوميديا السوداء العالية جدا . لا تشعر بالممل ولا تشعر بورطة الكاتب في منتصف الرواية.