مظفر النواب - تحت طاقات بغداد القديمة

أرى أنَّ مشرِقَها
مِثلَ مَغرِبِها في السوادِ
وإنَّ احتِلالاً لأرحَمُ
مِمّا أرى مِن مزادِ
فيا جُهمَةَ الليلِ
والليلِ والليلِ
يا وحشتَاهُ مِن الليلِ
في بلدةِ الليلِ مِن ضيعة الليلِ
فليدخُلِ الليلُ إنَّ عِنادي مُضيءٌ
وصاريَّ ما زالَ مُرتفعاً
في زمانِ المحاذيرِ
لم يصلِ الجَرَبُ المُتَفشّي
إلى منزلِ القلب بَعدُ
وتؤنِسُني الوحَداتُ مُعتَّقةً
مِثلما الراحُ أُعتِقُ نفسي
يُعَلمني ما تعلَّم مني تلاميذُ أمسِ
وعَبّدتُ بالقطرانِ
جلودَ المُصابينَ والمُبتلينَ
على كل ما فيّ مِن نفرةٍ وازدراء
وبُعدِ طريقٍ وقلّةِ وقِلّةِ زادِ
سأكشفُ عن عورَةِ الخوفِ
تَحتَ أُنوفِ العبادِ
كَسادٌ عجيبٌ
وأعجبُ مِنهُ التزاحُمُ بالمَنكبينِ
مُزاودةً في الكَسادِ
أرى أنّ مشرِقها
مثلَ مَغرِبها في السَّوادِ
فَمِن ملكٍ يتحنّى
إلى ملكٍ يتعاطى
إلى ملكٍ نَسَبٍ في الفسادِ
وأفجَعُها ما أرى
مِن رِضىً في السَّوادِ
حَمَلتُ مَناحاتِها
وانثَنَيتُ مع الصُّرَرِ
النرجسيةِ
مِن تحتِ طاقاتِ بغدادَ
رافقتُ كلَّ عروسٍ لحَمامِها
كنتُ جَلجامِشَ الوثني
ولازَمَني عُريها نكهةً
آهِ مِن نكهةٍ نكهةٍ
ونزلت على دكةٍ دكةٍ مِن بُخورٍ
وأنفاسُ حورٍ سلامٌ
إلى مطلعِ الفَجرِ زفةُ نورٍ
رأيتُ أصابعَ مِن عَلمٍ
عَلمٍ عَلمٍ
وطيورٍ وواصَلتُها
ووصَلتُ اتصلتُ
وصَلتُ وصَلتُ
وفي قَذفِها بالغَبوقِ
مَعَ الهُدهُدِ النَّسَويّ
اغتَسَلتُ وحاربتُ فيها
ومِتُّ وحاربتُ فيها
ومِتُّ ومِتُّ وحاربتُ فيها
فتلكَ بلادي
وإنّ المَواطِنَ أعراضنا
وأرى أنّ ثَلَمَاً بأعراضنا
مِن جيوشِ السِّفادِ
فإن كان فيمَن يُلفِّق منهم
بَقيةُ مِن شَرَفٍ
سَيُريني يديهِ
على جَمَراتِ القَتادِ
فأين هو الموتُ
في خندقِ الكلمات القديمةِ
مِن ميتةٍ في تُرابِ غدٍ وارتيادِ
وأينَ هو العزمُ
وفي جَعجَعاتِ المقاهي
مِن العزمُ في حملات الجِهاد
كَسادٌ عجيبٌ كَسادٌ عجيبٌ
وأعجَبُ مِنهُ
ازديادُ البَضائِع وقتَ الكَسادِ
كَفَرتُ بِكُم تُوضعونَ
على الرّفِّ
في كلِّ أمرٍ يُقررُ فيكم
أمَا جَمرَةٌ تحتَ هذا الرماد؟
إلهَ الجزيرةِ
هذا رَمادُ المخانيثِ
بينَ يَديكَ وهذا رمادي
هيَ النارُ أو فارحَمونا
مِنَ اللّعبِ بالنارِ
حتى إذا جَدَّتِ الحربُ
خارَت أصابِعُكم
فوقَ صَبرِ الزِنادِ
عَجيبُُ كأنَّ البِلادَ
بلادَكُمُ وحدَكُم
والجماهيرُ ليست بِذاتِ بلادِ
كَسادٌ....كَسادٌ.....كَسادٌ
وما نَفعُ ضَرطُة عَنزٍ بِهذا الكَسادِ
لحَمّامِها النَسويِّ
أحبُّ أمرئِ القيسِ ويغتصِبُ الهودَجَ المُتَمايِلَ
غَربَ النُعاسِ وشَرقَ السُهادِ
وحَمّامُها النَسويُّ
كما وصَفَ اللهُ جنتَهُ
ثم أغرى بها بَدَوِياً
أخو جمرةٍ في الفؤادِ
لحَمّامِها النسوي
وسامَحَهُ اللهُ
نِصفُ فؤادي
ونصفٌ أُقارِعُ دَهري بهِ والتوافهُ والإمَّعاتُ
ونِصفيَ المُعادي
وكلُّ امرئٍ فيهِ نِصفٌ مُعادي
وحِرتُ بِمَن
كُلُّ ما فيهِ نِصفٌ مُعادي
ستُقتَلُ ثانيةً
أيُها المُتنبي الجَسورُ
وقد خَلُصَ الشِعرُ
مِن كِذبةِ المدحِ بالحاكمينَ
ووافى جريئاً
فما مِتَّ فوقَ السماوةِ
لكنّه العصرُ ماتَ
على أُمّةٍ هَلَكت في الرقادِ
فيا وَحشتَاهُ مِن النومِ
والإبل الجُربُ
تَقضُمُ نَفسَ الربيعِ
وأفاقُنا أُغلِقَت بالجَرادِ
غَزانا الجَرادُ أياقومَ عادِ
فيا وحشَتاهُ أيا وحشَتاهُ
أضُجُّ بِأعيُنِكُم
ورَيحانُ الجزيرةِ
في موسمِ الغيثِ
وا قِلَّتاهُ
أما مَن أخو أختهِ
قد غَزانا الجرادُ
أيا قوم عادِ.
أعلى