د. خالد محمد عبدالغني - شفقية ومتولي قصيدة آسرة لا فكاك منها

هذا جمال حقيقي هذا ابداع أسرني منذ اللحظة الأولى لأتبين رؤية فلسفية وانسانية ونفسية تقف شامخة أمام الرؤى التي اتسع لها الموال الشعبي المليئ بالابعاد السياسية والعسكرية ابان الثورة - يوليو 1952 - والابعاد النفسية والقيمية في الفيلم الذي مثله أحمد زكي وسعاد حسني باقتدار طبعا النص هنا لصلاح جاهين ، ولما كتب شوقي عبدالحكيم مسرحية شفيقة ومتولي كان له اطاره الفلسفي المغاير لما جاء في الفيلم والموال ونأتي لقصيدة حسني الاتلاتي هنا لنستبين روح أخرى نادمة على سرعة الفعل - القتل - دون تروي استجابة لأفكار القبيلة وليس ايمانا بما بثته تلك القبيلة في روح متولي ، وفي الان نفسه يظهر الأثر الديني الاسلامي الداعي الى التوبة وقبول الرجوع لساحة الله خاضعين تائبين له جميعا ، وفيها معالم من المسيحية حيث الخطيئة الاولى وولادة الخطيئة مع ولادة الانسان وخلقه منذ آدم لقيام الساعة كل هذا الجمال القيمي الانساني يتوازى مع جمال موسيقي ايقاعي في مفردات النص يجعلك تعيد القراءة مرات ومرات لدرجة أكاد أجزم معها أني حفظته ولم لا؟؟ وقد حفظت من قبل قصائد صديقي السوري الشاعر الكبير عيسى الشيخ حسن من فرط عذوبتها وجمال إيقاعها، وعن نفسي لعل اقترابا من ملامحمها يعيد لذاكرتي ملامح علاقة دافئة مع الأب الذي ذكرني الجانب أبوي في شخصية عيسى به وأكاد أجزم أن في حسني الاتلاتي هذا الجانب من شخصيته وهو الجانب الأبوي بالرغم من عدم مقابلته الى الآن ، واتمنى ان يفصح في تداعياته حول هذا التحليل عن بعض ملامح هذا التكوين الأبوي في شخصيته ، ألم اقل إنه نص ابداعي محمل برؤى مخالفة لما جاء في تراث القضية من حيث الموال السياسي بامتياز والفيلم القيمي بامتياز والمسرحية الاجتماعية ، لنكون في النهاية امام النص الانساني بامتياز ..ولكن للاسف هل تعرفون ان الدراسة فقدتها حين فسد الكمبيوتر وما أكتبه الان من الذاكرة والوجدان فقط وعلى عجالة أيضا..والان مع النص الآسر وجماله...
موال ل: ((متولي )) على قبر (( شفيقة)) ……شعر حسني الأتلاتي
وقتلت كافور الطريق كسرت عود السيسبان….!!

موال لـــ: ((متولي )) على قبر (( شفيقة))

وقتلتُها كي أستريح من العذاب دخلت في باب العذابْ
وقتلتها وحملت ذنبك يا شفيقة في المساء فلا مساء وفي الصباح فلاصباحْ
الصبا المغدور والجسد الحرام المستباحْ
وقتلت صوتك كان يندهني حبيبي
قتلت فيك العمر كان بقية في العمر تسمح بالمراحْ
قتلت فيك البيت كان البيت يجمعنا حنانا هدّ فيك البيت وانتحر الحنانْ
وقتلت كافور الطريق كسرت عود السيسبانْ
وقتلت فيك النهر لم يشبع من القدمين شهد الحب لم يملأ جِرارَه
وقتلت فيك الام كنت احن من ام اذا رجفت من حمى فتطبع قبلة كمّادة فوق الجبين تنطفئ الحرارة
وقتلت فيك النخل موالي القديمْ
وقفلت باب الله شيطانا رجيما جاء بالفعل الرجيمْ
هي أخطأت لكنها إنسانْ
ونحن لسنا آلهة
كيْما نصب الموت موتا في كئوس الخاطئين
هي أخطأت من كان دون خطيئة فليصعد الجبل العلي لأستبين
كل ابن آدم خاطئ خلقت مع الناس الخطيئة
قبل بدء الناس
الناس فوق الأرض إنسان الخطيئةوالذنوبْ
لو كان من رجل رشيد كان يسترها تتوب !
لو كان بي رفق وكان حنانْ!
لتركتها
وتركت داري والقبيلة والمكانْ
لأخذتها نحو البعيدْ
وقتلتها طبقا لعادت القبيلةْ
فلتعذرين
لأول مرة يستعطف الجاني قتيلهْ
فلتعذرين
طهّرت جسمك و الشرف
فلتعذرين
الناس في بلدي تخون الليل تلعن في النهار الخائنين
يتظاهرون بطهرهم يتظاهرون
داخلهم قرفْ
باسم الشرفْ
أزهقت روحا قد يكون لها مع الصبح المثوبةْ
إن كان لي حق اعتراف أعترفْ
أخطأت إذ نصبت من نفسي إله الكون أعجل بالعقوبةْ
السم في ريقي وفي جسدي الجحيمْ
أستغفر الله العظيمْ
أستغفر الله العظيمْ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى