أمي الموصومة بموت صغارها في المهد
أخبرت جدتي ذات رؤيا
أن جَمَلنا الصغير حينما فرّ من البيت
طاردته جنّيةٌ وخبئته دلاّلةٌ في السوق
وأنها بين العراك وبين التوسل أضرمت النار في السوق
ففرت جميع الجمال
وأنها حين رأت هامتي بين سرب الجِمال احتوتني
وشدت قميصا على هامتي
وراحت تحمدل
من يومها خبئتني عن الشمس والغانيات
لكنني مغرم بالسوق وما زلت أترك كفها كل يوم كي أتوه
---------
أمي التي تخاف عليّ من الشمس
كانت تتمتم كلما رأتني أتفيأ تحت حزنها كي يطول
أمي التي كانت تخاف عليّ من الشمس
ظلّت تتساقط ورقةً ورقةً
وأغصانها ترتخي حول جيدها الصغير
وكلما ذبلت فروعها كنت أنزوي للجذور
---------
أبي تقشر سريعا في العراء
كنّا نستدل على جلده كل عام كالأفعوان
مرّة في غيطاننا وأخرى على سُلّم الطائرات
--------
أخرجوني من هذا التلفاز
الشّاة العربية تدخل بالمقلوب
-------
في باحة البيت يرقد جملٌ كبير
يزور مزارعنا كل يوم
تعَوّد حينما يخرج من بيتنا في الصباح
أن يرفع رأسه للسماء
ويقتصّ من كل الشياطين التي تسكن في رقاب الشجر
غادره أبي مرّةً للخليج
لكنه لم يعد كعادته في المساء
ولم يترك لنا جلده في الطريق
لذلك كنت أشمُّ رائحته في المطارات وفي القاطرات
وكنت أصلّي عليه صلاة الجنازة عند البيت الحرام
----------------
ينفر البحر من وقفتي
أنا المندوب الساقط من خلوة جنائزية
أعرف أنني.......
وفي خيمةٍ واحدة
آخيت بين الجِنِّ والإنس
وعبّأت الشياطين في زجاجة عطريّة
وكان الملائكة يشهدون علىّ أمام قضاةٍ مجانين
-----
أبي أنت تنظر كعادتك من بعيد
وتصاحبُ الكرّ والفرّ والوحوش الطيبة
وترشُّ زروعنا بالندى في البكور
تطلُّ علينا من خلال البروايز والثقوب
وتمطر أحيانا في الدروب
--------
أنا مازلت أحجُّ متسللا إلى المدينة
وأمي تقف كنقطة بين السماء والأرض
تومض وهي تشير إليّ من بعيد
--------
أبي هل يعود
أمّي ما تزال تطارد جملا صغيرا أمام البيوت
أبي ساهمٌ في الفضاء
أمي ترتب عدّودةً وهي تمسك بكفّ طفل صغير
تعيد على صدره الأحجبة
وتلف رأسه بكوفية
وفي الليل تدسّ النعاس والأحلام في جيبه وتنام
--------
سوق المدينة لم يمنحني صكَّ الاختيار
أنا المولود قيسريا في كلية العقوق
أنا الجمل الجائع الذي يعود حاملا سوق المدينةفوق ظهره كل مساء ومع ذلك يضحك للنسوة ..ويغني للأموات
ويطوف ببيته عاريا...ويخاف من الشرطة ..وينتظر يوم القيامة كالعاشقين
وأمام البحر
ومن داخل الفنار القديم
تصعد أمي كعادتها
ترشّ الملح على البحر
تسأل عن قلادة ضائعة
وتجفل من القادمين
--------------------------------------------------------------------------
كمال علي مهدي \ مصر
أخبرت جدتي ذات رؤيا
أن جَمَلنا الصغير حينما فرّ من البيت
طاردته جنّيةٌ وخبئته دلاّلةٌ في السوق
وأنها بين العراك وبين التوسل أضرمت النار في السوق
ففرت جميع الجمال
وأنها حين رأت هامتي بين سرب الجِمال احتوتني
وشدت قميصا على هامتي
وراحت تحمدل
من يومها خبئتني عن الشمس والغانيات
لكنني مغرم بالسوق وما زلت أترك كفها كل يوم كي أتوه
---------
أمي التي تخاف عليّ من الشمس
كانت تتمتم كلما رأتني أتفيأ تحت حزنها كي يطول
أمي التي كانت تخاف عليّ من الشمس
ظلّت تتساقط ورقةً ورقةً
وأغصانها ترتخي حول جيدها الصغير
وكلما ذبلت فروعها كنت أنزوي للجذور
---------
أبي تقشر سريعا في العراء
كنّا نستدل على جلده كل عام كالأفعوان
مرّة في غيطاننا وأخرى على سُلّم الطائرات
--------
أخرجوني من هذا التلفاز
الشّاة العربية تدخل بالمقلوب
-------
في باحة البيت يرقد جملٌ كبير
يزور مزارعنا كل يوم
تعَوّد حينما يخرج من بيتنا في الصباح
أن يرفع رأسه للسماء
ويقتصّ من كل الشياطين التي تسكن في رقاب الشجر
غادره أبي مرّةً للخليج
لكنه لم يعد كعادته في المساء
ولم يترك لنا جلده في الطريق
لذلك كنت أشمُّ رائحته في المطارات وفي القاطرات
وكنت أصلّي عليه صلاة الجنازة عند البيت الحرام
----------------
ينفر البحر من وقفتي
أنا المندوب الساقط من خلوة جنائزية
أعرف أنني.......
وفي خيمةٍ واحدة
آخيت بين الجِنِّ والإنس
وعبّأت الشياطين في زجاجة عطريّة
وكان الملائكة يشهدون علىّ أمام قضاةٍ مجانين
-----
أبي أنت تنظر كعادتك من بعيد
وتصاحبُ الكرّ والفرّ والوحوش الطيبة
وترشُّ زروعنا بالندى في البكور
تطلُّ علينا من خلال البروايز والثقوب
وتمطر أحيانا في الدروب
--------
أنا مازلت أحجُّ متسللا إلى المدينة
وأمي تقف كنقطة بين السماء والأرض
تومض وهي تشير إليّ من بعيد
--------
أبي هل يعود
أمّي ما تزال تطارد جملا صغيرا أمام البيوت
أبي ساهمٌ في الفضاء
أمي ترتب عدّودةً وهي تمسك بكفّ طفل صغير
تعيد على صدره الأحجبة
وتلف رأسه بكوفية
وفي الليل تدسّ النعاس والأحلام في جيبه وتنام
--------
سوق المدينة لم يمنحني صكَّ الاختيار
أنا المولود قيسريا في كلية العقوق
أنا الجمل الجائع الذي يعود حاملا سوق المدينةفوق ظهره كل مساء ومع ذلك يضحك للنسوة ..ويغني للأموات
ويطوف ببيته عاريا...ويخاف من الشرطة ..وينتظر يوم القيامة كالعاشقين
وأمام البحر
ومن داخل الفنار القديم
تصعد أمي كعادتها
ترشّ الملح على البحر
تسأل عن قلادة ضائعة
وتجفل من القادمين
--------------------------------------------------------------------------
كمال علي مهدي \ مصر
Kamal Abd ELgeleel
Kamal Abd ELgeleel ist bei Facebook. Tritt Facebook bei, um dich mit Kamal Abd ELgeleel und anderen Nutzern, die du kennst, zu vernetzen. Facebook gibt Menschen die Möglichkeit, Inhalte zu teilen und...
www.facebook.com