في تقديم الديوان الشعري : وتهاجر الأشجار وحيدة ...
في محاولة مني للغوص بين ثنايا الكلمات الوارفة الظلال وهي تسطع كما يفعل القمر بالأرض على وجه صفحات شعرية لسيدة تمتطي جواد الشعر، وكأنها جندي يقف على مشارف قرية صامتة يتهيأ له رسم تمثال لنفسه الصعبة التشكيل في ملامح وجهه، وهو يعلو الكتاب الموسوم بعنوان يذكرني بالقرية التي باغتها وهج الماء متراميا، بينما أهلها لم يكن في حسبانهم بأنه آن أوان الرحيل إلى وجه غير ذات عنوان، كان العنوان بألف معنى، هو وحده يلزمك بأن تكتب حياله مجلدا، " وتهاجر الأشجار وحيدة"، إنه عنوان عاصف بكل الايحاءات والانزياحات، عنوان اغترابي تتخلله العجائبية بلهفة الغياب، بلغة الهجران، تمام كما تفعل النيران بغابة أطالها الاختباء، وهذا ينساب مع روح الشاعرة التي لا تؤمن بقواعد الترتيب، وتغليق المفاهيم، فهي المدرج الجامعي الذي يستلهم فيه القراء لغة التشظي، لغة اللا بقاء في مطرح واحدة مهما كانت زهوره ونواياه، الوطن قضية عامة، الأمراض الفتاكة موضوع غير متناسي للمفهوم، الحياة، البوح، الهنا والهنالك، الحنين، كلها معاني مختبئة في ذات الأصل المقصود عبر عناوين مستفزة بالقارئ موهما إياه بأن هناك حنين ودعابة روح، بينما في الأسطول الشعري مثاب بحر من الكبسولات النارية، ألغاز وألغام غير مكشوفة، لا يمكن لأي كان أن يفهمها بسهولة كما يفعل القراء العاشقين للنصوص، فهم يقطفون زهرات تليق بالوجه الأملس من حيواتهم، دون أن يدركوا أحيانا بأن هناك أشجار ثمارها جمرات ذات اكتواء مختلف…
وأنا أتصفح أقف غالبا على الشاعرة الثائرة المختلفة، ومن يعرف الكاتبة المغربية خيرة جليل عن كتب، سوف يدرك أن السيدة معيار لا تقاس به الأشياء، إنما هي لغوية بمعيار المغامرة والتحدي والصمود والاختلاء بالأسلوب الصخري البلوري أسلوب ذات رؤوس حادة تتقاطع فيه مع الفنان التشكيلي العالمي "بابلو دييغو خوسيه بيكاسو" فهي مثله تكتب بزئبقية تكتنز رمزية مطلقة، كما فعل بيكاسو بلوحة الساعة الزئبقية…
خيرة جليل تجربة واضحة وسط ألغام تأمرك لتنهيك داخل ثمرة ما عاشته من غوص في ربوعات الكون، فهي الصوت الذي يتابع القضايا عن كتب، دون أن تنسى أبسط الأجزاء في هيكل الموجودات حولها، تسبر بك بسورياليا عالمية ذات أنفاق موحشة يظنها العطش ماء، ثم تراه ينهمك في سدة المفاهيم الفلسفية، كأنها هرقلة زمانها، تخلط في أبراجها المثالية بين اللوحة والتشكيل، منددة بأن العواصف فن ، وأن النار أحيانا جرة ماء، وأحيانا أخرى تقول لك عمت صباحا ايها المساء، فتجد نفسك في زوال يوم الغد، دون ان تتركك تترتب لغيومك، فالمطر كما تقول قادم، وما على ذلك القارئ المحتمل إلا أن يفرش أرضه للقراءة بكل حضور، وإلا فالمعنى سينفث إن لم تقرأ لامرأة حتما لن تكون إلا خيرة، ومن خيرة الأقلام المغربية دون منازع هي…
توغل بصمت وحكمة لهذا الديوان الشعري الماتع، وأنت في برج وجودك على أعتاب الشعر الحقيقي أيها القارئ العزيز...إدريس الجرماطي أديب الجنوب الشرقي
في محاولة مني للغوص بين ثنايا الكلمات الوارفة الظلال وهي تسطع كما يفعل القمر بالأرض على وجه صفحات شعرية لسيدة تمتطي جواد الشعر، وكأنها جندي يقف على مشارف قرية صامتة يتهيأ له رسم تمثال لنفسه الصعبة التشكيل في ملامح وجهه، وهو يعلو الكتاب الموسوم بعنوان يذكرني بالقرية التي باغتها وهج الماء متراميا، بينما أهلها لم يكن في حسبانهم بأنه آن أوان الرحيل إلى وجه غير ذات عنوان، كان العنوان بألف معنى، هو وحده يلزمك بأن تكتب حياله مجلدا، " وتهاجر الأشجار وحيدة"، إنه عنوان عاصف بكل الايحاءات والانزياحات، عنوان اغترابي تتخلله العجائبية بلهفة الغياب، بلغة الهجران، تمام كما تفعل النيران بغابة أطالها الاختباء، وهذا ينساب مع روح الشاعرة التي لا تؤمن بقواعد الترتيب، وتغليق المفاهيم، فهي المدرج الجامعي الذي يستلهم فيه القراء لغة التشظي، لغة اللا بقاء في مطرح واحدة مهما كانت زهوره ونواياه، الوطن قضية عامة، الأمراض الفتاكة موضوع غير متناسي للمفهوم، الحياة، البوح، الهنا والهنالك، الحنين، كلها معاني مختبئة في ذات الأصل المقصود عبر عناوين مستفزة بالقارئ موهما إياه بأن هناك حنين ودعابة روح، بينما في الأسطول الشعري مثاب بحر من الكبسولات النارية، ألغاز وألغام غير مكشوفة، لا يمكن لأي كان أن يفهمها بسهولة كما يفعل القراء العاشقين للنصوص، فهم يقطفون زهرات تليق بالوجه الأملس من حيواتهم، دون أن يدركوا أحيانا بأن هناك أشجار ثمارها جمرات ذات اكتواء مختلف…
وأنا أتصفح أقف غالبا على الشاعرة الثائرة المختلفة، ومن يعرف الكاتبة المغربية خيرة جليل عن كتب، سوف يدرك أن السيدة معيار لا تقاس به الأشياء، إنما هي لغوية بمعيار المغامرة والتحدي والصمود والاختلاء بالأسلوب الصخري البلوري أسلوب ذات رؤوس حادة تتقاطع فيه مع الفنان التشكيلي العالمي "بابلو دييغو خوسيه بيكاسو" فهي مثله تكتب بزئبقية تكتنز رمزية مطلقة، كما فعل بيكاسو بلوحة الساعة الزئبقية…
خيرة جليل تجربة واضحة وسط ألغام تأمرك لتنهيك داخل ثمرة ما عاشته من غوص في ربوعات الكون، فهي الصوت الذي يتابع القضايا عن كتب، دون أن تنسى أبسط الأجزاء في هيكل الموجودات حولها، تسبر بك بسورياليا عالمية ذات أنفاق موحشة يظنها العطش ماء، ثم تراه ينهمك في سدة المفاهيم الفلسفية، كأنها هرقلة زمانها، تخلط في أبراجها المثالية بين اللوحة والتشكيل، منددة بأن العواصف فن ، وأن النار أحيانا جرة ماء، وأحيانا أخرى تقول لك عمت صباحا ايها المساء، فتجد نفسك في زوال يوم الغد، دون ان تتركك تترتب لغيومك، فالمطر كما تقول قادم، وما على ذلك القارئ المحتمل إلا أن يفرش أرضه للقراءة بكل حضور، وإلا فالمعنى سينفث إن لم تقرأ لامرأة حتما لن تكون إلا خيرة، ومن خيرة الأقلام المغربية دون منازع هي…
توغل بصمت وحكمة لهذا الديوان الشعري الماتع، وأنت في برج وجودك على أعتاب الشعر الحقيقي أيها القارئ العزيز...إدريس الجرماطي أديب الجنوب الشرقي