أرجوزة في علوم القرآن.. للشيخ السيوطي

يقولُ جارُ المصطفى مُحَمَّدِ 
مُحَمَّدٌ آلُ الرِّحَابِ يَبْتَدِي:[1] 
الحمدُ للهِ عَلى القُرآنِ 
كَمْ نِعْمَةٍ فِيهِ مِنَ الرحمَنِ[2] 
ثُم الصلاةَ والسلامَ نُهدِي 
للمصطفى نبيِّنا مُحمدِ 
والآلِ والصحْبِ ذويْ العِرفَانِ 
وَكُلِّ حَبرٍ مِن أُولي الإتقانِ 
وبعدُ إن هذه أرجوزة 
مهمةٌ في بابها عزيزة 
سَمَّيْتُها: (المعراجَ لِلفتيانِ 
والمُرْتَقى إلى سَمَا "الإتقانِ") 
للعالِم ِالعلَّامةِ الأسيوطي 
الحَافظِ الزاخرِ كَالمُحيطِ 
أيضًا وإنْ شئتَ فَ:(نورُ الفِكْرِ 
في نَظم ألقابِ عُلُومِ الذِّكرِ)[3] 
نَظَمْتُ الَابْوَابَ لِقَصْدِ حِفْظِهَا 
مُيَسِّرًا مُسَيِّرًا لِلَفْظِهَا[4] 
جَعَلْتُهَا إِلَى ذُرَاهُ[5] سُلَّمَا 
فهَاكَهَا هَدِيَّةً وَمَغْنَمَا 
وأسألُ اللهَ انْشِرَاحَ الصدْرِ 
والعَوْنَ، واليُسْرَ لِكُلِّ عُسْرِ 
فصل يتلالا في ذكر عدد أنواعه إجمالا
وعِدَّةُ الأنواعِ بالإِجمالِ 
فِيهِ: (ثمانونَ) بِلا إشكالِ 
هذا معَ الدمْجِ، وَلَوْ نوعتَها 
فَوقَ الثلاثِ مِئَةٍ عَددتَّها[6] 
أغلبُها أُفردَ بالتصنيفِ 
وخَصَّه الأعلامُ بالتأليفِ 
طَالعُ حبرُنا[7] كثيرًا منها 
وضمَّن "الإتقانَ" نقلا عنها 
فصل
في سَرْدِ الأنواع الثمانين، ليسهل حفظُها على الطالبين[8]
أوَّلُها: مَعْرِفَةُ المَكِّيِّ 
والمدنيِّ اضبِطْهُ يا صَفِيِّيْ 
والثانِ[9] قُل لدى الإمام المعتبرْ: 
ما قد أتى في حضرٍ أوِ السفَرْ 
ثالثها: معرفةُ النهاريْ 
أيضا معَ الليليِّ في الأخبارِ 
والرابعُ: الصيفيُّ والشِّتائيْ 
كما أتى في واضحِ الأَنباءِ 
والخامسُ: الذي لدى الفِرَاشِ 
والنومِ أيضا دونما استِيحاشِ 
والسادسُ: الأرضيُّ والسَّمائيْ 
أوْ بينَ ذَينِ دونما خفاءِ 
والسابعُ: الأَوَّلُ مما نُزِّلا 
والثامنُ: الآخِرُ فيما نُقِلا 
ثُمَّتَ: أسبابُ النزولِ التاسعُ 
وللإمام فيه سِفْرٌ نافعُ[10] 
والعاشرُ: الذي على لِسَانِ 
بعضِ الصِّحابِ جَا مِنَ القرآنِ 
وبعدُ: ما نُزُولُه تَكرَّرا 
وَبَعْدَهُ: ما حُكمُهُ تَأَخَّرَا 
عَنِ النُّزولِِ أوْ بِعكسِ ذَلِكَا 
كآيةِ الوُضوءِ، بيَّنتُ لَكَا 
وبعدَهُ: الذي مفرَّقًا نَزَلْ 
أو ما أتى جَمْعًا كَالَانْعَامِ[11] نَقَلْ 
وما أتى -يا صاحبي- مُشيَّعَا 
أو مُفردًا، يا فَوزَ مَن له وَعَى 
وما على بعضِ النبيينَ نَزَلْ 
مِن قَبْلُ أوْ خُصَّ بِنَا[12]، يا مَنْ عَقَلْ 
وَبَعْدَهُ: كيفية الإنزالِ 
على ثلاثةٍ من الأقوالِ[13] 
ثُمَّتَ: أسماءُ القرانِ والسورْ 
والجمعُ والترتيبُ بعدُ مستطرْ 
وَبَعْدَهُ: العِلمُ بأعدادِ السُّورْ 
والآيِ ثُم الكَلِماتِ قَد ذَكَرْ 
كذلك الحروفُِ، والعِشرونا: 
معرفةُ الحُفَّاظِ والرَّاوِيْنَا 
وَبَعْدَهُ: العَالِي مِنَ الإسْنَادِ 
وَالنَّازِلُ الَّذِي مِنَ الأَضْدَادِ 
وَبَعْدَهُ: قُلِ: الَّذِيْ تَوَاتَرَا 
ثُمَّتَ: مَشْهُورًا وَآحَادًا تَرَى 
وَالشَّاذُ[14]، ثم بَعدَه: المَوضُوعُ 
يَلِيْهِمَا: المُدْرَجُ، يا قَنُوعُ 
وَبَعْدَهُ: الوَقْفُ معَ ابْتِدَاءِ 
فَاعْنَوا بهِ يَا مَعْشَرَ القُرَّاءِ 
يَلِيْهِ: مَا في لَفْظِهِ قَدِ اتَّصَلْ 
لَكِنَّ معناهُ لَدَيْهِمُ انْفَصَلْ 
ثم الثلاثون: قُلِ: الْإِمالهْ 
والفتحُ، أو بَينَهما قَد قَالَهْ 
وَبَعْدَهُ: الإدغامُ[15]، والإظهارُ 
إخفاءٌ، الإقْلابُ، يَا أبرارُ 
والمدُّ والقصرُ لديهمْ ثَبَتَا 
وَبَعْدَهُ: التخفيفُ للهمزِ أتى 
وَبَعْدَهُ: كيفية التحمّلِ 
ثُمَّتَ: آداب التلاوة تليْ 
وَبَعْدَ ذَا: معرفةُ الغريبِ 
يُعنَى به كل فتىً أريبِ 
وَبَعْدَهُ: الذي أتى خلافَ ما 
في لغةِ الحِجازِ في الذِّكر، اعلما 
وَبَعْدَ ذَا: معرفة المعربِ 
وللسيوطيِّ"المهذبُ"[16]اكتبِ[17] 
وَبَعْدَهُ: الوجوهُ والنظائرُ 
وفيهِ تأليفٌ لهُ[18]، يا مَاهرُ 
والأربعون: العِلمُ بالمعنى اذكُرِ 
معنَى أداةِ العالِم المفسِّرِ 
يَعْنِيْ بها: الحُرُوفَ، والأسماءا 
أَفعالًا، الظُّرُوفَ عنهمْ جَاءا 
وَبَعْدَهُ: الإعرابُ للمُسْتَظْهِرِ 
يليهِ قُلْ: قواعدُ المُفَسِّرِ 
وَبَعْدَهُ: المحكم معْهُ المشتبهْ 
مقدمٌ مؤخَّرٌ بعدُ انتبهْ 
وَبَعْدَهُ: ما عُمَّ أو ما خُصصا 
عِدَّةُ أنواعٍ لديه، فاقصصا 
وَبَعْدَهُ: المجمل والمبينُ 
وبعدُ: ناسخٌ ومنسوخٌ عُنُوا[19] 
وَبَعْدَهُ: المُشْكِلُ أَوْ مَا يُوْهِمُ 
تَنَاقُضًا أَوِ اخْتِلَافًا يُعْلَمُ 
كَذَلِكَ: المُطْلَقُ والمُقَيَّدُ 
خمسونها: المنطوقُ ذاك قَيَّدُوْا[20] 
ومعْه مفهومٌ لديه يأتي 
ثم: الوجوهُ للمخاطباتِ 
ثمَّ: حقيقةٌ مع المجازِ 
تشبيهه، استعارةٌ تُوازي 
ثم: الكناياتُ مع التعريضِ 
والحصرُ الِاختصاصُ، ذا قريضي[21] 
كذلك: الإيجازُ والإطنابُ 
والخبرُ، الإنشاءُ، يا أحبابُ 
وَبَعْدَهُ: بدائعُ القرآنِ 
فواصل الآيِ لذا الفرقانِ 
سِتُّوْنَ: قُلْ: -يا ذا- فواتحُ السورْ 
وبعدَها: خَوَاتمٌ[22] لها دُرَرْ 
تَنَاسُبُ الآيِ يَلِيْ معَ السُّوَرْ 
وَبَعْدَه: تَشَابُهُ الآي الغُرَرْ 
وَبَعْدَهُ: الإعجازُ للقرآنِ 
ثُمَّ: الَّذِيْ استُنْبِطَ مِنْ عِرفانِ 
مِنْهُ، فَكَمْ فِيْهِ مِنَ العُلُومِ 
بِلَفْظِهِ الْمَنْطُوْقِ وَالْمَفْهُوْمِ 
ما فرَّط الرحمنُ في الكتابِ 
مِنْ أيِّ شيءٍ دونَما ارتيابِ 
ثمتَ بعده قل: الأَمثالُ 
يَلِيْهِ: الَاقَسَامُ، اضبطنْ ما قالوا 
صرّف فيه الربُّ من كل مثلْ 
يا فوزَ من أمثالَ ربِّه عقلْ[23] 
قد ضربَ الرحمنُ فيه للملا 
مِن كل الَامثال، فجلَّ واعتلى 
وَبَعْدَهُ: ما في القرانِ[24] مِنْ جَدَلْ 
وما من الأسماء فيه قد حصَلْ 
كذلك الكنى مع الألقابِ 
سبعونَ: ما أُبْهِمَ في الكتابِ 
يَلِيْهِ: أسماءُ الذين أُنزلا 
فيهم كتابُ الله جل وعلا 
وَبَعْدَهُ: فضائلُ القرآنِ 
كثيرةٌ جِدا بلا نكرانِ 
وَبَعْدَ ذَا: أفضلُهُ والفاضلُ 
هذا هو الصحيحُ يا أَمَاثلُ 
وبعدُ: مفرداتُه ك:الأَعْظَمِ 
مِن آيِهِ-يا صاحِبِيْ- والأَحْكَمِ 
والأَجمعِ، الأَحزنِ، ثم الأَرْجَى 
والأَعدلِ، الأَعظمِ فيهِ فَرَجَا 
أَكثرَ تفويضًا، كذاك الأَخوفُ 
ثم الأَشدُّ، والأَحَبُّ يُعْرَفُ[25] 
والأَفضلُ، الأَخْيَرُ، ثم الأَشْكَلُ 
وأَعْرَبٌ في اللفظِ فِيما يُنقَلُ 
وأَطولُ الآيِ وأَطولُ السُّوَرْ 
كذلك الأَقصرُ-يا صاحِ- ذَكَرْ 
وَغيرُها مِن دُرَر المعارفِ 
وغُرَر الفوائدِ اللطائفِ[26] 
وَبَعْدُ: ما له مِنَ الخواصِ[27] 
معَ المنافعِ لذِيْ الإخلاصِ 
وَبَعْدَهُ: معرفةُ التفسيرِ 
أيضا مع التأويلِ للبَصيرِ 
وَمَا لَهُ مِن شَرَفٍ، والحَاجَهْ 
لَهُ لِكُلِّ طَالِبٍ مِنْهَاجَهْ 
وَبَعْدَهُ: الشروطُ للمفسرِ[28] 
غَرَائِبُ التفسيرِ بعدهُ اذكُرِ 
ثم الثمانُون-وهذا الآخرُ-: 
طِباقُ مَن قد فسَّروا يا ماهرُ 
منَ الصحابةِ، وَمَنْ لَهُمْ تَبِعْ[29] 
والخَتْمُ فِيْمَا لِلنَّبِيِّ قَدْ رُفِعْ 
الخاتمة
هَذَا تَمَامُ النَّظْمِ، وَالفَضْلُ لِمَنْ 
يَسَّرَهُ -سُبْحَانَهُ- لَهُ المِنَنْ 
أَحْمَدَهُ حَمْدًا كثيرًا طيِّبَا 
أرجو به الثوابَ والتَّقَرُّبَا 
مِنْهُ، لِكَيْ يَرْضَى بِذَاكَ عَنِّيْ 
وَيَقْبَلَ السَّعْيَ اليَسِيْرَ مِنِّيْ 
فهْوَ الشكورُ ذُو العَطَاءِ الجَمِّ 
أسألُه الإِحْسَانَ عندَ الخَتْمِ 
♦
♦
♦
♦
♦


نظمتُها بمكةَ المكرمهْ 
والشكرُ لله على أنْ تَممهْ 
وبعضُها بِيَنْبُعٍ في رِحْلتيْ 
للصَّيدِ، معْ جماعةٍ مِن إخوتي[30]

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى