قبْل عشرين عامًا مِن الآن، كان هناك أدباء ومثقفون، وصحفيون وأصحاب رأيٍ وإعلاميون، يقدمون تنازلات، ويبيعون شيئًا من شرفٍ وكرامة، وينحنون سعداءَ راضين قانعين .. كان هذا موجودًا.
لكنّ الفرق أن هؤلاء كانوا أقلّ كثيرًا مما هُم الآن، وكانوا يخشون الجُرسةَ والفضيحة، وكان يمكن إذا واجهتَهم أو كتبتَ عنهم أن يَظهر على وجوههم أثرٌ من حزنٍ أو غضب، بل إنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم دفاعًا مستميتًا، وكانوا يَكذبون ويُنكِرون!
لكن الذي يحدث الآن مخالفٌ لهذا تمامًا ..
يمكنك أن تواجه المُخبر أو الجاسوسَ بما هو عليه، وبدلاً من أن يدافع عن نفسه أو يثور عليك منفعلا، يقول لك "مش أحسن منك يا جعّان؟!"
يمكنك أن تشاهد أديبًا كبيرًا، يتعرض لإهانةٍ بالغة من مسؤول ما، وعلى الملأ، فتجده – الأديبَ الكبير – يبتسم في خنوعٍ واستسلام!
يمكنك أن ترى مثقفًا يدبّج مقالةً في مديح وزير، أو رئيس هيئة، أو شيخٍ من شيوخ النفط، متحدثًا فيها عن التنغيم في ضُراطِه، أو العبير في فُسائِه!
حتى هذه الأمثلة والنماذج كان يمكن قبولها مِن العاديين، مِن آحاد الأدباء والمثقفين والإعلاميين، لكن الخطر الكبير الآن أنها أصبحت ملمحًا عامًا عند مَن اعتبرناهم زمنًا طويلا شرفاء ونبلاء وأحرارًا، نعم ... عند هؤلاء الذين كانوا حتى سنوات قليلة أبطالا في الحديث عن الشرف والنزاهة، والقيَم والمُثُل العليا، فالمخبِر والجاسوس كانت له مقالات ضد الأمن والاعتقال وتضييق الخناق، والأديب الكبير كان يقيم الدنيا ولا يقعدها إذا رفع مسؤولٌ صوتَه أمامَه، والمثقف كان لا يكتب إلا مادحًا في القيمة والمعنى والجَمال.
يمكنك أن ترصد عشرات، بل مئات وألوف، المواقفِ التي يبيع فيها المثقفون ضمائرهم، ويتخلّون فيها عن ثوابتهم ومسلّماتهم من أجل الحصول على مكسبٍ رخيص ... الحق أنه كان رخيصًا، لكنه في ظل الظروف الجديدة لم يعد رخيصًا، بات حاجةً ملِحة وضرورية!
ما الذي حدث فجأة للمصريين الذين ثاروا في 2011 على كل شيء؟
لقد كانت أحلام الثورة كبيرة وعريضة، كان كل شيء فيها يؤكد أنها ليست ثورةً على نظام، بقدر ما كانت ثورة على حياة!
كيف ضاعت أحلام ثورة يناير وأشواقها؟!
كان كل شيء جاهزًا ومعدًا لحياة جديدة، ونهضة حقيقية، وثقافة حقيقية، وإعادة بناء حقيقي لكل منظومات العمل، وعلى رأسها منظومة القيم والأخلاق التي أثبَتها المصريون في الشوارع والميادين، وهُم يثورون على الطغاة والفاسدين.
السؤال المِحنة الذي أسأله الآن، هل يمكن تحميل هذه النماذج وحدَها المسؤولية؟!
أم أن هناك عواملَ وأسبابًا ودوافعَ ضَغطت عليها لتكون على هذه الصورة؟!
لكنّ الفرق أن هؤلاء كانوا أقلّ كثيرًا مما هُم الآن، وكانوا يخشون الجُرسةَ والفضيحة، وكان يمكن إذا واجهتَهم أو كتبتَ عنهم أن يَظهر على وجوههم أثرٌ من حزنٍ أو غضب، بل إنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم دفاعًا مستميتًا، وكانوا يَكذبون ويُنكِرون!
لكن الذي يحدث الآن مخالفٌ لهذا تمامًا ..
يمكنك أن تواجه المُخبر أو الجاسوسَ بما هو عليه، وبدلاً من أن يدافع عن نفسه أو يثور عليك منفعلا، يقول لك "مش أحسن منك يا جعّان؟!"
يمكنك أن تشاهد أديبًا كبيرًا، يتعرض لإهانةٍ بالغة من مسؤول ما، وعلى الملأ، فتجده – الأديبَ الكبير – يبتسم في خنوعٍ واستسلام!
يمكنك أن ترى مثقفًا يدبّج مقالةً في مديح وزير، أو رئيس هيئة، أو شيخٍ من شيوخ النفط، متحدثًا فيها عن التنغيم في ضُراطِه، أو العبير في فُسائِه!
حتى هذه الأمثلة والنماذج كان يمكن قبولها مِن العاديين، مِن آحاد الأدباء والمثقفين والإعلاميين، لكن الخطر الكبير الآن أنها أصبحت ملمحًا عامًا عند مَن اعتبرناهم زمنًا طويلا شرفاء ونبلاء وأحرارًا، نعم ... عند هؤلاء الذين كانوا حتى سنوات قليلة أبطالا في الحديث عن الشرف والنزاهة، والقيَم والمُثُل العليا، فالمخبِر والجاسوس كانت له مقالات ضد الأمن والاعتقال وتضييق الخناق، والأديب الكبير كان يقيم الدنيا ولا يقعدها إذا رفع مسؤولٌ صوتَه أمامَه، والمثقف كان لا يكتب إلا مادحًا في القيمة والمعنى والجَمال.
يمكنك أن ترصد عشرات، بل مئات وألوف، المواقفِ التي يبيع فيها المثقفون ضمائرهم، ويتخلّون فيها عن ثوابتهم ومسلّماتهم من أجل الحصول على مكسبٍ رخيص ... الحق أنه كان رخيصًا، لكنه في ظل الظروف الجديدة لم يعد رخيصًا، بات حاجةً ملِحة وضرورية!
ما الذي حدث فجأة للمصريين الذين ثاروا في 2011 على كل شيء؟
لقد كانت أحلام الثورة كبيرة وعريضة، كان كل شيء فيها يؤكد أنها ليست ثورةً على نظام، بقدر ما كانت ثورة على حياة!
كيف ضاعت أحلام ثورة يناير وأشواقها؟!
كان كل شيء جاهزًا ومعدًا لحياة جديدة، ونهضة حقيقية، وثقافة حقيقية، وإعادة بناء حقيقي لكل منظومات العمل، وعلى رأسها منظومة القيم والأخلاق التي أثبَتها المصريون في الشوارع والميادين، وهُم يثورون على الطغاة والفاسدين.
السؤال المِحنة الذي أسأله الآن، هل يمكن تحميل هذه النماذج وحدَها المسؤولية؟!
أم أن هناك عواملَ وأسبابًا ودوافعَ ضَغطت عليها لتكون على هذه الصورة؟!
أشرف البولاقي
أشرف البولاقي ist bei Facebook. Tritt Facebook bei, um dich mit أشرف البولاقي und anderen Nutzern, die du kennst, zu vernetzen. Facebook gibt Menschen die Möglichkeit, Inhalte zu teilen und die...
www.facebook.com