البديع في تراث المغرب الأقصىاسمه ونسبه
أحمد بن المأمون بن الطيب بن المدني العلوي البلغيثي، الحسني نسبا، المالكي مذهبا، الأشعري اعتقادا ومشربا، معدود في طبقات التجانية معتبر في أعيانها، من ذرية الحسن بن القاسم القادم من الحجاز، والسادة البلغيثيون من بيوتات فاس الشهيرة المعروفة بالمجد والقدر الرفيع، وهم من أولاد السيد عبد الواحد أبي الغيث بن يوسف بن علي الشريف الجد الجامع لكافة العلويين السجلماسيين، وسبب تسميته بأبي الغيث وهو أن مولده قد صادف نزول غيث بعد العهد به فلقب به تيمنا وتبركا، وقد انتقلوا من منازل آبائهم الأولى إلى قبيلة بني يازغة ومنها إلى فاس[1]، ولد أبو العباس في شهر رمضان من عام 1282هـ بفاس، ووالده هو المأمون بن الطيب نقيب الأشراف في وقته المتوفى سنة 1316هـ[2].
نشأته العلمية
تربى أحمد بن المأمون في حجر والده واستظهر القرآن الكريم بعد زمن على جمع من الفقهاء كما هي عادة الطلبة آنذاك، وبعد ذلك اندرج في سلك طلبة العلم بجامع القرويين عام 1298هـ[3]، وقد تميز بجده واجتهاده ومثابرته على التحصيل، وهو في كل ذلك يأخذ عن أساطين العلم بالقرويين، ويستفيد من شيوخها المبرزين، إلى أن بدت ثمرة اشتغاله بالعلم وشفوفه على من سواه من أقرانه؛ فتعاطى التدريس والإفتاء وهو ما يزال غضا طري العود، فزاحم بذلك الأكابر من المتصدرين للتدريس بالقرويين.
شيوخه
أدرك أحمد بن المأمون أكابر علماء فاس، وأخذ عن المحققين منهم وشارك مشايخه في بعضهم، وكان جل اعتماده واستناده على ثلاثة منهم،[4] وهم أحمد ابن الخياط الزكاري ومحمد فتحا بن قاسم القادري ومحمد بن التهامي الوزاني، وهذه أسماء أبرز شيوخه الذين أخذ عنهم :
· أحمد بن محمد ابن الخياط الزكاري الحسني، الفقيه العلامة المحدث المشارك شيخ الجماعة بفاس، وإمام أهل الورع والتقوى والمشار إليه في المغرب بإتقان العلوم والفتوى[5]، ومن آخر من مثل العلم على نهج السلف الصالح، مع الاستقامة واتباع السنة والتحري والتثبت وسعة العلم ودقة الفهم، المتوفى سنة 1343هـ، وقد كانت ولادته عام 1252هـ، ألف تآليف عديدة جاوزت المئة، وقد ضمن فهرسته الصغرى جل تقاييده وأوضاعه العلمية[6].
· محمد فتحا بن قاسم القادري الحسني الفاسي، الإمام الفقيه الأصولي المعقولي المشارك في العلوم، وقد كان كلمة إجماع لثقته وجلالته، له تواليف عديدة محررة، وكان متصدرا للتدريس والإفادة في الفقه والحديث والسير والأصول والتوحيد، ولد سنة 1259هـ وتوفي سنة 1329هـ[7].
· محمد بن التهامي الوزاني أصلا، الفاسي دارا وقرارا، الفقيه العلامة المشارك، برز على غيره في النحو والبيان والفقه وتوجيه القراآت، مع الحفظ للقواعد والاستحضار للشواهد، فنهل الناس من علومه من عربية وبيان ونحو وفرائض وحساب وتوحيد ومنطق وفقه وحديث، واتصف بالورع والزهد والتبتل والعبادة، تولى قضاء الصويرة فكان عادلا عفيفا متصونا لم يحفظ عنه ما يشينه، وقطع عمره في الإقراء والتدريس وبذل العلم للراغبين، وله مؤلفات مفيدة، توفي سنة 1316هـ عن نحو ستين سنة[8].
· محمد بن المدني كنون، الفاسي مولدا ودارا وقرارا، من أكبر المتضلعين في العلوم الشرعية، الورعين المعلنين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، شيخ الجماعة الفقيه المحقق العلامة الدراكة، كان مفتيا محدثا نحويا لغويا معقوليا مشاركا محققا نزيها قوالا للحق، له تآليف كثيرة طبع بعضها، توفي عام 1302هـ[9].
· محمد فتحا بن عبد الرحمن العلوي المدغري، قاضي الجماعة بفاس، العلامة المتبحر المدرس النفاع، كان رحمه الله حسن الأخلاق موسوما بالخير والصلاح، توفي رحمه الله عشية سابع وعشرين رمضان من عام 1299هـ بفاس[10].
· عبد الله بن إدريس الودغيري الحسني الشهير بالبدراوي، العالم الكبير والأستاذ الشهير المشارك في كثير من العلوم؛ كالحديث والفقه والتاريخ والأنساب، مع التواضع وسلامة الصدر والمهابة والتعظيم، يحضر دروسه فحول الطلبة، تولى نقابة الأشراف بفاس، ولد عام 1237هـ وتوفي عام 1316هـ[11].
· جعفر بن إدريس الكتاني الحسني، الفاسي دارا وقرارا ومزارا، المحدث المشارك المطلع الحجة الحافظ، كان معتنيا بعلوم السنة، مهتبلا بالرواية والإسناد، قاربت مؤلفاته المئة، وله فهرسة في شيوخه وأسانيده وهي مطبوعة، ولد سنة 1245هـ وتوفي سنة 1323هـ[12].
· أحمد بن الطالب ابن سودة، شيخ الجماعة المحقق المدقق المشارك المطلع، له عدة تآليف وتقاييد، ولد عام 1241هـ وتوفي سنة 1321هـ[13].
· عبد المالك بن محمد العلوي السجلماسي، المدغري أصلا، الفاسي دارا وإقبارا، العالم العلامة الصالح، كان مشاركا في كثير من العلوم أصولا وفروعا، معقولا ومنقولا، محصلا دؤوبا على التدريس، منقطعا إلى العلم، ولد عام 1235هـ وتوفي عام 1318هـ[14].
· محمد يحيى بن محمد المختار الشنقيطي الولاتي عالم بالحديث، من فقهاء المالكية، كان قاضي القضاة بجهة الحوض بصحراء الغرب الكبرى، ناهزت كتبه وتصانيفه المئة، توفي عن نحو سبعين سنة عام 1330هـ[15]. قال فيه أحمد بن المأمون : "العلامة العلم الهمام المهتم بتحرير العلوم أتم اهتمام، شيخنا في الطريقة التجانية، تلاقيت به عام 1314هـ بالسويرة"[16].
· عبد الجليل بن عبد السلام بن عبد الله بن عبد السلام برادة شاعر من أهل المدينة المنورة، مغربي الأصل، يعد في شعراء بدء اليقظة العربية، وشعره مجموع في ديوان، ولد سنة 1243هـ وتوفي سنة 1326هـ[17].
· محمد علي بن ظاهر الوتري الحسني النجفي المدني محدث المدينة في عصره، رحل إلى المغرب مرتين، ولد بالمدينة عام 1261هـ وتوفي بها عام 1322هـ[18].
· محمد بن يوسف المغربي المراكشي البيباني محدث الشام في عصره، أصله من مراكش، ولد بدمشق في عام 1267هـ، وكان ممن حفظ الصحيحين بأسانيدهما، كان ورعا صواما بعيدا عن الدنيا، وكان ممن يأبى الإفتاء ولا يرغب في التصنيف، ومع ذلك وجد له نحو من عشر رسائل علمية في فنون مختلفة، توفي بدمشق في عام 1354هـ[19].
تلاميذه
اشتهر مولاي أحمد بن المأمون بالتصدر للتدريس وبذل العلم للراغبين فيه؛ فلهذا كثر الآخذون عنه، ولا ريب أن عددهم كبير، ولكننا سنذكر بعضا منهم ممن وقع النص على أخذهم عنه، وعرفوا بين أهل العلم بذلك، وهم على ترتيب سني وفياتهم :
· عبد السلام بن محمد السرغيني تـ 1354هـ.
· محمد بن أحمد ابن الحاج السلمي تـ 1364هـ.
· محمد بن عبد المجيد أقصبي تـ 1364هـ.
· عبد الرجمن مولاي الكبير بن محمد ابن زيدان تـ 1365هـ.
· محمد بن عبد السلام السايح تـ 1367هـ.
· أحمد بن محمد العمراني تـ 1370هـ.
· محمد بن أحمد ابن عبد الله الرباطي تـ 1382هـ.
· محمد المختار السوسي تـ 1383هـ.
· عبد الحفيظ بن الطاهر الفاسي تـ 1383هـ.
· محمد بن عبد القادر بن موسى تـ 1385هـ.
· محمد بن محمد العبادي تـ 1385هـ.
· أحمد بن عبد الله التهامي الوزاني تـ 1387هـ.
· عبد الرحمن بن عبد الهادي الشفشاوني تـ 1387هـ.
· أحمد بن اليزيد البدراوي تـ 1388هـ.
· محمد بن الطيب الصبيحي تـ 1389هـ.
· أحمد ابن عبد النبي السلاوي تـ 1392هـ.
· محمد علال الفاسي تـ 1394هـ.
· العابد بن عبد الله الفاسي تـ 1395هـ.
· عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة تـ 1400هـ.
· عبد الله بن العباس الجراري تـ 1403هـ.
الدرجة العلمية
من العلماء الأكابر، مشارك في كثير من العلوم، محقق في الفقه مدقق في الفتاوى، نوازلي كبير، متضلع من علوم اللسان من نحو وبيان، مع اليد الطولى في الأدب ونظم الشعر، ونثره يعد في الذروة من حيث جزالته وبلاغته، قل من يدانيه فيه من عصرييه.
الوظائف التي شغلها
تولى القضاء بثغر الصويرة سنة 1313هـ وأعفي منها سنة 1316هـ، وفي سنة 1325هـ تولى قضاء العرائش لمدة ثلاثة أشهر[20]، وفي سنة 1326هـ نقل إلى قضاء الصويرة، وفي عام 1332هـ لما أسس مجلس استئناف أحكام القضاة بالرباط عين عضوا به، وكان نزوله بدار أعدها له الفقيه الطيب الصبيحي باشا سلا[21]، وفي سنة 1333هـ نقل إلى قضاء الدار البيضاء[22] ثم أعفي منه، وفي سنة 1339 أعيد إلى مجلس الاستئناف بالرباط فسكن سلا مرة أخرى وأفضى به المقام إلى التزوج من هناك إذ قال رحمه الله: "ثم أفضت المودة إلى التزوج من بلدهم، والتزود لهذه الشهوة من مددهم"[23]، ثم نقل منه في سنة 1341 إلى قضاء مكناسة الزيتون ثم أعفي منها[24].
شهادات العلماء فيه
قال فيه المؤرخ النسابة عبد الحفيظ الفاسي: "عالم كبير وإمام شهير، مشارك في كثير من الفنون، متضلع في الفقه والنوازل والمعاملات، متبحر في علوم اللسان، ريان من الأدب، شاعر مكثر ناظم ناثر، نسيج وحده وفريد دهره إتقانا ومعرفة، سيال القريحة شديد العناية بالعلم، مكب على التدريس، دؤوب على العمل، حسن النقد جيد النظر متقن الصنعة، أبي النفس عظيم الهمة حاد الذهن والمزاج، منفذ العزيمة عظيم الحرمة كبير الوجاهة رفيع القدر، ميمون النقيبة مسعود الحظ، بمكان من الملوك ورعيهم وعنايتهم وبرهم"[25].
وحلاه العلامة المؤرخ عبد السلام ابن سودة بقوله: "الشيخ الإمام، علم الأعلام، الحافظ الحجة، من آخر من استحضر المسائل بنصوصها وفهمها على أكمل وجه بتدقيق وتحرير"[26].
وأثنى عليه تلميذه وابن عمه مولاي الكبير ابن زيدان بقوله: "شيخنا العلامة المشارك الأقعد الشريف مولاي أحمد بن المامون البلغيثي.."[27].
وقال في وصفه العلامة محمد مخلوف التونسي: "سلطان النجباء وسحبان الأدباء العلامة المؤلف المطلع المفضال النحوي اللغوي الفقيه الرحال .."[28].
أعماله العلمية
-1- التدريس
كان في دروسه مجددا على غير مثال فقهاء القرويين آنذاك، فعندما أدرج مولاي أحمد بن المأمون في سلك المدرسين الأفذاذ عام 1306هـ صار يلقي دروسه على الطلبة والتلاميذ حسب مستوياتهم؛ بعبارات سلسة جذابة وبأسلوب جديد، فلفت الأنظار وصار تلاميذه يرون في طريقته ما لا عهد لهم به على صغر سنه وحداثته[29].
وقد كان مولاي أحمد شغوفا بالتدريس والإفادة وذلك –كما قال هو عن نفسه-: "لما جبلت على محبته من نشر العلم تدريسا وتقييدا، مع البعد عن الشواغل والموانع، ووجود موجبات الراحة"[30]، وقد زاول التدريس بفاس في أوليته بالقرويين، وعندما كان عضوا بمجلس الاستئناف بالرباط كان يتعانى تدريس شرح صحيح مسلم ورسالة ابن أبي زيد القيرواني بشرح أبي الحسن بن محمد المنوفي المسمى كفاية الطالب الرباني بحاشية علي الصعيدي العدوي، فكان يدرسهما بضريح العربي بن السايح، وكان ابتداؤه بدرس صحيح مسلم ومن آخر حديث منه يتخلص لموقف الرسالة قائلا : هذا معنى قول ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله[31]، وأثناء إقامته بسلا كان يتعاطى تدريس جملة من العلوم النافعة : "ثم سكنت بالبلد بأهل وخدم، ودرست هناك من العلوم ما قدره الله في سلف القدم"[32]، كما كان يعطي دروسا في شمائل الترمذي بالزاوية التهامية صباحا[33]، ومن بين الكتب التي أقرأها الجامع الصحيح للإمام البخاري بعد صلاة المغرب بجامع الشرابليين بفاس، وكذلك جمع الجوامع بجامع المنية[34].
وقد أبان المؤرخ عبد السلام ابن سودة تلميذ المترجم عن طريقة الشيخ في التدريس والإفادة فقال: "كان لا يقرر إلا المسائل الصعبة، وما هو جلي لا يتعرض له لوضوحه، وكان كثيرا ما ينتصر لمذهب الإمام مالك .. وكان يستحضر نصوص كتاب المعيار للإمام الونشريسي كأنه نصب عينيه، وكثيرا ما يستشهد بنصوصه دون المختصرالخليلي.. ولما فتح الأحكام القرآنية للإمام ابن العربي المعافري في آخر عمره –بطلب من محمد علال الفاسي وكان السارد له[35]- حضرتها في جمع من الطلبة، فكان يملي ما يبهر العقول ويستلذه كل متعطش للعلم"[36].
-2- المؤلفات
· شرح منظومة في معاني الحروف -والنظم له من أيام طلبه العلم بفاس- طبع على الحجر بفاس عام 1313هـ.
· الابتهاج بنور السراج شرح به قصيدة الأديب العربي المساري في العلم وآداب التعلم طبع بمصر في جزأين عام 1319هـ.
· رحلة حجازية منظومة في 568 بيتا، وسمها بالنحلة الموهوبة النجازية في الرحلة الميمونة الحجازية، كتبها عند حجته الثالثة، طبعت في جزء صغير بفاس عام 1346هـ.
· حسن النظرة في أحكام الهجرة طبع بمصر عام 1346هـ[37].
· مجلي الحقائق فيما يتعلق بالصلاة على خير الخلائق طبع قديما وأعيد طبعه حديثا.
· تشنيف الأسماع بأسماء الجماع وما يلائمه من مستلذات السماع في جزأين، عدد أوراقه 290 ورقة بالخزانة الصبيحية، مصور عن نسخة ابن المؤلف نسخها في 9 ذي القعدة من عام 1386هـ[38] ، طبع الأول منه في جزء وسط بعناية ابنه عبد الملك، قال مولاي أحمد في الباعث له على تأليفه : "فإني لما كنت أبين لأخينا الفقيه النبيه الشريف الأصيل النزيه مولانا عثمان بن السلطان المقدس مولانا الحسن معاني كتاب القاموس، وأكشف له عن معانيه وأضيئ له منه الأدموس، وكان الكثير من مواده لا يخلو من معنى الجماع، وكانت كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى غالبا وهذا منه بلا نزاع، خطر لي أن أجمع الألفاظ الدالة عليه ولو بتضمن أو التزام، وأضيف إليها ما ينجر من الكلام، من أدب يستملح، وفقه بنوره يستصبح، ونادرة تبسط النفس، ولطيفة تجلب الأنس، وسميته تشنيف الأسماع، بأسماء الجماع، وما يلائمه من مستلذ السماع، ورتبته على مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة، فالمقدمة في تحقيق معانيه اللغوية، وما ظهر لنا من تخصيصها أو تعميمها بروية سوية، والباب الأول في مبانيه الدالة على معناه، وإن كان في بعضها نوع خصوص فلا يخرجه عن أصل مغناه، والباب الثاني فيما يتعلق به من أحكام وفروع فقهية، يحكم بها في الشريعة المحمدية، والباب الثالث فيما يتعلق به من لطائف علمية، ونوادر أدبية، والباب الرابع في غرائب الوقائع عند الوقاع، زيادة على ما أوقعناه سابقا لمناسبة في الإيقاع، والخاتمة فيما يقوي الباه ويضعفه، مما يستحليه الأريب ويستظرفه، والله المرجو في السداد ومنه الإعانة والإمداد.."[39].
· فتاوى وأحكام في ثلاثة أجزاء في 328 ورقة، منه نسخة مصورة على نسخة المؤلف في الخزانة الصبيحية بسلا رقمها : 370[40]، ابتدأها وهو قاض بالصويرة عام 1316هـ، وهي غير مرتبة ولا مبوبة، وقد عنونها في أول الجزء الثالث بقوله : "الكناش الثالث في نوازلنا المختلطة حتى ترتب بحول الله"، وجل فتاواه وكتاباته وجواباته موقعة باسمه، وهي غير مؤرخة في غالبها، إلا أن بعضها معروف مكانه خصوصا أيام توليه خطة القضاء بالصويرة ومكناس والرباط، وهي في كثير منها مما حكم به في قضائه، ومنها فتوى موقعة في 20 شعبان عام 1347هـ.
· رحلة حجازية مخطوطة في 63 ورقة لم يتمها، وهي من منتسخات ابنه عبد الملك في فاتح رمضان من عام 1399هـ، إذ توقف عند قوله: "وممن زارنا أيضا..."، وأتمها ابنه عبد المالك إذ قال-ومن خطه نقلت- : "وسأتابع نسخ ما بقي من نظمه لهذه الرحلة مع ما أجده في مذكراته مما يتعلق بها، وفي الرسائل التي كان رحمه الله يبعث بها إلي في رحلته هذه، إذ كان يطالعني فيها بتنقلاته وماجرياته ومذاكراته مع العلماء ومساجلاته مع الشعراء، حتى لا يبقى نظم هذه الرحلة بدون تعليق والله الموفق"[41]، إلا أنها لم تأت كما أراد لها مؤلفها، إذ في كثير من الأحيان يكتفي بقوله وسألحق بها ما أجده في أوراق والدي إن وجدتها، وكان في أحيان أخرى يستروح إلى ديوان والده الذي أعانه على رتق بعض الثغرات، وإن كان الخلل غير خفي على المطالع للرحلة، وقد بلغ بها إلى الصحيفة 177.
· بيان الخسارة في بضاعة من يحط من مقام التجارة في 61 ورقة فرغ منه في 8 شعبان من عام 1325هـ، يوجد بالخزانة الصبيحية مصور عن نسخة المؤلف ورقمه هو : [42]369.
· استدراك الفلتة على من قطع بقطع همزة البتة في 5 أوراق رقمه بالخزانة الصبيحية هو : 87/16[43].
· المقامة الفراقية في 6 أوراق يوجد بالخزانه الصبيحية مصور عن أصل المؤلف ورقمه هو :[44]375.
· تشطير قصيدة ابن أبي جمرة في ختم صحيح البخاري في 3 أوراق، منه نسختان بالخزانة الصبيحية ورقمهما هو : 74/3 و124/[45]12، وهي مضمنة في ديوانه، أنشأها وأنشدها عند ختم شيخه الفقيه أحمد بن الطالب ابن سودة لصحيح الإمام البخاري[46].
· تحبير طرسي بعبير نفسي في التعبير عن نفسي، وسماها عبد الحفيظ الفاسي التعريف بنفسي لمن يريد من أبناء جنسي، وهو كتاب في سيرته ومشايخه وأحواله لم يتمه، وهوالمعني بقوله في رحلته الحجازية: " ولهذا سبب سنبسطه بحول الله في كتابنا التاريخي"[47]،وكذلك قوله: " وسنبسطه بحول الله في تاريخنا"[48].
· تسنيم الأزهار بتنسم ثغور الأشعار، وسماه ابن سودة تنسم عبير الأزهار بتبسم ثغور الأسحار، في أربعة أجزاء عدد أوراقه 387 ورقة مرتب على حروف المعجم يوجد بالخزانة الصبيحية، معظمه بخط المؤلف، وبه إلحاقات كثيرة وطرر وتصحيحات ورقمه بالخزانة الصبيحية هو : [49]372.
· إصابة البهجة في شرح أبيات البهجة طبعه مؤلفه عام 1345هـ[50].
· تهييج الحجا لهيجاء الهجا.
· تقييد على حديث من قام رمضان إيمانا واحتسابا.
· نتيجة البر في حكم الصلاة بعد الدفن على القبر.
· الحقوق في ذم العقوق لم يكمل.
· فتح المقلة العمياء في عدم إمكان الكيمياء لم يكمل.
· حاشية على شرح بناني على السلم لم تكمل.
وتعليقات على فتح الباري لابن حجر وإرشاد الساري للقسطلاني، وعلى جمع الجوامع للسبكي وغيرها من كتب الفقه والمعاني والبيان.
-3- الفتوى
اعتلى مولاي أحمد منزلة عالية في الإفتاء نظرا لتحصيله للمعارف التي ينبغي توفرها في المفتي، مما خوله لتولي خطة القضاء في مواضع متعددة من المغرب، لهذا كان ملجأ الكثيرين من أهل العلم وطلبته[51]، ومنهم قضاة وعلماء كانوا من العارفين بقدره[52]، وقد جمع كتابا كبيرا في نوازله يقع في ثلاثة أجزاء، ابتدأه أيام اشتغاله بالقضاء بمدينة الصويرة عام 1316هـ، قال رحمه الله –ومن خطه نقلت-: "قيدت في هذا المجموع ما أجبت عنه سؤال سائل في العلم، أو حكمت به في نازلة زمن توليتي خطة القضاء، أو أفتيت به ابتداء أو موافقة في أوراق مفرقة قديمة كنت كتبت فيها جوابا أو حكما أو فتوى، إذ القصد هو جمع مفترق شملها في هذا المجموع تذكرة لنفسي عند النسيان، لأني عالم بأن الناس في غنى عنه، ولم أرتبه على الأبواب بل سطرته على حسب ما عرض في كل وقت من جواب أو نازلة أو فتوى أو وقعت عليه"[53].
ونجد في نوازله المجموعة سؤالات ورسائل أجاب عنها أو حكم فيها لما كان قاضيا بالصويرة ومكناس[54]، وأخرى لما كان عضوا في مجلس الاستئناف الأعلى بالرباط[55]، وسؤالات من سلا[56] أيام مقامه بها، ومن آسفي[57]، وأخرى في مروره بتونس[58] وقفصة[59].
أعماله الإصلاحية
كان مولاي أحمد بن المأمون البلغيثي حاد المزاج لا يقبل مهاودة في الحق، يدافع عنه بكل ما لديه من قوة، فلذلك لا يبقى له قرار في وظيف، ومن مناقبه أنه لما نقل إلى قضاء مكناس أقام سنة اللعان بعد انقطاع طويل، فكان هذا مما حمد له[60]، وكان لا يتوانى عن الصدع بالحق متى ظهر له، ومن ذلك قوله في بيان أغلاط أحد قضاة العصر في مسألة الجمع بين المرأة وعمتها : "وأما حكم القاضي الذي أفتى بالجواز بعد أن منع، فبئس ما فعل وساء ما صنع، فيجب عليه أن يتخلى عن هذه الخطة الشريفة التي تعاطاها مع جهله بمرويات دين النبي الأمين، فإن نصب مثله للقضاء حرام بإجماع المسلمين، ويجب على من ولاه الله الأمر نزعه فورا إذ أبدى جهلا وجورا"[61].
ومن مظاهر إنصافه واتباعه للدليل رغم منافحته عن مذهب الإمام مالك ما ذهب إليه في ترجيح القبض على السدل وذلك بقوله رحمه الله –ومن خطه نقلت-: "هو الراجح في المذهب لقوة دليله، وهو المشهور على أحد الأقوال في حقيقة المشهور لمن سلك سوى سبيله، وهو رواية أكثر أصحاب الإمام مالك عنه وبه كان يعمل، وهو قوله في موطئه الذي وضعه للاهتداء به والعمل، ورواية ابن القاسم عنه بكراهته في الفرض إنما هي لعلة زالت، على أنها في الأصل مظنة عن طريق التحقق مالت، فكيف تترك سنة ثابتة متواترة لأوهام لا حقيقة لها عند من قدمه في التحقيق راسخة ثابتة، وقد ثبت عن الإمام مالك كغيره من باقي الأئمة، الذين لهم في اقتفاء السنة النبوية أي همة، أنهم يرجعون لما صح من الحديث ويتخذونه مذهبا، ولا يرون عن نوره في ظلام الرأي مرغبا"[62].
وعهد منه في قضائه العدل والإنصاف والنزاهة مع الصرامة، ومن ذلك أخذه ليهودي طغى ومس الدين بما لا يليق، فثارث ثائرة الشيخ وذلك أيام قضائه بمكناس.
وكذلك لا ينسى له التاريخ عدم اكتراثه بسطوة الفرنسيين أيام عضويته لمجلس الاستئناف الشرعي بالرباط[63].
المساجلات والمناظرات العلمية
كانت للمترجم مساجلات مع نخبة من أعلام الفكر والأدب، فمنها مساجلاته مع الأديب أحمد بن قاسم جسوس المتوفى سنة 1331هـ[64]، ومع اللغوي محمد بن أحمد الرغاي أحد كتاب الرباط البارزين ومن أدبائه المبرزين المتوفى سنة 1315هـ[65]، ومع الأديب الطيب بن أحمد بن عواد السلوي المتوفى سنة 1337هـ[66]، وكذلك مع الشاعر المفلق محمد البيضاوي الشنجيطي، والشاعر المطبوع عبد الله القباج، ومؤرخ الرباط محمد بوجندار، ومنها مذاكرات ومراجعات مع الفقيه محمد بن عبد السلام السايح[67]، وقد قال هو عن هذه المذاكرات: "كانت جرت بيني وبين جمع من تلامذتنا الأدباء العلماء بالرباط زمن ولايتي عضوية مجلس الاستئناف الشرعي ثاني مرة مراجعات شعرية ومطارحات مجونية أدت إلى ملاحظات لغوية ومناقشات علمية أدبية"[68].
ونجد من أبرز الفقهاء الذين جالسوا مولاي أحمد العلامة شيخ الجماعة محمد المكي البطاوري ومحمد المدني بن الحسني، ومن ذلك تقريظه لكتاب ابن الحسني "ارتشاف السلاف من أسباب الخلاف"، وقد قرظه بقصيدة رائعة، كما قرظه محمد المكي البطاوري وبو شعيب الدكالي والمهدي الوزاني[69]، وكذلك تقريظه لكتاب الاستقصا للناصري تـ 1315هـ.
وكان بيت الفقيه محمد بن الطيب الصبيحي باشا سلا ناديا ومنتدى يلتقي فيه هؤلاء الفضلاء من أدباء وفقهاء العدوتين، فكانت تجري مذاكرات ومساجلات علمية وأدبية وذوقية وصوفية[70]، وكان بيت الباشا المفضل عند مولاي أحمد بن المأمون، فكان يكثر من النزول عنده والتردد عليه لما يجده من العناية والاهتمام.
نشاطاته العلمية
كان مولاي أحمد من علية العلماء الذين يحضرون مجالس السلطان عبد الحفيظ العلوي، ولما عزم على رحلته الحجازية الثانية استأذن السلطان فلم يأذن له لجلالته ومكانته العلمية، إلى أن استعطفه بقصيدة طنانة فحينذاك أذن له[71].
"وقد كان من دأب السلطان عبد الحفيظ إقامة مجالس حديثية، وكانت رئاسة المجلس لا تسند إلا لأحد من العلماء الأكفاء، فإذا أراد الملك تقرير باب من الأبواب أو حديث منه طوى النسخة إشارة إلى الرئيس بالتحدث في الموضوع، وللحين يأخذ في تقرير الحديث والإتيان عليه من عدة جوانب إسنادا ومتنا، ثم ما يحتويه من معان وما يمكن أن يستنبط من أحكام تكمن بين سطوره، وقد تقع أحيانا مناقشات ومطارحات بين الحاضرين حول ما يمكن أن يشكل أثناء التقرير.
ومن بين الحضور في هذه المجالس الحفيظية المكي البطاوري ومحمد المدني بن الحسني وبوشعيب الدكالي ومحمد بن الحسن الحجوي ومحمد بن العربي العلوي"[72].
وقد كانت هذه المجالس تضم علماء مجلس الاستئناف الشرعي، وعلماء الحضرة بوزارة العدل، وقاضي العدوتين سلا ورباط الفتح، ونخبة من كبار علمائهما في العهد اليوسفي إثر انتقال قاعدة ملك المغرب الأقصى من فاس إلى الرباط[73].
رحلاته
قام مولاي أحمد بثلاث رحلات حجازية تشوفا وتشوقا لبيت الله الحرام وقصدا لزيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت حجته الأولى عام 1307هـ وسماها حجة الضرورة قال فيها : "قيدت ما اتفق في رحلتها في كراسة على سبيل الإجمال وهي الآن على حالها من الإهمال"[74].
وكانت حجته الثانية عام 1328هـ، وكان مولاي عبد الحفيظ قد امتنع من الإذن له لحاجته إليه، إذ كان مولاي أحمد من العلماء الذين يحضرون مجالسه العلمية بقصره بفاس، إلا أن المترجم ألح في ذلك واستعطفه بقصيدة بلغت الغاية في بابها، فبعد لأي أذن له.
وأما حجته الثالثة فهي التي نظمها في 568 بيتا وطبعها مفردة دون شرح في سنة 1346هـ، ثم بدا له أن يشرح أبياتها فأسعف بذلك إلا أنه لم يتمها فقد حال الأجل بينه وبين إتمامها.
وقد مر في رحلته هاته على بلدان عديدة، وكان أول نزوله بمرسيليا فذهب إلى باريز وهناك لقي السلطان المخلوع مولاي عبد الحفيظ[75]، وتوقفت بهم السفينة عند ميناء الجزائر لمدة يومين[76]، وفي طريقه مر بالإسكندرية ونزل القاهرة فلقي بها جماعة من العلماء منهم محمد حبيب الله الشنقيطي، إذ قال مولاي أحمد : "تذاكرنا في أنواع من العلوم في مجالس عديدة كان يكثر من القدوم علي ويفني ساعات طويلة في مطالعة كتبي"[77]، وممن لقي كذلك القاضي عبد الوهاب خلاف مدير قسم المساجد[78]، ومحمد مخلوف حسنين[79]، ومحمد بخّيت المطيعي وقد حضر درسه في التفسير بالأزهر بين العشاءين[80]، وكذلك لقي مصطفى المراغي[81]، وإبراهيم حافظ[82]، ونظم قصيدة بديعة في تهنئة زغلول باشا بمناسبة إبلاله من مرضه[83]، ولم يكتب له لقيه إذ في عودته من الحجاز وجده قد مات.
وبعد انتهائه من المناسك عرج على بيروت[84]، وبعدها ذهب إلى دمشق الشام ولقي بها صفوة من العلماء الأماجد منهم بدر الدين الدمشقي الحسني[85]، وحضر دروسه ومجالسه بدار الحديث وبالجامع الأموي، وجالس الأديب عبد الرحمن القصار[86]، ولم يفت مولاي أحمد خلال نزوله بدمشق أن يعقد مجالس حديثية ودروسا علمية حضرها علماء الشام وطلبتها[87]، وبعد ذلك ذهب إلى بيت المقدس لزيارة المسجد الأقصى[88]، وقد أمضى في رحلته الحجازية هاته زهاء خمسة أشهر.
كما أن للمترجم رحلة أخرى دخل فيها تونس وقصد إلى المنستير لزيارة الإمامين ابن يونس الصقلي والمازري عام 1347هـ، ولقي في رحلته هاته محمد مخلوف صاحب شجرة النور الزكية ونزل عنده ضيفا في بيته[89].
وفاته
توفي مولاي أحمد بن المأمون البلغيثي يوم الثلاثاء سابع رجب من عام 1348هـ ودفن بروضتهم بالقباب[90].
مصادر الترجمة
1- كتب المترجم المخطوطة
· بيان الخسارة في بضاعة من يحط من مقام التجارة.
· تشنيف الأسماع بأسماء الجماع وما يلائمه من مستلذات السماع.
· الرحلة الحجازية.
· ديوانه.
· نوازله وفتاواه.
2- الكتب المطبوعة
· إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لعبد الرحمن ابن زيدان.
· إتحاف أهل الدراية بما لي من الأسانيد والرواية لمحمد فتحا بن قاسم القادري.
· إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة.
· الأدب العربي في المغرب الأقصى لعبد الله القباج.
· الأعلام لخير الدين الزركلي.
· التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين لعبد الله الجراري.
· ترجمة بوشعيب الدكالي لجعفر بن أحمد الناصري.
· سل النصال للنضال بالأشياخ ذوي الكمال لعبد السلام ابن سودة.
· شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف.
· الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي.
· الفهرسة الكبرى والصغرى لأحمد ابن الخياط الزكاري.
· فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي.
· معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي الفهري.
· من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري.
[1] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي : 1/133.
[2] إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة : 1/341.
[3] التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين لعبد الله الجراري : 62.
[4] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي : 1/134.
[5] الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي : 4/ 154.
[6] الفهرسة الصغرى لأحمد ابن الخياط الزكاري : 176، وسل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لعبد السلام ابن سودة : 32-33.
[7] الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي : 4/150.
[8] الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي : 4/138.
[9] الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي : 4/136 والفهرسة الصغرى لابن الخياط الزكاري : 172.
[10] إتحاف أهل الدراية بما لي من الأسانيد والرواية لمحمد فتحا بن قاسم القادري : 78-79.
[11] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي : والفهرسة الصغرى لابن الخياط الزكاري وإتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة : 1/341، وقد وهم محمد بنعزوز عندما أحال على ترجمته في الفهرسة الصغرى لابن الخياط على سل النصال لشبه في الاسم، فالمترجم هنا هو عم والد المترجم في سل النصال.
[12] إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة : 1/365.
[13] إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة : 1/358.
[14] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي : 2/96-97.
[15] الأعلام لخير الدين الزركلي : 7/142.
[16] بيان الخسارة في بضاعة من يحط من مقام التجارة لأحمد بن المأمون البلغيثي : 73.
[17] الأعلام لخير الدين الزركلي : 3/275.
[18] الأعلام لخير الدين الزركلي : 6/301.
[19] الأعلام لخير الدين الزركلي : 7/157-158.
[20] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 38.
[21] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 15.
[22] إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لعبد الرحمن ابن زيدان : 2/109.
[23] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 16.
[24] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي الفهري : 1/135.
[25] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي الفهري : 1/134.
[26] سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لعبد السلام ابن سودة : 54.
[27] إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لعبد الرحمن ابن زيدان : 3/122.
[28] شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف : 1/437.
[29] التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين لعبد الله الجراري : 62.
[30] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 49.
[31] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 1/201.
[32] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 15.
[33] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 1/230.
[34] ملحق بتراجم من لازم دروس بوشعيب الدكالي لمحمد بن عزوز : 107.
[35] ملحق بتراجم من لازم دروس بوشعيب الدكالي لمحمد بن عزوز : 95.
[36] سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لعبد السلام ابن سودة : 55.
[37] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 56.
[38] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 340-341.
[39] تشنيف الأسماع بأسماء الجماع وما يلائمه من مستلذ السماع لأحمد بن المأمون البلغيثي : 1/3.
[40] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا : 190.
[41] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 121.
[42] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 588-589.
[43] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 334.
[44] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 387.
[45] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 70.
[46] ديوان أحمد بن المأمون البلغيثي : 4/244.
[47] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 18.
[48] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 21.
[49] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 354-355.
[50] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 55.
[51] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/1-7.
[52] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/16-31.
[53] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 1/1.
[54] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/79-82-88-91-126-131.
[55] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/ 61-70-78-87-128.
[56] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/3-135.
[57] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/22.
[58] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/144.
[59] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/142.
[60] سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لعبد السلام ابن سودة : 55.
[61] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 1/264.
[62] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/132.
[63] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 1/256.
[64] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 2/41.
[65] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 2/86.
[66] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 2/313.
[67] الشيخ المبدع محمد بن عبد السلام السايح لعبد الله الجراري : 118.
[68] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 29.
[69] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 1/218- 2/205.
[70] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 2/123.
[71] التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين لعبد الله الجراري : 63.
[72] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 1/228.
[73] ترجمة بوشعيب الدكالي لجعفر بن أحمد الناصري : 65.
[74] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 1.
[75] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 55.
[76] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 65.
[77] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 115.
[78] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 117.
[79] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 118.
[80] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 120.
[81] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 119.
[82] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 119.
[83] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 118.
[84] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 142.
[85] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 152.
[86] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 146.
[87] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 161-162.
[88] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي :147.
[89] شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف : 1/438.
[90] إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة : 1/341.
عبد الله التهامي التوراتي المصمودي
الادب المغربي.jpg
أحمد بن المأمون بن الطيب بن المدني العلوي البلغيثي، الحسني نسبا، المالكي مذهبا، الأشعري اعتقادا ومشربا، معدود في طبقات التجانية معتبر في أعيانها، من ذرية الحسن بن القاسم القادم من الحجاز، والسادة البلغيثيون من بيوتات فاس الشهيرة المعروفة بالمجد والقدر الرفيع، وهم من أولاد السيد عبد الواحد أبي الغيث بن يوسف بن علي الشريف الجد الجامع لكافة العلويين السجلماسيين، وسبب تسميته بأبي الغيث وهو أن مولده قد صادف نزول غيث بعد العهد به فلقب به تيمنا وتبركا، وقد انتقلوا من منازل آبائهم الأولى إلى قبيلة بني يازغة ومنها إلى فاس[1]، ولد أبو العباس في شهر رمضان من عام 1282هـ بفاس، ووالده هو المأمون بن الطيب نقيب الأشراف في وقته المتوفى سنة 1316هـ[2].
نشأته العلمية
تربى أحمد بن المأمون في حجر والده واستظهر القرآن الكريم بعد زمن على جمع من الفقهاء كما هي عادة الطلبة آنذاك، وبعد ذلك اندرج في سلك طلبة العلم بجامع القرويين عام 1298هـ[3]، وقد تميز بجده واجتهاده ومثابرته على التحصيل، وهو في كل ذلك يأخذ عن أساطين العلم بالقرويين، ويستفيد من شيوخها المبرزين، إلى أن بدت ثمرة اشتغاله بالعلم وشفوفه على من سواه من أقرانه؛ فتعاطى التدريس والإفتاء وهو ما يزال غضا طري العود، فزاحم بذلك الأكابر من المتصدرين للتدريس بالقرويين.
شيوخه
أدرك أحمد بن المأمون أكابر علماء فاس، وأخذ عن المحققين منهم وشارك مشايخه في بعضهم، وكان جل اعتماده واستناده على ثلاثة منهم،[4] وهم أحمد ابن الخياط الزكاري ومحمد فتحا بن قاسم القادري ومحمد بن التهامي الوزاني، وهذه أسماء أبرز شيوخه الذين أخذ عنهم :
· أحمد بن محمد ابن الخياط الزكاري الحسني، الفقيه العلامة المحدث المشارك شيخ الجماعة بفاس، وإمام أهل الورع والتقوى والمشار إليه في المغرب بإتقان العلوم والفتوى[5]، ومن آخر من مثل العلم على نهج السلف الصالح، مع الاستقامة واتباع السنة والتحري والتثبت وسعة العلم ودقة الفهم، المتوفى سنة 1343هـ، وقد كانت ولادته عام 1252هـ، ألف تآليف عديدة جاوزت المئة، وقد ضمن فهرسته الصغرى جل تقاييده وأوضاعه العلمية[6].
· محمد فتحا بن قاسم القادري الحسني الفاسي، الإمام الفقيه الأصولي المعقولي المشارك في العلوم، وقد كان كلمة إجماع لثقته وجلالته، له تواليف عديدة محررة، وكان متصدرا للتدريس والإفادة في الفقه والحديث والسير والأصول والتوحيد، ولد سنة 1259هـ وتوفي سنة 1329هـ[7].
· محمد بن التهامي الوزاني أصلا، الفاسي دارا وقرارا، الفقيه العلامة المشارك، برز على غيره في النحو والبيان والفقه وتوجيه القراآت، مع الحفظ للقواعد والاستحضار للشواهد، فنهل الناس من علومه من عربية وبيان ونحو وفرائض وحساب وتوحيد ومنطق وفقه وحديث، واتصف بالورع والزهد والتبتل والعبادة، تولى قضاء الصويرة فكان عادلا عفيفا متصونا لم يحفظ عنه ما يشينه، وقطع عمره في الإقراء والتدريس وبذل العلم للراغبين، وله مؤلفات مفيدة، توفي سنة 1316هـ عن نحو ستين سنة[8].
· محمد بن المدني كنون، الفاسي مولدا ودارا وقرارا، من أكبر المتضلعين في العلوم الشرعية، الورعين المعلنين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، شيخ الجماعة الفقيه المحقق العلامة الدراكة، كان مفتيا محدثا نحويا لغويا معقوليا مشاركا محققا نزيها قوالا للحق، له تآليف كثيرة طبع بعضها، توفي عام 1302هـ[9].
· محمد فتحا بن عبد الرحمن العلوي المدغري، قاضي الجماعة بفاس، العلامة المتبحر المدرس النفاع، كان رحمه الله حسن الأخلاق موسوما بالخير والصلاح، توفي رحمه الله عشية سابع وعشرين رمضان من عام 1299هـ بفاس[10].
· عبد الله بن إدريس الودغيري الحسني الشهير بالبدراوي، العالم الكبير والأستاذ الشهير المشارك في كثير من العلوم؛ كالحديث والفقه والتاريخ والأنساب، مع التواضع وسلامة الصدر والمهابة والتعظيم، يحضر دروسه فحول الطلبة، تولى نقابة الأشراف بفاس، ولد عام 1237هـ وتوفي عام 1316هـ[11].
· جعفر بن إدريس الكتاني الحسني، الفاسي دارا وقرارا ومزارا، المحدث المشارك المطلع الحجة الحافظ، كان معتنيا بعلوم السنة، مهتبلا بالرواية والإسناد، قاربت مؤلفاته المئة، وله فهرسة في شيوخه وأسانيده وهي مطبوعة، ولد سنة 1245هـ وتوفي سنة 1323هـ[12].
· أحمد بن الطالب ابن سودة، شيخ الجماعة المحقق المدقق المشارك المطلع، له عدة تآليف وتقاييد، ولد عام 1241هـ وتوفي سنة 1321هـ[13].
· عبد المالك بن محمد العلوي السجلماسي، المدغري أصلا، الفاسي دارا وإقبارا، العالم العلامة الصالح، كان مشاركا في كثير من العلوم أصولا وفروعا، معقولا ومنقولا، محصلا دؤوبا على التدريس، منقطعا إلى العلم، ولد عام 1235هـ وتوفي عام 1318هـ[14].
· محمد يحيى بن محمد المختار الشنقيطي الولاتي عالم بالحديث، من فقهاء المالكية، كان قاضي القضاة بجهة الحوض بصحراء الغرب الكبرى، ناهزت كتبه وتصانيفه المئة، توفي عن نحو سبعين سنة عام 1330هـ[15]. قال فيه أحمد بن المأمون : "العلامة العلم الهمام المهتم بتحرير العلوم أتم اهتمام، شيخنا في الطريقة التجانية، تلاقيت به عام 1314هـ بالسويرة"[16].
· عبد الجليل بن عبد السلام بن عبد الله بن عبد السلام برادة شاعر من أهل المدينة المنورة، مغربي الأصل، يعد في شعراء بدء اليقظة العربية، وشعره مجموع في ديوان، ولد سنة 1243هـ وتوفي سنة 1326هـ[17].
· محمد علي بن ظاهر الوتري الحسني النجفي المدني محدث المدينة في عصره، رحل إلى المغرب مرتين، ولد بالمدينة عام 1261هـ وتوفي بها عام 1322هـ[18].
· محمد بن يوسف المغربي المراكشي البيباني محدث الشام في عصره، أصله من مراكش، ولد بدمشق في عام 1267هـ، وكان ممن حفظ الصحيحين بأسانيدهما، كان ورعا صواما بعيدا عن الدنيا، وكان ممن يأبى الإفتاء ولا يرغب في التصنيف، ومع ذلك وجد له نحو من عشر رسائل علمية في فنون مختلفة، توفي بدمشق في عام 1354هـ[19].
تلاميذه
اشتهر مولاي أحمد بن المأمون بالتصدر للتدريس وبذل العلم للراغبين فيه؛ فلهذا كثر الآخذون عنه، ولا ريب أن عددهم كبير، ولكننا سنذكر بعضا منهم ممن وقع النص على أخذهم عنه، وعرفوا بين أهل العلم بذلك، وهم على ترتيب سني وفياتهم :
· عبد السلام بن محمد السرغيني تـ 1354هـ.
· محمد بن أحمد ابن الحاج السلمي تـ 1364هـ.
· محمد بن عبد المجيد أقصبي تـ 1364هـ.
· عبد الرجمن مولاي الكبير بن محمد ابن زيدان تـ 1365هـ.
· محمد بن عبد السلام السايح تـ 1367هـ.
· أحمد بن محمد العمراني تـ 1370هـ.
· محمد بن أحمد ابن عبد الله الرباطي تـ 1382هـ.
· محمد المختار السوسي تـ 1383هـ.
· عبد الحفيظ بن الطاهر الفاسي تـ 1383هـ.
· محمد بن عبد القادر بن موسى تـ 1385هـ.
· محمد بن محمد العبادي تـ 1385هـ.
· أحمد بن عبد الله التهامي الوزاني تـ 1387هـ.
· عبد الرحمن بن عبد الهادي الشفشاوني تـ 1387هـ.
· أحمد بن اليزيد البدراوي تـ 1388هـ.
· محمد بن الطيب الصبيحي تـ 1389هـ.
· أحمد ابن عبد النبي السلاوي تـ 1392هـ.
· محمد علال الفاسي تـ 1394هـ.
· العابد بن عبد الله الفاسي تـ 1395هـ.
· عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة تـ 1400هـ.
· عبد الله بن العباس الجراري تـ 1403هـ.
الدرجة العلمية
من العلماء الأكابر، مشارك في كثير من العلوم، محقق في الفقه مدقق في الفتاوى، نوازلي كبير، متضلع من علوم اللسان من نحو وبيان، مع اليد الطولى في الأدب ونظم الشعر، ونثره يعد في الذروة من حيث جزالته وبلاغته، قل من يدانيه فيه من عصرييه.
الوظائف التي شغلها
تولى القضاء بثغر الصويرة سنة 1313هـ وأعفي منها سنة 1316هـ، وفي سنة 1325هـ تولى قضاء العرائش لمدة ثلاثة أشهر[20]، وفي سنة 1326هـ نقل إلى قضاء الصويرة، وفي عام 1332هـ لما أسس مجلس استئناف أحكام القضاة بالرباط عين عضوا به، وكان نزوله بدار أعدها له الفقيه الطيب الصبيحي باشا سلا[21]، وفي سنة 1333هـ نقل إلى قضاء الدار البيضاء[22] ثم أعفي منه، وفي سنة 1339 أعيد إلى مجلس الاستئناف بالرباط فسكن سلا مرة أخرى وأفضى به المقام إلى التزوج من هناك إذ قال رحمه الله: "ثم أفضت المودة إلى التزوج من بلدهم، والتزود لهذه الشهوة من مددهم"[23]، ثم نقل منه في سنة 1341 إلى قضاء مكناسة الزيتون ثم أعفي منها[24].
شهادات العلماء فيه
قال فيه المؤرخ النسابة عبد الحفيظ الفاسي: "عالم كبير وإمام شهير، مشارك في كثير من الفنون، متضلع في الفقه والنوازل والمعاملات، متبحر في علوم اللسان، ريان من الأدب، شاعر مكثر ناظم ناثر، نسيج وحده وفريد دهره إتقانا ومعرفة، سيال القريحة شديد العناية بالعلم، مكب على التدريس، دؤوب على العمل، حسن النقد جيد النظر متقن الصنعة، أبي النفس عظيم الهمة حاد الذهن والمزاج، منفذ العزيمة عظيم الحرمة كبير الوجاهة رفيع القدر، ميمون النقيبة مسعود الحظ، بمكان من الملوك ورعيهم وعنايتهم وبرهم"[25].
وحلاه العلامة المؤرخ عبد السلام ابن سودة بقوله: "الشيخ الإمام، علم الأعلام، الحافظ الحجة، من آخر من استحضر المسائل بنصوصها وفهمها على أكمل وجه بتدقيق وتحرير"[26].
وأثنى عليه تلميذه وابن عمه مولاي الكبير ابن زيدان بقوله: "شيخنا العلامة المشارك الأقعد الشريف مولاي أحمد بن المامون البلغيثي.."[27].
وقال في وصفه العلامة محمد مخلوف التونسي: "سلطان النجباء وسحبان الأدباء العلامة المؤلف المطلع المفضال النحوي اللغوي الفقيه الرحال .."[28].
أعماله العلمية
-1- التدريس
كان في دروسه مجددا على غير مثال فقهاء القرويين آنذاك، فعندما أدرج مولاي أحمد بن المأمون في سلك المدرسين الأفذاذ عام 1306هـ صار يلقي دروسه على الطلبة والتلاميذ حسب مستوياتهم؛ بعبارات سلسة جذابة وبأسلوب جديد، فلفت الأنظار وصار تلاميذه يرون في طريقته ما لا عهد لهم به على صغر سنه وحداثته[29].
وقد كان مولاي أحمد شغوفا بالتدريس والإفادة وذلك –كما قال هو عن نفسه-: "لما جبلت على محبته من نشر العلم تدريسا وتقييدا، مع البعد عن الشواغل والموانع، ووجود موجبات الراحة"[30]، وقد زاول التدريس بفاس في أوليته بالقرويين، وعندما كان عضوا بمجلس الاستئناف بالرباط كان يتعانى تدريس شرح صحيح مسلم ورسالة ابن أبي زيد القيرواني بشرح أبي الحسن بن محمد المنوفي المسمى كفاية الطالب الرباني بحاشية علي الصعيدي العدوي، فكان يدرسهما بضريح العربي بن السايح، وكان ابتداؤه بدرس صحيح مسلم ومن آخر حديث منه يتخلص لموقف الرسالة قائلا : هذا معنى قول ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله[31]، وأثناء إقامته بسلا كان يتعاطى تدريس جملة من العلوم النافعة : "ثم سكنت بالبلد بأهل وخدم، ودرست هناك من العلوم ما قدره الله في سلف القدم"[32]، كما كان يعطي دروسا في شمائل الترمذي بالزاوية التهامية صباحا[33]، ومن بين الكتب التي أقرأها الجامع الصحيح للإمام البخاري بعد صلاة المغرب بجامع الشرابليين بفاس، وكذلك جمع الجوامع بجامع المنية[34].
وقد أبان المؤرخ عبد السلام ابن سودة تلميذ المترجم عن طريقة الشيخ في التدريس والإفادة فقال: "كان لا يقرر إلا المسائل الصعبة، وما هو جلي لا يتعرض له لوضوحه، وكان كثيرا ما ينتصر لمذهب الإمام مالك .. وكان يستحضر نصوص كتاب المعيار للإمام الونشريسي كأنه نصب عينيه، وكثيرا ما يستشهد بنصوصه دون المختصرالخليلي.. ولما فتح الأحكام القرآنية للإمام ابن العربي المعافري في آخر عمره –بطلب من محمد علال الفاسي وكان السارد له[35]- حضرتها في جمع من الطلبة، فكان يملي ما يبهر العقول ويستلذه كل متعطش للعلم"[36].
-2- المؤلفات
· شرح منظومة في معاني الحروف -والنظم له من أيام طلبه العلم بفاس- طبع على الحجر بفاس عام 1313هـ.
· الابتهاج بنور السراج شرح به قصيدة الأديب العربي المساري في العلم وآداب التعلم طبع بمصر في جزأين عام 1319هـ.
· رحلة حجازية منظومة في 568 بيتا، وسمها بالنحلة الموهوبة النجازية في الرحلة الميمونة الحجازية، كتبها عند حجته الثالثة، طبعت في جزء صغير بفاس عام 1346هـ.
· حسن النظرة في أحكام الهجرة طبع بمصر عام 1346هـ[37].
· مجلي الحقائق فيما يتعلق بالصلاة على خير الخلائق طبع قديما وأعيد طبعه حديثا.
· تشنيف الأسماع بأسماء الجماع وما يلائمه من مستلذات السماع في جزأين، عدد أوراقه 290 ورقة بالخزانة الصبيحية، مصور عن نسخة ابن المؤلف نسخها في 9 ذي القعدة من عام 1386هـ[38] ، طبع الأول منه في جزء وسط بعناية ابنه عبد الملك، قال مولاي أحمد في الباعث له على تأليفه : "فإني لما كنت أبين لأخينا الفقيه النبيه الشريف الأصيل النزيه مولانا عثمان بن السلطان المقدس مولانا الحسن معاني كتاب القاموس، وأكشف له عن معانيه وأضيئ له منه الأدموس، وكان الكثير من مواده لا يخلو من معنى الجماع، وكانت كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى غالبا وهذا منه بلا نزاع، خطر لي أن أجمع الألفاظ الدالة عليه ولو بتضمن أو التزام، وأضيف إليها ما ينجر من الكلام، من أدب يستملح، وفقه بنوره يستصبح، ونادرة تبسط النفس، ولطيفة تجلب الأنس، وسميته تشنيف الأسماع، بأسماء الجماع، وما يلائمه من مستلذ السماع، ورتبته على مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة، فالمقدمة في تحقيق معانيه اللغوية، وما ظهر لنا من تخصيصها أو تعميمها بروية سوية، والباب الأول في مبانيه الدالة على معناه، وإن كان في بعضها نوع خصوص فلا يخرجه عن أصل مغناه، والباب الثاني فيما يتعلق به من أحكام وفروع فقهية، يحكم بها في الشريعة المحمدية، والباب الثالث فيما يتعلق به من لطائف علمية، ونوادر أدبية، والباب الرابع في غرائب الوقائع عند الوقاع، زيادة على ما أوقعناه سابقا لمناسبة في الإيقاع، والخاتمة فيما يقوي الباه ويضعفه، مما يستحليه الأريب ويستظرفه، والله المرجو في السداد ومنه الإعانة والإمداد.."[39].
· فتاوى وأحكام في ثلاثة أجزاء في 328 ورقة، منه نسخة مصورة على نسخة المؤلف في الخزانة الصبيحية بسلا رقمها : 370[40]، ابتدأها وهو قاض بالصويرة عام 1316هـ، وهي غير مرتبة ولا مبوبة، وقد عنونها في أول الجزء الثالث بقوله : "الكناش الثالث في نوازلنا المختلطة حتى ترتب بحول الله"، وجل فتاواه وكتاباته وجواباته موقعة باسمه، وهي غير مؤرخة في غالبها، إلا أن بعضها معروف مكانه خصوصا أيام توليه خطة القضاء بالصويرة ومكناس والرباط، وهي في كثير منها مما حكم به في قضائه، ومنها فتوى موقعة في 20 شعبان عام 1347هـ.
· رحلة حجازية مخطوطة في 63 ورقة لم يتمها، وهي من منتسخات ابنه عبد الملك في فاتح رمضان من عام 1399هـ، إذ توقف عند قوله: "وممن زارنا أيضا..."، وأتمها ابنه عبد المالك إذ قال-ومن خطه نقلت- : "وسأتابع نسخ ما بقي من نظمه لهذه الرحلة مع ما أجده في مذكراته مما يتعلق بها، وفي الرسائل التي كان رحمه الله يبعث بها إلي في رحلته هذه، إذ كان يطالعني فيها بتنقلاته وماجرياته ومذاكراته مع العلماء ومساجلاته مع الشعراء، حتى لا يبقى نظم هذه الرحلة بدون تعليق والله الموفق"[41]، إلا أنها لم تأت كما أراد لها مؤلفها، إذ في كثير من الأحيان يكتفي بقوله وسألحق بها ما أجده في أوراق والدي إن وجدتها، وكان في أحيان أخرى يستروح إلى ديوان والده الذي أعانه على رتق بعض الثغرات، وإن كان الخلل غير خفي على المطالع للرحلة، وقد بلغ بها إلى الصحيفة 177.
· بيان الخسارة في بضاعة من يحط من مقام التجارة في 61 ورقة فرغ منه في 8 شعبان من عام 1325هـ، يوجد بالخزانة الصبيحية مصور عن نسخة المؤلف ورقمه هو : [42]369.
· استدراك الفلتة على من قطع بقطع همزة البتة في 5 أوراق رقمه بالخزانة الصبيحية هو : 87/16[43].
· المقامة الفراقية في 6 أوراق يوجد بالخزانه الصبيحية مصور عن أصل المؤلف ورقمه هو :[44]375.
· تشطير قصيدة ابن أبي جمرة في ختم صحيح البخاري في 3 أوراق، منه نسختان بالخزانة الصبيحية ورقمهما هو : 74/3 و124/[45]12، وهي مضمنة في ديوانه، أنشأها وأنشدها عند ختم شيخه الفقيه أحمد بن الطالب ابن سودة لصحيح الإمام البخاري[46].
· تحبير طرسي بعبير نفسي في التعبير عن نفسي، وسماها عبد الحفيظ الفاسي التعريف بنفسي لمن يريد من أبناء جنسي، وهو كتاب في سيرته ومشايخه وأحواله لم يتمه، وهوالمعني بقوله في رحلته الحجازية: " ولهذا سبب سنبسطه بحول الله في كتابنا التاريخي"[47]،وكذلك قوله: " وسنبسطه بحول الله في تاريخنا"[48].
· تسنيم الأزهار بتنسم ثغور الأشعار، وسماه ابن سودة تنسم عبير الأزهار بتبسم ثغور الأسحار، في أربعة أجزاء عدد أوراقه 387 ورقة مرتب على حروف المعجم يوجد بالخزانة الصبيحية، معظمه بخط المؤلف، وبه إلحاقات كثيرة وطرر وتصحيحات ورقمه بالخزانة الصبيحية هو : [49]372.
· إصابة البهجة في شرح أبيات البهجة طبعه مؤلفه عام 1345هـ[50].
· تهييج الحجا لهيجاء الهجا.
· تقييد على حديث من قام رمضان إيمانا واحتسابا.
· نتيجة البر في حكم الصلاة بعد الدفن على القبر.
· الحقوق في ذم العقوق لم يكمل.
· فتح المقلة العمياء في عدم إمكان الكيمياء لم يكمل.
· حاشية على شرح بناني على السلم لم تكمل.
وتعليقات على فتح الباري لابن حجر وإرشاد الساري للقسطلاني، وعلى جمع الجوامع للسبكي وغيرها من كتب الفقه والمعاني والبيان.
-3- الفتوى
اعتلى مولاي أحمد منزلة عالية في الإفتاء نظرا لتحصيله للمعارف التي ينبغي توفرها في المفتي، مما خوله لتولي خطة القضاء في مواضع متعددة من المغرب، لهذا كان ملجأ الكثيرين من أهل العلم وطلبته[51]، ومنهم قضاة وعلماء كانوا من العارفين بقدره[52]، وقد جمع كتابا كبيرا في نوازله يقع في ثلاثة أجزاء، ابتدأه أيام اشتغاله بالقضاء بمدينة الصويرة عام 1316هـ، قال رحمه الله –ومن خطه نقلت-: "قيدت في هذا المجموع ما أجبت عنه سؤال سائل في العلم، أو حكمت به في نازلة زمن توليتي خطة القضاء، أو أفتيت به ابتداء أو موافقة في أوراق مفرقة قديمة كنت كتبت فيها جوابا أو حكما أو فتوى، إذ القصد هو جمع مفترق شملها في هذا المجموع تذكرة لنفسي عند النسيان، لأني عالم بأن الناس في غنى عنه، ولم أرتبه على الأبواب بل سطرته على حسب ما عرض في كل وقت من جواب أو نازلة أو فتوى أو وقعت عليه"[53].
ونجد في نوازله المجموعة سؤالات ورسائل أجاب عنها أو حكم فيها لما كان قاضيا بالصويرة ومكناس[54]، وأخرى لما كان عضوا في مجلس الاستئناف الأعلى بالرباط[55]، وسؤالات من سلا[56] أيام مقامه بها، ومن آسفي[57]، وأخرى في مروره بتونس[58] وقفصة[59].
أعماله الإصلاحية
كان مولاي أحمد بن المأمون البلغيثي حاد المزاج لا يقبل مهاودة في الحق، يدافع عنه بكل ما لديه من قوة، فلذلك لا يبقى له قرار في وظيف، ومن مناقبه أنه لما نقل إلى قضاء مكناس أقام سنة اللعان بعد انقطاع طويل، فكان هذا مما حمد له[60]، وكان لا يتوانى عن الصدع بالحق متى ظهر له، ومن ذلك قوله في بيان أغلاط أحد قضاة العصر في مسألة الجمع بين المرأة وعمتها : "وأما حكم القاضي الذي أفتى بالجواز بعد أن منع، فبئس ما فعل وساء ما صنع، فيجب عليه أن يتخلى عن هذه الخطة الشريفة التي تعاطاها مع جهله بمرويات دين النبي الأمين، فإن نصب مثله للقضاء حرام بإجماع المسلمين، ويجب على من ولاه الله الأمر نزعه فورا إذ أبدى جهلا وجورا"[61].
ومن مظاهر إنصافه واتباعه للدليل رغم منافحته عن مذهب الإمام مالك ما ذهب إليه في ترجيح القبض على السدل وذلك بقوله رحمه الله –ومن خطه نقلت-: "هو الراجح في المذهب لقوة دليله، وهو المشهور على أحد الأقوال في حقيقة المشهور لمن سلك سوى سبيله، وهو رواية أكثر أصحاب الإمام مالك عنه وبه كان يعمل، وهو قوله في موطئه الذي وضعه للاهتداء به والعمل، ورواية ابن القاسم عنه بكراهته في الفرض إنما هي لعلة زالت، على أنها في الأصل مظنة عن طريق التحقق مالت، فكيف تترك سنة ثابتة متواترة لأوهام لا حقيقة لها عند من قدمه في التحقيق راسخة ثابتة، وقد ثبت عن الإمام مالك كغيره من باقي الأئمة، الذين لهم في اقتفاء السنة النبوية أي همة، أنهم يرجعون لما صح من الحديث ويتخذونه مذهبا، ولا يرون عن نوره في ظلام الرأي مرغبا"[62].
وعهد منه في قضائه العدل والإنصاف والنزاهة مع الصرامة، ومن ذلك أخذه ليهودي طغى ومس الدين بما لا يليق، فثارث ثائرة الشيخ وذلك أيام قضائه بمكناس.
وكذلك لا ينسى له التاريخ عدم اكتراثه بسطوة الفرنسيين أيام عضويته لمجلس الاستئناف الشرعي بالرباط[63].
المساجلات والمناظرات العلمية
كانت للمترجم مساجلات مع نخبة من أعلام الفكر والأدب، فمنها مساجلاته مع الأديب أحمد بن قاسم جسوس المتوفى سنة 1331هـ[64]، ومع اللغوي محمد بن أحمد الرغاي أحد كتاب الرباط البارزين ومن أدبائه المبرزين المتوفى سنة 1315هـ[65]، ومع الأديب الطيب بن أحمد بن عواد السلوي المتوفى سنة 1337هـ[66]، وكذلك مع الشاعر المفلق محمد البيضاوي الشنجيطي، والشاعر المطبوع عبد الله القباج، ومؤرخ الرباط محمد بوجندار، ومنها مذاكرات ومراجعات مع الفقيه محمد بن عبد السلام السايح[67]، وقد قال هو عن هذه المذاكرات: "كانت جرت بيني وبين جمع من تلامذتنا الأدباء العلماء بالرباط زمن ولايتي عضوية مجلس الاستئناف الشرعي ثاني مرة مراجعات شعرية ومطارحات مجونية أدت إلى ملاحظات لغوية ومناقشات علمية أدبية"[68].
ونجد من أبرز الفقهاء الذين جالسوا مولاي أحمد العلامة شيخ الجماعة محمد المكي البطاوري ومحمد المدني بن الحسني، ومن ذلك تقريظه لكتاب ابن الحسني "ارتشاف السلاف من أسباب الخلاف"، وقد قرظه بقصيدة رائعة، كما قرظه محمد المكي البطاوري وبو شعيب الدكالي والمهدي الوزاني[69]، وكذلك تقريظه لكتاب الاستقصا للناصري تـ 1315هـ.
وكان بيت الفقيه محمد بن الطيب الصبيحي باشا سلا ناديا ومنتدى يلتقي فيه هؤلاء الفضلاء من أدباء وفقهاء العدوتين، فكانت تجري مذاكرات ومساجلات علمية وأدبية وذوقية وصوفية[70]، وكان بيت الباشا المفضل عند مولاي أحمد بن المأمون، فكان يكثر من النزول عنده والتردد عليه لما يجده من العناية والاهتمام.
نشاطاته العلمية
كان مولاي أحمد من علية العلماء الذين يحضرون مجالس السلطان عبد الحفيظ العلوي، ولما عزم على رحلته الحجازية الثانية استأذن السلطان فلم يأذن له لجلالته ومكانته العلمية، إلى أن استعطفه بقصيدة طنانة فحينذاك أذن له[71].
"وقد كان من دأب السلطان عبد الحفيظ إقامة مجالس حديثية، وكانت رئاسة المجلس لا تسند إلا لأحد من العلماء الأكفاء، فإذا أراد الملك تقرير باب من الأبواب أو حديث منه طوى النسخة إشارة إلى الرئيس بالتحدث في الموضوع، وللحين يأخذ في تقرير الحديث والإتيان عليه من عدة جوانب إسنادا ومتنا، ثم ما يحتويه من معان وما يمكن أن يستنبط من أحكام تكمن بين سطوره، وقد تقع أحيانا مناقشات ومطارحات بين الحاضرين حول ما يمكن أن يشكل أثناء التقرير.
ومن بين الحضور في هذه المجالس الحفيظية المكي البطاوري ومحمد المدني بن الحسني وبوشعيب الدكالي ومحمد بن الحسن الحجوي ومحمد بن العربي العلوي"[72].
وقد كانت هذه المجالس تضم علماء مجلس الاستئناف الشرعي، وعلماء الحضرة بوزارة العدل، وقاضي العدوتين سلا ورباط الفتح، ونخبة من كبار علمائهما في العهد اليوسفي إثر انتقال قاعدة ملك المغرب الأقصى من فاس إلى الرباط[73].
رحلاته
قام مولاي أحمد بثلاث رحلات حجازية تشوفا وتشوقا لبيت الله الحرام وقصدا لزيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت حجته الأولى عام 1307هـ وسماها حجة الضرورة قال فيها : "قيدت ما اتفق في رحلتها في كراسة على سبيل الإجمال وهي الآن على حالها من الإهمال"[74].
وكانت حجته الثانية عام 1328هـ، وكان مولاي عبد الحفيظ قد امتنع من الإذن له لحاجته إليه، إذ كان مولاي أحمد من العلماء الذين يحضرون مجالسه العلمية بقصره بفاس، إلا أن المترجم ألح في ذلك واستعطفه بقصيدة بلغت الغاية في بابها، فبعد لأي أذن له.
وأما حجته الثالثة فهي التي نظمها في 568 بيتا وطبعها مفردة دون شرح في سنة 1346هـ، ثم بدا له أن يشرح أبياتها فأسعف بذلك إلا أنه لم يتمها فقد حال الأجل بينه وبين إتمامها.
وقد مر في رحلته هاته على بلدان عديدة، وكان أول نزوله بمرسيليا فذهب إلى باريز وهناك لقي السلطان المخلوع مولاي عبد الحفيظ[75]، وتوقفت بهم السفينة عند ميناء الجزائر لمدة يومين[76]، وفي طريقه مر بالإسكندرية ونزل القاهرة فلقي بها جماعة من العلماء منهم محمد حبيب الله الشنقيطي، إذ قال مولاي أحمد : "تذاكرنا في أنواع من العلوم في مجالس عديدة كان يكثر من القدوم علي ويفني ساعات طويلة في مطالعة كتبي"[77]، وممن لقي كذلك القاضي عبد الوهاب خلاف مدير قسم المساجد[78]، ومحمد مخلوف حسنين[79]، ومحمد بخّيت المطيعي وقد حضر درسه في التفسير بالأزهر بين العشاءين[80]، وكذلك لقي مصطفى المراغي[81]، وإبراهيم حافظ[82]، ونظم قصيدة بديعة في تهنئة زغلول باشا بمناسبة إبلاله من مرضه[83]، ولم يكتب له لقيه إذ في عودته من الحجاز وجده قد مات.
وبعد انتهائه من المناسك عرج على بيروت[84]، وبعدها ذهب إلى دمشق الشام ولقي بها صفوة من العلماء الأماجد منهم بدر الدين الدمشقي الحسني[85]، وحضر دروسه ومجالسه بدار الحديث وبالجامع الأموي، وجالس الأديب عبد الرحمن القصار[86]، ولم يفت مولاي أحمد خلال نزوله بدمشق أن يعقد مجالس حديثية ودروسا علمية حضرها علماء الشام وطلبتها[87]، وبعد ذلك ذهب إلى بيت المقدس لزيارة المسجد الأقصى[88]، وقد أمضى في رحلته الحجازية هاته زهاء خمسة أشهر.
كما أن للمترجم رحلة أخرى دخل فيها تونس وقصد إلى المنستير لزيارة الإمامين ابن يونس الصقلي والمازري عام 1347هـ، ولقي في رحلته هاته محمد مخلوف صاحب شجرة النور الزكية ونزل عنده ضيفا في بيته[89].
وفاته
توفي مولاي أحمد بن المأمون البلغيثي يوم الثلاثاء سابع رجب من عام 1348هـ ودفن بروضتهم بالقباب[90].
مصادر الترجمة
1- كتب المترجم المخطوطة
· بيان الخسارة في بضاعة من يحط من مقام التجارة.
· تشنيف الأسماع بأسماء الجماع وما يلائمه من مستلذات السماع.
· الرحلة الحجازية.
· ديوانه.
· نوازله وفتاواه.
2- الكتب المطبوعة
· إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لعبد الرحمن ابن زيدان.
· إتحاف أهل الدراية بما لي من الأسانيد والرواية لمحمد فتحا بن قاسم القادري.
· إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة.
· الأدب العربي في المغرب الأقصى لعبد الله القباج.
· الأعلام لخير الدين الزركلي.
· التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين لعبد الله الجراري.
· ترجمة بوشعيب الدكالي لجعفر بن أحمد الناصري.
· سل النصال للنضال بالأشياخ ذوي الكمال لعبد السلام ابن سودة.
· شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف.
· الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي.
· الفهرسة الكبرى والصغرى لأحمد ابن الخياط الزكاري.
· فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي.
· معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي الفهري.
· من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري.
[1] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي : 1/133.
[2] إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة : 1/341.
[3] التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين لعبد الله الجراري : 62.
[4] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي : 1/134.
[5] الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي : 4/ 154.
[6] الفهرسة الصغرى لأحمد ابن الخياط الزكاري : 176، وسل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لعبد السلام ابن سودة : 32-33.
[7] الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي : 4/150.
[8] الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي : 4/138.
[9] الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي : 4/136 والفهرسة الصغرى لابن الخياط الزكاري : 172.
[10] إتحاف أهل الدراية بما لي من الأسانيد والرواية لمحمد فتحا بن قاسم القادري : 78-79.
[11] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي : والفهرسة الصغرى لابن الخياط الزكاري وإتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة : 1/341، وقد وهم محمد بنعزوز عندما أحال على ترجمته في الفهرسة الصغرى لابن الخياط على سل النصال لشبه في الاسم، فالمترجم هنا هو عم والد المترجم في سل النصال.
[12] إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة : 1/365.
[13] إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة : 1/358.
[14] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي : 2/96-97.
[15] الأعلام لخير الدين الزركلي : 7/142.
[16] بيان الخسارة في بضاعة من يحط من مقام التجارة لأحمد بن المأمون البلغيثي : 73.
[17] الأعلام لخير الدين الزركلي : 3/275.
[18] الأعلام لخير الدين الزركلي : 6/301.
[19] الأعلام لخير الدين الزركلي : 7/157-158.
[20] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 38.
[21] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 15.
[22] إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لعبد الرحمن ابن زيدان : 2/109.
[23] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 16.
[24] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي الفهري : 1/135.
[25] معجم الشيوخ لعبد الحفيظ الفاسي الفهري : 1/134.
[26] سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لعبد السلام ابن سودة : 54.
[27] إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لعبد الرحمن ابن زيدان : 3/122.
[28] شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف : 1/437.
[29] التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين لعبد الله الجراري : 62.
[30] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 49.
[31] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 1/201.
[32] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 15.
[33] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 1/230.
[34] ملحق بتراجم من لازم دروس بوشعيب الدكالي لمحمد بن عزوز : 107.
[35] ملحق بتراجم من لازم دروس بوشعيب الدكالي لمحمد بن عزوز : 95.
[36] سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لعبد السلام ابن سودة : 55.
[37] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 56.
[38] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 340-341.
[39] تشنيف الأسماع بأسماء الجماع وما يلائمه من مستلذ السماع لأحمد بن المأمون البلغيثي : 1/3.
[40] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا : 190.
[41] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 121.
[42] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 588-589.
[43] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 334.
[44] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 387.
[45] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 70.
[46] ديوان أحمد بن المأمون البلغيثي : 4/244.
[47] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 18.
[48] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 21.
[49] فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا لمحمد حجي : 354-355.
[50] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 55.
[51] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/1-7.
[52] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/16-31.
[53] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 1/1.
[54] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/79-82-88-91-126-131.
[55] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/ 61-70-78-87-128.
[56] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/3-135.
[57] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/22.
[58] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/144.
[59] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/142.
[60] سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لعبد السلام ابن سودة : 55.
[61] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 1/264.
[62] نوازل أحمد بن المأمون البلغيثي : 3/132.
[63] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 1/256.
[64] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 2/41.
[65] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 2/86.
[66] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 2/313.
[67] الشيخ المبدع محمد بن عبد السلام السايح لعبد الله الجراري : 118.
[68] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 29.
[69] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 1/218- 2/205.
[70] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 2/123.
[71] التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين لعبد الله الجراري : 63.
[72] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين لعبد الله الجراري : 1/228.
[73] ترجمة بوشعيب الدكالي لجعفر بن أحمد الناصري : 65.
[74] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 1.
[75] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 55.
[76] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 65.
[77] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 115.
[78] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 117.
[79] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 118.
[80] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 120.
[81] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 119.
[82] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 119.
[83] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 118.
[84] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 142.
[85] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 152.
[86] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 146.
[87] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي : 161-162.
[88] الرحلة الحجازية لأحمد بن المأمون البلغيثي :147.
[89] شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف : 1/438.
[90] إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام ابن سودة : 1/341.
عبد الله التهامي التوراتي المصمودي
الادب المغربي.jpg