آدم بشير تاور - سوق النخاسة

تخيل نفسك أنك واقف وسط سوق كبيرة لا يسترك شيء سوى قطعة دمورية صغيرة متسخة تسد ما بين وركيك. يقف رجل بعباءة معطرة بيده ريش نعام منسوج بدقة في شكل نصف دائري يهتف بأعلى صوته؛ هااا وارد السودان، وارد السودان؛ فتى غض العود فارع القوام يصلح لكل الأشغال.
يقف أحد المارة، يتأملك من قدميك الحافيتين إلى أعلى رأسك كث الشعر. يطوف حولك، يتحسس قوة عضلاتك التي طلب منك عند تبرزها فاستجبت له في سكوت. أشار لك أن تفتح فمك ليرى أسنانك. قال له الدلال أنه يتحدث العربية يا أخي كما يجيد الرقص وصوته شجي يمكنك...
غادر الرجل والدلّال يلاحقه ملحا هيا رجل عد إلى هنا.
كم ستدفع؟
يعود تحمله الخيبة ينظر إليك وكأنه يعاتبك لقباحتك.
يهتف هااا وهو يطرد الذباب بريش نعامه.
تتوقف سيدة ملفّحة بالأسود لا يظهر منها إلاّ وجهها. وقف الدلال بجانبها ربّت على كتفك. إنه من السودان.طيب مطيع، قوي البنية، لبق الحديث كما أنه يصلح لعمل كل شيء.
نظرت إليك مبتسمة لا تدري لماذا إبتسمت ولكنك تخيلت أنها أشترتك لنفسها لا من أجل أي شيء، فقط لنفسها وسرحت في أن تبذل أقصى ما في وسعك لتسعدها أفردت شفتيك الغليظتين لتبتسم وتزيل آثار الإحباط من وجهك كون كل الذين معك تم شراؤهم. حدثتك نفسك لقد أبتسم القدر لي أخيراً.
بكم هذا العبد؟
مجاناً هو هدية لك أيتها الأميرة؛ تمنيت لو أن الرجل الذي أشتراك قبل أسبوع من النخاس الذي أصطادك بينما كنت تطارد الأرانب في الصحراء يقول ذلك، خذيه هدية.
لكنه قال: عشانك ألفين ريال؛ يا سيدتي.
ليش هيك غالي!؟
قال الدلّال كلفني الكثير والله؛ ثم وخزك في بطنك بعصاه؛ إنه آكول هذا عيبه الوحيد.
أخذت تفكر السيدة وهي تجول حولك ولكن رجلاً عجوزا فاجأك بصوته المتطفل ألفان ونصف الألف ما رأيك؟
أخذ الدلّال المبلغ المصرور بقطعة من القماش دون تردد؛ وزنه وهو يمرجحه بين كفيه بخبرة، تأكد من تمامه ثم ضربك على ردفيك الممتلئين بالعصا قائلا للعجوز هو لك.
تصايح الرجال المتحلقين حولك أو حول الأميرة ألف مبارك ألف مبارك.
همّ الشيخ بالمغادرة وأنت أمامه صاح الدلّال يا عماه إلتفت سيدك الجديد؛ مد له النخاس العصا قائلا لا تنسى المثل يا عماه.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى