أمين الريحاني
عن الفريكة في 12 نيسان/أبريل 1926
عزيز شفيق المعلوف حفظه الله
أشهد أنك شاعر. ولكنك في الأحلام بعيد عن كنه الحياة والمقاصد الكبرى فيها. قد كانت هذه اللهجة ــــ لهجة الكآبة والحزن ــــ «موضة» في زمن بيرون ومسه. وهي في الشرق، خصوصاً فينا نحن السوريين، داء دفين. فما فضل الشاعر وهو يبكي ويئن مثل عامة الناس؟
أمّا من النظر الفني ففي «أحلامك» كثير من بديع التصور، وجميل الخيال ورقّة التعبير، ونعومة الديباجة. ولكنك مقلد يا صديقي. ولا أقول مقلد لجبران وهو مثلك في دموعه من المقلدين ــــ اقرأوا أشعيا بدل أن تغمسوا أرواحكم في دموع إرميا. عودوا إلى شكسبير وغوته ــــ إذا كان لا بدّ من العود ــــ بدل أن تحرقوا أصابعكم ومآقيكم في مراجل ميسه وبيرون.
ليس الشاعر «زنبقة في جمجمة» إنّ في ذا التصور غلواً فيه سقم وليس فيه شيء من الحقيقة والجمال. إنّ فيه تحقيراً للجنس الإنساني، وأنا وأنت وجبران منه والحمد لله. وإنّ في الكون وفي الحياة جمالاً أسمى وأبهى وأعظم وأجلّ من جمال الزنبقة اللطيف المحدود، وأنت وأنا وجبران، والشمس والقمر والمجرّة، لمعات مجسدة من ذلك الجمال والحمد لله.
أما الشاعر فهو من الناس، من صميم الناس. وليس من ظن نفسه فوق الناس بابن عم لابن عم أصغر الشعراء. إنما الشاعر الحقيقي مرآة الجماعات، ومصباح في الظلمات، وعون في الملمات، وسيف في النكبات. الشاعر الحقيقي يشيّد للأمم قصوراً من الحب والحكمة والجمال والأمل. كفكفوا دموعكم سلمكم الله. وارفعوا لهذه الأمة التي تتخبط في الظلمات مشعالاً فيه نور،فيه أمل، فيه صحة وعافية. وإنّ في الصحة حياة جديدة.
صديقك
أمين الريحاني
عن الفريكة في 12 نيسان/أبريل 1926
عزيز شفيق المعلوف حفظه الله
أشهد أنك شاعر. ولكنك في الأحلام بعيد عن كنه الحياة والمقاصد الكبرى فيها. قد كانت هذه اللهجة ــــ لهجة الكآبة والحزن ــــ «موضة» في زمن بيرون ومسه. وهي في الشرق، خصوصاً فينا نحن السوريين، داء دفين. فما فضل الشاعر وهو يبكي ويئن مثل عامة الناس؟
أمّا من النظر الفني ففي «أحلامك» كثير من بديع التصور، وجميل الخيال ورقّة التعبير، ونعومة الديباجة. ولكنك مقلد يا صديقي. ولا أقول مقلد لجبران وهو مثلك في دموعه من المقلدين ــــ اقرأوا أشعيا بدل أن تغمسوا أرواحكم في دموع إرميا. عودوا إلى شكسبير وغوته ــــ إذا كان لا بدّ من العود ــــ بدل أن تحرقوا أصابعكم ومآقيكم في مراجل ميسه وبيرون.
ليس الشاعر «زنبقة في جمجمة» إنّ في ذا التصور غلواً فيه سقم وليس فيه شيء من الحقيقة والجمال. إنّ فيه تحقيراً للجنس الإنساني، وأنا وأنت وجبران منه والحمد لله. وإنّ في الكون وفي الحياة جمالاً أسمى وأبهى وأعظم وأجلّ من جمال الزنبقة اللطيف المحدود، وأنت وأنا وجبران، والشمس والقمر والمجرّة، لمعات مجسدة من ذلك الجمال والحمد لله.
أما الشاعر فهو من الناس، من صميم الناس. وليس من ظن نفسه فوق الناس بابن عم لابن عم أصغر الشعراء. إنما الشاعر الحقيقي مرآة الجماعات، ومصباح في الظلمات، وعون في الملمات، وسيف في النكبات. الشاعر الحقيقي يشيّد للأمم قصوراً من الحب والحكمة والجمال والأمل. كفكفوا دموعكم سلمكم الله. وارفعوا لهذه الأمة التي تتخبط في الظلمات مشعالاً فيه نور،فيه أمل، فيه صحة وعافية. وإنّ في الصحة حياة جديدة.
صديقك
أمين الريحاني