الدكتور فرج ياسين، قاص من العراق
هل كان ذلك حلما ً ؟ أنا بدشداشتي البازا ونعالي المطاط ، أدرج خلف والدتي متعثرا ً ، وهي بالهاشمي الأسود العريض ، والجرغد البنفسجي المكوّر حول هامتها . هل كُنت ُ في سن الخامسة ، أم دون ذلك بقليل ؟
والدتي تشد ّ يدي ، فندخل زقاقا ً ضيّقا ً ، تتعاوره ظلال الغروب ، ونتوقف أمام باب خشبي واطئ ، ثمّ تزجّ الباب فندخل من دون استئذان ، وفجأة تصبح في مرمى نظري ثلاث نساء عجائز ، جالسات في الطوار المرشوش بالماء ، أميّز فيهّن تشابها ً عجيبا ً ، كنَّ نحيفات ، دقيقات الملامح ، وبيضاوات كالحليب .
ينهضن مرحبات ، فأمرّ عليهن واحدةً واحدة ؛ لكي يقّبّلنني ، وبعد أن يجلسن بنصف دائرة أمام والدتي ، يبدأن معها حوارا ناعما ً ، وهي لا تكف عن ذكر أسمائهن عند مخاطبتهن ، فأشعر وكأنني أحلّق في حومة موسيقى ملائكيّه ، يرقص لها قلبي ، وتتمشى في أعطافي . كانت لهنّ أسماء غريبة : ( تيتا و ديّا و دبّونة ) ، وعلى مدى ما مرّ من العمر ، حتى وفاة والدتي وقد نيّفت على التسعين ، لم أطلب منها أبدا ً أن تقول لي من كنّ أولئك النسوة العجائز . ولماذا تزورهنّ ، وما طبيعة الحديث الذي يدور بينهن ، إذ دأبت على الاكتفاء بسماع تلك الأسماء الغريبة من فمها تيتا وديّا ودبّونة ) وهي تنظمها في جملة إيقاعيّة واحدة . من دون أن تضيف شيئا ، وعلى نحو يوحي بتواطئها الأمومي مع ذائقتي المنقوعة بسحر تلك الموسيقى .
سر الاخفاء وسر الاظهار,، في مدرسة د فرج ياسين.
نص نقدي مقابل
اين اللغز الذي رمانا به الدكتور فرج،،،؟ ، انه لغز فني باهر ، لقد وحّدنا معه وكأن المتلقي هو الكاتب نفسه ، هو اول مَنْ ضل لايعرف /تيتا وديّا ودبّونه / والى الان ،، ونحن كمثله تِهْنا مع الموج الراكض من فهمنا وفهمه باعتباره الراصد للحدث وموثّقه لنا ، لكنما منينا بمثل مامنيَ هو ، تشويق وتوتر واستهجان ، فياترى من هذي النسوة الثلاث ، سيما وهذي ذاكرة طفوله صافية ، اذ يتسائل هو بدهش وحيرة
( هل كان ذلك حلمًا ، انا بدشداشتي البازا ، ونعالي المطاط ، ادرج خلف والدتي متعثّراً ، وهي بالهاشمي
الاسود العريض ،
والجرغد البنفسجي المكوّر حول هامتها ،
هل كنت في سن الخامسة ، ام دون ذلك بقليل ،،،؟ )
فعلى منوال نظم القصة وكيفية كتابتها وعلى ماثبّت النقاد المعاصرون ، من منهج كتابي استدراجي للبنية القصصية ، تبدأ بمقدمة وتتوالى بموضوع ولجّة صراع وانفراج وخاتمة ،هكذا ميزان ترتيب البُنى في القصّ ،
فمن السطر الاول في تساؤله (،، هل كان حلماً ،، انا بدشداشتي ،، الى نهاية المقطع في ام دون ذلك بقليل ) هذا تقديم خيالي استعرض به القاص ما تحراه من عالم يهوّم بذهنيته التي مانست ولاغفلت يوما وانمحى الحدث لهذي النساء المعجب بهن هو
وماوصفهنَّ بلون الحليب فكم كنَّ جميلات من خلال التوصيف ،،
هذا معدل تقديم وحصر اوّلي للفكرة والنظرة ، لان القاص في الابداع يختلف عن الشاعر ، القاص يحصر الصورة الكلية للحدث ، باعتبارها واقعا صائراً منذ زمن ، طال ام قصر ، مثّل نفسه بابطاله وانتهى من روح مضامينه ، ولكن عند اتيان المبدع ،تامّل المشهد مرةًاخرى تامّلاً ابداعياً خلاّقاً، وهذا مانسميه بالحصر الاول ،،حيث حدد المكان وعلى نمطها تحرّك الزمان ، المكان كان ذلك البيت ذو الباب الواطي يسبقه في الوصف انه في زقاق ضيق ،، نسميه دربونه ،، وحتى مافات القاص لذكاء فطنته انه حدد الزمان الطبيعي ، اذ كان المغرب ،،
( تتعاوره ظلال الغروب )والزمن بالقصة زمنان الاول الزمن الطبيعي الوجودي الساعات الجارية ليلا او نهارا ، وهناك زمن آخر وهو المهم اذ يتجلى في زمن روح الحدث والحاصل الدينامي لحركة العناصر المساهمة بالتكوين ، حركة الام القادمة وحركة الولد
وحركة النسوة الثلاث حيث التفاعل التأثيري لكل الافراد ، هذا شكّل معنى اعتبارياً ملا حيّز موضوعته فيه ، ومن هنا تشرع الادراكات الفنية لصنع الجمال
،، وفجأةً تصبح في مرمى نظري ثلاث نساء عجائز ، جالسات في الطوار المرشوش بالماء ، اميّز فيهن تشابهاً عجيباً ، كنَّ نحيفات، دقيقات الملامح وبيضاوات كالحليب، ينهضن مرحبات، فامرُّ عليهن واحدةً واحدةًلكي يقبّلنني.) بين الوصف والنقل الشعوري للكاتب اذ ينقل عن فترة مشاهداته في الحال انذاك ، نستطيع ان نحدد هيكلية الموضوع ونقاطه وماترتكز عليه البنية الفنية التشويقية ، فلعل الموضوع نضج ووعي وحس ، ينجم عنها اشارات الوصول الغائي للجمال ، المبدع لايكفي ان يصنع من تخيلاته صورة مكتملة ، لولا عناصر الخلق المساهمة معه ، في لحظة كثيفة ، سيما وهذي هي لُحْمة الموضوع ومادته والتي تعتبر المغرز لمحتوى التفاعلات والجدل الفني.
الدكتور فرج ذي خبرة ابتكارية بحبك الفصول وهذي صفة يتميز بها، ولعل اغلب قصصه حد درايتي من القصيرات والمتوسط الطول ، التي يحدث بهن صدمةً تفجيريةً في بواطن البنى او تفجيرية تفسير لو كان هناك ناقد او متلقي مختص او ذوّاق باقل تقدير ،،
حين يستدرج نظم النتاج من نقطة البداية حتى الذروة في التصاعد وحتى في التهافت الى المختتم تجده حركيّاً فعّالاً ، كأنّه يسحب الخامات التي راصفها وبمرونة فائقة هذي ميزة ، وبدليل انه في هذا العمل رصَّ مفصلية الصراع او اللّجّة وعقدة الانفراج والخاتمة جمعها معاً، ولم يخسرها مؤداها رغم قصر. التأدية الفنية والتمثيلية، وكالمكابس ادخلها ببعضها وجعل من مظهرها كأنها في واحد واضح من خلال الشكل والسطح، بينما هو مفصل اللُّجّة والصرعة والانفراجة والختم
مشى قليلا وحشّد البعض بالبعض ، كحركةتقنية يعتمدها بذات فعله هذا منهج يتبعه الفنان على طول كنا نظن حين تماشينا مع حركة البطل ،، الام والولد الذي هو ذاته الراوي ، نظن انه يكشف لنا عن حدث مفاجيء يتشظى تعاليلا والهامات لموقف هذي الريفية صاحبة الجرغد المكور ، مع حضور النسوة الثلاث ، فبطبعه المرن رشّقَ خطوات التنقل الالي الذي هو محور رئيسي بارع
ومن دواعي الالتفات ان الفنان مسك خيوط البُنى جميعا ومن خلال تحريكه وسرده للحدث وكما معروف هو حدث خاص به ، ومن ارشيف الذاكرة ، وبمثل ماذكر ان عمره خمس سنين ومع امه ذات الجرغد البنفسجي المكوْر والماسكة بيده وهذا تبيان على انه طفل غرير ، تخاف عليه من الخطر المتوقع ، واوله قد يشتُّ عنها وهي في غنى عن هذا المتعب ،
القاص لم يعلن عن هوية المكان وعن اسم للمنطقة مثلا ورغم تلك المجهولية وهي بالطبع مقصودة ،كان هذا ناجحاً ولم يشعر به المتلقي ابدا سيما وان العنوان من صفات القصة ،كي تثبّت دالّة واضحة بالتذكر والنقل ، نقول قصة حدثت في مكان الفلاني قرب الفلاني ، هنا اصبح لدينا من المعلوم ، ولان هذا كان عوْضه وسدّ نقصه ، ذكاء ومهارة الراوي، هذا جانب ، وكما كان يسوق بوصول غرابة شكل النساء الثلاث واعطائهن دهشة صورة مايجعله يضايف الاحداث الجمالية وهذا بحد ذاته في منهجنا نسميه بالتضام النوعي انك تضايف وتضم في آن واحد وهي ناموس حياة الفن والوجود ، المضايفة للمختلف في نوعه وجنسه ، الام والطفل والزقاق الضيق الذي دلفا به والدار وبابها الواطيء ، وحتى اسلوب الاستقبال لامّه وطريقة حديثهن المشوّقة والمقصودة ، والتضام للمتشابه النسوة كانْهن بوصفه من درزن واحد بالعمر بالشكل بالاسلوب بالطبيعة وحتى بالغرابة وما كان تميز ان احداهن تختلف عن الباقيات حتى نسجل اختلاف ونحيل النمط الى التضايف وبمثل ماذكرنا ، انّ الذي نقف عنده ان القاص تحت آليات السرد وعوالمه الممكنة ادهش متلقيه ومرر عليه كثير من اشياء هي مهمه نعم ، ولابد من ان تذكر كالعنوان لمكان مثل هذا، غرض مجيء المرأة والدته لهن هل هنّ عرّافات ، ومن اي الجهات اتت هي ،،طبيعة وجود الثلاث العجائز ،وتجمعهن هنا في هذه الدار ، وهل هي دار ام خان يوحى لنا انها خان كون الكاتب لم يوضح اي شي غير انه ذكر بابها الواطيء ، وتتحمل ان تسكن الكشّافات بها ، اعطى تشويقية لطريقة الحديث واسلوب تعاطيه ،، ورغم كل هذي السعة من المفاهيم والحبكة ظل كل هذا مجهولا علينا، والى الان وهذا براعة الفن عند الكاتب، د فرج يمتاز بهذي الالتفاتات واللمح الفني قد نقول هذا خط يتميز به ، وهو مكر خبير والقاص ذو توجّه وخبرة معروفين من خلال شدّنا بهذا الحدث الضيق بشكله والواسع باسراره ورؤاه / تيتا وديّا ودبّونه /هي حتى لم تكن اسماءً شائعةً ك /سكينه ونرجس وسلوى /، كانما تدليع للمذكورات اعجاب والدته بهن واستغراقها بطبيعة الحال وهي تتناول اطراف الحوار الذي ظل كذلك مجهولا علينا رغم انه لذيذ ان اي شي تتحاور، وهي براعة الكاتب، استغراقه التذكري مع المشهد القديم وكأنّه يراه اليوم وبخبرة عمر مرّ وعمر خبرة، ومازال يتذوق طعم اللحظة هل النسوة من بنات الآغاوات او من بنات الاشراف او هن من الجن نعم هناك هاجس يطرق البال /، تيتا ديّا دبّونه / اسماء من عالم تندري ،وتنكّري ، هذا كله يعود لبراءات القاص ، ولكن نسال سؤالا ،ل لِم الان يكتب فرج المبدع قصته بعد مرور ازمنة ، ماالغرض وهو يذكر عن والدته ماتت بعمر ال تسعين وهو عمره خمس سنوات بين الحدث والتدوين مايقارب قرن آلا قليلًا ، نقول ان الدكتور فرج لمّاح وفنان ، وهو المعجب الاول بهذا الحدث، الذي تاهت عليه اسراره، والتي من شدة الم فرج اخذ يدونه، لانه كما نحن تهنا مع جمال الصعقات وما عرفنا شيئاً
واخفيت الاسرار وانتهت علينا بغلق باب فك الطلسم حين ماتت العجوز والدته هنا اذن جمال القص وجمال المركّبات البنيوية ،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الناقد الاعتباري
حميد العنبر الخويلدي، العراق
هل كان ذلك حلما ً ؟ أنا بدشداشتي البازا ونعالي المطاط ، أدرج خلف والدتي متعثرا ً ، وهي بالهاشمي الأسود العريض ، والجرغد البنفسجي المكوّر حول هامتها . هل كُنت ُ في سن الخامسة ، أم دون ذلك بقليل ؟
والدتي تشد ّ يدي ، فندخل زقاقا ً ضيّقا ً ، تتعاوره ظلال الغروب ، ونتوقف أمام باب خشبي واطئ ، ثمّ تزجّ الباب فندخل من دون استئذان ، وفجأة تصبح في مرمى نظري ثلاث نساء عجائز ، جالسات في الطوار المرشوش بالماء ، أميّز فيهّن تشابها ً عجيبا ً ، كنَّ نحيفات ، دقيقات الملامح ، وبيضاوات كالحليب .
ينهضن مرحبات ، فأمرّ عليهن واحدةً واحدة ؛ لكي يقّبّلنني ، وبعد أن يجلسن بنصف دائرة أمام والدتي ، يبدأن معها حوارا ناعما ً ، وهي لا تكف عن ذكر أسمائهن عند مخاطبتهن ، فأشعر وكأنني أحلّق في حومة موسيقى ملائكيّه ، يرقص لها قلبي ، وتتمشى في أعطافي . كانت لهنّ أسماء غريبة : ( تيتا و ديّا و دبّونة ) ، وعلى مدى ما مرّ من العمر ، حتى وفاة والدتي وقد نيّفت على التسعين ، لم أطلب منها أبدا ً أن تقول لي من كنّ أولئك النسوة العجائز . ولماذا تزورهنّ ، وما طبيعة الحديث الذي يدور بينهن ، إذ دأبت على الاكتفاء بسماع تلك الأسماء الغريبة من فمها تيتا وديّا ودبّونة ) وهي تنظمها في جملة إيقاعيّة واحدة . من دون أن تضيف شيئا ، وعلى نحو يوحي بتواطئها الأمومي مع ذائقتي المنقوعة بسحر تلك الموسيقى .
سر الاخفاء وسر الاظهار,، في مدرسة د فرج ياسين.
نص نقدي مقابل
اين اللغز الذي رمانا به الدكتور فرج،،،؟ ، انه لغز فني باهر ، لقد وحّدنا معه وكأن المتلقي هو الكاتب نفسه ، هو اول مَنْ ضل لايعرف /تيتا وديّا ودبّونه / والى الان ،، ونحن كمثله تِهْنا مع الموج الراكض من فهمنا وفهمه باعتباره الراصد للحدث وموثّقه لنا ، لكنما منينا بمثل مامنيَ هو ، تشويق وتوتر واستهجان ، فياترى من هذي النسوة الثلاث ، سيما وهذي ذاكرة طفوله صافية ، اذ يتسائل هو بدهش وحيرة
( هل كان ذلك حلمًا ، انا بدشداشتي البازا ، ونعالي المطاط ، ادرج خلف والدتي متعثّراً ، وهي بالهاشمي
الاسود العريض ،
والجرغد البنفسجي المكوّر حول هامتها ،
هل كنت في سن الخامسة ، ام دون ذلك بقليل ،،،؟ )
فعلى منوال نظم القصة وكيفية كتابتها وعلى ماثبّت النقاد المعاصرون ، من منهج كتابي استدراجي للبنية القصصية ، تبدأ بمقدمة وتتوالى بموضوع ولجّة صراع وانفراج وخاتمة ،هكذا ميزان ترتيب البُنى في القصّ ،
فمن السطر الاول في تساؤله (،، هل كان حلماً ،، انا بدشداشتي ،، الى نهاية المقطع في ام دون ذلك بقليل ) هذا تقديم خيالي استعرض به القاص ما تحراه من عالم يهوّم بذهنيته التي مانست ولاغفلت يوما وانمحى الحدث لهذي النساء المعجب بهن هو
وماوصفهنَّ بلون الحليب فكم كنَّ جميلات من خلال التوصيف ،،
هذا معدل تقديم وحصر اوّلي للفكرة والنظرة ، لان القاص في الابداع يختلف عن الشاعر ، القاص يحصر الصورة الكلية للحدث ، باعتبارها واقعا صائراً منذ زمن ، طال ام قصر ، مثّل نفسه بابطاله وانتهى من روح مضامينه ، ولكن عند اتيان المبدع ،تامّل المشهد مرةًاخرى تامّلاً ابداعياً خلاّقاً، وهذا مانسميه بالحصر الاول ،،حيث حدد المكان وعلى نمطها تحرّك الزمان ، المكان كان ذلك البيت ذو الباب الواطي يسبقه في الوصف انه في زقاق ضيق ،، نسميه دربونه ،، وحتى مافات القاص لذكاء فطنته انه حدد الزمان الطبيعي ، اذ كان المغرب ،،
( تتعاوره ظلال الغروب )والزمن بالقصة زمنان الاول الزمن الطبيعي الوجودي الساعات الجارية ليلا او نهارا ، وهناك زمن آخر وهو المهم اذ يتجلى في زمن روح الحدث والحاصل الدينامي لحركة العناصر المساهمة بالتكوين ، حركة الام القادمة وحركة الولد
وحركة النسوة الثلاث حيث التفاعل التأثيري لكل الافراد ، هذا شكّل معنى اعتبارياً ملا حيّز موضوعته فيه ، ومن هنا تشرع الادراكات الفنية لصنع الجمال
،، وفجأةً تصبح في مرمى نظري ثلاث نساء عجائز ، جالسات في الطوار المرشوش بالماء ، اميّز فيهن تشابهاً عجيباً ، كنَّ نحيفات، دقيقات الملامح وبيضاوات كالحليب، ينهضن مرحبات، فامرُّ عليهن واحدةً واحدةًلكي يقبّلنني.) بين الوصف والنقل الشعوري للكاتب اذ ينقل عن فترة مشاهداته في الحال انذاك ، نستطيع ان نحدد هيكلية الموضوع ونقاطه وماترتكز عليه البنية الفنية التشويقية ، فلعل الموضوع نضج ووعي وحس ، ينجم عنها اشارات الوصول الغائي للجمال ، المبدع لايكفي ان يصنع من تخيلاته صورة مكتملة ، لولا عناصر الخلق المساهمة معه ، في لحظة كثيفة ، سيما وهذي هي لُحْمة الموضوع ومادته والتي تعتبر المغرز لمحتوى التفاعلات والجدل الفني.
الدكتور فرج ذي خبرة ابتكارية بحبك الفصول وهذي صفة يتميز بها، ولعل اغلب قصصه حد درايتي من القصيرات والمتوسط الطول ، التي يحدث بهن صدمةً تفجيريةً في بواطن البنى او تفجيرية تفسير لو كان هناك ناقد او متلقي مختص او ذوّاق باقل تقدير ،،
حين يستدرج نظم النتاج من نقطة البداية حتى الذروة في التصاعد وحتى في التهافت الى المختتم تجده حركيّاً فعّالاً ، كأنّه يسحب الخامات التي راصفها وبمرونة فائقة هذي ميزة ، وبدليل انه في هذا العمل رصَّ مفصلية الصراع او اللّجّة وعقدة الانفراج والخاتمة جمعها معاً، ولم يخسرها مؤداها رغم قصر. التأدية الفنية والتمثيلية، وكالمكابس ادخلها ببعضها وجعل من مظهرها كأنها في واحد واضح من خلال الشكل والسطح، بينما هو مفصل اللُّجّة والصرعة والانفراجة والختم
مشى قليلا وحشّد البعض بالبعض ، كحركةتقنية يعتمدها بذات فعله هذا منهج يتبعه الفنان على طول كنا نظن حين تماشينا مع حركة البطل ،، الام والولد الذي هو ذاته الراوي ، نظن انه يكشف لنا عن حدث مفاجيء يتشظى تعاليلا والهامات لموقف هذي الريفية صاحبة الجرغد المكور ، مع حضور النسوة الثلاث ، فبطبعه المرن رشّقَ خطوات التنقل الالي الذي هو محور رئيسي بارع
ومن دواعي الالتفات ان الفنان مسك خيوط البُنى جميعا ومن خلال تحريكه وسرده للحدث وكما معروف هو حدث خاص به ، ومن ارشيف الذاكرة ، وبمثل ماذكر ان عمره خمس سنين ومع امه ذات الجرغد البنفسجي المكوْر والماسكة بيده وهذا تبيان على انه طفل غرير ، تخاف عليه من الخطر المتوقع ، واوله قد يشتُّ عنها وهي في غنى عن هذا المتعب ،
القاص لم يعلن عن هوية المكان وعن اسم للمنطقة مثلا ورغم تلك المجهولية وهي بالطبع مقصودة ،كان هذا ناجحاً ولم يشعر به المتلقي ابدا سيما وان العنوان من صفات القصة ،كي تثبّت دالّة واضحة بالتذكر والنقل ، نقول قصة حدثت في مكان الفلاني قرب الفلاني ، هنا اصبح لدينا من المعلوم ، ولان هذا كان عوْضه وسدّ نقصه ، ذكاء ومهارة الراوي، هذا جانب ، وكما كان يسوق بوصول غرابة شكل النساء الثلاث واعطائهن دهشة صورة مايجعله يضايف الاحداث الجمالية وهذا بحد ذاته في منهجنا نسميه بالتضام النوعي انك تضايف وتضم في آن واحد وهي ناموس حياة الفن والوجود ، المضايفة للمختلف في نوعه وجنسه ، الام والطفل والزقاق الضيق الذي دلفا به والدار وبابها الواطيء ، وحتى اسلوب الاستقبال لامّه وطريقة حديثهن المشوّقة والمقصودة ، والتضام للمتشابه النسوة كانْهن بوصفه من درزن واحد بالعمر بالشكل بالاسلوب بالطبيعة وحتى بالغرابة وما كان تميز ان احداهن تختلف عن الباقيات حتى نسجل اختلاف ونحيل النمط الى التضايف وبمثل ماذكرنا ، انّ الذي نقف عنده ان القاص تحت آليات السرد وعوالمه الممكنة ادهش متلقيه ومرر عليه كثير من اشياء هي مهمه نعم ، ولابد من ان تذكر كالعنوان لمكان مثل هذا، غرض مجيء المرأة والدته لهن هل هنّ عرّافات ، ومن اي الجهات اتت هي ،،طبيعة وجود الثلاث العجائز ،وتجمعهن هنا في هذه الدار ، وهل هي دار ام خان يوحى لنا انها خان كون الكاتب لم يوضح اي شي غير انه ذكر بابها الواطيء ، وتتحمل ان تسكن الكشّافات بها ، اعطى تشويقية لطريقة الحديث واسلوب تعاطيه ،، ورغم كل هذي السعة من المفاهيم والحبكة ظل كل هذا مجهولا علينا، والى الان وهذا براعة الفن عند الكاتب، د فرج يمتاز بهذي الالتفاتات واللمح الفني قد نقول هذا خط يتميز به ، وهو مكر خبير والقاص ذو توجّه وخبرة معروفين من خلال شدّنا بهذا الحدث الضيق بشكله والواسع باسراره ورؤاه / تيتا وديّا ودبّونه /هي حتى لم تكن اسماءً شائعةً ك /سكينه ونرجس وسلوى /، كانما تدليع للمذكورات اعجاب والدته بهن واستغراقها بطبيعة الحال وهي تتناول اطراف الحوار الذي ظل كذلك مجهولا علينا رغم انه لذيذ ان اي شي تتحاور، وهي براعة الكاتب، استغراقه التذكري مع المشهد القديم وكأنّه يراه اليوم وبخبرة عمر مرّ وعمر خبرة، ومازال يتذوق طعم اللحظة هل النسوة من بنات الآغاوات او من بنات الاشراف او هن من الجن نعم هناك هاجس يطرق البال /، تيتا ديّا دبّونه / اسماء من عالم تندري ،وتنكّري ، هذا كله يعود لبراءات القاص ، ولكن نسال سؤالا ،ل لِم الان يكتب فرج المبدع قصته بعد مرور ازمنة ، ماالغرض وهو يذكر عن والدته ماتت بعمر ال تسعين وهو عمره خمس سنوات بين الحدث والتدوين مايقارب قرن آلا قليلًا ، نقول ان الدكتور فرج لمّاح وفنان ، وهو المعجب الاول بهذا الحدث، الذي تاهت عليه اسراره، والتي من شدة الم فرج اخذ يدونه، لانه كما نحن تهنا مع جمال الصعقات وما عرفنا شيئاً
واخفيت الاسرار وانتهت علينا بغلق باب فك الطلسم حين ماتت العجوز والدته هنا اذن جمال القص وجمال المركّبات البنيوية ،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الناقد الاعتباري
حميد العنبر الخويلدي، العراق