تتكون المجموعة من أربع وأربعين قصة ما بين القصة القصيرة والأقصوصة، والتى تمتزج أحيانا وتتداخل من حيث الشكل مع القصيدة النثرية، وتشغل القصص في مجملها مئة وتسع وثلاثين صفحة من القطع المتوسط.
وفي حين تستمد بعض القصص موضوعاتها من الواقع المعيش وتحدث أيضا على أرض الواقع، بمفرداته من شخوص تتحرك في الزمن والمكان، يتحقق نفس الهدف في قصص أخرى من خلال واقع مواز، متخيل في ذهن الكاتب، وبطريقة ما يتم نقل الواقع المادي الملموس إلى عالم أسطوري أو فنتازي في شكل حوار أحادي غالبا، وبعد حذف منه الزمن والمكان، وهو نوع من المحاكاة الفنية.
إن التجاءالكاتب للمحاكاة قصد بها تصوير مواقف للمفارقة والتساؤل، والذي أحيانا يأخذ بعدا فلسفيا، يصعب رصدها في الواقع، و بمعنى أخر أراد الكاتب وضع اللامعقول واللامنطقي من الأفعال، والسلوك في ذلك العالم الموازي لكي يتحقق له درجة من القبول على المستوى الفني.
ولعل القارئ يلحظ بعد قراءة "امرأة عارية"
ازدحام النصوص بعوالم كثيرة، وأن كثيراً من الشخوص المسلط عليهم الضوء مجهولي الهوية، بوضعهم قدم من اللازمن ليتصارعوا في لا مكان، كما في قصة إبليس، والتماثيل، وأخريات.
وهناك أيضا الأشخاص القادمون من مكان مجهول إلى مكان محدد التفاصيل، كما في قصة هي وهى، وقصة العجوز.
وقصة الخبز واللبن.
ثم أولئك القادمين من أمكنة غير معلومة بطريقة غامضة واختفوا بنفس الكيفية في العدم كما في قصة الفراعنة، و القرين.
تتوزع أيضا القصة الخاطرة على الكتاب، ويتسم هذا النوع بانفلاته وتحرره من أسر الزمن، والمكان، والحدث المفصل، وتعلقه في جو أسطوري محملا برسالة أو دلالة رمزية، وفقط نلحظ ذلك في قصة الأسطورة، المنعطف، و فنجان فارغ.
منعطفات عديدة
تنحو قصص المجموعة إلى منعطفات سياسية، واجتماعية، وأخلاقية، فيما يظهر جليا الأثر النفسي، وردة الفعل للأشخاص المنهزمة في مواقف الضغط لدرجة الأزمة، كما في قصة امرأة عارية، و فرشاة للطلاء.
ويبدو واضحا الملمح الديني في نماذج لقصص مثل مكان في الجنة، وامرأة بلا ملح، والشيخ والطبال، في كشف متدرج لبيان أثر العامل الديني الخاطئ في تغييب العقل، والإرادة.
وبالمثل يطل الملمح السياسي لنقد ورفض أوضاع اجتماعية تتعارض مع الطموح الإنساني، والفكر المتطقي، السليم، لكيف تمضي شئون الحياة، كما في قصتي الفئران والعباءة السوداء، وبنفس هيكل البناء الذي اعتمده الكاتب خلت هذه القصص من أثر للزمن، وإن احتفظت بشكل عام للمكان، وأفرد الكاتب مساحة غير هينة للقصة الخاطرة حيث تتحرك شخوص هذه القصص خارج المكان والزمان، مثل
. الدعي، الخنجر، بيداء الخمر، وأخريات
البحث عن الذات الضائعة:
في قصة القرين: تستيقظ الرغبة القديمة، و يتجدد الحنين للوجه القديم _المعادل غير المرئي لبطل القصة _حيث يبقى ذلك الوجه هو الأنقي، و الأصدق رغم مرور السنين، على هذا النحو، يجاهد السّارد لاسترداد ذاته من خلال حديث يتسم بالتوسل والرجاء للتصالح مع الوجه الآخر، بغية التصالح في النهاية مع نفسه.
القرين هو النموذج الأكثر تعبيراً في هذه الفكرة، وهي في النهاية رغبة لا تتوقف للبوح، طلبا للراحة والسلام.
في قصة الدعي:
حوار أحادي الشخصية، فيما يتفاعل الآخر مع الحوار من الايماءات، والحركة في هالة من الظلمة تتناسب مع الجو الأسطوري لكائن هلامي.
يحدث ذلك المشهد أيضا في غيبة الزمن والمكان، في تأكيد واضح من الكاتب لتدشين تعريف آخر للقصة القصيرة، والأقصوصة.
في قصة مكان في الجنة، والوعاء، ورفيق ،والأمطار...
سرد أقرب إلى المقالة من حيث الشكل والبناء، لكن اللغة مختزلة، والعبارات جزلة،معبرة،تعتمد على الصور الشاعرية المتتالية بغزارة.
تموضع ثابت لأكثر من قصة :
في قصة ليلي، وأخريات "تموضع ثابت" بين القصة القصيرة، وقصيدة النثر، بما تحمله الأخيرة من بلاغة لغوية ساهمت بكثير في رسم صور دلالية تحفل بها هذه النوعية من القصص رغم قصر نصوصها.
يستدعي الراوي فى قصة ليلي شخوصا من التراث الشعبي تتصف بالبطولة المطلقة مثل عنترة، وابن بيبرس، وحمزة.
ربما لاستنهاض الروح الوطنية الغافية، حيث يختفي من القصة الحدث، والمكان، وتبقي الرسائل الموجهة هي الغاية من الكتابة والسرد المكثف.
في قصة فرشاة للطلاء:
أزمة تصنعها المفارقة في موقف محدد للشخصيين، أو نموذجين ينتميان إلى بيئات مختلفة، تلك المفارقة تمثل الوقود الرئيسي لأفعال النموذجين ولتحريك الأحداث إلى نهاية غير سارة.
فبطلا القصة هما( علاء والآخر، وبينهما باكينام)
وعلاء بحسب الوصف الخارجي للكاتب (الابن الحقيقي لهذه المدينة،وهو طويل فارع، وشديد الأناقة، شعره ناعم غزير، محلوق من الجانبين)
وهو أيضا في مستهل القصة، أو نهايتها النقاش، الكهل، ضامر الجسد،أشيب الشعر، ورث الثياب....
ثم الشخصية الأخرى، موصوفة بصفات يناقض بعضها البعض، إذ يقول الراوي واصفا الشخصية "أنا الوارد توا من عباءة أم كنت وحيدها المدلل"
بما تحمله صفة مدلل من رعاية زائدة، واهتمام أبوي بكل احتياجاته، ثم يتناقض الوصف لتلك الشخصية في موضع آخر حين يرتدي البنطلون الطويل الواسع، وحذاؤه متهالك قديم، و حقيبة صغيرة في يده بها ساندوتشات البيض والجبنة في إشارة للمستوى المعيشي لأسرته.
وفي تحول مفاجئ للأحداث تتزوج باكينام هذا الفتى الساذج من دون تقديم مبررات فنية أو واقعية (قد يجد القارئ تبريرا لذلك بارجاع التحول إلى ما يحدث فعليا في المجتمع من تغييرات حادة مفاجئة)
إن عملية تبادل الأدوار ممكنة في وجود المبررات للفعل.
استخدم الكاتب flash back في توصيف جيد خادم لفكرة القصة، وإن كان في جانب آخر قد رسم ووصف السمات الخارجية للشخوص بتركيز أقل وصولا إلى نهاية متوقعة لتصرف باكينام حيال المشهد بعد أن فتحت باب الفيلا على مصراعيه، وهي تصرخ في عصبية "بره اخرج بره"
الأثر النفسي والاجتماعي للتعليم الديني :
تقدم قصة امرأة بلا ملح في القراءة الأولى نموذجا للزوج الديكتاتور، الأناني في علاقته بزوجته، حيث تشكلت بينهما العلاقة وتأزمت بفضل الصراع والندية، وهي بالطبع علاقة مآلها الفشل.
وبالمتابعة للتحول الفجائي في شخصية الزوجة بوصفها الطرف الأضعف، تزداد هشاشة الشخصية، حيث أثرت الخضوع والاستسلام للطرف الأقوى في المعادلة، وأمام التغيير الجذري المثير للدهشة يرد تساؤل إلى ذهن القارئ "كيف حدث ذلك؟!"
وتمضي علامة الاستفهام أثناء تتبع السبب حتي تتوقف أمام بيت الشيخ الجليل، إذ يوجد حل اللغز خلف الباب.
في إشارة خفية للشيخ لاستجلاء بعض المسكوت عنه في النص، و برسالة من الراوي /والكاتب معا مؤداها أن التعليم الديني المغلوط حين يتصدر الواجهة بوصفه المصدر الوحيد للعلم لن تكون النتائج دائما هي الأفضل.
مفارقة سياسية :
في قصة الفئران تظهر المفارقة كاملة الأثر، فما أن يلجأ الفئران أصحاب القضية، المتضررون من الفوضى الأمنية الحاصلة، إلى الفيل الأعمى لاستعادة الأمن والنظام، حتى يحكم بطرد الفئران من المستعمرة مكان الحدث، ويبرز الكاتب في مشهد متخيل لقصة الفئران حقيقة مسلم بها أنه بفقدان البصر والبصيرة، يختل ميزان العدل، وهو أساس الملك.
عقد مقارنة بين حمار الحكيم
و حمار شريف محيي الدين، :
مسرحية في داخل قصة....
هكذا تخرج قصة إلى متى تبكي الحمير عن إسلوب السرد لقصة قصيرة إلى إسلوب العرض المسرحي، وربما استلهم الكاتب فكرة القصة المسرحية
من قصة توفيق الحكيم "حماري قالي"
و نسج على منوالها قصة "إلى متى تبكي الحمير"
حين يتحدث الحكيم عن حماره في صفحة ١١٤ قائلا :
فالتفت فإذا المغازلة على أتمها بين الحبيبين فقلت :
اتركوهما.
فتركوهما حتى انفصل أحدهما عن الآخر.
ويستطرد في ص ١٥٠
إنها لحظة من الهناء، سرني وأسعدني أني أتحتها له، ولكن القدر قد جعله يدفع ثمنا غاليا لها، فالمكتوب عليه الشقاء يجب أن يحاسب على كل فرحة تتسرب إليه خلسة من يد القدر النائم، ولم تمض بالفعل أيام حتى سمعت أن ذلك الحمار قد نفق جوعا، وسقط في إعياء الحمل رازخا تحت ثقل ما يحمل من تراب، فألقي الفلاحون بجثته في المصرف، ولم يكلفوا أنفسهم حتى مؤونة دفنه.
في حين أن حمار شريف محيي الدين قوي، ومحاور عنيد،، يتمادى في تحديه للإنسان مهددا إياه بابادة الجنس البشري بعد أن فقد معشر الحمير كل أمل في إصلاح البشر بكل أخطائهم ومفاسدهم.
وتتسم اللغة في قصة شريف بالثراء والتنوع، في مفردات اللغة، و إدماج لحوارات قصيرة للزوجة والحماة، بداخل النص لتحديد هوية السارد/الراوي.
وفي حين تستمد بعض القصص موضوعاتها من الواقع المعيش وتحدث أيضا على أرض الواقع، بمفرداته من شخوص تتحرك في الزمن والمكان، يتحقق نفس الهدف في قصص أخرى من خلال واقع مواز، متخيل في ذهن الكاتب، وبطريقة ما يتم نقل الواقع المادي الملموس إلى عالم أسطوري أو فنتازي في شكل حوار أحادي غالبا، وبعد حذف منه الزمن والمكان، وهو نوع من المحاكاة الفنية.
إن التجاءالكاتب للمحاكاة قصد بها تصوير مواقف للمفارقة والتساؤل، والذي أحيانا يأخذ بعدا فلسفيا، يصعب رصدها في الواقع، و بمعنى أخر أراد الكاتب وضع اللامعقول واللامنطقي من الأفعال، والسلوك في ذلك العالم الموازي لكي يتحقق له درجة من القبول على المستوى الفني.
ولعل القارئ يلحظ بعد قراءة "امرأة عارية"
ازدحام النصوص بعوالم كثيرة، وأن كثيراً من الشخوص المسلط عليهم الضوء مجهولي الهوية، بوضعهم قدم من اللازمن ليتصارعوا في لا مكان، كما في قصة إبليس، والتماثيل، وأخريات.
وهناك أيضا الأشخاص القادمون من مكان مجهول إلى مكان محدد التفاصيل، كما في قصة هي وهى، وقصة العجوز.
وقصة الخبز واللبن.
ثم أولئك القادمين من أمكنة غير معلومة بطريقة غامضة واختفوا بنفس الكيفية في العدم كما في قصة الفراعنة، و القرين.
تتوزع أيضا القصة الخاطرة على الكتاب، ويتسم هذا النوع بانفلاته وتحرره من أسر الزمن، والمكان، والحدث المفصل، وتعلقه في جو أسطوري محملا برسالة أو دلالة رمزية، وفقط نلحظ ذلك في قصة الأسطورة، المنعطف، و فنجان فارغ.
منعطفات عديدة
تنحو قصص المجموعة إلى منعطفات سياسية، واجتماعية، وأخلاقية، فيما يظهر جليا الأثر النفسي، وردة الفعل للأشخاص المنهزمة في مواقف الضغط لدرجة الأزمة، كما في قصة امرأة عارية، و فرشاة للطلاء.
ويبدو واضحا الملمح الديني في نماذج لقصص مثل مكان في الجنة، وامرأة بلا ملح، والشيخ والطبال، في كشف متدرج لبيان أثر العامل الديني الخاطئ في تغييب العقل، والإرادة.
وبالمثل يطل الملمح السياسي لنقد ورفض أوضاع اجتماعية تتعارض مع الطموح الإنساني، والفكر المتطقي، السليم، لكيف تمضي شئون الحياة، كما في قصتي الفئران والعباءة السوداء، وبنفس هيكل البناء الذي اعتمده الكاتب خلت هذه القصص من أثر للزمن، وإن احتفظت بشكل عام للمكان، وأفرد الكاتب مساحة غير هينة للقصة الخاطرة حيث تتحرك شخوص هذه القصص خارج المكان والزمان، مثل
. الدعي، الخنجر، بيداء الخمر، وأخريات
البحث عن الذات الضائعة:
في قصة القرين: تستيقظ الرغبة القديمة، و يتجدد الحنين للوجه القديم _المعادل غير المرئي لبطل القصة _حيث يبقى ذلك الوجه هو الأنقي، و الأصدق رغم مرور السنين، على هذا النحو، يجاهد السّارد لاسترداد ذاته من خلال حديث يتسم بالتوسل والرجاء للتصالح مع الوجه الآخر، بغية التصالح في النهاية مع نفسه.
القرين هو النموذج الأكثر تعبيراً في هذه الفكرة، وهي في النهاية رغبة لا تتوقف للبوح، طلبا للراحة والسلام.
في قصة الدعي:
حوار أحادي الشخصية، فيما يتفاعل الآخر مع الحوار من الايماءات، والحركة في هالة من الظلمة تتناسب مع الجو الأسطوري لكائن هلامي.
يحدث ذلك المشهد أيضا في غيبة الزمن والمكان، في تأكيد واضح من الكاتب لتدشين تعريف آخر للقصة القصيرة، والأقصوصة.
في قصة مكان في الجنة، والوعاء، ورفيق ،والأمطار...
سرد أقرب إلى المقالة من حيث الشكل والبناء، لكن اللغة مختزلة، والعبارات جزلة،معبرة،تعتمد على الصور الشاعرية المتتالية بغزارة.
تموضع ثابت لأكثر من قصة :
في قصة ليلي، وأخريات "تموضع ثابت" بين القصة القصيرة، وقصيدة النثر، بما تحمله الأخيرة من بلاغة لغوية ساهمت بكثير في رسم صور دلالية تحفل بها هذه النوعية من القصص رغم قصر نصوصها.
يستدعي الراوي فى قصة ليلي شخوصا من التراث الشعبي تتصف بالبطولة المطلقة مثل عنترة، وابن بيبرس، وحمزة.
ربما لاستنهاض الروح الوطنية الغافية، حيث يختفي من القصة الحدث، والمكان، وتبقي الرسائل الموجهة هي الغاية من الكتابة والسرد المكثف.
في قصة فرشاة للطلاء:
أزمة تصنعها المفارقة في موقف محدد للشخصيين، أو نموذجين ينتميان إلى بيئات مختلفة، تلك المفارقة تمثل الوقود الرئيسي لأفعال النموذجين ولتحريك الأحداث إلى نهاية غير سارة.
فبطلا القصة هما( علاء والآخر، وبينهما باكينام)
وعلاء بحسب الوصف الخارجي للكاتب (الابن الحقيقي لهذه المدينة،وهو طويل فارع، وشديد الأناقة، شعره ناعم غزير، محلوق من الجانبين)
وهو أيضا في مستهل القصة، أو نهايتها النقاش، الكهل، ضامر الجسد،أشيب الشعر، ورث الثياب....
ثم الشخصية الأخرى، موصوفة بصفات يناقض بعضها البعض، إذ يقول الراوي واصفا الشخصية "أنا الوارد توا من عباءة أم كنت وحيدها المدلل"
بما تحمله صفة مدلل من رعاية زائدة، واهتمام أبوي بكل احتياجاته، ثم يتناقض الوصف لتلك الشخصية في موضع آخر حين يرتدي البنطلون الطويل الواسع، وحذاؤه متهالك قديم، و حقيبة صغيرة في يده بها ساندوتشات البيض والجبنة في إشارة للمستوى المعيشي لأسرته.
وفي تحول مفاجئ للأحداث تتزوج باكينام هذا الفتى الساذج من دون تقديم مبررات فنية أو واقعية (قد يجد القارئ تبريرا لذلك بارجاع التحول إلى ما يحدث فعليا في المجتمع من تغييرات حادة مفاجئة)
إن عملية تبادل الأدوار ممكنة في وجود المبررات للفعل.
استخدم الكاتب flash back في توصيف جيد خادم لفكرة القصة، وإن كان في جانب آخر قد رسم ووصف السمات الخارجية للشخوص بتركيز أقل وصولا إلى نهاية متوقعة لتصرف باكينام حيال المشهد بعد أن فتحت باب الفيلا على مصراعيه، وهي تصرخ في عصبية "بره اخرج بره"
الأثر النفسي والاجتماعي للتعليم الديني :
تقدم قصة امرأة بلا ملح في القراءة الأولى نموذجا للزوج الديكتاتور، الأناني في علاقته بزوجته، حيث تشكلت بينهما العلاقة وتأزمت بفضل الصراع والندية، وهي بالطبع علاقة مآلها الفشل.
وبالمتابعة للتحول الفجائي في شخصية الزوجة بوصفها الطرف الأضعف، تزداد هشاشة الشخصية، حيث أثرت الخضوع والاستسلام للطرف الأقوى في المعادلة، وأمام التغيير الجذري المثير للدهشة يرد تساؤل إلى ذهن القارئ "كيف حدث ذلك؟!"
وتمضي علامة الاستفهام أثناء تتبع السبب حتي تتوقف أمام بيت الشيخ الجليل، إذ يوجد حل اللغز خلف الباب.
في إشارة خفية للشيخ لاستجلاء بعض المسكوت عنه في النص، و برسالة من الراوي /والكاتب معا مؤداها أن التعليم الديني المغلوط حين يتصدر الواجهة بوصفه المصدر الوحيد للعلم لن تكون النتائج دائما هي الأفضل.
مفارقة سياسية :
في قصة الفئران تظهر المفارقة كاملة الأثر، فما أن يلجأ الفئران أصحاب القضية، المتضررون من الفوضى الأمنية الحاصلة، إلى الفيل الأعمى لاستعادة الأمن والنظام، حتى يحكم بطرد الفئران من المستعمرة مكان الحدث، ويبرز الكاتب في مشهد متخيل لقصة الفئران حقيقة مسلم بها أنه بفقدان البصر والبصيرة، يختل ميزان العدل، وهو أساس الملك.
عقد مقارنة بين حمار الحكيم
و حمار شريف محيي الدين، :
مسرحية في داخل قصة....
هكذا تخرج قصة إلى متى تبكي الحمير عن إسلوب السرد لقصة قصيرة إلى إسلوب العرض المسرحي، وربما استلهم الكاتب فكرة القصة المسرحية
من قصة توفيق الحكيم "حماري قالي"
و نسج على منوالها قصة "إلى متى تبكي الحمير"
حين يتحدث الحكيم عن حماره في صفحة ١١٤ قائلا :
فالتفت فإذا المغازلة على أتمها بين الحبيبين فقلت :
اتركوهما.
فتركوهما حتى انفصل أحدهما عن الآخر.
ويستطرد في ص ١٥٠
إنها لحظة من الهناء، سرني وأسعدني أني أتحتها له، ولكن القدر قد جعله يدفع ثمنا غاليا لها، فالمكتوب عليه الشقاء يجب أن يحاسب على كل فرحة تتسرب إليه خلسة من يد القدر النائم، ولم تمض بالفعل أيام حتى سمعت أن ذلك الحمار قد نفق جوعا، وسقط في إعياء الحمل رازخا تحت ثقل ما يحمل من تراب، فألقي الفلاحون بجثته في المصرف، ولم يكلفوا أنفسهم حتى مؤونة دفنه.
في حين أن حمار شريف محيي الدين قوي، ومحاور عنيد،، يتمادى في تحديه للإنسان مهددا إياه بابادة الجنس البشري بعد أن فقد معشر الحمير كل أمل في إصلاح البشر بكل أخطائهم ومفاسدهم.
وتتسم اللغة في قصة شريف بالثراء والتنوع، في مفردات اللغة، و إدماج لحوارات قصيرة للزوجة والحماة، بداخل النص لتحديد هوية السارد/الراوي.