الأخ الأستاذ فاضل ثامر المحترم
تحياتي و تمنياتي الطيبة لكم و لزملائكم في الاتحاد المحترم..
وبعد... علمت بمبادرتكم الطيبة بإقامتكم الحفل الاستذكاري لفقيد الوطن و الثقافة و الديموقراطية في العراق المرحوم الدكتور فيصل السامر في ذكرى وفاته السنوية الخامسة و العشرين، أشد أسفي و ألمي ان لا اكون بينكم في هذه المناسبة الجليلة مشاركا او حاضرا مستمعاً فيها،
الا أني أرجو ان لا تفوتني الفرصة في مشاركتكم بهذه المبادرة عبر ما أسجله في هذه الكلمة عن اّرائي و تقديري لفقيدنا الراحل، كما عرفته عن قرب اخاً و زميلاً وصديقاً اّملاً ان تشكل اسهاماً متواضعاً الى جانب جهودكم الكبيرة الطيبة، كما اّمل ان تجد لها مجالاً للنشر، عبر ما ترتأون، على صفحات بعض الصحف و المجلات عسى ان يتعرف بواسطتها جيل أبناء هذا الزمان بأعلام الثقافة و الوطن، و العصر، وتوثيقها لديكم ان رأيتم فيها ما يستحق ذلك.
أجد لزاما على أن أحيي فيكم تقديركم ووفاءكم لاستذكاركم لإبن بار من أبناء وطننا العراق، فنذر نفسه له و للثقافة و اليموقراطية فيه، فكان رمزاً من رموزه الناصفة.
لقد ارتبطت به فكرياً و سياساً و شخصياً على مدى ثلاثة عقود تقريباً، لم نفترق خلالها الا لبضع سنوات فرضتها الغربة عليه بعد انقلاب 8 شباط الدموي المعروف، فعرفته حقاً... انساناً بانسانية عذبة سامية ووطنياً مخلصا غيوراً، حيث تتجلى وطنيته في حبه للمواطنين و احترامه لهم. ومثقفاً عالماً في مجال ختصاصه ومتميزاً بصفات العلماء وتواضعهم، مع جرأة في فهم التراث وقدرة عالية على الانفتاح و التعامل بوعي مع المرحلة التي عاش خلالها فاستوعبها فكان من الرواد الذين لم يخذلوا الفكر ولم يخذلوا التراث، و يتمثل ذلك في كتابه المشهور ((ثورة الزنج)) اولاً ثم في كل كتاباته الاخرى، حيث تجلى فيها ايمانه بكل جوانب الفكر الديموقراطي وما يبغي اليه هذا الفكر وما يتصف به، من توجه لتحقيق العدالة الاجتماعية وسعى وراء الحقيقة وتحرر فكري بعيداً من كل أنواع الانفلاق والتعصب.
لقد عرفته بهذه الصفات وبغيرها من الصفات العلمية و الانسانية الجليلة التي يحملها منذ بدء تعارفنا في أوائل عقد الخمسينات الماضي عبر لقاءاتنا في مجلة ((الثقافة الجديدة)) ثم ما كان من أمر فصلنا من الخدمة الوظيفية في عام 1954 لأسباب سياسية تتعلق بموقفنا الرافض و المعارض لسياسة الحكم الملكي، ثم مواصلتنا، مع زملاء و اصدقاء اّخرين، الاهتمام بشؤون الوطن والثقافة في العراق بالعمل ضمن اطار جبهة الاتحاد الوطني التي تشكلت عام 1957 من جميع الاحزاب السياسية الوطنية القائمة اّنذاك، بالاضافة الى نشاطنا للدعوة لتأسيس نقابة المعلمين. وحين قامت ثورة14 تموز عام 1958 وقع الاختيار عليه ليكون مديراً عاماً للتعليم في وزارة المعارف (التربية) و اختارني هو لأعمل معه مديراً للتعليم الابتدائي فعرفت خلال عملنا المشترك مدى اخلاصه واستقامته في العمل وبفكره التنويري في مجال مناهج التربية و التعليم وطرق التدريس. والى جانب ذلك واصلنا الدعوة والعمل من اجل تأسيس نقابة مركزية للمعلمين مع زملاء اخرين يؤمنون بأهمية العمل النقابي نظراً لأهمية دور المعلم في اعداد المواطن الصالح وفي تحقيق النتائج المرجوة من العملية التعلمية و التربوية وما يترتب على ذلك من توفير الظروف المناسبة لأداء مهامه اجتماعيا واقتصادياً وضمان حقوقه الوظيفية و حمايته من الاجراءات الادارية التعسفية التي قد يتعرض لها، فكان المرحوم فيصل ناشطاً متميزاً واسفرت الجهود عن تأسيس النقابة و انتخبه المؤتمر الاول نقيباً للمعلمين بالاجماع واستطاعت خلال فترة توليه هذا المنصب تحقيق الكثير من الانجازات و المكاسب التي تحمي حقوق المعلمين وترفع من مستوياتهمً و قدراتهم. ولم تمض الا بضعة شهور حتى إختارته قيادة الثورة ليكون وزيراً للارشاد (الثقافة والاعلام) فعمل جاهداً لتأسيس الفرقة السمفونية الوطنية وفرقة الاوركسترا للموسيقى الشرقية ووكالة الانباء العراقية وتطوير برامج الاذاعة و التلفزيون بكافة لغات القومبات المكونة للشعب العراقي ومنها مد ساعات البث الاذاعي باللغات الكردية والتركمانية التي كانت محدده ببضع ساعات فقط. وخلال فترة لجوئه الى"جكوسلوفاكيا"بعد انقلاب 8 شباط تم تعيينه استاذاً في قسم الدراسات الشرقية بجامعة"يراغ"وهي من أقدم و اشهر الجامعات الاوربية، نظراً لسمعته ومكانته العلمية لدى الأوساط الاكاديمية التي تعنى بدراسة التاريخ العربي و الاسلامي وحين عاد الى الوطن في أوائل السبعينات الماضيات اصبح استاذاً للتاريخ الاسلامي بكلية الاداب ـ جامعة بغداد فأشرف على عدد من الدراسات المتميزة لنيل شهادات الدكتوراه و الماجستير. ويشهد له كل زملاؤه وطلابه، وهم كثيرون، بمدى غزارة علمه وسمو خلقه وحرصه على مساعدتهم وافادتهم حتى وافته المنية بعد صراع مرير مع المرض الذي تحمل اّلامه بصبر جميل و أباء عال. كنت ازداد حباً وتقديراً له، وثقة واعجاباً به كلما كانت تمر الايام فازداد قرباً منه، لقد تعلمت منه الكثير وكان قدوة لي في كثير من المواقف.
الرحمة و الرضوان لروحه الطاهره وستظل اّراؤه و مواقفه موضع التقدير و الاعتزاز لدى المثقفين و الغيارى من اهلنا في العراق، ويبقى فيصل السامر علماً ثقافياً ومعلماً واستاذاً بارزاً وانساناً فاضلاً وسياسياً وطنياً وديموقراطياً حقاً.
واذ احيى مرة اخرى مبادرتكم النبيلة باقامة هذا الحفل الاستذكاري لتكريم المرحوم الدكتور فيصل السامر وهو احد أهل العلم و رواد التقدم في بلادنا، أتمنى عليكم مواصلة اهتمامكم باستذكار من كانوا قامات عالية في شتى مجالات الثقافة و الفنون في عراقنا فأغنوا بمعرفتهم وسلوكهم جيلهم ومن جاء بعدهم فمهدوا للكثيرين طريق الابداع وعسى ان ينتفع أبناء هذا الزمان بما خلفه الرواد والقامات الثقافية من أّثار و ابداعات...
ملاحظة:
أرجوابلاغ الدكتوره سوسن السامر برسالتي هذه (ان امكنكم) مع تحياتي لكم و لها.
ودمتم بخير وسلام مع خالص ودي وتقديري
المخلص
نجيب محي الدين
نقيب المعلمين الأسبق
تحياتي و تمنياتي الطيبة لكم و لزملائكم في الاتحاد المحترم..
وبعد... علمت بمبادرتكم الطيبة بإقامتكم الحفل الاستذكاري لفقيد الوطن و الثقافة و الديموقراطية في العراق المرحوم الدكتور فيصل السامر في ذكرى وفاته السنوية الخامسة و العشرين، أشد أسفي و ألمي ان لا اكون بينكم في هذه المناسبة الجليلة مشاركا او حاضرا مستمعاً فيها،
الا أني أرجو ان لا تفوتني الفرصة في مشاركتكم بهذه المبادرة عبر ما أسجله في هذه الكلمة عن اّرائي و تقديري لفقيدنا الراحل، كما عرفته عن قرب اخاً و زميلاً وصديقاً اّملاً ان تشكل اسهاماً متواضعاً الى جانب جهودكم الكبيرة الطيبة، كما اّمل ان تجد لها مجالاً للنشر، عبر ما ترتأون، على صفحات بعض الصحف و المجلات عسى ان يتعرف بواسطتها جيل أبناء هذا الزمان بأعلام الثقافة و الوطن، و العصر، وتوثيقها لديكم ان رأيتم فيها ما يستحق ذلك.
أجد لزاما على أن أحيي فيكم تقديركم ووفاءكم لاستذكاركم لإبن بار من أبناء وطننا العراق، فنذر نفسه له و للثقافة و اليموقراطية فيه، فكان رمزاً من رموزه الناصفة.
لقد ارتبطت به فكرياً و سياساً و شخصياً على مدى ثلاثة عقود تقريباً، لم نفترق خلالها الا لبضع سنوات فرضتها الغربة عليه بعد انقلاب 8 شباط الدموي المعروف، فعرفته حقاً... انساناً بانسانية عذبة سامية ووطنياً مخلصا غيوراً، حيث تتجلى وطنيته في حبه للمواطنين و احترامه لهم. ومثقفاً عالماً في مجال ختصاصه ومتميزاً بصفات العلماء وتواضعهم، مع جرأة في فهم التراث وقدرة عالية على الانفتاح و التعامل بوعي مع المرحلة التي عاش خلالها فاستوعبها فكان من الرواد الذين لم يخذلوا الفكر ولم يخذلوا التراث، و يتمثل ذلك في كتابه المشهور ((ثورة الزنج)) اولاً ثم في كل كتاباته الاخرى، حيث تجلى فيها ايمانه بكل جوانب الفكر الديموقراطي وما يبغي اليه هذا الفكر وما يتصف به، من توجه لتحقيق العدالة الاجتماعية وسعى وراء الحقيقة وتحرر فكري بعيداً من كل أنواع الانفلاق والتعصب.
لقد عرفته بهذه الصفات وبغيرها من الصفات العلمية و الانسانية الجليلة التي يحملها منذ بدء تعارفنا في أوائل عقد الخمسينات الماضي عبر لقاءاتنا في مجلة ((الثقافة الجديدة)) ثم ما كان من أمر فصلنا من الخدمة الوظيفية في عام 1954 لأسباب سياسية تتعلق بموقفنا الرافض و المعارض لسياسة الحكم الملكي، ثم مواصلتنا، مع زملاء و اصدقاء اّخرين، الاهتمام بشؤون الوطن والثقافة في العراق بالعمل ضمن اطار جبهة الاتحاد الوطني التي تشكلت عام 1957 من جميع الاحزاب السياسية الوطنية القائمة اّنذاك، بالاضافة الى نشاطنا للدعوة لتأسيس نقابة المعلمين. وحين قامت ثورة14 تموز عام 1958 وقع الاختيار عليه ليكون مديراً عاماً للتعليم في وزارة المعارف (التربية) و اختارني هو لأعمل معه مديراً للتعليم الابتدائي فعرفت خلال عملنا المشترك مدى اخلاصه واستقامته في العمل وبفكره التنويري في مجال مناهج التربية و التعليم وطرق التدريس. والى جانب ذلك واصلنا الدعوة والعمل من اجل تأسيس نقابة مركزية للمعلمين مع زملاء اخرين يؤمنون بأهمية العمل النقابي نظراً لأهمية دور المعلم في اعداد المواطن الصالح وفي تحقيق النتائج المرجوة من العملية التعلمية و التربوية وما يترتب على ذلك من توفير الظروف المناسبة لأداء مهامه اجتماعيا واقتصادياً وضمان حقوقه الوظيفية و حمايته من الاجراءات الادارية التعسفية التي قد يتعرض لها، فكان المرحوم فيصل ناشطاً متميزاً واسفرت الجهود عن تأسيس النقابة و انتخبه المؤتمر الاول نقيباً للمعلمين بالاجماع واستطاعت خلال فترة توليه هذا المنصب تحقيق الكثير من الانجازات و المكاسب التي تحمي حقوق المعلمين وترفع من مستوياتهمً و قدراتهم. ولم تمض الا بضعة شهور حتى إختارته قيادة الثورة ليكون وزيراً للارشاد (الثقافة والاعلام) فعمل جاهداً لتأسيس الفرقة السمفونية الوطنية وفرقة الاوركسترا للموسيقى الشرقية ووكالة الانباء العراقية وتطوير برامج الاذاعة و التلفزيون بكافة لغات القومبات المكونة للشعب العراقي ومنها مد ساعات البث الاذاعي باللغات الكردية والتركمانية التي كانت محدده ببضع ساعات فقط. وخلال فترة لجوئه الى"جكوسلوفاكيا"بعد انقلاب 8 شباط تم تعيينه استاذاً في قسم الدراسات الشرقية بجامعة"يراغ"وهي من أقدم و اشهر الجامعات الاوربية، نظراً لسمعته ومكانته العلمية لدى الأوساط الاكاديمية التي تعنى بدراسة التاريخ العربي و الاسلامي وحين عاد الى الوطن في أوائل السبعينات الماضيات اصبح استاذاً للتاريخ الاسلامي بكلية الاداب ـ جامعة بغداد فأشرف على عدد من الدراسات المتميزة لنيل شهادات الدكتوراه و الماجستير. ويشهد له كل زملاؤه وطلابه، وهم كثيرون، بمدى غزارة علمه وسمو خلقه وحرصه على مساعدتهم وافادتهم حتى وافته المنية بعد صراع مرير مع المرض الذي تحمل اّلامه بصبر جميل و أباء عال. كنت ازداد حباً وتقديراً له، وثقة واعجاباً به كلما كانت تمر الايام فازداد قرباً منه، لقد تعلمت منه الكثير وكان قدوة لي في كثير من المواقف.
الرحمة و الرضوان لروحه الطاهره وستظل اّراؤه و مواقفه موضع التقدير و الاعتزاز لدى المثقفين و الغيارى من اهلنا في العراق، ويبقى فيصل السامر علماً ثقافياً ومعلماً واستاذاً بارزاً وانساناً فاضلاً وسياسياً وطنياً وديموقراطياً حقاً.
واذ احيى مرة اخرى مبادرتكم النبيلة باقامة هذا الحفل الاستذكاري لتكريم المرحوم الدكتور فيصل السامر وهو احد أهل العلم و رواد التقدم في بلادنا، أتمنى عليكم مواصلة اهتمامكم باستذكار من كانوا قامات عالية في شتى مجالات الثقافة و الفنون في عراقنا فأغنوا بمعرفتهم وسلوكهم جيلهم ومن جاء بعدهم فمهدوا للكثيرين طريق الابداع وعسى ان ينتفع أبناء هذا الزمان بما خلفه الرواد والقامات الثقافية من أّثار و ابداعات...
ملاحظة:
أرجوابلاغ الدكتوره سوسن السامر برسالتي هذه (ان امكنكم) مع تحياتي لكم و لها.
ودمتم بخير وسلام مع خالص ودي وتقديري
المخلص
نجيب محي الدين
نقيب المعلمين الأسبق