يُعد الأدب الساخر ركناً أصيلاً لطالما ارتكزت عليه مختلف المجتمعات، لمحاكاة قضاياها المهمة والمحورية، ولطالما تم اللجوء إليه من قبل الأدباء في أعمالهم سواء إن كانت شعرية أو نثرية، ليعبروا من خلاله عما أخفت ضمائرهم حول مختلف القضايا، وليرسموا به أبعاد رؤيتهم الخاصة لواقع مجتمعاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
اعتلى الأديب الإيراني العلامة علي اكبر دهخدا منصة الأدب الساخر عندما عاد إلى إيران بالتزامن مع بداية انطلاق الثورة الدستورية أو كما تُعرف باسم “الثورة المشروطة” في إيران ليطلق سنة 1907م بالتعاون مع جهانغيري خان وميرزا قاسم خان جريدة بعنوان “صور اسرافيل”، والتي حملت بين طيات صفحات تاريخها القصير قصصاً كثيرة، حيث واجهت الصحيفة مشاكل عدة بين منع لانتشارها وملاحقة وتكفير ونفي خارج ايران لأعضائها وتهديم لمكتبها، لكنها رغم ذلك نالت رواجاً كبيراً آنذاك.
اختص دهخدا بالزاوية الفكاهية من الجريدة التي لاقت طيفاً واسعاً من القبول لدى القراء الإيرانيين، رغم المنازعات الواسعة التي تعثر بها جميع الأطراف في إيران آنذاك. جاءت الزاوية تحت عنوان ” تشرند وبرند ” والتي تعنى “كلام فارغ وسخيف”، لتأتي مقالات الأديب الإيراني الساخرة وتحاكي وتعالج وتقوّم وتنقد ما يشغل بال المجتمع الإيراني في تلك المرحلة، ويقوم بالتوقيع في نهايتها بأسماء مستعارة كان أبرزها وأكثرها تكراراً “دخو” والتي تبين فيما بعد أنها مخفف اسمه دهخدا.
كان الأديب الإيراني الناطق الفعلي بلسان فئة واسعة من الشعب، مستخدماً أسلوب السخرية ليجذب به القارئ إلى أبعاد رؤيته، لا نبالغ إذا ما قلنا إنه لأسلوب المرحوم “دخو” بكتابته النثرية الساخرة تميز ووقع خاص، الأمر الذي جعله ليس فقط صاحب أسلوب أدبي جديد في تاريخ الأدب الفارسي النثري المعاصر وإنما أبدع أسلوب نثري ساخر خلاق لم يسبقه أحداً إليه، الأمر الذي استدعى الكتّاب والأدباء الآخرين الاقتباس منه وتقليده والسير على خطاه كما وصفه أبرز الباحثين في النثر المعاصر كأمثال حسن كامشاد، عبيد زاكاني، وحسن مير عابديني.
مروراً على أحد النماذج البارعة للنص الساخر استهل العلامة دهخدا مقالته الأولى في جريدة صور إسرافيل تحت عنوان ” العقل والحكومة قرين بعضهم البعض” في عدد الجريدة الأول كما جاء نص المقالة في كتيب"1" نشره دار “باران خرد” في طهران سنة2016م جمع فيه سبعة وعشرون مقالة للعلامة نشرها في إيران وثلاث مقالات أخرى قام بنشرها في سويسرا “بعد طول سنين من السفر إلى الهند ورؤية ما يحير العقل من علوم الكيمياء وعلم الحروف والطلاسم، الحمد لله نلت تجربة كبيرة واستثنائية، وأهمها هو التغلب على الإدمان، بالطبع لو كان هذا الاكتشاف قد حصل في الدول الاخرى لحصل صاحبه على امتيازات خاصة وأدرجوا اسمه في كل الصحف والجرائد، ولكن للأسف ما عسانا أن نفعل ليس هناك من يثمن هذا في ايران!!.” (دهخدا، 1907: 9)
يخاطب المرحوم دخو في مقالته الأخوة المدمنين –حسب وصفه- على المواد المخدرة متناولاً شرح مفصل بطريقة ساخرة لكيفية التقليل من عادة حتى يتم الانتهاء منها، موصياً إياهم بتبديل مثقال حبة قمح من الماريجوانا التي يتعاطوها بمقدار حبتي قمح من المورفين، وهو نوع من المخدر الأكثر تأثيراً، أما من اعتاد تناول مقدار عشر مثقالات من الماريجوانا فعليه أن يستبدل بمقدار حبة حمّص منها مقدار حبتي حمّص من الحشيش، وهكذا تتضاعف نسبة التعاطي ويتغير نوع المواد المخدرة فقط !! متسائلاً “إخوتي المسلمين الغيورين المدمنين!! لماذا تعبئوا بنفسكم بتحمل كلام الناس وانتقاداتهم لكم لطالما الله هيئ لكم هذه الطريقة البسيطة للتخلص من الإدمان؟!! ” (دهخدا، 1907: 9 و 10)
وتابع خاطاً بيراعه “يمكن التخلص من أي عادة بهذه البساطة، كما أن ليس لها أي اثار جانبية، وليست إلا خطوة بسيطة، تُستخدم عندما يريد الإقطاعيون الكبار أن ينفوا عادة سيئة من رؤوس عامة الشعب، رحم الله الشاعر الذي قال ( العقل والحكومة قرين بعضهم البعض)، عندما يعتقد الإقطاعيون أن الناس فقراء وليس بإمكانهم أن يأكلوا خبز القمح، بالرغم من أنه يمضي الفلاح عمره بزراعة القمح ويبقى جائع!! دقق وانظر ماذا يفعلون:
في اليوم الأول من السنة يحضرون الخبز من القمح الخالص، وفي اليوم الثاني يقوموا بمزج كل ثلاثمائة كيلوغرام من القمح بما يقارب ثلاثة كليو غرامات من الشعير، حبة سوداء، نشارة خشب، مارورة، رمل، برسيم، تربة، نصف بلوكة أو رصاصة عيار ثمانية، من المؤكد لا يتغير طعم الخبز، ولا أحد سينتبه، وكأنه خبز من القمح الخالص، وهكذا تتوالى الايام، وبعد ثلاثة أشهر وعشرة أيام يصبح كل مئة غرام من القمح يحمل مئة غرام أخرى من الشعير، الحبة السوداء المارورة، نشارة خشب، قش وتربة…. ولأن الناس اعتادت على اختلاف طعم الخبز بالتدريج، لن يلحظ أحد إلى أنه ليس بخبز قمح خالص، وهكذا تقضي على عادة خبز القمح لدى الناس، فعلاً، العقل والحكومة قرين بعضهم البعض!.” (دهخدا، 1907: 10)
” وكما تعلمون اخوتي فإن الانسان هو العالم الصغير نسخة مصغرة عن العالم الكبير، فكل ما يتعرض له الانسان يمكن أن يتعرض له الحيوان والشجر والحجر وغيره… على سبيل المثال الشيخ هادي مجتهد بنى مستشفىً، وأعلنه وقفاً أن يطبب أحد عشر مريض بشكل دائم، طيلة حياة الشيخ هادي اعتاد المشفى أن يطبب أحد عشر مريض مجاناً، ولكن ما أن ووري الشيخ هادي الثرى، شاهد ماذا فعل ابنه!
في كل شهر كان يُنقص واحداً من عدد المرضى واستمر على هذا الحال خمسة أشهر ليقلل بها عدد المرضى المطببين مجاناً خمسة أفراد، وبحسن تدبيره وحيلته لن يبقى باقي المرضى الستة لمدة خمسة أشهر أخرى،، أرأيتم؟!! أي عادة يمكن أن تُنفى من ذاكرة الشعوب، حتى المستشفى الذي اعتاد أن يطبب أحد عشر مريض وقفاً (مجاناً) استطاع دون أي عائق يُذكر أن يعتاد على غير ذلك، لماذا برأيكم؟! لأن المستشفى جزء من العالم الكبير والانسان عالم صغير أي عادة يمكن ان تُنفى من ذاكرته. دخو”. (دهخدا، 1907: 10 و 11)
استطراداً لما سبق، عاد ليكتب في العدد الثالث من جريدة صور اسرافيل تحت عنوان ” اختراع جديد”:
” عندما سمع الطبيب النمساوي أفشينيدر حكاية خبزنا في طهران، ومن أجل الحفاظ على مينا الاسنان، قام باختراع غلاف فولاذي للأسنان، يمكن تركيبه لتقوم الاسنان بعملية طحن الخبز، يعمل بقوة أربعة أحصنة، كما أنه يجيد تقطيع وطحن الحجر والفخار، العنوان: لازارغاسه فنغولاشتال. البناء رقم 21″ (دهخدا، 1907: 17)
طرح دهخدا في مقالاته “تشرند وبرند” معاناة أبناء جلدته بمختلف الطبقات وفئات الشعب، سواء إن كانت سياسية أو اجتماعية أو حتى اقتصادية أو فكرية، مروراً بمقارعة الحكومة الظالمة لمحمد علي شاه، محدثاً بلسان ساخر عن الجهل الذي يعصف بالمجتمع، معرّضاً على قضايا المرأة ومكانتها في المجتمع، متبعاً بطريقة عرضه في ذلك أساليب متنوعة من السخرية، متظاهراً بالحماقة أحيان وبالبلاهة أحيان أخرى، مقدماً في بعض الأحيان محتوىً متناقض، أو قد يلجأ لربط موضوعين أو أكثر غير قابلين للارتباط ببعضهما البعض، وقد ينحو نحو الاستهزاء أو التشبيه الساخر لعناصر قصته بالحيوانات من أجل زيادة التحقير والنيل من الفاسدين آنذاك.
لسنا بمبالغين إذا وصفنا العلامة علي اكبر دهخدا بالأديب العملاق والذي دوّن رسالته “لغتنامه” في اللغة الفارسية والتي ضمت نحو ما يقارب أربعة ملايين قطعة نثرية في شرح مصطلحات ومداخل اللغة والتي استغرقت كتابتها أربعون عاماً من عمره، الرسالة والتي تكفل مجلس الشورى الوطني آنذاك بدفع ميزانية طباعتها لتتحول فيما بعد إلى إرث وطني.
الهوامش
[1] دهخدا، علي أكبر، (1907) ، تتشرند وبرند، طهران- باران خرد.
اعتلى الأديب الإيراني العلامة علي اكبر دهخدا منصة الأدب الساخر عندما عاد إلى إيران بالتزامن مع بداية انطلاق الثورة الدستورية أو كما تُعرف باسم “الثورة المشروطة” في إيران ليطلق سنة 1907م بالتعاون مع جهانغيري خان وميرزا قاسم خان جريدة بعنوان “صور اسرافيل”، والتي حملت بين طيات صفحات تاريخها القصير قصصاً كثيرة، حيث واجهت الصحيفة مشاكل عدة بين منع لانتشارها وملاحقة وتكفير ونفي خارج ايران لأعضائها وتهديم لمكتبها، لكنها رغم ذلك نالت رواجاً كبيراً آنذاك.
اختص دهخدا بالزاوية الفكاهية من الجريدة التي لاقت طيفاً واسعاً من القبول لدى القراء الإيرانيين، رغم المنازعات الواسعة التي تعثر بها جميع الأطراف في إيران آنذاك. جاءت الزاوية تحت عنوان ” تشرند وبرند ” والتي تعنى “كلام فارغ وسخيف”، لتأتي مقالات الأديب الإيراني الساخرة وتحاكي وتعالج وتقوّم وتنقد ما يشغل بال المجتمع الإيراني في تلك المرحلة، ويقوم بالتوقيع في نهايتها بأسماء مستعارة كان أبرزها وأكثرها تكراراً “دخو” والتي تبين فيما بعد أنها مخفف اسمه دهخدا.
كان الأديب الإيراني الناطق الفعلي بلسان فئة واسعة من الشعب، مستخدماً أسلوب السخرية ليجذب به القارئ إلى أبعاد رؤيته، لا نبالغ إذا ما قلنا إنه لأسلوب المرحوم “دخو” بكتابته النثرية الساخرة تميز ووقع خاص، الأمر الذي جعله ليس فقط صاحب أسلوب أدبي جديد في تاريخ الأدب الفارسي النثري المعاصر وإنما أبدع أسلوب نثري ساخر خلاق لم يسبقه أحداً إليه، الأمر الذي استدعى الكتّاب والأدباء الآخرين الاقتباس منه وتقليده والسير على خطاه كما وصفه أبرز الباحثين في النثر المعاصر كأمثال حسن كامشاد، عبيد زاكاني، وحسن مير عابديني.
مروراً على أحد النماذج البارعة للنص الساخر استهل العلامة دهخدا مقالته الأولى في جريدة صور إسرافيل تحت عنوان ” العقل والحكومة قرين بعضهم البعض” في عدد الجريدة الأول كما جاء نص المقالة في كتيب"1" نشره دار “باران خرد” في طهران سنة2016م جمع فيه سبعة وعشرون مقالة للعلامة نشرها في إيران وثلاث مقالات أخرى قام بنشرها في سويسرا “بعد طول سنين من السفر إلى الهند ورؤية ما يحير العقل من علوم الكيمياء وعلم الحروف والطلاسم، الحمد لله نلت تجربة كبيرة واستثنائية، وأهمها هو التغلب على الإدمان، بالطبع لو كان هذا الاكتشاف قد حصل في الدول الاخرى لحصل صاحبه على امتيازات خاصة وأدرجوا اسمه في كل الصحف والجرائد، ولكن للأسف ما عسانا أن نفعل ليس هناك من يثمن هذا في ايران!!.” (دهخدا، 1907: 9)
يخاطب المرحوم دخو في مقالته الأخوة المدمنين –حسب وصفه- على المواد المخدرة متناولاً شرح مفصل بطريقة ساخرة لكيفية التقليل من عادة حتى يتم الانتهاء منها، موصياً إياهم بتبديل مثقال حبة قمح من الماريجوانا التي يتعاطوها بمقدار حبتي قمح من المورفين، وهو نوع من المخدر الأكثر تأثيراً، أما من اعتاد تناول مقدار عشر مثقالات من الماريجوانا فعليه أن يستبدل بمقدار حبة حمّص منها مقدار حبتي حمّص من الحشيش، وهكذا تتضاعف نسبة التعاطي ويتغير نوع المواد المخدرة فقط !! متسائلاً “إخوتي المسلمين الغيورين المدمنين!! لماذا تعبئوا بنفسكم بتحمل كلام الناس وانتقاداتهم لكم لطالما الله هيئ لكم هذه الطريقة البسيطة للتخلص من الإدمان؟!! ” (دهخدا، 1907: 9 و 10)
وتابع خاطاً بيراعه “يمكن التخلص من أي عادة بهذه البساطة، كما أن ليس لها أي اثار جانبية، وليست إلا خطوة بسيطة، تُستخدم عندما يريد الإقطاعيون الكبار أن ينفوا عادة سيئة من رؤوس عامة الشعب، رحم الله الشاعر الذي قال ( العقل والحكومة قرين بعضهم البعض)، عندما يعتقد الإقطاعيون أن الناس فقراء وليس بإمكانهم أن يأكلوا خبز القمح، بالرغم من أنه يمضي الفلاح عمره بزراعة القمح ويبقى جائع!! دقق وانظر ماذا يفعلون:
في اليوم الأول من السنة يحضرون الخبز من القمح الخالص، وفي اليوم الثاني يقوموا بمزج كل ثلاثمائة كيلوغرام من القمح بما يقارب ثلاثة كليو غرامات من الشعير، حبة سوداء، نشارة خشب، مارورة، رمل، برسيم، تربة، نصف بلوكة أو رصاصة عيار ثمانية، من المؤكد لا يتغير طعم الخبز، ولا أحد سينتبه، وكأنه خبز من القمح الخالص، وهكذا تتوالى الايام، وبعد ثلاثة أشهر وعشرة أيام يصبح كل مئة غرام من القمح يحمل مئة غرام أخرى من الشعير، الحبة السوداء المارورة، نشارة خشب، قش وتربة…. ولأن الناس اعتادت على اختلاف طعم الخبز بالتدريج، لن يلحظ أحد إلى أنه ليس بخبز قمح خالص، وهكذا تقضي على عادة خبز القمح لدى الناس، فعلاً، العقل والحكومة قرين بعضهم البعض!.” (دهخدا، 1907: 10)
” وكما تعلمون اخوتي فإن الانسان هو العالم الصغير نسخة مصغرة عن العالم الكبير، فكل ما يتعرض له الانسان يمكن أن يتعرض له الحيوان والشجر والحجر وغيره… على سبيل المثال الشيخ هادي مجتهد بنى مستشفىً، وأعلنه وقفاً أن يطبب أحد عشر مريض بشكل دائم، طيلة حياة الشيخ هادي اعتاد المشفى أن يطبب أحد عشر مريض مجاناً، ولكن ما أن ووري الشيخ هادي الثرى، شاهد ماذا فعل ابنه!
في كل شهر كان يُنقص واحداً من عدد المرضى واستمر على هذا الحال خمسة أشهر ليقلل بها عدد المرضى المطببين مجاناً خمسة أفراد، وبحسن تدبيره وحيلته لن يبقى باقي المرضى الستة لمدة خمسة أشهر أخرى،، أرأيتم؟!! أي عادة يمكن أن تُنفى من ذاكرة الشعوب، حتى المستشفى الذي اعتاد أن يطبب أحد عشر مريض وقفاً (مجاناً) استطاع دون أي عائق يُذكر أن يعتاد على غير ذلك، لماذا برأيكم؟! لأن المستشفى جزء من العالم الكبير والانسان عالم صغير أي عادة يمكن ان تُنفى من ذاكرته. دخو”. (دهخدا، 1907: 10 و 11)
استطراداً لما سبق، عاد ليكتب في العدد الثالث من جريدة صور اسرافيل تحت عنوان ” اختراع جديد”:
” عندما سمع الطبيب النمساوي أفشينيدر حكاية خبزنا في طهران، ومن أجل الحفاظ على مينا الاسنان، قام باختراع غلاف فولاذي للأسنان، يمكن تركيبه لتقوم الاسنان بعملية طحن الخبز، يعمل بقوة أربعة أحصنة، كما أنه يجيد تقطيع وطحن الحجر والفخار، العنوان: لازارغاسه فنغولاشتال. البناء رقم 21″ (دهخدا، 1907: 17)
طرح دهخدا في مقالاته “تشرند وبرند” معاناة أبناء جلدته بمختلف الطبقات وفئات الشعب، سواء إن كانت سياسية أو اجتماعية أو حتى اقتصادية أو فكرية، مروراً بمقارعة الحكومة الظالمة لمحمد علي شاه، محدثاً بلسان ساخر عن الجهل الذي يعصف بالمجتمع، معرّضاً على قضايا المرأة ومكانتها في المجتمع، متبعاً بطريقة عرضه في ذلك أساليب متنوعة من السخرية، متظاهراً بالحماقة أحيان وبالبلاهة أحيان أخرى، مقدماً في بعض الأحيان محتوىً متناقض، أو قد يلجأ لربط موضوعين أو أكثر غير قابلين للارتباط ببعضهما البعض، وقد ينحو نحو الاستهزاء أو التشبيه الساخر لعناصر قصته بالحيوانات من أجل زيادة التحقير والنيل من الفاسدين آنذاك.
لسنا بمبالغين إذا وصفنا العلامة علي اكبر دهخدا بالأديب العملاق والذي دوّن رسالته “لغتنامه” في اللغة الفارسية والتي ضمت نحو ما يقارب أربعة ملايين قطعة نثرية في شرح مصطلحات ومداخل اللغة والتي استغرقت كتابتها أربعون عاماً من عمره، الرسالة والتي تكفل مجلس الشورى الوطني آنذاك بدفع ميزانية طباعتها لتتحول فيما بعد إلى إرث وطني.
الهوامش
[1] دهخدا، علي أكبر، (1907) ، تتشرند وبرند، طهران- باران خرد.
الأديب الإيراني دهخدا ومرارة النكتة | جاده ايران
يُعد الأدب الساخر ركناً أصيلاً لطالما ارتكزت عليه مختلف المجتمعات، لمحاكاة قضاياها المهمة والمحورية، ولطالما تم اللجوء إليه من قبل الأدباء في أعمالهم سواء إن كانت شعرية أو نثرية، ليعبروا من خلاله عما أخفت ضمائرهم حول مختلف القضايا، وليرسموا به أبعاد رؤيتهم الخاصة لواقع مجتمعاتهم السياسية...
jadehiran.com