د. خالد محمد عبدالغني - علماء الاسلام الذين عرفتهم - 12- العلامة اد. السيد رزق الطويل

- 12-

العلامة اد. السيد رزق الطويل مؤسس جمعية دعوة الحق والمدافع عن السنة النبوية والعميد الأسبق لاحدى الكليات الاسلامية بجامعة الازهر الشريف التقيته رحمه الله في الجمعية في اوائل التسعينيات من القرن العشرين وكان عالما جليلا كبيرا وكان وديعًا هادئًا.
- الدكتور السيد رزق الطويل ابن أنصار السنة المحمدية ورئيس دعوة الحق الإسلامية ت 1419هـ-1998م
الاسم السيد عبد الوهاب رزق الطويل.
ولد بقرية نكلا مركز إمبابة ، في اليوم السادس من شهر ، سنة اثنين ‏وثلاثين وتسعمائة وألف من أبوين مؤمنين ، حيث كان والده يحفظ القرآن ‏الكريم ، وتلقى جانبًا من الدراسة بالأزهر ، ولكنه انقطع عنها ، وهو الذي ‏أنشأ جماعة أنصار السنة المحمدية بنكلا.
قطع والده - رحمه الله - العهد على نفسه أن يلحق ولديه الدكتور عبد ‏القادر ، والدكتور السيد رزق الطويل إلى الدراسة بالأزهر تعويضًا عن عدم ‏مواصلته للدارسة بالأزهر.
حفظ القرآن الكريم بمكتب مأذون القرية ، كما تقلى مبادئ القراءة ‏والكتابة والخط بمكتب نكلا العام ، ونال جائزة حفاظ القرآن الكريم عام 1944 ‏م.
التحق بمعهد القاهرة الديني بالأزهر عام 1946 م ، وحصل على الابتدائية ‏عام 1950 م ، ثم على الثانوية عام 1955 م ، ثم العالمية التربوية عام 1959 م ‏من كلية اللغة العربية.
حصل على الماجستير من قسم اللغويات عام 1967 م.
حصل على الدكتوراه عام 1974 م بمرتبة الشرف الأولى في موضوع عنوانه ‏‏( الخلاف بين البصريين والكوفيين وأثره في تطور الدراسات النحوية في نهاية ‏القرن السادس للهجرة).‏
عين مدرسًا لغويًّا بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر - ‏بنين - وظل يعمل بها حتى حصل على درجة أستاذ مساعد ، ثم أستاذًا في قسم ‏اللغويات.
في عام 1987 عين وكيلاً لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة ‏الأزهر - بنين - ثم عين عميدًا لها لفترتين متتاليتين.
استمر بالجامعة حتى أحيل إلى المعاش ، وعين أستاذًا متفرغًا للدراسات ‏العليا.
ظهرت عليه علامة النبوغ منذ أول أيامه في الأزهر ، الأمر الذي دفع به ‏فضيلة الشيخ محمد حامد الفقي - مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية - إلى ‏إن يرعاه ، وأن يجعله تحت عنايته العلمية ، مما أكسبه علمًا واسعًا ، خاصة ‏ما برز فيه الشيخ الفقي من علوم التفسير وعلوم القرآن ، وبذلك وجدنا الشيخ ‏الطويل لم يبدأ كتاباته في ( الهدي النبوي ) في تفسير القرآن من أول المصحف ، ‏وإنما بدأ بما انتهى عنده شيخاه الكريمان محمد حامد الفقي ، وعبد الرحمن ‏الوكيل عند الآية (60) من سورة ( مريم ).
ومن الدلالات على قدرته على الكتابة أنه كان يكتب في مجلة ( الهدي ‏النبوي ) ؛ مجاملاً في هذا علماء الجماعة الكبار أمثال الشيخ أبو الوفا محمد ‏درويش ، والشيخ عبد الرحمن الوكيل ، والشيخ محمد صادق عرنوس ، والشيخ ‏محمد خليل هراس.
كان متأثرًا في آرائه وأفكاره ومنهجه وعلمه بالشيخين أبي الوفا درويش ، ‏وعبد الرحمن الوكيل ، فقد كان موسوعي الاطلاع ، شأن الشيخ درويش ، الذي ‏كان يسميه ( حبرالصعيد ) ، كما كان ملمًا بحقيقة التصوف وضلالاته ، شأنه ‏في ذلك شأن أستاذه الشيخ عبد الرحمن الوكيل ، حتى أنه من فرط محبته للشيخ ‏عبد الرحمن الوكيل أنه عندما أراد أن ينشئ جماعة دينية أطلق عليه اسم أحد ‏كتبه ، وهو كتاب ( دعوة الحق ).
ومن مميزاته العلمية أنه كان له منهجه المتميز كداعية إسلامي ، فلم ينهج ‏منهجًا تقليديًا متوارثًا ، بل تحرر من هذه القيود ، فكانت مقالاته وكتاباته وأحاديثه ‏تجمع بين الأسلوب المصري ، وبين التراث الإسلامي بمقررات واضحة ومفهوم ‏سهل ، في متناول كل القراء على اختلاف أفهامهم وقدراتهم العلمية ، وكان ‏متأثرًا في ذلك بمنهج الشيخ محمد حامد الفقي - رحمه الله - وقراءاته لكتب ‏ابن تيمية وتلميذه ابن القيم التي وقع عليها بُعد نظره وهو في بداية دراسته ‏الأزهرية.
كان - رحمه الله - على خُلق دمث ، تجلى ذلك في معاملاته ، كما كان له ‏أثر كبير مع المخالفين من الطرق الصوفية ، وغيرهم ، حيث كان يستخدم معهم ‏عبارات مهذبة جاريًّا على طريقة القرآن في الدعوة بالموعظة الحسنة ، والرفق ‏بالعقول ، فكان إذا سمع شيءًا لم يعجبه نادى بالرفق بالعقول المسلمين ، كقوله ‏في إحدى مقالاته ( رفقًا بوعي هذه الأمة ) ، أو ( رفقًا بعقول المسلمين يا ‏دراويش البدوي ).
كان يكتب في المجلات العلمية والصحافة اليومية ، وخاصة صحافة الجمعة ‏‏، مصححًا للمفاهيم الخاطئة ، ومناديًّا بالمفاهيم الصحيحة.
ومما يدل على بُعد نظره - رحمه الله - أنه في أول عهده بالكتابة في مجلة ‏‏( الهدي النبوي ) كتب مجموعة من المقالات تحت عنوان ( آفة الجماعة ‏الإسلامية ) ، بدأها بمقال تحت عنوان ( التفرق والاختلاف ) بلغت (12) ‏مقالة ، وكأنه كان يعلم - من خلال قراءاته للقرآن والسنة - أخطار التفرق ‏والاختلاف على الأمة الإسلامية ، فحذر منها ، ونبه عليها ، وكان يتمنى أن ‏يجتمع المسلمون والعرب تحت راية الإسلام ، حتى لا ينال منها الاستعمار ، ‏وقد أوضح في سلسلة هذه المقالات منابع التفرق والاختلاف على مر العصور ، ‏وأخطارهما على المسلمين وقد حدث توقعه ، فالأمة الإسلامية اليوم قد أصيبت بداء التفرق بفعل مؤامرات ‏الصهيونية ، وغيرهم من أعداء الإسلام ، المتكالبين على المسلمين.
وعلى الرغم من أنه أسس جماعة دعوة الحق الإسلامية ، ورأسها ، لم يكن ‏بعيدًا عن أنصار السنة المحمدية قلبًا ومعنى ، فكان - رحمه الله - يسر أيما ‏سرور عندما يُدعى لإلقاء خطبة الجمعة في أحد الفروع ، أو إلقاء محاضرة، ‏حيث يلتقي بإخوانه من القدامي ، أمثال ما كان يحدث في شربين مع الشيخ عبد ‏الباقي الحسيني ، وفي دمياط مع الشيخ السيد الزيني ، وفي كفر العلو مع الشيخ ‏عبد المجيد محمد صالح وغيرهم كثير من فروع الجماعة ممن كانوا يدعونه لخطب الجمعة أو إلقاء ‏المحاضرات ، فلم يتأخر ، بل يلبي الطلب بترحاب وسرور.
كان - رحمه الله - حريصًا على المشاركة والمساهمة في طبع كتب شيوخه ‏الراحلين القدامى ، إذ ساهم بنصيب وافر في طبع كتاب ( دعوة الحق ) للشيخ ‏عبد الرحمن الوكيل ، وكتاب ( الأسماء الحسنى ) للشيخ أبي الوفا درويش.
تنوعت وسائل جهوده في نشر الدعوة الإسلامية ، فأصدر عدة مؤلفات ؛ ‏منها ( الدعوة في الإسلام عقيدة ومنهج ، لكي تستعيد أمتنا ذاكرتها ) ، ‏وغيرها من المؤلفات التي تعبر عن عقيدته السلفية ، كما كان له تراثه العلمي ‏من المقالات والبحوث التي نشرت في المجلات والصحف المحلية والخارجية ‏‏، كما أتاحت له الإذاعات في شبكة القرآن الكريم والبرنامج العام في أحاديث ‏الصباح ، حيث كان يكتب ويلقي مقدمة التلاوة ، كما كانت له أحاديث في علوم ‏القرآن والدين والمجتمع ، سواء منها في التلفاز أو الإذاعة.
كما شارك في كثير من المؤتمرات العلمية في دول إسلامية كثيرة ، مثل ‏باكستان ، وقدم فيها أبحاثًا مختلفة عن القرآن الكريم.
وفاته وقد تُوفي - رحمه الله - فجر يوم السبت 7 من ربيع الثاني سنة ‏‏1419هـ ، وذلك بعد أن خطب الجمعة ، وصلى صلاة الجنازة على الشيخ - ‏رحمه الله - الشيخ سالم عبيد باحبيش وشيع جنازته في المقابر وأبَّنَه ، ثم عاد ‏إلى داره ، ثم وافته أزمة قلبية بالمستشفى ، فمات عن عمر يناهز الستة وستين ‏عامًا ، وشيعته جموع كبيرة من أهل قريته ، ومن البلاد المجاورة ومن محبيه ‏وعارفي فضله ، كما شارك في جنازته أيضًا من أساتذة وعلماء الأزهر الذين ‏عرفوه وعرفوا خصاله ، إذ كان وديعًا هادئًا. وهكذا يقبض العلم بقبض العلماء.



1624211779630.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى