عندما ارتبطت بالحركة الثقافية بالإسكندرية في أواخر عام 1967. كان هناك ثلاث منتديات أدبية:
• ندوة الأستاذ حسني نصار مساء كل أحد بمكتبة جمعية الشبان المسلمين –كنا نجلس في الردهة بمقاعدها المريحة التي مازلت أذكرها، ونشرب الكاكاو ونتحدث، وعندما يقترب حسني نصار منا نهب واقفين مرحبين به، وندخل المكتبة فنصطف حوله، فأمين المكتبة الشاعر حسن شهاب لا يسمح لنا بالدخول إلا إذا جاء حسني نصار. وإذا تغيب عن الحضور – نخرج من المبنى – ونجتمع في أي قهوة لكي نقرأ ما معنا من قصص.
• ندوة جماعة الأدب العربي برئاسة الزجال محمد رخا – ومكانها جمعية ذوي المعاشات وأصدقاء الشيوخ في مواجهة البنك العقاري بشارع طوسون. وكانت ندوة القصة كل ثلاثاء – ويشرف عليها الأستاذ محمد الصاوي. وقرأت فيها أول قصة كتبتها في حياتي.
• ندوة قصر ثقافة الحرية كل يوم اثنين وكان يشرف عليها شاعر العامية إبراهيم غراب – وبعد انتقاله للعمل بمحافظته – اشرفت عليها الأستاذة عواطف عبود – بينما كانت ندوة الشعر، تقام كل يوم أحد وتشرف عليها الأستاذة سامية عرفة.
كنت أرتاح في ندوة الاثنين أكثر من أي ندوة أخرى – لأنها تجمع كوكبة من كبار كتاب الإسكندرية: الدكتور علي نور، ومحمد حافظ رجب، وحسني نصار ونبيل فرج ومحمد الصاوي وأساتذة اللغة العربية في كليتي الآداب والتربية في الإسكندرية: الدكاترة: محمد زكي العشماوي ومحمد مصطفى هدارة، والسعيد الورقي ومحمد زكريا عناني وعبد المتعال قدال ومحمود الحسيني، وصلاح عبد الحافظ وعبد الله سرور ويسري سلامة وغيرهم، ثم انضم إليها بعد ذلك محمد السيد عيد ورجب سعد السيد وعبد الله هاشم ومحمود عوض عبد العال وسعيد سالم ومحمد الجمل وإبراهيم عبد المجيد وحورية البدري وأحمد حميدة ومحمد عبد الله عيسى ومصطفى نصر
توقفت ندوة حسني نصار الذي صرعته دراجة بخارية وهو يعبر الطريق في شارع رمسيس بالقاهرة، الذي أطلق عليه شارع الموت - حاملا حقيبته الممتلئة بأوراقه الأدبية والقانونية، صدمته الدراجة البخارية الطائشة، ونقل إلى المستشفى حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، تحت وطأة الصدمة المباغتة والإهمال الشنيع واللامبالاة القاتلة.
وتوقفت ندوة جماعة الأدب العربي وسط صراع البعض على رئاستها وظلت ندوة الاثنين دائرة وشامخة في كبرياء.
وتظهر ندوات أخرى كثيرة – فتقول السيدة عواطف عبود – ما معناه –: من خلال تجربتي في العمل الثقافي بالإسكندرية – ستظل ندوة الاثنين هي الأم في مجال القصة والرواية – وستتآكل الندوات التي تأتي بعدها – وندوة الاثنين ستظل قائمة كما هي.
وهذا ما حدث. فهي الندوة الوحيدة التي بدأت في عام 1967 ومازالت قائمة للآن.
تميز ندوة الاثنين عن باقي الندوات في الإسكندرية
مما ساعد على نجاح الندوة وجود عدد كبير جدا من كتاب القصة والرواية الجيدين في الإسكندرية – وعندما تم ترقية السيدة عواطف عبود مديرة للثقافة على مستوى المديرية – ثم على مستوى القطاع من المنوفية لمطروح – ظلت عواطف عبود متحمسة للقصة أكثر من غيرها – وقد استضافت لنا كبار كتاب مصر: محمود تيمور وأنيس منصور ورجاء النقاش ولويس عوض وغيرهم. عن نفسي كل الكتاب الكبار الذين عرفوني عن قرب – عرفتهم عن طريق ندوة الاثنين.
وكان من الممكن أن تنتهي الندوة كما انتهت معظم الندوات قبلها وبعدها، لولا إصرار بعض أعضائها، الذين تمسكوا بها وأعطوها الكثير، وكان عبد الله هاشم من أكثر المتحمسين لاستمرارها، واستقبلت الندوة الكثير من الأجيال التالية، فانضم إليها مجدي عبد النبي ومجدي الضوي وعبد الفتاح مرسي وفؤاد الحلو ومحمد عبد الوارث وفاطمة زقزوق وخالد السروجي ومحمد خيري حلمي ومحمد قاسم وغيرهم.
أصدرت الندوة مجلة نادي القصة والتي كانت تصدر على نفقة الأعضاء، ورأس تحريرها عبد الله هاشم، وعاونه في إصدارها: أحمد حميدة وكمال عمارة وغيرهما.
وقد ساهمت الندوة في ارتقاء فن كتابة القصة، وكانت السبب في تميز الإسكندرية في هذا المجال، حتى أصبح كتابها مشهورين على مستوى الوطن العربي كله. وذلك شجع إدارة قصر الحرية على أن تعطي اهتماما أكثر للندوة، فخصصت ميزانية لإصدار المجلة على حساب القصر، ثم إصدار مطبوعات للمجموعات القصصية والرواية والكتب النقدية في مجال القصة والرواية.
كان ينتابنا الخجل من الاستمرار في الندوة – فيأتي – أحيانا – زملاؤنا الذين زاملونا في الندوة، ثم فضلوا الترحال إلى القاهرة – حيث بقعة الضوء – فيقول بعضهم لنا ساخرين: لسه قاعدين زي ما أنتم؟!
أو ما كتبه صديقنا القديم محمود قاسم في حوار له في الأهرام – ساخرا من ارتباطنا بقصور الثقافة في الإسكندرية - ناسيا إن إصرارنا على البقاء في الإسكندرية يصعب عملية انتشارنا -
وقد كتبت مقالة نشرت بجريدة أخبار الأدب بعنوان " هل أدباء الإسكندرية دود تحت الطوب؟! " على أساس إن واحد من فاقدي الموهبة - ممن رحلوا للقاهرة كان يردد بأن ما يحدث في الندوات الأدبية في الإسكندرية – لا يحس بها أحد – وكأنهم دود يتصارع تحت طوبة كبيرة.
كنا خارجين من أتيليه الإسكندرية فسألت الصديق أحمد فضل شبلول عن رأيه في المقال. فقال: قرأته وغير راضي عنه. وقبل أن أرد عليه، قال لي فيه كاتب قصة قاهري، قال لي: قول لمصطفى نصر أنا أعيش في القاهرة – وهو أشهر مني رغم أنه مازال يعيش في الإسكندرية.
فقلت لشبلول: الحكاية لا تقاس هكذا – اختر كاتب قاهري في قدري وقارني به – وأنظر أين أنا وأين هو.
كاتبات القصة والرواية في ندوة الاثنين
عانت الندوة لندرة الكاتبات بها - فتأتي الفتاة، فإذا ما خطبت أو تزوجت؛ فارقتنا ولا نجد لها أثرا.
لم تستمر معنا سوى الدكتورة حورية البدري التي زاملتنا منذ أن كانت طالبة في الثانوية العامة، ثم التحاقها بكلية العلوم – وتخرجها – وزواجها – وحصولها على الدكتوراه.
ثم جاءت فاطمة زقزوق – فتاة واضحة الموهبة، سيئة الحظ. ظروفها الاجتماعية لم تساعدها للتثقف وتطور أدواتها – وأذكر ما قالته لنا في الندوة – عندما نصحناها بقراءة الأدب الجاد – قالت بصراحة شديدة:
- ما تقولوليش اقرأي الأدب الجاد - فعندما قرأته توقفت عن الكتابة.
فقلت لها هذا أمر طبيعي – فالأفكار المتطورة التي قابلتها بعد قراءة الكتب القيمة – ستجعلك تتوقفين لبعض الوقت للتأمل والتفكير – وبعدها ستكتبين أدبا متطورا وناجحا.
وعندما تركتُ الندوة كان فيها حنان سعيد ومجيدة شاهين – وكنت أتابع أخبار الندوة من بعيد – فعلمت إن كاتبة فلسطينية اسمها بشرى أبو شرار؛ انضمت للندوة وأثارت فيها حركة أدت لظهور الكثير من الكاتبات – وأستطيع أن أقول إن أهم ما يميز الحركة الأدبية في الإسكندرية الآن؛ هو وجود هذه المجموعة الجيدة والنشطة من الكاتبات - فجودتهن أدت إلى تنافس إيجابي أدى إلى دفقات من النشر وتطور في الأداء.
وأستطيع القول بلا حساسية إن عبد الله هاشم كان له الفضل في ظهور هذا العدد الكبير من الكاتبات الناجحات. فهو يمتلك قدرة غير عادية في الدفاع عن السكندريين رجالا ونساء – ولدية قدرة خاصة لكي يشعر الكاتب السكندري بإنه الأفضل والأرقى. كما إنه قادر على نشر ما يريد توصيله للآخرين – فإذا تحمس لكاتب أو كاتبة؛ لا يكف عن الحديث عنه في كل وقت وكل مكان – فظل لوقت طويل، كلما حدثته عن كاتب أو كاتبة جيدة – عبر التليفون – يصيح بانفعال وحماس شديد: زي بشرى ومحمد خيري حلمي.
فمحمد خيري حلمي كتب رواية بعنوان بشرى تكتب طوال الليل – وعبد الله يقرأ طوال الليل – فجاءت الرواية على هوى عبد الله – وذاع عنها في كل زمان ومكان – والرواية فيها تلقائية يمتاز بها خيري – وذكر فيها اسماء شخصيات حقيقة – اسماء كتاب وكاتبات – خاصة كتاب الإسكندرية – ومن وقتها كلما قرأ عبد الله قصة أو رواية يذكر فيها مؤلفها اسماءً لاشخاص حقيقيين – يعتبره قد أخذ من خيري ونقل عنه – ولا انسى عندما حدثني بالتليفون قائلا: بهاء طاهر بيقلد محمد خيري حلمي وتأثر به. قلت: كيف؟ قال: نشر قصة في المصور يقول فيها: زوجتي تقول لصديقاتها – أوجاراتها – الفلوس إللي بيدهاني بهاء، بتخلص يوم كذا.
كما أن المنافسة الإيجابية التي زكاها عبد الله هاشم في نفوس الكاتبات – جعلتهن يحرصن على نشر كتبهن – وتطوير أدواتهن.
• ندوة الأستاذ حسني نصار مساء كل أحد بمكتبة جمعية الشبان المسلمين –كنا نجلس في الردهة بمقاعدها المريحة التي مازلت أذكرها، ونشرب الكاكاو ونتحدث، وعندما يقترب حسني نصار منا نهب واقفين مرحبين به، وندخل المكتبة فنصطف حوله، فأمين المكتبة الشاعر حسن شهاب لا يسمح لنا بالدخول إلا إذا جاء حسني نصار. وإذا تغيب عن الحضور – نخرج من المبنى – ونجتمع في أي قهوة لكي نقرأ ما معنا من قصص.
• ندوة جماعة الأدب العربي برئاسة الزجال محمد رخا – ومكانها جمعية ذوي المعاشات وأصدقاء الشيوخ في مواجهة البنك العقاري بشارع طوسون. وكانت ندوة القصة كل ثلاثاء – ويشرف عليها الأستاذ محمد الصاوي. وقرأت فيها أول قصة كتبتها في حياتي.
• ندوة قصر ثقافة الحرية كل يوم اثنين وكان يشرف عليها شاعر العامية إبراهيم غراب – وبعد انتقاله للعمل بمحافظته – اشرفت عليها الأستاذة عواطف عبود – بينما كانت ندوة الشعر، تقام كل يوم أحد وتشرف عليها الأستاذة سامية عرفة.
كنت أرتاح في ندوة الاثنين أكثر من أي ندوة أخرى – لأنها تجمع كوكبة من كبار كتاب الإسكندرية: الدكتور علي نور، ومحمد حافظ رجب، وحسني نصار ونبيل فرج ومحمد الصاوي وأساتذة اللغة العربية في كليتي الآداب والتربية في الإسكندرية: الدكاترة: محمد زكي العشماوي ومحمد مصطفى هدارة، والسعيد الورقي ومحمد زكريا عناني وعبد المتعال قدال ومحمود الحسيني، وصلاح عبد الحافظ وعبد الله سرور ويسري سلامة وغيرهم، ثم انضم إليها بعد ذلك محمد السيد عيد ورجب سعد السيد وعبد الله هاشم ومحمود عوض عبد العال وسعيد سالم ومحمد الجمل وإبراهيم عبد المجيد وحورية البدري وأحمد حميدة ومحمد عبد الله عيسى ومصطفى نصر
توقفت ندوة حسني نصار الذي صرعته دراجة بخارية وهو يعبر الطريق في شارع رمسيس بالقاهرة، الذي أطلق عليه شارع الموت - حاملا حقيبته الممتلئة بأوراقه الأدبية والقانونية، صدمته الدراجة البخارية الطائشة، ونقل إلى المستشفى حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، تحت وطأة الصدمة المباغتة والإهمال الشنيع واللامبالاة القاتلة.
وتوقفت ندوة جماعة الأدب العربي وسط صراع البعض على رئاستها وظلت ندوة الاثنين دائرة وشامخة في كبرياء.
وتظهر ندوات أخرى كثيرة – فتقول السيدة عواطف عبود – ما معناه –: من خلال تجربتي في العمل الثقافي بالإسكندرية – ستظل ندوة الاثنين هي الأم في مجال القصة والرواية – وستتآكل الندوات التي تأتي بعدها – وندوة الاثنين ستظل قائمة كما هي.
وهذا ما حدث. فهي الندوة الوحيدة التي بدأت في عام 1967 ومازالت قائمة للآن.
تميز ندوة الاثنين عن باقي الندوات في الإسكندرية
مما ساعد على نجاح الندوة وجود عدد كبير جدا من كتاب القصة والرواية الجيدين في الإسكندرية – وعندما تم ترقية السيدة عواطف عبود مديرة للثقافة على مستوى المديرية – ثم على مستوى القطاع من المنوفية لمطروح – ظلت عواطف عبود متحمسة للقصة أكثر من غيرها – وقد استضافت لنا كبار كتاب مصر: محمود تيمور وأنيس منصور ورجاء النقاش ولويس عوض وغيرهم. عن نفسي كل الكتاب الكبار الذين عرفوني عن قرب – عرفتهم عن طريق ندوة الاثنين.
وكان من الممكن أن تنتهي الندوة كما انتهت معظم الندوات قبلها وبعدها، لولا إصرار بعض أعضائها، الذين تمسكوا بها وأعطوها الكثير، وكان عبد الله هاشم من أكثر المتحمسين لاستمرارها، واستقبلت الندوة الكثير من الأجيال التالية، فانضم إليها مجدي عبد النبي ومجدي الضوي وعبد الفتاح مرسي وفؤاد الحلو ومحمد عبد الوارث وفاطمة زقزوق وخالد السروجي ومحمد خيري حلمي ومحمد قاسم وغيرهم.
أصدرت الندوة مجلة نادي القصة والتي كانت تصدر على نفقة الأعضاء، ورأس تحريرها عبد الله هاشم، وعاونه في إصدارها: أحمد حميدة وكمال عمارة وغيرهما.
وقد ساهمت الندوة في ارتقاء فن كتابة القصة، وكانت السبب في تميز الإسكندرية في هذا المجال، حتى أصبح كتابها مشهورين على مستوى الوطن العربي كله. وذلك شجع إدارة قصر الحرية على أن تعطي اهتماما أكثر للندوة، فخصصت ميزانية لإصدار المجلة على حساب القصر، ثم إصدار مطبوعات للمجموعات القصصية والرواية والكتب النقدية في مجال القصة والرواية.
كان ينتابنا الخجل من الاستمرار في الندوة – فيأتي – أحيانا – زملاؤنا الذين زاملونا في الندوة، ثم فضلوا الترحال إلى القاهرة – حيث بقعة الضوء – فيقول بعضهم لنا ساخرين: لسه قاعدين زي ما أنتم؟!
أو ما كتبه صديقنا القديم محمود قاسم في حوار له في الأهرام – ساخرا من ارتباطنا بقصور الثقافة في الإسكندرية - ناسيا إن إصرارنا على البقاء في الإسكندرية يصعب عملية انتشارنا -
وقد كتبت مقالة نشرت بجريدة أخبار الأدب بعنوان " هل أدباء الإسكندرية دود تحت الطوب؟! " على أساس إن واحد من فاقدي الموهبة - ممن رحلوا للقاهرة كان يردد بأن ما يحدث في الندوات الأدبية في الإسكندرية – لا يحس بها أحد – وكأنهم دود يتصارع تحت طوبة كبيرة.
كنا خارجين من أتيليه الإسكندرية فسألت الصديق أحمد فضل شبلول عن رأيه في المقال. فقال: قرأته وغير راضي عنه. وقبل أن أرد عليه، قال لي فيه كاتب قصة قاهري، قال لي: قول لمصطفى نصر أنا أعيش في القاهرة – وهو أشهر مني رغم أنه مازال يعيش في الإسكندرية.
فقلت لشبلول: الحكاية لا تقاس هكذا – اختر كاتب قاهري في قدري وقارني به – وأنظر أين أنا وأين هو.
كاتبات القصة والرواية في ندوة الاثنين
عانت الندوة لندرة الكاتبات بها - فتأتي الفتاة، فإذا ما خطبت أو تزوجت؛ فارقتنا ولا نجد لها أثرا.
لم تستمر معنا سوى الدكتورة حورية البدري التي زاملتنا منذ أن كانت طالبة في الثانوية العامة، ثم التحاقها بكلية العلوم – وتخرجها – وزواجها – وحصولها على الدكتوراه.
ثم جاءت فاطمة زقزوق – فتاة واضحة الموهبة، سيئة الحظ. ظروفها الاجتماعية لم تساعدها للتثقف وتطور أدواتها – وأذكر ما قالته لنا في الندوة – عندما نصحناها بقراءة الأدب الجاد – قالت بصراحة شديدة:
- ما تقولوليش اقرأي الأدب الجاد - فعندما قرأته توقفت عن الكتابة.
فقلت لها هذا أمر طبيعي – فالأفكار المتطورة التي قابلتها بعد قراءة الكتب القيمة – ستجعلك تتوقفين لبعض الوقت للتأمل والتفكير – وبعدها ستكتبين أدبا متطورا وناجحا.
وعندما تركتُ الندوة كان فيها حنان سعيد ومجيدة شاهين – وكنت أتابع أخبار الندوة من بعيد – فعلمت إن كاتبة فلسطينية اسمها بشرى أبو شرار؛ انضمت للندوة وأثارت فيها حركة أدت لظهور الكثير من الكاتبات – وأستطيع أن أقول إن أهم ما يميز الحركة الأدبية في الإسكندرية الآن؛ هو وجود هذه المجموعة الجيدة والنشطة من الكاتبات - فجودتهن أدت إلى تنافس إيجابي أدى إلى دفقات من النشر وتطور في الأداء.
وأستطيع القول بلا حساسية إن عبد الله هاشم كان له الفضل في ظهور هذا العدد الكبير من الكاتبات الناجحات. فهو يمتلك قدرة غير عادية في الدفاع عن السكندريين رجالا ونساء – ولدية قدرة خاصة لكي يشعر الكاتب السكندري بإنه الأفضل والأرقى. كما إنه قادر على نشر ما يريد توصيله للآخرين – فإذا تحمس لكاتب أو كاتبة؛ لا يكف عن الحديث عنه في كل وقت وكل مكان – فظل لوقت طويل، كلما حدثته عن كاتب أو كاتبة جيدة – عبر التليفون – يصيح بانفعال وحماس شديد: زي بشرى ومحمد خيري حلمي.
فمحمد خيري حلمي كتب رواية بعنوان بشرى تكتب طوال الليل – وعبد الله يقرأ طوال الليل – فجاءت الرواية على هوى عبد الله – وذاع عنها في كل زمان ومكان – والرواية فيها تلقائية يمتاز بها خيري – وذكر فيها اسماء شخصيات حقيقة – اسماء كتاب وكاتبات – خاصة كتاب الإسكندرية – ومن وقتها كلما قرأ عبد الله قصة أو رواية يذكر فيها مؤلفها اسماءً لاشخاص حقيقيين – يعتبره قد أخذ من خيري ونقل عنه – ولا انسى عندما حدثني بالتليفون قائلا: بهاء طاهر بيقلد محمد خيري حلمي وتأثر به. قلت: كيف؟ قال: نشر قصة في المصور يقول فيها: زوجتي تقول لصديقاتها – أوجاراتها – الفلوس إللي بيدهاني بهاء، بتخلص يوم كذا.
كما أن المنافسة الإيجابية التي زكاها عبد الله هاشم في نفوس الكاتبات – جعلتهن يحرصن على نشر كتبهن – وتطوير أدواتهن.