زهير ميرزا - أحلام مغترب...

ظننت يوم يممت وجهي عن بلدي..وانطلقت الى صحراء الحياة..انني يومذاك فقط...انطلقت من إسار المدنية لأستحم في شمس الحياة النقية..وارتع في صحرائها المترامية...واستجم من كل عناء..واستريح من كل شقاء...
وظننت يوم وطّنت النفس على الهجرة..انني آنذاك..قد هاجرت عن عقائد..الى لا عقائد..وفررت من قيود...الى لاقيود..وهربت من كل ما ألفته أبصاري...وما ملّت منه تخيلاتي وافكاري...
فالمرء بطبعه..ميّال لكل جديد.......فماذا وجدت..؟؟
وجدت الصحراء تلفحني بحرارتين...حرارة الحياة الباردة...وحرارة الاشواق المتقّدة...!!
ووجدت ان العقائد التي هاجرت عنها..والقيود التي فررت منها..والمألوفات التي سئمتها...انما هي تجري مجرى الدماء في عروقي..
فما وجدت العقيدة التي اعتقدتها..الا أشلاء عقائدي التي هاجرت عنها...وما لقيت القيود الجميلة الحبيبة التي كانت تغلّ حريتي العظيمة..وما عثرت على خاطرة أملّها...فقد كنت ادور في حلقة واحدة....كلها تقول لي : لقد أضعت الشيء النفيس..لقد أضعت الشيء الحبيب..لقد أضعت معناك..كما أضعت انسانيتك..!
فما معنى الحياة..ان لم تقم على عقيدة ...فلا يمكن للانسان ان يحيا في العراء..دون عقيدة...ودون التجاء..وانتماء...ولكن من الخير للانسان..ان ينعتق من كل عقيدة ارضية....ليبقى انسانا..له انسانيته المتميزة....لا تبعيّاً...كالماء...يأخذ شكل كل إناء !!
واي معنى للحياة..ان لم اتلفت..فاجد القيود الجميلة المحببة...تصفّد قدميّ و يديّ وعقلي وتفكيري..ووجودي..؟؟

- زهير ميرزا...


تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
في الأدب المهجري (أدب المهاجر والمنافي)
المشاهدات
641
آخر تحديث
أعلى