علي سالم صخي - أرصفة عالقة.. عن الحياة وماهيتها

كثيرا جلست على شرفتها المتوهجة بالمعنى ، باحثا عن ملاذ للانصهار في روح الوقت.
حياتك وكل ما كتبته من الشعر ابتداءا من فيلم الجدار الذي أرهق سباتك مرورا بغرف الأقسام الداخلية ذات الروائح اللزجة في باب المعظم مع البدايات الأولى للكتابة والنقاش والتصحيح مع الصديق عباس علي الى بداية التسعينيات حيث تم اللقاء مع أخيه الشاعر الأجمل عقيل علي وصحبة سكونه .
وما أن بدأت في الكتابة والتمرس عليها حتى تركتها مغادرا الى التصوف من خلال اتباعي لاحدى الطرق الصوفية وكان الانشغال بالعبادة ورائحة التصوف والخدمة له مذاق العشق ونكران الذات والتواضع ولا يمكن للروح أن تسمو بغير ذلك ، لن أنسى أبدا ذلك اليوم الشتائي البارد في أحد فنادق عمان حين بدأ الخليفة توفيق الزميل السابق لي في كلية الفنون الجميلة حين بدأ التحدث عن الطريقة والتصوف الذي رفع عن كاهلي ومازال يرفع الكثير من ثقل الآن ، عدت الى بغداد آخذا الطريقة متناسيا كل أحلام السفر وأوربا أنا الصفر الذي بدأ حياته توا .
الحياة في العراق في زمكانها الماضي والحاضر هي هي عبارة عن لقطة سينمائية طويلة من اللذة المرتشة بصحبة الوجع ، شعب أرهقه الانقسام لا ليس شعب بل شعوبا أرهقها اللاانتماء واللاوعي ، الجهل يسري بصحبة الأنا والمذهبية المقيتة .
دمشق أو الشام العتيق جددت فيه علاقتي مع الشعر هاربا من طائفية 2006 تلك التي أكلت أرواحا بريئة لمجرد الاختلاف بالهوية .
كتبت وصححت وأقتنيت الكثير من السينما لكني تعبت ،
حين تقرر أن تكون شاعرا لابد أن تكون مجنونا لتصدق قرارك هذا ،
لأن الشعر ثقيل إنه حامل ، أينما يذهب يحمل معه شيئا ،ينصت للهنا ،يصغي للهناك ، يبكي كثيرا ، يتحدث مع الطير والنمل والقطط ويحاول الاعتذار اليها في أحيان كثيرة ربما لمضايقتها أو استفزازها دون قصد .
الشاعر مساحة من الانسانية التي تحاول وتحاول هكذا فقط وربما دون جدوى .
أما الشعر هو اللعب ،اللعب بتمرس ،
ثمة تجربة حياتية من عرقها يخلق الشاعر أو الصانع ، يوميا هو في خلق مستمر ،كيف يبدو لي ذلك ؟ إنها حركة الحياة التي تفني الحاضر وتجعله ماضيا ،اللحظة القادمة مستقبل والمنتهية ماض ،هكذا يتزود الشاعر .
عدت الى بغداد مجددا ، مشتاقا الى لذة وجعها الذي منحني أعز وأغلى الأصدقاء ذلك الأب الذي احتضن ما تبقى من أحلامي ووهبها المزيد من التجلي المعرفي والخوض في اللا وطرقها الخلفية وقصص آلاف الاقدام التي تنتشر يوميا عليه ،
إنه الرصيف ذلك الكائن الأسمى وهو يلملم يوميا تبعثر أيامنا ليصنع منها نصوص الحياة .
رافقته وبرفقته منحت الآخرين هسيس انسانيتي على أطباق معرفية متربة ، شيدنا من خلالها طرقا في الطرق كانت الأقرب لاتباع الجمال ومنهجا للمعرفة .
رصيف السينما والشعر ومريدوه كان ومازال بقعة ضوء حائرة في بلاد القهر والحرب ، الرصيف الذي خفتت ضياؤه عند مفترق طرق .
..
وحيد أنت
وأيامك تأكل أيامك .
هكذا بدأ مشوار تركيا ومازال ، ثمة انقطاع تام وخوض في التجربة الحياتية والعمل الشاق الذي لا يخلو من لذة التجوال والبحث في أرصفة لا تشبه في محتواها أرصفتك السابقة ، ابتدأت بعربة الداطلي ولم تنته مع بسطة الخضار والفواكه ما دمت تحاول تحفيز نفسك والآخر على مسك الحياة بقوة .
- ثمة دائما في عمق الليل قمر -
لم تعد السينما ترافقني حتى بهتت في ذاكرتي ألوانها عكس الشعر الذي اتخذ له مسارات شتى جدد فيها كينونته التي أخذت بالتحول من الصورة واليومي الى المزيد من التكثيف والاقتضاب الذي منح اللغة استقلاليتها متوجها بها نحو منحا فلسفيا نوعا ما ..
- بي أنت
بك أكون أنا
لماذا كلانا
لا يشعر بالآخر .
...
- وحدها البيوت المكسوة بالحرب
تسخر من رطوبة الأسئلة .
..
وإن لم يكترث لك أحد ، أو بدوت مهمشا ، يبقى الفراغ بك ملتهبا واللغة لك حانية مادمت تشعر انك مكثف وبرفقة دمك يسيل غد مؤجل .
ربما للحديث بقية ..وإن مرت ست سنوات أخرى ، لكنه بكل بساطة مازال يتنفس تحت شجرة ما على رصيف آخر ، ثمة بائع متجول .
......



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى