في ظل النظام الشمولي، يكون كل شيء موجه في زاوية ضيقة تصب في خدمة وتعظيم السلطة، وبالأخص في جانب الثقافة والإعلام، لتخلق لنفسها أي السلطة هيكلاً مقدساً وتخلف موروثاً ثقافياً يقدمه الدائرون في فلكها، الذين يدركون ماذا تريد منهم السلطة، وماذا يكسبون بعد ذلك، كل تلك الأمور تجري بكامل وعيهم وإدراكهم. بالمقابل هناك جانب الرفض المقموع الذي يتخذ أشكالاً مختلفة للرفض، والبعض من هذا الرفض يرتقي إلى مستوى الكتابة، بمضمون مختلف، وبمحتوى مغاير، ليحقق الكاتب ما يبحث عنه، لتشكيل ملامح أفكاره وإثبات الهوية التي يريد لها الحضور رغم كل الحواجز المجحفة، والمخاطر التي قد تحيق به وبغيره.
في أواخر القرن العشرين كان هناك مجموعة من الشباب الواعي على سبيل المثال لا الحصر قصي الخفاجي، وحيد غانم، نجاح الجبيلي، كريم عباس زامل، وغيرهم،…. الذين يمتلكون رؤية مخالفة لما هو سائد ومبتذل، أرادوا أن يقولوا ما لم يُقال، أن يعتمدوا على أنفسهم، رغم الظروف القاهرة، والمضايقات، وعدم توفر إمكانيات التواصل المتوفر في الوقت الحاضر ومن خلال تواصلهم في مكان محدد، صمموا أن يقدموا مجموعة من القصص، تعاونوا وبطريقة الطباعة الأولية، والاستنساخ، قدموا نتاجاتهم، التي تبرز هويتهم رغم الوسط الضاج بكيل المديح، والمغالاة في التوصيف الذي يدور في فلك واحد معروف. كانوا يكتبون ربما يرمزون رفضهم، أو يوثقون مأساة جيلهم، أو يعرضون نكوصاتهم بما فيها غربتهم وضياع الهوية.
في ذلك الزمن حيث يصير الزمن إنسانياً إذا ما فـُصـًِِل بنحو سردي ، وأن القص يصير دالاً حينما يرسم ملامح التجربة الإنسانية ، وقد تكون القصة هي عملية رصد دقيق لحالة أو أكثر من حالات الوجود الإنساني، وهكذا كانت تلك التجربة إنسانية، بما تتضمن من رؤى، ودلالات، تطفو في قصصهم، ولو تأملنا جيداً فيما بين السطور، وفي مكنونات الكلمات، وما تشكله وتتضمنه الجمل،لاستطعنا استنباط ما هو أعمق من ذلك. من حالة رفض، وسمات التحدي، لتشكل بالتالي هوية، يراد لها أن ترسم ملامحها، من خلال تلك النصوص التي كانت توزع إلى المتلقي الذي كان يتفاعل معها، كطريقة متفردة، رغم كل شيء.
وكما ندرك أن السرد مكون للهوية، والهوية ليست وجوداً مطلقاً، ولكنها تنمو وتتشكل في عمق التاريخ والثقافة، ورغم محدودية التجربة إلا أنها كان لها وقعها، ومخاطرة في زمن لا يؤتمن على أي شيء، لذلك أعتقد أن تلك التجربة شكلت، لكل مساهم سمات هويته واتضحت لدى البعض فيما جاء من نتاج أدبي في زمن لاحق.
كانت تجربة راقية رغم كل ما يحيط بها، وتمثلت في الجرأة والتحدي في ظروف خطرة. أن هذه المجازفة الجريئة تكلف الكثير لمعاناة التحدي والثبات.
أن هذا الخطاب الذي نجده في هذه التجربة، يبحث عن محددات ترتبط ارتباطاً وثيقاً من خلال وجود الذات الفاعلة عبر لغة السرد، لتعطي إحساس الأنا بالانتماء.
أن وجود هذه التجربة لمجموعة من المثقفين الجادين في كتابة القصة، لا تلغي دور الآخرين الذين لم يساهموا معهم، لكن الفرق كبير بين من ينطوي خلف حواجز التردد والانعزال، ولا يحاول أن يوصل صوته وفكره إلى الآخرين، ومن يبادر بكل قوة، متمرداً على واقع مرير ولا يخشى من العاديات التي لا يعرف كنهها، ولا يدري متى يلحقه الضرر.
أما الآن ربما نحن بحاجة إلى تجربة صميمة، تتفاعل مع هذه الظروف الراهنة، وانعكاساتها على أرض الواقع، وما تمسه من معظم جوانب الحياة، من أجل فكر حر، فحرية الفكر أرقى سمة خلفتها لنا تلك العهود القديمة في زمن الإغريق والرومان، وكان لهم الفضل على مجرى الحياة والإنسانية حتى يومنا هذا، هذا الفكر الحر لا ينطوي تحت مسميات الطائفية، والنعرات الأخرى، فكر يلامس مشاعر الناس ليرتقي إلى آمالهم وأمانيهم، ويتناغم مع رؤاهم، وهمومهم اليومية.
ربما كان هكذا توجههم، وهكذا كتبوا قصاصو أواخر القرن العشرين، وكانت تجربة متفردة، وهذا يحمل النقاد والذين يؤرخون للثقافة بصورة عامة وللقصة بصورة خاصة مسؤولية كبيرة، فدعوة لهم للمثابرة كي لا تضيع هذه التجربة أو تطالها براثن الإهمال، أن مثل هذه التجربة لها عمقها في الوجود والحياة، بما تحتويه من أبعاد إنسانية، وشكلت هوية مميزة لقصاصي تلك التجربة في فترة ترزح تحت ظروف قاهرة، وعصيبة. وهي جديرة بالتوثيق والدراسة. وتستأهل كل جهد وتعب من المعينين، والذين يمتلكون الإمكانية لذلك
* عن الزمان
في أواخر القرن العشرين كان هناك مجموعة من الشباب الواعي على سبيل المثال لا الحصر قصي الخفاجي، وحيد غانم، نجاح الجبيلي، كريم عباس زامل، وغيرهم،…. الذين يمتلكون رؤية مخالفة لما هو سائد ومبتذل، أرادوا أن يقولوا ما لم يُقال، أن يعتمدوا على أنفسهم، رغم الظروف القاهرة، والمضايقات، وعدم توفر إمكانيات التواصل المتوفر في الوقت الحاضر ومن خلال تواصلهم في مكان محدد، صمموا أن يقدموا مجموعة من القصص، تعاونوا وبطريقة الطباعة الأولية، والاستنساخ، قدموا نتاجاتهم، التي تبرز هويتهم رغم الوسط الضاج بكيل المديح، والمغالاة في التوصيف الذي يدور في فلك واحد معروف. كانوا يكتبون ربما يرمزون رفضهم، أو يوثقون مأساة جيلهم، أو يعرضون نكوصاتهم بما فيها غربتهم وضياع الهوية.
في ذلك الزمن حيث يصير الزمن إنسانياً إذا ما فـُصـًِِل بنحو سردي ، وأن القص يصير دالاً حينما يرسم ملامح التجربة الإنسانية ، وقد تكون القصة هي عملية رصد دقيق لحالة أو أكثر من حالات الوجود الإنساني، وهكذا كانت تلك التجربة إنسانية، بما تتضمن من رؤى، ودلالات، تطفو في قصصهم، ولو تأملنا جيداً فيما بين السطور، وفي مكنونات الكلمات، وما تشكله وتتضمنه الجمل،لاستطعنا استنباط ما هو أعمق من ذلك. من حالة رفض، وسمات التحدي، لتشكل بالتالي هوية، يراد لها أن ترسم ملامحها، من خلال تلك النصوص التي كانت توزع إلى المتلقي الذي كان يتفاعل معها، كطريقة متفردة، رغم كل شيء.
وكما ندرك أن السرد مكون للهوية، والهوية ليست وجوداً مطلقاً، ولكنها تنمو وتتشكل في عمق التاريخ والثقافة، ورغم محدودية التجربة إلا أنها كان لها وقعها، ومخاطرة في زمن لا يؤتمن على أي شيء، لذلك أعتقد أن تلك التجربة شكلت، لكل مساهم سمات هويته واتضحت لدى البعض فيما جاء من نتاج أدبي في زمن لاحق.
كانت تجربة راقية رغم كل ما يحيط بها، وتمثلت في الجرأة والتحدي في ظروف خطرة. أن هذه المجازفة الجريئة تكلف الكثير لمعاناة التحدي والثبات.
أن هذا الخطاب الذي نجده في هذه التجربة، يبحث عن محددات ترتبط ارتباطاً وثيقاً من خلال وجود الذات الفاعلة عبر لغة السرد، لتعطي إحساس الأنا بالانتماء.
أن وجود هذه التجربة لمجموعة من المثقفين الجادين في كتابة القصة، لا تلغي دور الآخرين الذين لم يساهموا معهم، لكن الفرق كبير بين من ينطوي خلف حواجز التردد والانعزال، ولا يحاول أن يوصل صوته وفكره إلى الآخرين، ومن يبادر بكل قوة، متمرداً على واقع مرير ولا يخشى من العاديات التي لا يعرف كنهها، ولا يدري متى يلحقه الضرر.
أما الآن ربما نحن بحاجة إلى تجربة صميمة، تتفاعل مع هذه الظروف الراهنة، وانعكاساتها على أرض الواقع، وما تمسه من معظم جوانب الحياة، من أجل فكر حر، فحرية الفكر أرقى سمة خلفتها لنا تلك العهود القديمة في زمن الإغريق والرومان، وكان لهم الفضل على مجرى الحياة والإنسانية حتى يومنا هذا، هذا الفكر الحر لا ينطوي تحت مسميات الطائفية، والنعرات الأخرى، فكر يلامس مشاعر الناس ليرتقي إلى آمالهم وأمانيهم، ويتناغم مع رؤاهم، وهمومهم اليومية.
ربما كان هكذا توجههم، وهكذا كتبوا قصاصو أواخر القرن العشرين، وكانت تجربة متفردة، وهذا يحمل النقاد والذين يؤرخون للثقافة بصورة عامة وللقصة بصورة خاصة مسؤولية كبيرة، فدعوة لهم للمثابرة كي لا تضيع هذه التجربة أو تطالها براثن الإهمال، أن مثل هذه التجربة لها عمقها في الوجود والحياة، بما تحتويه من أبعاد إنسانية، وشكلت هوية مميزة لقصاصي تلك التجربة في فترة ترزح تحت ظروف قاهرة، وعصيبة. وهي جديرة بالتوثيق والدراسة. وتستأهل كل جهد وتعب من المعينين، والذين يمتلكون الإمكانية لذلك
* عن الزمان