حضرة الأخ العزيز
لا بُدَّ أَن تكونُوا في غايةِ العتبِ عَلَيَّ مِن جرَّاءِ تأَخُّرِ جوابي، ولا شكَّ أَني لم أَسلمْ مِنْ لسانِكمْ هذه المُدَّة، لكنَّ العُذرَ عندَ كِرامِ النَّاسِ مقبولٌ، وأَيُّ عُذرٍ شرعيٍّ أَكثرُ مِنَ المرضِ، فإِنَّهُ مقبولٌ حتَّى في المحاكمِ، ولقدِ انحرفَ مِزاجي مُدَّةَ عشرينَ يومًا، وأَلجَأَنِي الضَّعفُ أَنْ أَنقطعَ عنِ الأَشغالِ، وأَشارَ إِلَيَّ الأَطباءُ بوُجُوبِ النُّزهةِ، فبقينا نحوَ شهرٍ في الجبلِ، نَجُولُ في الأَهويةِ النَّقيَّةِ، ونستنشِقُ نسماتِ الرَّبيعِ وزهرَهُ البديعِ حتَّى عادتْ صحَّتُنا وللهِ الحمدُ أَحسنَ ما كانتْ، ولمَّا كانَ ذلك يَسُرُّكُمْ اقْتَضَى تبشيرُكُم، فلا تحسَبُوا تأّخُّرَنا عَنِ الجوابِ عَنْ عدمِ اهتمامٍ، لا فإِنَّ منزلَتَكُم عندَنا أَنتُم تعرفونَها، وبِكُلِّ وقتٍ نتذكَّرُكُم ونشتاقُ إِليكم، وحبَّذا لو سمحتْ لَكُمُ الفرصةُ بالحضُورِ إِلى بلادِنا، فَكُنَّا نُعَرِّفُ بِكُمُ الجميعَ، وكنتُمْ تُبَدِّلُونَ الهواءَ، فلا تبرحْ هذِهِ السِّياحةُ مِن بالِكُمْ. قدْ عَرَضْتُ مكتوبَكُم على سيِّدي العَمِّ الذي يَمِيْلُ إِليكُمْ عَنْ بُعْدٍ، وأَمَرَنِي أَنْ أُبَلِّغَ سلامَ عطوفَتِهِ لَكُم ولجميعِ المشايخِ أَهلِ يِرْكا، ودائمًا المأْمُولُ أَنْ تُوافُونا بأَخبارِكُم، ولا تقطعُوا عنَّا تحاريرَكُمْ، وتكرارًا اقبلوا عُذري في تأَخُّرِ الجوابِ، ودُمْتُم.
المخلص
شكيب أرسلان
في 10 مُحَرَّم سنة 1318 هجريَّة
المُوافق ليوم الثلاثاء العاشر مِن أَيَّار عام 1900 ميلادي
المُعلِّم حسين فَرَج شاكِرٌ لكُم جدًّا
لا نزالُ نُكَرِّرُ على أَهلِ يِرْكا وتلكَ الجهاتِ وُجُوبَ إِرسالِ أَولادِهِم إِلى التَّعليمِ، وإِنَّ مدرسةَ عْبَيْه عندَنا أَحسنُ مدرسةٍ في العُلُومِ العربيَّةِ، وَيُعَلَّمُ فيها الِّلِسانُ الأَجنبيٌّ جيِّدًا، وهواؤُها وموقِعُها في مَحَلٍّ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، والتَّربيةُ بها فائِقَةٌ، ونحنُ لا نقصدُ سِوَى تثقيفِ أَولادِ الجماعةِ، لأَنَّ المدرسةَ تخسرُ على الأَولادِ، وأَوقافُها مخصوصةٌ بِدُرُوزِ لُبنانَ، لكنْ نحبُّ أَن نشرِكَكُمْ بهذِهِ الفائدةِ مِنَ التَّعليمِ، ونُعامِلُكُمْ مُعامَلَةَ أَهلِ هذِهِ الجِهَةِ، فالزَّمانُ زمانُ علمٍ وتربيةٍ.
لا بُدَّ أَن تكونُوا في غايةِ العتبِ عَلَيَّ مِن جرَّاءِ تأَخُّرِ جوابي، ولا شكَّ أَني لم أَسلمْ مِنْ لسانِكمْ هذه المُدَّة، لكنَّ العُذرَ عندَ كِرامِ النَّاسِ مقبولٌ، وأَيُّ عُذرٍ شرعيٍّ أَكثرُ مِنَ المرضِ، فإِنَّهُ مقبولٌ حتَّى في المحاكمِ، ولقدِ انحرفَ مِزاجي مُدَّةَ عشرينَ يومًا، وأَلجَأَنِي الضَّعفُ أَنْ أَنقطعَ عنِ الأَشغالِ، وأَشارَ إِلَيَّ الأَطباءُ بوُجُوبِ النُّزهةِ، فبقينا نحوَ شهرٍ في الجبلِ، نَجُولُ في الأَهويةِ النَّقيَّةِ، ونستنشِقُ نسماتِ الرَّبيعِ وزهرَهُ البديعِ حتَّى عادتْ صحَّتُنا وللهِ الحمدُ أَحسنَ ما كانتْ، ولمَّا كانَ ذلك يَسُرُّكُمْ اقْتَضَى تبشيرُكُم، فلا تحسَبُوا تأّخُّرَنا عَنِ الجوابِ عَنْ عدمِ اهتمامٍ، لا فإِنَّ منزلَتَكُم عندَنا أَنتُم تعرفونَها، وبِكُلِّ وقتٍ نتذكَّرُكُم ونشتاقُ إِليكم، وحبَّذا لو سمحتْ لَكُمُ الفرصةُ بالحضُورِ إِلى بلادِنا، فَكُنَّا نُعَرِّفُ بِكُمُ الجميعَ، وكنتُمْ تُبَدِّلُونَ الهواءَ، فلا تبرحْ هذِهِ السِّياحةُ مِن بالِكُمْ. قدْ عَرَضْتُ مكتوبَكُم على سيِّدي العَمِّ الذي يَمِيْلُ إِليكُمْ عَنْ بُعْدٍ، وأَمَرَنِي أَنْ أُبَلِّغَ سلامَ عطوفَتِهِ لَكُم ولجميعِ المشايخِ أَهلِ يِرْكا، ودائمًا المأْمُولُ أَنْ تُوافُونا بأَخبارِكُم، ولا تقطعُوا عنَّا تحاريرَكُمْ، وتكرارًا اقبلوا عُذري في تأَخُّرِ الجوابِ، ودُمْتُم.
المخلص
شكيب أرسلان
في 10 مُحَرَّم سنة 1318 هجريَّة
المُوافق ليوم الثلاثاء العاشر مِن أَيَّار عام 1900 ميلادي
المُعلِّم حسين فَرَج شاكِرٌ لكُم جدًّا
لا نزالُ نُكَرِّرُ على أَهلِ يِرْكا وتلكَ الجهاتِ وُجُوبَ إِرسالِ أَولادِهِم إِلى التَّعليمِ، وإِنَّ مدرسةَ عْبَيْه عندَنا أَحسنُ مدرسةٍ في العُلُومِ العربيَّةِ، وَيُعَلَّمُ فيها الِّلِسانُ الأَجنبيٌّ جيِّدًا، وهواؤُها وموقِعُها في مَحَلٍّ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، والتَّربيةُ بها فائِقَةٌ، ونحنُ لا نقصدُ سِوَى تثقيفِ أَولادِ الجماعةِ، لأَنَّ المدرسةَ تخسرُ على الأَولادِ، وأَوقافُها مخصوصةٌ بِدُرُوزِ لُبنانَ، لكنْ نحبُّ أَن نشرِكَكُمْ بهذِهِ الفائدةِ مِنَ التَّعليمِ، ونُعامِلُكُمْ مُعامَلَةَ أَهلِ هذِهِ الجِهَةِ، فالزَّمانُ زمانُ علمٍ وتربيةٍ.