استاذتي الفاضلة، تفاجأت بالامس بخروجكم الاعلامي الجديد الذي تقولون فيه أن اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد وسيلة لمراقبة شعوب العالم و وضعهم تحت الصدمة.
لا أخفيكم سيدتي انني وقفت طويلا متأملة لحواركم أسائل نفسي، أنا من يؤمن بالعقل النقدي كسبيل للارتقاء الفردي والمجتمعي، كيف يمكن لهذا العقل أن يكون الفصل فيما أدليتم به من رأي؟
أليس أساس التفكير النقدي هو زرع الشك للتساؤل حول ما يُقدّم و لو بدا لنا بديهيا؟ ألا تستعملون أنتم هذا التساؤل حد التطرف في الشك في ما يقدمه من تُسمونهم بلوبيات الادوية و النظام العالمي الذي هو في طور التشكل؟
لا سيدتي، لا يمكن مقارنتكم بمي نعيمة، و لا ربط ادعاءاتكم بما اتت به هذه السيدة قبل شهور من نفي للفيروس عن جهل.
انتم كما ذكرتم مرات في حواركم سيدة من مرجعية علمية، تعتمد الحس النقدي من جانبه التشكيكي للدفاع عن موقفكم.
أنتم تملكون كمية كافية من المعلومات الهامة التي تستعملونها للوصول الى استنتاجات تتماشى وهواكم. و من منا لم يكن يوما ضحية أوهامه، أو تصوراته غير الصائبة؟ بالقطع، كاذب كل مثقف ومتعلم بدرجة عالية يدعي العقلانية و عدم ارتكاب الأخطاء المنطقية في مرحلة ما من حياته.
لهذا اسمحوا لي سيدتي أولا أن أتوجه بحديثي للسيدة منيب دكتورة البيولوجيا:
ألا ترون سيدتي ان استعمال حجة السلطة العلمية في خطاب دون دليل لا يليق بمكانتكم الاكاديمية؟
ألا ترون أن التشكيك في لقاح غير متوفر بعد و لا نستطيع تحليله للكشف عن محتوياته و تقييم امكانية وضعه للناس تحت المراقبة بطريقة مباشرة أقل ما يمكن القول عنه انه تهور علمي ؟
أما إذا عنيتم في مداخلتكم ان تلقيح الجميع هدفه وضعهم تحت المراقبة بطريقة خارجة عن مكونات اللقاح فأقل ما يمكن قوله أنكم لم تنجحوا في تقديم الشروح الكافية حول اتهام بهذا الحجم، و عدم الوضوح لا يليق بمكانتكم العلمية.
الشك اساس التقدم العلمي أكيد و انتم اعلم الناس ان من يريد تقديم طرح بخصوص علمي الاحرى به ان يقوم بأبحاث تأتي بحجج لتعزيزه، و بعدها تقديم هذه الحجج للمقارعة أمام ذوي الاختصاص، و التاريخ حافل بأناس دحضوا نظريات سبقتهم، و استطاعوا مواجهة لوبيات كبرى مثل لوبي التدخين، في ظل غياب هذا الشرط تنتفي المصداقية العلمية، وما قد يبدو حجة علمية ان قُدِّم للعلوم يمكن ان لا يكون الا تهافتا عند الخبراء.
و انتم اكيد على علم بالعدد المتزايد من ذوي التكوين الأكاديمي الذين يروجون و يساندون نظرية تسطيح الأرض.
أن يخرج عالم او آخر لأسباب مختلفة لطرح نظرية المؤامرة لا يعطيها مصداقية.
وهنا أفتح قوسا لأعطي تجربتي الشخصية و اسمحوا لي ان اوضح اولا اني افعل من باب الاستئناس فقط لا الحجة، فأنا أيضا اشتغل في حقل البحث العلمي، و لم أشهد يوما تحاملا على طرح يقدم بحجج بينة.
سأتفق معكم سيدتي أن البحث العلمي يتطلب الجهد و التمويل، الكافيين، لكني أظن أن العالم اليوم من خلال تطبيقات جمع التبرعات من أجل الابتكار مثل كيكستارتر او غيرها، و من خلال انتشار القراءات التآمرية للأحداث قادر على تمكين ما يلزم لهذا الأمر.
اكتب اليكم هذا وأتذكر بأسى مصير الأمريكي الذي صمم صاروخا و حاول ان يستعمله لاثبات ان الارض مسطحة، فلقى حتفه داخله و ذلك قبل بضعة شهور فقط.
اسمحوا لي الآن ان اتوجه الى السيدة منيب الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد:
أكيد سيدتي ان الدعوة للتضحية للخروج من الازمة و استدراك التأخر المتراكم و شرح تعقيدات الوضع الوطني و العالمي و المديونية لا يمكن أن يشكل حلما جماعيا ولا مشروعا سياسيا تنخرط فيه الأغلبية.
و أتفق أن لجوء حزب يساري مثل حزبكم إلى بعض الشعبوية لتكوين كتلة انتخابية كما دعت إلى ذلك المفكرة و الفيلسوفة البلجيكية شونطال موف Chantal mouffe في كتابها من أجل شعبوية يسارية مسألة ضرورية.
لأنه يلزم حلم للتسويق لحزب وبعض الدغدغة للمشاعر لكي ينخرط الناس فيه.
للسياسة منطقها الذي لا يتماشى دوما مع العقل النقدي، و من هذا المنطلق تفهمت بعض خرجاتكم الشعبوية السابقة.
لكن هناك فرق بين دغدغة مشاعر الناخب من أجل استدراجه للتصويت و بين زرع الشك عنده في ما تقدمه لوبيات الادوية كما تسمونها، و لو بطريقة غير مباشرة.
انتم سيدتي شخصية عمومية، و استعمالكم لحجة سلطتكم العلمية في خطابكم السياسي تزيد الطين بلة حين يتعلق الأمر بقضايا صحية، خاصة في مجتمع تعوون جيدا مدى توغل الجهل فيه. أليس أحرى بكم أن تكونوا حريصين على ما تتلفظون به لما قد ينتج عنه من تأويلات قد تضر بصحة المواطنين؟
أليس مطلوبا من رجل السياسة ان يتحلى بالدقة اللازمة في الكلمات في تفاعلاته الخارجية كي لا يخلق أي سوء فهم ممكن، يؤدي الى اشكالات ديبلوماسية ؟ فلماذا لا يلزم هذه الصرامة اللغوية حيال قضايا صحية لمواطنين يطلب منهم ايصاله للحكم كي يخدمهم؟
اتفهم سيدتي أن التفكير النقدي متعب او انه مريح ومطمئن للمواطن العادي ان يُحمِّل اشكالياته إلى جهة ما، النخبة الفاسدة و النيوليبرالية في الغالب لكن هذا لا يسمح بفتح الباب لكل الخطابات المعارضة لهذه الفئة دون أسس علمية ودون صرامة منهجية .
اللوبيات الدوائية على عِلاَّتها هي التي تسمح اليوم بالتشافي من امراض كثيرة، صحيح ان الامر يدر ارباحا هائلة عليها، يعاد استعمال جزء غير هين منها في البحث.
و بما انكم تطمحون للفوز بالانتخابات و بلوغ الحكم، و باعتباركم تقولون أنكم أصحاب رؤية مجتمعية متكاملة وبديلة، لماذا لم تقترحوا بديلا لمواجهة الجائحة خارج التلقيح، و الثقة في لوبيات الطب و الصيدلة؟
وكي لا اطيل عليكم سيدتي و لأنني لا اتقن فن البلاغة و لا الهجوم سأختم رسالتي إليكم هذه بقولي انني أتفق معكم تمام الاتفاق انه لا يجب زرع الخوف في صدور الناس. الخوف عاطفة رهيبة تُغيب عقول اكثرا الناس تعلما وتدبرا. و على هذا الاساس اقول لكم، لا تزرعوا الخوف في صدور المواطنين من لقاح ليس معروض بعد و من احتمالات لا حجة عليها اليوم غير بعض الأصوات النشاز.
وأفضل ما اختم به أن أُخضع خطابكم لأحكامكم، إن كنتم تؤمنون سيدتي أن خطابا لا يحمل الحجة العقلية كافي للحكم على شيء ما، فما الذي سيمنع المتلقي من الظن أن خطابكم أيضًا تحفزه مؤامرة ما و من نسج أقاصيص و روايات حول هذه المؤامرة، والبحث عن أي شيء لإثباتها في انتشاء فكري للفاعلين كما لو أنهم يحلون لغزا معقدا و انتم تعلمون اللذة الذاتية التي قد تنتجها تجربة كهذه عند أشخاص يطمحون للشعور بالتميز في الذكاء؟
اتمنى سيدتي ان تتلقوا رسالتي بصدر رحب، فما هي إلا وليدة غيرة على يسار كان حلما بالأمس و أجده اليوم ينتحر في خطابات لا جدوى منها.
مع خالص التحية،
كوثر بوبكار
لا أخفيكم سيدتي انني وقفت طويلا متأملة لحواركم أسائل نفسي، أنا من يؤمن بالعقل النقدي كسبيل للارتقاء الفردي والمجتمعي، كيف يمكن لهذا العقل أن يكون الفصل فيما أدليتم به من رأي؟
أليس أساس التفكير النقدي هو زرع الشك للتساؤل حول ما يُقدّم و لو بدا لنا بديهيا؟ ألا تستعملون أنتم هذا التساؤل حد التطرف في الشك في ما يقدمه من تُسمونهم بلوبيات الادوية و النظام العالمي الذي هو في طور التشكل؟
لا سيدتي، لا يمكن مقارنتكم بمي نعيمة، و لا ربط ادعاءاتكم بما اتت به هذه السيدة قبل شهور من نفي للفيروس عن جهل.
انتم كما ذكرتم مرات في حواركم سيدة من مرجعية علمية، تعتمد الحس النقدي من جانبه التشكيكي للدفاع عن موقفكم.
أنتم تملكون كمية كافية من المعلومات الهامة التي تستعملونها للوصول الى استنتاجات تتماشى وهواكم. و من منا لم يكن يوما ضحية أوهامه، أو تصوراته غير الصائبة؟ بالقطع، كاذب كل مثقف ومتعلم بدرجة عالية يدعي العقلانية و عدم ارتكاب الأخطاء المنطقية في مرحلة ما من حياته.
لهذا اسمحوا لي سيدتي أولا أن أتوجه بحديثي للسيدة منيب دكتورة البيولوجيا:
ألا ترون سيدتي ان استعمال حجة السلطة العلمية في خطاب دون دليل لا يليق بمكانتكم الاكاديمية؟
ألا ترون أن التشكيك في لقاح غير متوفر بعد و لا نستطيع تحليله للكشف عن محتوياته و تقييم امكانية وضعه للناس تحت المراقبة بطريقة مباشرة أقل ما يمكن القول عنه انه تهور علمي ؟
أما إذا عنيتم في مداخلتكم ان تلقيح الجميع هدفه وضعهم تحت المراقبة بطريقة خارجة عن مكونات اللقاح فأقل ما يمكن قوله أنكم لم تنجحوا في تقديم الشروح الكافية حول اتهام بهذا الحجم، و عدم الوضوح لا يليق بمكانتكم العلمية.
الشك اساس التقدم العلمي أكيد و انتم اعلم الناس ان من يريد تقديم طرح بخصوص علمي الاحرى به ان يقوم بأبحاث تأتي بحجج لتعزيزه، و بعدها تقديم هذه الحجج للمقارعة أمام ذوي الاختصاص، و التاريخ حافل بأناس دحضوا نظريات سبقتهم، و استطاعوا مواجهة لوبيات كبرى مثل لوبي التدخين، في ظل غياب هذا الشرط تنتفي المصداقية العلمية، وما قد يبدو حجة علمية ان قُدِّم للعلوم يمكن ان لا يكون الا تهافتا عند الخبراء.
و انتم اكيد على علم بالعدد المتزايد من ذوي التكوين الأكاديمي الذين يروجون و يساندون نظرية تسطيح الأرض.
أن يخرج عالم او آخر لأسباب مختلفة لطرح نظرية المؤامرة لا يعطيها مصداقية.
وهنا أفتح قوسا لأعطي تجربتي الشخصية و اسمحوا لي ان اوضح اولا اني افعل من باب الاستئناس فقط لا الحجة، فأنا أيضا اشتغل في حقل البحث العلمي، و لم أشهد يوما تحاملا على طرح يقدم بحجج بينة.
سأتفق معكم سيدتي أن البحث العلمي يتطلب الجهد و التمويل، الكافيين، لكني أظن أن العالم اليوم من خلال تطبيقات جمع التبرعات من أجل الابتكار مثل كيكستارتر او غيرها، و من خلال انتشار القراءات التآمرية للأحداث قادر على تمكين ما يلزم لهذا الأمر.
اكتب اليكم هذا وأتذكر بأسى مصير الأمريكي الذي صمم صاروخا و حاول ان يستعمله لاثبات ان الارض مسطحة، فلقى حتفه داخله و ذلك قبل بضعة شهور فقط.
اسمحوا لي الآن ان اتوجه الى السيدة منيب الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد:
أكيد سيدتي ان الدعوة للتضحية للخروج من الازمة و استدراك التأخر المتراكم و شرح تعقيدات الوضع الوطني و العالمي و المديونية لا يمكن أن يشكل حلما جماعيا ولا مشروعا سياسيا تنخرط فيه الأغلبية.
و أتفق أن لجوء حزب يساري مثل حزبكم إلى بعض الشعبوية لتكوين كتلة انتخابية كما دعت إلى ذلك المفكرة و الفيلسوفة البلجيكية شونطال موف Chantal mouffe في كتابها من أجل شعبوية يسارية مسألة ضرورية.
لأنه يلزم حلم للتسويق لحزب وبعض الدغدغة للمشاعر لكي ينخرط الناس فيه.
للسياسة منطقها الذي لا يتماشى دوما مع العقل النقدي، و من هذا المنطلق تفهمت بعض خرجاتكم الشعبوية السابقة.
لكن هناك فرق بين دغدغة مشاعر الناخب من أجل استدراجه للتصويت و بين زرع الشك عنده في ما تقدمه لوبيات الادوية كما تسمونها، و لو بطريقة غير مباشرة.
انتم سيدتي شخصية عمومية، و استعمالكم لحجة سلطتكم العلمية في خطابكم السياسي تزيد الطين بلة حين يتعلق الأمر بقضايا صحية، خاصة في مجتمع تعوون جيدا مدى توغل الجهل فيه. أليس أحرى بكم أن تكونوا حريصين على ما تتلفظون به لما قد ينتج عنه من تأويلات قد تضر بصحة المواطنين؟
أليس مطلوبا من رجل السياسة ان يتحلى بالدقة اللازمة في الكلمات في تفاعلاته الخارجية كي لا يخلق أي سوء فهم ممكن، يؤدي الى اشكالات ديبلوماسية ؟ فلماذا لا يلزم هذه الصرامة اللغوية حيال قضايا صحية لمواطنين يطلب منهم ايصاله للحكم كي يخدمهم؟
اتفهم سيدتي أن التفكير النقدي متعب او انه مريح ومطمئن للمواطن العادي ان يُحمِّل اشكالياته إلى جهة ما، النخبة الفاسدة و النيوليبرالية في الغالب لكن هذا لا يسمح بفتح الباب لكل الخطابات المعارضة لهذه الفئة دون أسس علمية ودون صرامة منهجية .
اللوبيات الدوائية على عِلاَّتها هي التي تسمح اليوم بالتشافي من امراض كثيرة، صحيح ان الامر يدر ارباحا هائلة عليها، يعاد استعمال جزء غير هين منها في البحث.
و بما انكم تطمحون للفوز بالانتخابات و بلوغ الحكم، و باعتباركم تقولون أنكم أصحاب رؤية مجتمعية متكاملة وبديلة، لماذا لم تقترحوا بديلا لمواجهة الجائحة خارج التلقيح، و الثقة في لوبيات الطب و الصيدلة؟
وكي لا اطيل عليكم سيدتي و لأنني لا اتقن فن البلاغة و لا الهجوم سأختم رسالتي إليكم هذه بقولي انني أتفق معكم تمام الاتفاق انه لا يجب زرع الخوف في صدور الناس. الخوف عاطفة رهيبة تُغيب عقول اكثرا الناس تعلما وتدبرا. و على هذا الاساس اقول لكم، لا تزرعوا الخوف في صدور المواطنين من لقاح ليس معروض بعد و من احتمالات لا حجة عليها اليوم غير بعض الأصوات النشاز.
وأفضل ما اختم به أن أُخضع خطابكم لأحكامكم، إن كنتم تؤمنون سيدتي أن خطابا لا يحمل الحجة العقلية كافي للحكم على شيء ما، فما الذي سيمنع المتلقي من الظن أن خطابكم أيضًا تحفزه مؤامرة ما و من نسج أقاصيص و روايات حول هذه المؤامرة، والبحث عن أي شيء لإثباتها في انتشاء فكري للفاعلين كما لو أنهم يحلون لغزا معقدا و انتم تعلمون اللذة الذاتية التي قد تنتجها تجربة كهذه عند أشخاص يطمحون للشعور بالتميز في الذكاء؟
اتمنى سيدتي ان تتلقوا رسالتي بصدر رحب، فما هي إلا وليدة غيرة على يسار كان حلما بالأمس و أجده اليوم ينتحر في خطابات لا جدوى منها.
مع خالص التحية،
كوثر بوبكار