عمر سيدي محمد - تجربتي مع كورونا

كورونا مدرسة للبشرية تدعوهم لرصّ الصّف وتقوية الأواصر بين الأمم والسعي في احترام الآخر مهما تكن مساحة الاختلاف فهناك من المصالح المشتركة ماهو أولى بتقويته ومحاولة ردم هُوّة الخلاف قدر الإمكان وسنّ القوانين الدولية لذلك حتى تعيش البشرية في سلام وتتخلص من خفافيش البشر الذين يحملون فيروسات أخطر من كورونا وأشدّ فتكا من كورونا.
كل العالم وقف أمام كورونا التي يُقال إن مصدرها هو الخفاش "بُوفِرْطِطَّا" وقد صدق أهلنا قديما في صحراء الملثمين حيث كانوا يضربون به المثل فيقولون: "أَنَسَّسْ من بُوفِرْطِطَّا" وإذا لامس شيئا فإنهم يحرقونه أو يدفنونه.
كورونا شلّت حركة ونشاط البشرية جمعاء دون استثناء عرق أو دين أو لون أو أي اعتبار آخر، فهل يصحو ضمير البشرية باكورونا؟
أسبوعان في ضيافة كورونا والحمد لله على العافية
الأطبّاء والمُمرّضون والجهات الرسمية المسؤولة عن ملفّ هذه الجائحة هؤلاء جميعا عليهم أعباء لايُستهان بها ومنهم من قضى في سبيل حماية الآخرين.
كورونا لاتفرّق بين أي اثنين فمن وصلته أصابته والتحدّي الأكبر هو في الاحتراز منها بسبب سرعة انتشارها وهذا هو الذي جعلها مُقْلِقَة للأطباء حيث أنّها تنتشر بسرعة ومرضاها فوق طاقة استيعاب المستشفيات كما شاهدنا في جميع أنحاء العالم.
أنقل إليكم تجربتي مع كورونا بعدما خرجت من الحجر الصحي منذ يومين بعدما شفيتُ ولله الحمد.
كنت محترزا منذ البداية وحتى الآن لأنني أرى أن اتباع إرشادات الأطباء في مثل هذه الجائحة أمر ليس فيه أي تهاون. وكنت أرى ثغرة واحدة رغم صعوبة سدها في رأي الكثيرين أَلا وهي تناول وجبات الطعام في الدار في مكان واحد بل الأفضل أن يأكلوا محافظين على المسافة المطلوبة طبّيّا وهي متر ونصف تقريبا، لأنه لو كان في أفراد الأسرة مُصاب -وقد لايدري- فنقله للفيروس لمن يؤاكلهم سهل جدا وهذا ماحدث معنا.
في الحقيقة هذا أكتوبر وهذه فترة الزكام ونزلات البرد وفيها يصعب أن تفرق بين الزكام الموسمي وكورونا، ولكننا ارتأينا أن نبادر بالفحص الطبي للتأكد وحجرنا أنفسنا في الدار عن العالم وبعد الفحص تبيّنت إصابة معظم أفراد الأسرة عدا اثنين تمّ حجرهما بالدار وأمّا المصابون فإلى الحجر الصحي لمدة أسبوعين، ولم يكن بيننا من احتاج لرعاية طبية خاصة ولله الحمد.
ماهي الأعراض التي ظهرت معي؟
1- الحُمّى ولكنها لم تكن شديدة مقارنة بما عهدته من حمى توجّاط (الملاريا)
2- صداع متوسط وآلام شديدة في كل عضلات الجسم يصعب معها التقلّب في الفراش ويكاد يستحيل معها الارتفاق لأن أيّ شد في الجسم يؤلمه كثيرا.
3- كُحّة جافّة ولكنها ليست شديدة وكنت قادرا أن أسيطر عليها بالصمغ من شجرة القتاد والذي لايفارقني أبدًا (علك أَوِرْوَارْ) وأمّا الحُمّى والصداع فكنت آخذ جرعة منتظمة من البانادول كل ثماني ساعات.
4- فقدان جزئي لحاسة الشم وهذا يحدث مع الزكام وأمّا حاسّة الطعم فبقيت سليمة لِأَتَايْ ولله الحمد.
ماهو العلاج؟
1- أهمّ علاج لأيّ مرضٍ مهما يكن هو عدم الجزع وعدم الارتباك والفزع بل كلما كانت معنويات المريض مرتفعة كلما كانت منظومة جسمه الدفاعية قادرة على التعامل مع الفيروسات المهاجمة، وكنت أخاطب كورونا وأقول له: "مَفْرَغْ شِغْلَكْ، طَاعِژ شيباني متبارك امعاه اتْمَرِمْدو، متبرّي منّك" فيردّ عليَّ قائلا بنبرة المتحدّي "ذَاكْ عَادْ التّْهَرْبِيلْ، اتدّورْ اتْشوفْ"
2- اتباع إرشادات الأطباء ونصائحهم وأخذ جرعات الدواء في وقتها والالتزام بالبرنامج الغذائي الصحي الذي يساعد على الشفاء والتعافي من المرض والتغلب عليه في أقصر مدة بإذن الله.
3- عدم الجلوس دون حركة أو رياضة، بل كنت أمشي ساعة كاملة داخل غرفة الحجر ذهابا وجيئة لمدة ساعة كاملة أقطع فيها خمس كيلومترات بالإضافة إلى بعض تمارين اللياقة وذلك لأن الحفاظ على الرياضة من أهم الوقاية ومن أنجع العلاج.
4- أخذ ساعات نوم كافية في الوقت الصحي للنوم وذلك أن ينام قبل منتصف الليل بساعتين على الأقل فهذه فترة السَّكَنِ الليلي الصحي والضروري لفطرة الإنسان حتى لو استيقظ قبل أذان الفجر فلايضره ذلك بل ذلك وقت سياحة روحية ممتاز.
5- تناول الوجبات الغذائية في وقتها المناسب وأفضله ربطها بأوقات الصلوات، كأن يتناول الفطور بعد صلاة الفجر أو بعد شروق الشمس والغداء بعد صلاة الظهر والعَشاء بعد صلاة المغرب أو صلاة العشاء مباشرة دون تأخير.
6- عدم الاستسلام للفراغ فهو قاتل وعجبا لمن يشكو الفراغ والعمر قصير ووسائل العلم والتعلم والقراءة متاحة في هذا العصر أكثر من أي عصر سبق، ولكنها مسألة همّة وترتيب للأولويات.
متى بدأ التّعافي؟
بعد أسبوع من ظهور أول ارتفاع لحرارة الجسم بدأت أشعر بالتعافي تدريجيا ولله الحمد وبدأ الصداع يخِفّ تدريجيا وكذلك ألم الجسم وفي اليوم العاشر كنت قريبا من حالتي الطبيعية رغم بعض الإنهاك بسبب السنّ ولله الحمد وكذلك الناس يتفاوتون في فترة النقاهة وسرعة الرجوع لحالتهم الطبيبة لعدة عوامل.
خاتمة:
وصيتي للناس جميعا أن يتبعوا إرشادات الأطباء وأن يكونوا على قدر المسؤولية فالمرض سريع الانتشار وخطورته على أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن والضعفاء بدَنِيّا وأصحاب المناعة الضعيفة بصفة عامّة. وليس مضمونا عدم معاودته لمن أصيب به من قبل.
على الجميع الاحتراز والحفاظ على المسافة الكافية من الآخرين وارتداء الكمامة الطبية قدر الإمكان ومن أحسّ بأعراض فَعَلَيْه أن يعزل نفسه عن الناس حتى لايصيبهم منه عدوى.
هي جائحة عالمية على العالم والإنسانية جمعاء التصدي لها وإيجاد اللقاح المناسب لها بدلا من صرف المليارات على الحروب وتدمير المدن فوق رؤوس أهلها من الأطفال والنساء والكبار الذي ليس لديهم أي حيلة. وليس الوقت وقت تراشق بالتهم ونسبة كورونا إلى بلد كذا أو كذا... إنّ العالم بحاجة إلى ساسة حكماء عقلاء ليس فيهم من يوقد نار الحرب ويشعلها لمصالح انتخابية من أجل الفوز حتى ولو كان فوق جثث الناس.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى