البصرة في 10-11-1963
أخي يوسف
>مشتاق إليك غاية الشّوق . صحّتي في أتعس حال .رجلاي أحسن مما كانتا .لكنّ عمودي الفقري هي نقطة الضّعف وذلك بسبب حماقة (ستاجير) مستشفي الجامعة الأمريكيّة وجهله .لو أنّ اللّعنات تفيد لصببت عليه منها ما يملأ الأرض والسّماء
سأسافر إلى لندن خلال يومين أو ثلاثة . وسأقيم فيها يومين أو نحو ذلك ثمّ أتوجّه إلى درام . لن تسنح لي فرصة المرور بكم أثناء ذهابي وعسى أن يتسنّى لي ذلك عند عودتي مشافى إن شاء الله لنشرب قدحا من القرموث والمارتيني . أنت مدين لي بمثل هذا القدح إن كنت تذكر
لا إتاج عندي هذه الأيّام . مسألة صحّتي تشغل كلّ آفاق .أمّا أحلامي وآمالي فهي أن أشفى لأستطيع الشّعور بأنّي بشر كالبشر , سأكتب إلى أدونيس حين أحصل على عنوانه أ خي يوسف >لننس ما أساء بعضنا لبعض .إنّي ما ازال أعتبرك واحدا من أخلص أصدقائي وأنبلهم .ربّما لأنّي أعرفك على حقيقتك التي يحاول الكثيرون أن يغشّوا عليها . آمل أن تكون لي وفرة من الإنتاج الجديد بعد شفائي بإذن الله .
ماذا تمّ بشأن كتبي التي أودعتها عندك ؟ وأهمّها الكتاب المقدّس .أبقها لديك محفوظة ريثما أعود من أنكلترا ,سأكتب إليك كثيرا …وبانتظار لقائنا على صفحات الرّسائل أو على ساحل البحر الأبيض المتوسّط دم
المخلص بدر شاكر السيّاب
منقول عن مجلّة الناقد :العدد:الثامن والثلاثون /أوت 1991
****
البصرة في 24/08/1961
أخي العزيز يوسف
بعد انتظار طويل , تلقيت رسالة منك. لا تدري أي شوق يشدُّني شدًّا إليك وإلى بيروت. عسى أن تتحقق الآمال فنلتقي في القريب. أنتظر أن تصلني نسخة من شهادتي بعد أيام قليلة, وسأرسلها إليك مرفقة بطلب الالتحاق بالجامعة الأميركية .
كم أتمنى أن تنشر مجلة( الأديب) ردّي على (الآداب) وبعض كتابها. إنه رد صريح لا مواربة فيه ,وفيه إيضاح لكثير من المسائل .يبدو أن دكتورنا إدريس فقد أعصابه نتيجة النجاح الساحق الذي تناله مجلة (شعر) وشعرائها ومناصروها.
أخبارك عظيمة: جبرا وتوفيق صايغ معكم .تحياتي القلبية إليها. ما أخبار أدونيس . اكتب لي عن أخباره بالتفصيل .
عزيزي يوسف
سيبدأ مؤتمر روما الأدبي يوم 16/10/1961 .فمتى تنصحني بالسفر إلى ايطاليا؟ وهل أستطيع المرور ببيروت والبقاء فيها يوما أو يومين أواصل السفر إلى ايطاليا. كيف حال سلمى؟ (التي أصابها رشاش من قلم دكتور الحي اللاتيني), تحياتي لها.
بلغ سلامي الوافر إلى الإخوان:
فؤاد رفقة. محمد الماغوط (ما له ساكتا؟). أنسي الحاج. شوقي أبي شقرا. رفيق معلوف ورفيق الخال.
تحياتي للعائلة الكريمة(ولجواد بصورة خاصة) واسلم لأخيك.
المخلص
بدر السياب
***
البصرة 26/3/62
أخي يوسف
مشتاق إليك للغاية .. لكنّنا سنلتقي قريبا إن شاء الله . فقد جاءتني برقيّة من سيمون جارجي يسألني فيها غن كنت أستطيع أن أكون في بيروت بين 10و17نيسان وإنّ المنظّمة العالميّة لحريّة الثّقافة ستتحمّل أجور سفري وإقامتي .وسأكون في بيروت بين هذين التاريخين .. بعون الله . لديّ الآن 21قصيدة جديدة سأحاول إيجاد مشتر لها في بيروت . إنّني في فقر مريع . سوف آتي إلى بيروت وأنا لا احمل في جيبي غير بضعة دنانير . عسى أن تستطيع تدبير شيء لي حين أكون في بيروت .أمّا الانتظار شهرا فذلك أعسر من العسير .سأكتب لكم رسالة العراق إلى بيروت .الأخبار الأدبيّة كلّها في بغداد …سأزور بغداد في طريقي إلى بيروت وسأجمع من هناك من الأخبار ما يصلح لأن يكون رسالة .
أنا الآن في دوّامة من النّشاط الشّعري .لكن ..قاتل الله الشّعر إنّه لا يشبع من جوع ولا يكسو من عري , إنّ ترجمة كتاب واحد لمؤسّسة فرانكلين مثلا ,تدرّ من المال ما يعادل ربح دواوين عدّة .لم يرسل إليّ جميل جبر شيئا .ولكن ..ما هذا الاختيار ؟لماذا جميل جبر دون سواه ؟
أذهلتني « أغاني مهيار الدّمشقي ».إنّه أدونيس كما عرفت ذلك منذ مدّة قصيرة ,شاعر عظيم ..عظيم .
ليمنع دخولنا الشّام أومصر على الأقلّ .دعه ينطح رأسه بألف صخرة .إنّه يفقد خيرة كتّابه وشعرائه واحدا بعد واحد .وكان محيي الدّين محمّد آخر هؤلاء « المفقودين » كما أخبرني في رسالة .أصحيح أنّه سيأتي إلى بيروت للمساهمة في تحرير أدب .سيكون ذلك حدثا عظيما .الكلمة الخيّرة الصّادقة هي التي ستنتصر أخيرا لا العنتريّات والإدريسيّات .هيّئ لي كأسا من المارتيني مع » نفقة « صغيرة من القرموث . إنّه الشّراب الوحيد الذي أشتاق إليه .أمّا أدونيس فإنّ خبرته « البيتيّة « لا الشّخصيّة طبعا –هي في تهيئة المازة ..والويسكي من السّوق .قبّلي جواد(كذا).وبلّغ تحيّاتي لأدونيس ورفيق وشوقي وليلى البعلبكي ولور غريب وللعائلة الكريمة ودم للمخلص
بدر السيّاب
البصرة 26/3/62
*****
4-4-1961
أخي العزيز يوسف
آسف لتأخّري في الكتابة غليك بسبب بعض المشاغل الطّارئة .انتهيت من كتابة المحاضرة وسأرسلها إليك بالبريد المسجّل حالما أفرغ من استنساخها بخطّ واضح جميل .قد يتأخّر موعد وصولها إليك عن 10نيسان ايّاما قليلة .,لا بأس في ذلك كما أظنّ ,كلّي شوق لسماع أخباركم وأخبار أدونيس الذي انقطعت عنّي رسائله .لا أدري لعلّي مدين له برسالة سأكتب له.على كلّ حال ,حالما أتخفّف من بعض مشاغلي ,ومشاغلي هذه الأيّام معاشيّة صرف :تهيئة بيت صالح للسّكن في منطقة قريبة تتوفّر فيها الأسواق والحوانيت إلخ وما أشبه .جاءت المحاضرة مليئة بأفكار تتفق وأفكار منظّمة الثّقافة الحرّة ..من حيث نظرتنا(أسرة مجلّة شعر)إلى الالتزام ونظرة الآخرين (ناظم حكمت والبياتي وجماعتهما)إليه .
ستجتاحني –كما يبدو-موجة دافئة من الشّعر عن قريب .ابتدأ رذاذها يغمرني منذ الآن ,البصرة تفتّح شعريّتي .لكنّ المشاغل اللّعينة تغلق كثيرا من أبوابها .أصابتني تجاه »الالتزام » ردّة كالتي أصابتك حين كتبت قصائد في الأربعين .المهمّ هو الشّعر .ليس أن تكون واعظا .
بشأن « شباك وفيقة ».إنّ البيتين الأخيرين يفسّران البيت الذي قبلهما .إنّني أعتقد بأنّ بعث الإنسان بعد موته هو أكبر انتصار له على الفناء والعدم ,إنّه -حين يبعث-يكتسب صفة من صفات الإله :الخلود .وعلى كلّ :نستطيع حذفهما شريطة أن تكرّر الأبيات الأولى من القصيدة ف ختامها :لئلاّ تبدو مبتورة –
شباك وفيقة في القرية
نشوان يطلّ على السّاحة
كجليل تحلم بالمشية
ويسوع….
ويحرق ألواحه
سلامي لجميع الأصدقاء ولزوجتك الكريمة ولجواد بصورة خاصّة (مع قبلة له)ولطارق .لا تنس الصّديق العزيز الأستاذ رفيق الخال فإنّي أكنّ له حبّا خاصّا .تستحقّ التّهنئة على أنّ لك مثل هذا الأخ المخلص الطّيب الشّغول .دم لأخيك .أرجو أن أسمع منك وشيكا .
المخلص
بدرالسيّاب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مجلّة الناقد العدد 38-السّنة الرّابعة -أوت 1991
أخي يوسف
>مشتاق إليك غاية الشّوق . صحّتي في أتعس حال .رجلاي أحسن مما كانتا .لكنّ عمودي الفقري هي نقطة الضّعف وذلك بسبب حماقة (ستاجير) مستشفي الجامعة الأمريكيّة وجهله .لو أنّ اللّعنات تفيد لصببت عليه منها ما يملأ الأرض والسّماء
سأسافر إلى لندن خلال يومين أو ثلاثة . وسأقيم فيها يومين أو نحو ذلك ثمّ أتوجّه إلى درام . لن تسنح لي فرصة المرور بكم أثناء ذهابي وعسى أن يتسنّى لي ذلك عند عودتي مشافى إن شاء الله لنشرب قدحا من القرموث والمارتيني . أنت مدين لي بمثل هذا القدح إن كنت تذكر
لا إتاج عندي هذه الأيّام . مسألة صحّتي تشغل كلّ آفاق .أمّا أحلامي وآمالي فهي أن أشفى لأستطيع الشّعور بأنّي بشر كالبشر , سأكتب إلى أدونيس حين أحصل على عنوانه أ خي يوسف >لننس ما أساء بعضنا لبعض .إنّي ما ازال أعتبرك واحدا من أخلص أصدقائي وأنبلهم .ربّما لأنّي أعرفك على حقيقتك التي يحاول الكثيرون أن يغشّوا عليها . آمل أن تكون لي وفرة من الإنتاج الجديد بعد شفائي بإذن الله .
ماذا تمّ بشأن كتبي التي أودعتها عندك ؟ وأهمّها الكتاب المقدّس .أبقها لديك محفوظة ريثما أعود من أنكلترا ,سأكتب إليك كثيرا …وبانتظار لقائنا على صفحات الرّسائل أو على ساحل البحر الأبيض المتوسّط دم
المخلص بدر شاكر السيّاب
منقول عن مجلّة الناقد :العدد:الثامن والثلاثون /أوت 1991
****
البصرة في 24/08/1961
أخي العزيز يوسف
بعد انتظار طويل , تلقيت رسالة منك. لا تدري أي شوق يشدُّني شدًّا إليك وإلى بيروت. عسى أن تتحقق الآمال فنلتقي في القريب. أنتظر أن تصلني نسخة من شهادتي بعد أيام قليلة, وسأرسلها إليك مرفقة بطلب الالتحاق بالجامعة الأميركية .
كم أتمنى أن تنشر مجلة( الأديب) ردّي على (الآداب) وبعض كتابها. إنه رد صريح لا مواربة فيه ,وفيه إيضاح لكثير من المسائل .يبدو أن دكتورنا إدريس فقد أعصابه نتيجة النجاح الساحق الذي تناله مجلة (شعر) وشعرائها ومناصروها.
أخبارك عظيمة: جبرا وتوفيق صايغ معكم .تحياتي القلبية إليها. ما أخبار أدونيس . اكتب لي عن أخباره بالتفصيل .
عزيزي يوسف
سيبدأ مؤتمر روما الأدبي يوم 16/10/1961 .فمتى تنصحني بالسفر إلى ايطاليا؟ وهل أستطيع المرور ببيروت والبقاء فيها يوما أو يومين أواصل السفر إلى ايطاليا. كيف حال سلمى؟ (التي أصابها رشاش من قلم دكتور الحي اللاتيني), تحياتي لها.
بلغ سلامي الوافر إلى الإخوان:
فؤاد رفقة. محمد الماغوط (ما له ساكتا؟). أنسي الحاج. شوقي أبي شقرا. رفيق معلوف ورفيق الخال.
تحياتي للعائلة الكريمة(ولجواد بصورة خاصة) واسلم لأخيك.
المخلص
بدر السياب
***
البصرة 26/3/62
أخي يوسف
مشتاق إليك للغاية .. لكنّنا سنلتقي قريبا إن شاء الله . فقد جاءتني برقيّة من سيمون جارجي يسألني فيها غن كنت أستطيع أن أكون في بيروت بين 10و17نيسان وإنّ المنظّمة العالميّة لحريّة الثّقافة ستتحمّل أجور سفري وإقامتي .وسأكون في بيروت بين هذين التاريخين .. بعون الله . لديّ الآن 21قصيدة جديدة سأحاول إيجاد مشتر لها في بيروت . إنّني في فقر مريع . سوف آتي إلى بيروت وأنا لا احمل في جيبي غير بضعة دنانير . عسى أن تستطيع تدبير شيء لي حين أكون في بيروت .أمّا الانتظار شهرا فذلك أعسر من العسير .سأكتب لكم رسالة العراق إلى بيروت .الأخبار الأدبيّة كلّها في بغداد …سأزور بغداد في طريقي إلى بيروت وسأجمع من هناك من الأخبار ما يصلح لأن يكون رسالة .
أنا الآن في دوّامة من النّشاط الشّعري .لكن ..قاتل الله الشّعر إنّه لا يشبع من جوع ولا يكسو من عري , إنّ ترجمة كتاب واحد لمؤسّسة فرانكلين مثلا ,تدرّ من المال ما يعادل ربح دواوين عدّة .لم يرسل إليّ جميل جبر شيئا .ولكن ..ما هذا الاختيار ؟لماذا جميل جبر دون سواه ؟
أذهلتني « أغاني مهيار الدّمشقي ».إنّه أدونيس كما عرفت ذلك منذ مدّة قصيرة ,شاعر عظيم ..عظيم .
ليمنع دخولنا الشّام أومصر على الأقلّ .دعه ينطح رأسه بألف صخرة .إنّه يفقد خيرة كتّابه وشعرائه واحدا بعد واحد .وكان محيي الدّين محمّد آخر هؤلاء « المفقودين » كما أخبرني في رسالة .أصحيح أنّه سيأتي إلى بيروت للمساهمة في تحرير أدب .سيكون ذلك حدثا عظيما .الكلمة الخيّرة الصّادقة هي التي ستنتصر أخيرا لا العنتريّات والإدريسيّات .هيّئ لي كأسا من المارتيني مع » نفقة « صغيرة من القرموث . إنّه الشّراب الوحيد الذي أشتاق إليه .أمّا أدونيس فإنّ خبرته « البيتيّة « لا الشّخصيّة طبعا –هي في تهيئة المازة ..والويسكي من السّوق .قبّلي جواد(كذا).وبلّغ تحيّاتي لأدونيس ورفيق وشوقي وليلى البعلبكي ولور غريب وللعائلة الكريمة ودم للمخلص
بدر السيّاب
البصرة 26/3/62
*****
4-4-1961
أخي العزيز يوسف
آسف لتأخّري في الكتابة غليك بسبب بعض المشاغل الطّارئة .انتهيت من كتابة المحاضرة وسأرسلها إليك بالبريد المسجّل حالما أفرغ من استنساخها بخطّ واضح جميل .قد يتأخّر موعد وصولها إليك عن 10نيسان ايّاما قليلة .,لا بأس في ذلك كما أظنّ ,كلّي شوق لسماع أخباركم وأخبار أدونيس الذي انقطعت عنّي رسائله .لا أدري لعلّي مدين له برسالة سأكتب له.على كلّ حال ,حالما أتخفّف من بعض مشاغلي ,ومشاغلي هذه الأيّام معاشيّة صرف :تهيئة بيت صالح للسّكن في منطقة قريبة تتوفّر فيها الأسواق والحوانيت إلخ وما أشبه .جاءت المحاضرة مليئة بأفكار تتفق وأفكار منظّمة الثّقافة الحرّة ..من حيث نظرتنا(أسرة مجلّة شعر)إلى الالتزام ونظرة الآخرين (ناظم حكمت والبياتي وجماعتهما)إليه .
ستجتاحني –كما يبدو-موجة دافئة من الشّعر عن قريب .ابتدأ رذاذها يغمرني منذ الآن ,البصرة تفتّح شعريّتي .لكنّ المشاغل اللّعينة تغلق كثيرا من أبوابها .أصابتني تجاه »الالتزام » ردّة كالتي أصابتك حين كتبت قصائد في الأربعين .المهمّ هو الشّعر .ليس أن تكون واعظا .
بشأن « شباك وفيقة ».إنّ البيتين الأخيرين يفسّران البيت الذي قبلهما .إنّني أعتقد بأنّ بعث الإنسان بعد موته هو أكبر انتصار له على الفناء والعدم ,إنّه -حين يبعث-يكتسب صفة من صفات الإله :الخلود .وعلى كلّ :نستطيع حذفهما شريطة أن تكرّر الأبيات الأولى من القصيدة ف ختامها :لئلاّ تبدو مبتورة –
شباك وفيقة في القرية
نشوان يطلّ على السّاحة
كجليل تحلم بالمشية
ويسوع….
ويحرق ألواحه
سلامي لجميع الأصدقاء ولزوجتك الكريمة ولجواد بصورة خاصّة (مع قبلة له)ولطارق .لا تنس الصّديق العزيز الأستاذ رفيق الخال فإنّي أكنّ له حبّا خاصّا .تستحقّ التّهنئة على أنّ لك مثل هذا الأخ المخلص الطّيب الشّغول .دم لأخيك .أرجو أن أسمع منك وشيكا .
المخلص
بدرالسيّاب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مجلّة الناقد العدد 38-السّنة الرّابعة -أوت 1991