أ. د. عادل الأسطة - الأفراح والليالي الملاح والقسط الجامعي الأول للطلبة الناجحين :

ما زالت الأفراح والليالي الملاح تقام احتفالا بنتائج امتحان التوجيهي . خفت حدة المفرقعات ، ولا أعرف مقدار الشواكل التي أنفقت عليها ، وبدأت الاحتفالات الهادئة ، على أنغام الموسيقى وأصوات المغنين عبر الستيريو ، في الصالات والدواوين العائلية . إنها احتفالات أكثر هدوءا ومعقولية ، وقديما كان بث أغنية عبد الحليم حافظ "والناجح يرفع ايدو ، ما رأيت فرحان في الدنيا قد الفرحان بنجاحو" يبعث على الفرح ويعادل كل المفرقعات ويفوقها جمالا . والآن بدأ التفكير في التسجيل للجامعة وتوفير القسط الأول والسؤال عن التخصص وما شابه.
يوم أنهيت التوجيهي بمعدل ٦ ، ٨٤ ، وكنت الرابع في الضفة الغربية ، حصلت على بعثة من الحكومة الأردنية وانتهى الأمر ولم أكلف أهلي أي قرش . الآن صارت المعدلات بالعلالي ، فقد حصل أكثر من ٨٠٠ طالب على معدل ٩٩ فأعلى وأكثرهم فقراء ، فمن سيدفع لهم الأقساط؟
حين أسأل في الأمر أجدني حائرا ، وأعتقد أن البنوك الفلسطينية ، من خلال أرباحها ، هي القادرة على القيام بمهمة تغطية رسوم الطلاب ، عدا السلطة الفلسطينية طبعا.
تربح البنوك كل ثلاثة أشهر الملايين من الدولارات ، فماذا لو خصصت نسبة منها لتغطية رسوم الطلاب ؟
ولا أريد أن أتدخل في الشؤون الخاصة لقسم من العائلات ، ممن لديها طالب ناجح وأمام منزلها ثلاث أربع سيارات مشتراة بقروض بنكية.
هل هناك إحصائية عن مقدار الأموال التي أنفقت على المفرقعات وذهب ريعها إلى المستوطنات ؟ وكم قسطا كان يمكن أن تغطي؟
قبل سنتين ثلاث قرأت أن ما للبنوك الفلسطينية من ديون على المواطنين ثمن سيارات بلغ ٣٦٥ مليون دولار ، وأعتقد أنه مبلغ يكفي لتغطية رسوم طلاب الجامعات الفلسطينية كلها ، والطمع بالأجاويد !!
ذهبت السكرة وفرحتها وجاءت الفكرة . من سيتكلف بدفع الأقساط الجامعية لهؤلاء الناجحين ، ووالد محمود درويش العامل في محجر كان يردد :
" أجوع حتى أشتري لهم كتاب " ؟
ربما يتحسر قسم من الفلسطينيين في هذه الأيام على المنظومة الاشتراكية ، فقد تكفلت دولها ما بين ١٩٥٠ و ١٩٨٩ بتعليم كثيرين من أبناء العالم الثالث . وربما يتحسر قسم من الفلسطينيين أيضا على ما قامت به السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية في فترات سابقة . وأنا شخصيا لا أعرف الكثير عن الجهات التي تقدم منحا للطلاب الفلسطينيين . أهي تونس والمغرب والجزائر مثلا ؟ ( حين نجحت ابنتاي في التوجيهي علمتهما في الجامعة الأردنية تعليما موازيا ودفعت القسط مضاعفا ثلاثة أضعاف ، فهما ابنتا مواطن فلسطيني ، وقد رفضتا أن تدرسا مجانا في جامعة النجاح بحكم إقامتهما في عمان )
شخصيا فإن أملي معقود على البنوك الفلسطينية وعلى السلطة الفلسطينية ليس أكثر ، فمن عائدات البنوك من القروض ؛ قروض السيارات فقط ، ومن أسعار المحروقات التي تدخل إلى خزينة الدولة فقط ، يمكن أن تحل المشكلة ، وعندنا مثل يقول " من دهنه واقلي له " . إن أكثر مواطنينا يركنون أمام بيوتهم ثلاث أربع سيارات اشتريت بقرض بنكي وهذه تستهلك من المحروقات ما يكفي للإنفاق على طلاب الجامعات .
صباح الخير
خربشات
٦ آب ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى