أنس الرشيد - شاهِدُ الشِعر: 9/آب/2008م

في كُلِّ عامٍ مثلَ هذا اليوم تتزاحمُ الألفاظُ في فمي؛ أيـــُّها أسرع لملاقاتك...؛ ‏تتزاحمُ... فتخرجُ دفعةً واحدة كفراشٍ تنفّس نارًا؛.. فتَشكَّلَ لوحةً آبيّة تمتح من شهر آب:....
الموت والميلاد...!

‏.

‏فَمِن تدفّق الألفاظِ ولدتُ...؛ بــتسعة عشر لفظا آبيًّا؛ كأنها خزنة المعنى المؤجل/نار القول؛ رمزا للوقوف أمام الشعرية...؛ (عليها تسعة عشر):
فها أنا أقفُ أمامَ لَحدِك: (٩)
...........................هكذا: (١٩)
..
وحينَ أردتُ أن أُعنونَ يومَ لقائك هذا؛ ضحكتُ...؛ لأني تذكرتُ:
هاجس اللغة...التي حُبسنا بها...؛
وهاجس الكتابة، التي -غالبا- نواقعها؛ لأننا نحب انحناءنا فوق الورق، نملؤه بما يعيد لنا ذاتنا التي لا وجود لها ..
ثم تذكرتُ أننا نكتب لأننا لا نتقن إلا الكتابة..؛
ومع كل هذه الحيرة..؛ لم أستطع أن أتخيل شكل العنوان بخط يدك في مكانٍ آخر...؛ وفي زمانٍ آخر...؛ وفي شكلٍ آخر ...؛ في كينونةِ الشعر.

أما أنا فتساءلت هل هو ‏العيد الأكبر...؛؟ أم مناجاة الوجود الآبي. ؟ أم ‏يوميات المعنى المؤجل...؟ أم مناجاة يوم غير عادي؟
أو ‏يوم الوقفة...؛أو يوم الـ.... !
لكني تأكدتُ أنَّ العناوين لن تنتهي ما دمتُ شاهدا على لحظةٍ.. تحسّستُ فيها الشِعرَ محمولا على كتفي...؛ وستظلُّ تتزاحمُ العناوينُ على شاهدِك ياحبيبي..؛ لوصفِ رحيلك عَنَّا إلى كينونةِ الشِعر.
..
الكينونة.... التي...
..

اختلطتَ برمادِ ليلِـها..؛ فولِدتَ شِعرا يكتبُ شاعرا يتجهز للموت...
.. وناديتني من وراء اللفظ...؛ تدعوني إلى كينونةِ الشعر/الموت..؛ فسمعتُ صوتا في بوابةِ الأفق..؛ ...

وكلما انتهى شهر آب..؛ ولم اتّحد موتًا.. غضبتَ.. وتمتمتَ ساخرا في صدرك: " فافرَح، بأقصى ما استطعتَ من الهدوء،
لأنَّ موتًا طائشًا ضَلَّ الطريقَ إليك
من فرط الزحام... وأَجَّلكْ"
وأنا لا أقوى على غضبك/غضبِ الشعر، لهذا سأستجمعُ العدمَ في آب، وأكسِرُ الباب... وسأحثو في وجه الوجود رمادَ الآلهة.
...
ومع كل غضبٍ توحي لي أنَّ الموتَ الطائشَ حين يضل الطريق إليّ.. فإنه يمنحني إعادة المحاولة بلونِ موتٍ مُشتهى... لا يُشبه الموتَ الذي يحوم كصقرٍ فوقَ رؤوسِ الناس...؛
................فالموت المشتهى يبدأ بخلوةٍ قلميّة...؛

لهذا تذكرُ لما قلتُ لك: (أمرّ يومكَ إذ أخلو إلى قلمي)
وهل اختلى أحدٌ بالقلم؟ ...أم تطامحوا لاستخدامه؟
وما الخلوة بالقلم...؟
ربما هي خلوّ من الهوية...؛ والنومُ مع عنصرٍ يلعبُ لعبة الاختلاف مع شاهدِ موتك.
....
..
.

ولأني لا أريد لهذي المناجاة أن تنتهي...؛ سأخبرك يا حبيبي:
أني ‏في لحظةِ شهودِك/يومك؛ أواصلُ الحفرَ في صخرةٍ أولى.. تمتطي الحبرَ الأخير..
شاربٌ من بئر حزنِك...؛ أخرجُ القلمَ البعيد
أنفضُ الحبرَ نداءً :
حاصِر الورقَ الوحيد. لا مفر/ لا مفر/ لا مفر

أما أيام السنةِ ولياليها غير يومك، فيعلوها غبار الضجيج؛ صوتا واُفْقًا ومعنى...
أما الصوتُ؟
فقد كَبُرَ، واحتوى صخرَ الجليل..
والأفقُ..؟
معتقلٌ في زنزانةِ الماءِ القريب...؛
..
والمعاني..؟
نزعوا الجلودَ عن الجلودِ ، وحددوا.. الــوجْه..
صهيونا.. وعادوا:
كتابا جديد ْ
من مغيب الشمس حتى..../نهار الغيب...؛
وظلت فلسطينُ تجربةً
تعيدُ الشعر إنسانا بليد ْ
...
...


أنس
لا أريدُ لهذي المناجاة أن تنتهي...؛
9 آب ......

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى