طارق حرب - بغداد والمقاهي التي زاد عددها على الستين مقهى في النصف الاول من القرن العشرين في شارع الرشيد فقط وتنوع وتعدد وتخصص المقاهي في تلك الفتره

ظاهرة كثرة المقاهي ببغداد في النصف الاول من القرن العشرين مسألة لا يمكن تصورها لا سيما وان الدليل الرسمي للملكه العراقيه لسنة ١٩٣٦ ذكر عدد المقاهي في شارع الرشيد بما يزيد على ستين مقهى فقد اورد الدليل الرسمي مقاهي شارع الرشيد فقال هي :- مقاهي ابراهيم عباس واحمد سلمان واكبر عباس وباقر احمد وتوفيق قادر وجاسم الحاج وثلاثة مقاهي باسم جاسم محمد وجلال صافي وجواد رسول وحبيب مرزا وحسن العجمي وحسن الحاج علي وحسن خضر وحسن علي وحسن وادي وحسين بدعه وحسين حاج حسن وحسين صادق وحمودي الچايچي وخضر علاس وخليفه ابراهبم وخليل عباس والرازي والرافدين ورجب حسن ورمضان عبد الحسين والزهاوي وسعيد جواد وسعيد حاج خضر وسعيد سلمان وشهاب احمد وشهاب عبد الله وصادق علو وعارف السيد حسن وعبد الحسين جعفر وعبد الرضا علي وعبد الكريم شبيب وعبد اللطيف خميس وعبد اللطيف سلمان وعلي قلي وعبد الله اسد الله وعزيز امين وعلاوي خليف وعلي حسين وعمر الفطير وعيس جاسم خميس وقاسم فرج وقدوري رزوقي وكارنيك آگوب ومريم علي وگول محمد علي ومحمد حيدر ومحمد خميس ومحمد سيد جاسم ومحمد علي ياسين ومحمود حسن ومرزا خليل عائد الرحمن ومرهون حبيب ويوسف ابراهيم ويوسف سعيد.والخلاصه ان عدد مقاهب شارع الرشيد تفوق على الستين مقهى ولنا ان نتصور عدد المقاهي في بغداد يوم كانت بغداد التراثيه وبحجمها المعروف ويوم كان عدد نفوس بغداد اقل من ثلاثة ملايين بحيث ينطبق قول الرصافي على المقاهي وليس على الملاهي:
بغداد تسبح بالمقاهي
وتعبث بالاوامر والنواهي
فمن مقاهي شارع الرشيد في هذه الفتره :- ولو رجعنا تاريخياً حول مقاهي بغداد نجد ان اول مقهى في بغداد هي مقهى( جغاله زاده) التي يعود عمرها الى سنة ١٥٩٠ اي الى العهد العثماني الاول وقد أكد الرحاله الاجانب الذين زارو بغداد وجود المقاهي فقد ذكر ( تكسيرا) الذي زار بغداد سنة ١٦٠٤ المقاهي التي كانت اطلالتها على نهر دجله او كما نسميها( گهاوي الشواطي) والتي استمر وجودها في شارع ابي نواس حتى سبعينات القرن العشرين حيث كانت ارجلنا في مياه نهر دجله فمثل هذه المقاهي التي كانت زمن زيارة هذه الرحاله الذي يذكر ان اصحاب المقاهي يستجلبون الزبائن بالموسيقى أما الرحاله (بارسونز) الذي زار بغداد سنة ١٧٧٥ لاحظ كثرة المقاهي الموجوده في بغداد آنذاك ويذكر ان الادارة العثمانيه في بغداد اوجبت تسجيل جميع مقاهي بغداد في سجلات هذه الاداره وان هنالك( ٤٩٠) طلباً لفتح مقاه جديده والرحاله فريزر يقول : ان الميادين العامه تعج بالمقاهي وان المقاهي غالباً ما تكون مزدحمة بالرواد ورواد هذه المقاهي يدخنون ويشربون القهوه ويلعبون الشطرنج والالعاب الاخرى و( أبو طالب خان) الذي زار بغداد سنة ١٨٠٣ نبه الى الاوساخ والظلام الذي يكتنف مقاهي بغداد في تلك الفتره واما القائد الانگليزي فليكس جونز الذي قضى فترة تزيد على العشر سنوات اخرها سنة ١٨٥٤ فقد قدم جدولاً بأسماء مقاهي بغداد والعاملين فيها واجورهم واصنافهم وفي سنة ١٨٨٢ بلغ عدد مقاهي بغداد ( ١٨٤) مقهى كما ورد (سالنامه) اي السجلات الرسميه لولاية بغداد وأخذت المقهى شأناً بعيداً في التراث البغدادي وفي دلك تقول الحكمه التراثيه البغداديه( مادام گهوه وتتن كل الامور تهون) وقامت المقهي البغداديه التراثيه بتخصصات واستخدامات وتميزت بأفعال وانوع من الرواد فقد قامت المقهى بدور جهة اعلان خاصة في بداية القرن العشرين فقد كان دلال دائرة التسجيل العقاري( الطابو) يتخذ من المقهى محلا للاعلان عن بيع العقارات محددا في صوته الذي يتردد في المقهى عن نوع العقار ومساحته وسعره لكي يرغب الاخرين على شراء العقار كذلك فلا زلت لا انسى ان المقاهي في ساحة الطيران بداية الخمسينات القادمه من جنوب العراق تستقبل القادمين ممن يأخذون غفوة او يأكلون شيئاً لاكمال التنقل الى المكان الذي يقصدونه في بغداد والعكس صحيح اذ يجلس في المقهى من يروم السفر الى الجنوب بانتظار اكمال العدد المطلوب للسياره كما ان المقهى في بغداد استخدمت محلاً لمهارشة الديكه وشجارها للوصول الى الشجاع منها الذي يتغلب على الديك الاخر واستخدمت المقهى ايضاً محلا ً لمناطحة الكباش اي معركه بين كبشين داخل المقهى للوصول الى الكبش الذي يفوز غلى الكبش الاخر واستخدمت المقهى ايضاً محلاً لمربي وهواة الحمام( المطيرچيه) وكانت المقهى البغداديه التراثيه محلاً لقراءة الطلبه لا بل ان بعض المقاهي تخصصت في خدمة الطلبه فقط بحيث لا يرتادها غير الطلبه وكذلك اصبحت هذه المقاهي موضعاً لتجمع( العطاله البطاله) ممن لا يجدون لديهم عملاً حيث بتجمع العاطلين عن العمل كما كانت المقهى البغداديه مقراً لتصريف الاعمال وتنظيمها بين التجار حيث اشتهرت اكثر من مقهى في قلب بغداد في ان جميع روادها من التجار وكانت هنالك مقهى خاصه للتجار اليهود لعقد الصفقات التجاريه كذلك تخصصت اكثر من مقهى في محلة الصالحيه في الجزء الغربي من بغداد وفي مكان قريب من دائرة الاذاعه والتلفزيون تخصصت في ان روادها من الفنانيين وخاصة المغنيين اذ يتم الاتفاق معهم للغناء في مناسبات الزواج او المناسبات السعيده كذلك كانت المقاهي الملاصقه للمقابر مكاناً لوجود حفاري القبور وصانعي القطع التي تثبت عليها اسماء الموتى التي تعلم القبور وقد تخصصت بعض المقاهي في كونها للصم البكم والذين يعتمدون الاشاره ( الخرسان والطرشان) كما كانت هنالك مقاهي تخصصت للشعراء والادباء والمحامين منها مثلاً في شارع الرشيد مقهى الزهاوي ومقهى عارف وقد تخصصت بعض مقاهي بغداد بجلوس مختار المحله بحيث اذا اراد احدهم تأشيرة المختار فأنه يذهب الى المقهى التي يجلس فيها المختار يوم كان المختار صاحب الدور الرئيس وكانت تأشيرته لها الاثر فيما يقدم لدوائر الحكومه من معاملات وتخصصت بعض المقاهي في لعبة المنقله وان كانت اغلب المقاهي تستخدم للعبتي ( الدومنه والطاولي) وتخصصت مقاه قليله في بغداد بتقديم( القصه خون) وهو يروي قصة عنتر وعبله مثلاً وتستمر القصه التي يرويها القصه خون لايام ليست قليله. وتختص عدد من المقاهي بتقديم( الارگيله) وتخصصت قليل من مقاهي بغداد بوجود مقريء المنقبه النبويه وبطانته ويتم الاتفاق مع المقريء على الذهاب الى الدار ليتم اداء المنقبه فيه وكانت بعض المقاهي تقدم المنقبه النبويه الشريفه وقدمت بعض مقاهي بغداد سابقاً خيال الظل ( القره قوز) و كانت بعض المقام تستخدم في ايام عاشوراء للقراءه الحسينيه وهنالك بعض المقاهي البغداديه كانت تقدم المقام والبستات البغداديه واختصت بعض المقاهي بوجود الاخباري حيث يتولى ممثل هزلي ذكر اخبار عديده ويعلق على هذه الاخبار بأسلوب تهكمي ساخر واختصت مقهى او اكثر بالچالغي البغدادي وبعد الانفتاح الذي حصل ببغداد سنة ١٩٠٨ لم يقتصر الرقص في المقاهي على الغلمان وانما تم جلب الراقصات والمغنيات.




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى