أُسري بالنبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بعد عشر سنوات من الدعوة قضاها في مكّة المكرّمة.
والإسراء هو انتقاله -صلّى الله عليه وسلّم- ليلاً من مكّة المكرّمة إلى بيت المقدس، أمّا المعراج فهو صعوده عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العُلا.
وكانت هذه الرحلة على دابّة البراق التي رَكِب عليها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وجبريل عليه السّلام، وعند وصول النبيّ إلى بيت المقدس صلّى بالأنبياء عليهم السّلام، ثمّ عَرَج به جبريل إلى السّماء ليلقى عدداً منهم أيضاً، ثمّ عُرِج بالنبيّ إلى فوق السّماء السّابعة، حيث أوحى إليه الله -تعالى- وفرض عليه خمسين صلاة، ولم يزل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يراجع ربّه حتى خفّفها إلى خمسِ صلواتٍ : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
عندما عاد الرسول من رحلته، أخبر المشركين وعلى رأسهم أبو جهل بخبر الإسراء والمعراج، فقابلوا ذلك بالتكّذيب.
وحدثت فتنة كبيرة بين الناس، حتى بين بعض المسلمين، الذين لم يستوعب عقلهم حجم هذه المعجزة الهائلة .
غير أن أبو بكر الصديق،رضي الله عنه صدّق النبيّ قبل أن يسمع منه، وقال: (إن كان النبيّ قد قال ذلك فقد صدق)
ثمّ أتى المشركين إلى النبي، وطلبوا منه أن يصف بيت المقدس ، عله يعجزه فعل ذلك، وهم يعلمون أنه لم يذهب إليه قبل هذه الواقعة.
وكانت حادثة الإسراء ليلا، إذ لم تكن رؤية الرسول للمسجد واضحة
غير أن الله -تعالى- ساعتها جلاه له وجعله يراه رأي العين، فقام يصفه لهم بدقة أذهلتهم.
كما أخبر قريشاً عن عيرٍ لها قادم من الشّام يتقدّمها جمل أورق، وأعلمهم بوصولها بعد طلوع الشّمس، فتوقع المشركون، عدم مجيء العير، حتى يكذبوا الرسول،إلا أنها أتت في موعدها الذي تحدّث عنه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
فلم يكن من المشركين إلا أن قالوا : إنّ هذا سحرٌ مبين.
وقد اختلف العلماء المسلمون في تحديد اليوم الذي حدثت فيه الإسراء والمعراج، فقيل: إنّها كانت في ليلة الاثنين، في الثاني عشر من ربيع الأوّل، من دون تحديد السّنة، وقيل: إنّها كانت قبل الهجرة بسنة، وقيل: قبل الهجّرة بستة عشر شهراً، وقيل: بثلاث سنوات، وقيل: بخمس سنوات، والذي أجمع عليه العلماء أنّها حصلت مرة واحدة، في مكّة المكرّمة بعد أن بُعث النبيّ، وقبل أن يهاجر إلى المدينة المنوّرة.
وقد كانت هذه الرحلة العظيمة هدية من رب العالمين للرسول وتخفيفا عليه من أحزانه وخاصة بعد موت عمه، وزوجته.
***.
بعد أن اشتدت عداوة المشركين للرسول والمسلمين، فنكلوا بهم ،وعذبوهم كثيرا ،
ثم حاولوا قتل الرسول صلى الله عليه وسلم.
فقرر الهجرة إلى يثرب (المدينة المنورة) ،
وذلك بعد مرور ثلاث سنوات من الدعوة سرا وعشرة سنوات من الدعوة العلنية،
وهناك بدأت نواة المجتمع الإسلامي، وقد سمي أهل المدينة المنورة بالأنصار لنصرتهم للرسول ولدين الإسلام، ولقد عاش الرسول بينهم عشرة سنوات.