اكتظ الشاطيء الرملي الناعم بعشرات المصطافين من بلدان مختلفة جمعتهم شبكة صيد كبيرة لأحد الصيادين، نادى فيهم الصياد مالك الشبكة برغبته في أن يعاونوه بعد إلقاء شبكته في البحر لسحبها إلى الشاطيء؛ إذ انها ستكون ممتلئة سمكا من خير هذا البحر العميق كثير السمك، وأن يتقاسموا معا السمك على أن يحصل هو على الكم الأكبر كونه المالك لهذه الشبكة، شمر عن ساعده، وخلع بنطاله القماش، ووضع غطاء على راسه يقيه حرارة شمس الظهيرة، رجع خطوات إلى الوراء استعدادا، هم بالقاء الشبكة، لم يكترث بصغار السمك تحت قدميه على مقربة من الشاطيء؛ هدفه السمك الكبير والكم الكثير، رجع الفريق للوراء، ثم عاودوا الهجوم صوب الماء، قادهم الصياد كفريق انشاد يتلون بعض الأغاني التي يتغنى بها الصيادون وقت العمل والتي تهون عليهم عناء يومهم الطويل وتنم عن شخصية أبناء الساحل الطيبين ممن يبتغون وجه الله ورزقه الحلال، الموج متوسط الارتفاع ليته يأتي برزق وفير يكفي هذا الحشد من المنتظرين، الذين تركوا مصيفهم ومتعته انتظارا لحفل غداء تاريخي يتقاسموا فيه اسراب السمك التي ستملأ الشبكة الكبيرة، مضى وقت كاف لكن وزن الشبكة مازال هينا، لا مانع من الانتظار اكثر؛ فجمال الصيد في صبره، وبغية الصبر صيد كثير، مالت الأرض عصرا تودع أشعة الشمس الذهبية، وقبيل غسق قرمزي سيربض على لجة البحر ثقلت الشبكة جدا حتى عجز الصياد عن جذبها بمفرده، فهرع الرجال وكلهم سعادة وقد برزت عضلاتهم الفتية مع قسمات وجوههم الباسمة وصوت أغانيهم الطربة إلى الشبكة وجذبوها بقوة محترسة صوب الشاطيء، الشبكة ممتلئة على آخرها بشتى أنواع وأحجام الأسماك الشهية تصارع الموت بحركات متسارعة بعد أن تقاسمت جيفته الغارقة.