حسان عزّت - شرفات الخلق.. شعر

جاء الصبح بهيّا
برواءِ الفتنةِ
هزّ الروحَ على مَهَلِ النشوةِ
في شُرفات الصّبْحِ الطّالِعِ مثلَ صبايا الرّوح
جاء الصبح بهيّا
هُزَّ الخمرَ تُساقِطْ عسلا مرّا في القلب المجروح
دُقّ الدمعَ بِملءِ كؤوسِ الصُّحبةِ
تُسقى منْ مَاءِ العُمْرِ ولا تُروَى
تَصْرُخُ عِشقاً موتاً منْ أعماقِ الوِحشةِ والوِحشةِ
وتدورُ الأرضُ منَ الوَجْدِ الغامِرِ فجراً
ويدورُ الكونُ على كَعبِ جمالٍ وسفوح
وتصير الدنيا برقصتها
ويدور الكونُ بخطفةِ سحرٍ لا احلى
والمتربصُ في العتمة كيف له
جاء الصبح
تُرى جاء الصبحُ بهيّاً
..لوأنّك ياعيسى ..لو أني ياعيسى جبَلاً بحراً عاصفةً
لو أنّا ..لَكِنّا من أشَجارِ الرّوحِ
وزهْرِ الدّهْشةِ حينَ تُنادي الكونَ وحينَ تفوح
ْ هُزّ الرّوحَ وهَدْهِدْ كأساً كأساً
..من قالَ بأنّ اليأسَ نبيُّ المظلومينَ ومن قالَ بأنّ الثّكْلى على شُرْبِ تَنسى ؟؟
كتطايُرِ نَدْفِ الثّلجِ وزَهْرِ الغُوطَةِ شاميّاً
وصلَ الأطفالُ الشهداءُ الأرضَ بركْنِ العرشِ
وأزهرَتِ السّدرةُ ثلجاً دمويّاً
فتَماهَى العَرشُ بإكليلِ العُرسِ تَماهَى ..
فطُوبى للأعراسِ المَقتولَةِ في ساحاتِ الأقواسِ وطوبى للحريّةِ
في شجَرِ الآسِ
وطوبى للحراس القتلة
عشر كواكب تهوي
تتقصفُ برباعاتِ الحوْرِ الأبديّ
خمسةُ آلافٍ من أطفالٍ قتلى
تتمدّدُ من شجرِ الدّراق وزهرِ اللوزِ
وآخرِ هذا الكونِ الشّارقِ بالغصّة
ودموعِ ثكالى الروح
اجفف يادمع بلادي واجفف
يا دمع الأكبادِ على وطنٍ مذبوح
ها يتفتّحُ زهرُ النَّوارِ.. تُطِلُّ الحُلوةُ شمْساً في فِتْنتِها
وريشُ الكَرزِ الأبْهى يتطايرُ ضوءاً في شرفتها . فهل وسعتها أرضٌ وقلوبٌ
هَلْ وسِعَ الكونُ جَلالَتها ..
سَتحاصِرُها الريحُ المغلولةُ
قالَ العرّافونَ ودالوا بالإسمِ وبالرّسم المكنونِ .. ونَعْرفُ ..سَتُحاصِرُها الرّيحُ المجنونةُ والليلُ المتواطئُ وجيوشُ الهشّالين ..
وتؤجُّ على جُوعٍ أنيابُ أباليسِ الغِمّةِ والعتمة في الأرجاءِ . وتُحاصِرُها الأشباحُ
..وسَتَغْمُرُها الظّلمةُ فوقَ المَوجِ وحيتانُ الطوفانِ
ويكيلُ بُغاثُ االعُهْرِ مجازِرهَمْ فيها
ويَغيلُ تكالُبُهُم وقْدَ شبابِ النّورِ ..
تتسربلُ في دمِها ولا تلْوي ..
تمضي في وَفَرَتِها بِكُلّ العَزمِ المَوفُورِ بِذَرِّ أراضٍ وبَرَايا
وتمضي ..
فاقْرَأْ في إنجيلكَ ياعيسى سِفْرَ الوَعْدِ
وسأقْرَأُ آيةَ نورٍ في قُرآني
ويَقْرأُ شَعبي في مِزمارِ أصايِلِهِ المَفتُونة بالحمحمة المخنوقةِ قتلاهُ بِمواكِبِ أعمارٍ أحلى ومرايا سوريّاتٍ حُورِ فما أَغْلى هذا القوسِ المَنْصوبِ
وما أجملَ ريشةَ هذي الّلحظةِ في الأكوانِ
ما أجملَ ياعيسى !!..ونُصَلّي الحُبّ الأعْظمَ فوْقَ حدودِ .. الرّؤْيا وفَوقَ حُدودِ الأزْمانِ ..
دُرْ ياشعبي وهُزّ الروحَ
يَدورُ الكونُ بِمُطْلَقِهِ في فلَكِ الرّيْحانِ
تَدورُ نُواةُ البَيْضَةِ قبلَ أوَانِ تَشَكُّلها
يَدُور نطيفُ الوَقدِ الذّابحِ والمَذبوح
وتدور صغارُ الطّيرِ بِزُغبِ الأجْنحَةِ القُرْمزِ والنُّعمانِ ...
يا شُرُفاتِ الأرضِ الحُبلى والثّكلى ..
يا أمّةَ سَعْدٍ ووعودٍ لا تَأتي
وتأتي إنْ جاءَتْ في وَتَرٍ مَجْروح ..
يا عُمري وأعمار َالعشّاق المدفوعينَ إلى الموتِ
بِعِشق ِالرّسُل صفوفاً وجموعاً
أفراساً مِنْ ضَوءِ اللهِ إلى نَاصِيةِ الرُّؤْيا
أيُّ سماءٍ تغمرُكُمْ
أيُّ كَواكبَ تُرضِعُكمْ والأرحامُ اهتزّتْ عنفاً في ليلِ المزؤودةِ غصْباً
يا شُرفاتِ الكَونِ ويا مَطرا قُدسيّا
مدَّ جَناحيكَ لأنهار البَجَعِ
لترقصَ رَقْصتَها قبلَ تجلّي الحلوةِ في موكبها
يا كلّ الموعودينَ بِطُوبى الحبّ وقلبِ الربّ
وَصَلْتمْ حدّ الأرضِ بأطْرافَ الكونِ وأيكةِ رَحبِ الملكوتِ ووصلتم ْركْنَ العَرشِ يماماً للسُّدرةٍ ومقامِ الربّ سلاماً
..ما سمعَ العالمُ طوفانَ دمٍ
دُمى أطفالٍ وقُروحٍ تجري
..لكنّ الرّجعَ هوى في أعماقِ الجبّ
وأوراقُ الكَرَز تُدَمْدمُ وهيَ تصوغُ حكايَتها بخضابِ الغُصّةِ والقَهْرِ
..هُزَي الكونَ صبايا روحي
وأفضنَ الدمعَ إلى بردى والفيجَةِ حتى بحيراتِ الرّحبِ..
هزّي الأرضَ بلادي ..
هزّوا الملكوتَ حمائمَ شعبي المذبوحينَ وقلبي
لعلّ لعلّ سيطْلُعُ فجرُ الأعْمارِ
ولابدَّ على أفقٍ وفضاءٍ مفتوح
..بلّغْ بالوُصلةِ وتوضّأْ حينَ تُغنّي
وقَبّلْ حينَ يبادهُكَ الوَجدُ ويبارِكُكَ الجدُّ الأزليُّ
..يَدورُ بدورتِه إهليلَجُ روحي
دوري ياروحي ودُرْ يْا شعبي
ويا أرضي في شُرفاتِ الخلقِ غداةَ ولادتهِ بعدَ جُثامِ الفجرِ
..وأنا اُمّكَ وإمامُكَ في صلواتٍ كُبرى
آنَ الفجرُ بزلزلةِ البَهْجةِ يَتبادى ويَلُوح
وأنا بِجِراحِ الأزمانِ وبالأرواحِ وبالوقتِ الناجزِ من آخرِ عزمي وجراحي في رعشاتِ الغابات بِطَلِّ صباحي ..
عليكَ صلاتي ياعيسى السوريّ ! فاصعدْ وتدلّل
بصلاةِ محمّدَ ياعيسى
وكرامةِ هالتكَ النّورِ
وأنتَ تكلّمُ في المهدِ..
بجاهِ رسالتِكَ القدسيّةِ
بكرامةِ أُمّكَ مريمَ وكرامةِ عذراواتِ بلادي
والأطفالِ المذبوحينْ
ليرحمْ ربُّكَ شعبي
ناجِ الربَّ ليرحمَ شعبي وشعبَكَ يا عيسى!!
.. أيُّ زبانيةٍ وزنيمينَ طغى هاروتُ بهم فتَمَادوا وأبادوا كأنْ لاربَّ لنا
ومذْ كنّا كنّا بشراً أحراراً !!
فهلْ نقبلُ عَسْفاً أو ذلّا
..أخبِرْه بأنَّ حبالَ الودِّ انقطعتْ
ورَجاءُ المذبوحين َتبدّدَ تحْتَ الرّدمِ واشلاءِ الموتى
..دَعَواتُ القديسينْ مضيّعةٌ بينَ سُعارِ سماسرةِ القوّادينْ ..
بِصَلاةِ أخيكَ محمّدَ ياعيسى وكَرامةِ أمّكَ هزّتْ نَخْلَته
.. من مثلُكَ من روحِ الربّ
وحبِّ الناسِ يُصلّي في الناسِ صبيّاً ويُنادي ..
ألستَ الفادي ياطفلَ الله ؟؟....ومن غيرُكَ إنْ لمْ تفدِ وتدعُ الربّ ليرحمَ
من ياعيسى يُفدي ويُنادي ..؟؟
صحَّ العزمُ وصَحصحَ وضَحَى !!.
إذاً.. ونردُّ لهمْ ردّا ردّا ..
ونَهدُّ لهمْ رُكناً سَدّا
ونهيلُ بأصنامٍ رَفَعُوا ..
وإنْ زَادوا
..كَرِمالِ الأرْضِ لهمْ زِدْنا عدّا حتّى لوْ هَدموا وأبادوا
حتّى لو بَلغوا بالتّابوت ..
يا عيسى أنتَ وشعبي بمهاريهِ الجذْلى
وبأحلى شبّانٍ فيهِ ، وعزمِ ملائكةٍ
بَلغَ الأيكةَ فوقَ سماواتِ الخلْقِ جميعاً ..
وأقامَ العُرسَ هناك ..
طوبى للعشّاقِ وللشهداءِ وللصَرعى
لا ذنبَ ولكنْ وقدُ الروح وجناحٌ للأفقٌ المفتوح
أقولُ وأشهدُ أن لاشيءَ سوى الحبِّ
لهُ الملكوتُ الأسمى والنُّعمى أقولُ عليكَ ..على شعبي الجبّار سلامي
حينَ يُصلّي الفجرُ لثورتهِ
وحينَ تُناجي سماواتِ الربّ بلادي وعشبَ الأطفالِ الشهداء ِتنادي ، وطيورَ الرَحبِ المأسورينَ وصبايا الأرضِ الثّكلى ملءَ مَداءِ ِالروح ..
أقولُ على أرضي وشامي وشعبي ،عَليكَ سِلامي ..
دُوري يارُوحي
دُرْ ياشَعبي
ويا أرْضِي في شُرُفاتِ الخَلْقِ وعَصْفِ الميلادِ دوري ..
لَسْنا بِحاراً ..
لَسْنا جِبالاُ ..
لَسْنا عَواصِفَ
لكنّا بشرٌ .يَصْنَعُ عِزّتهُ ويموتْ ..
أعلى