تفتح سناء الباب؛ تطير كل فراشات الكون ، وتحلق في روحه دفعة واحدة .
تطرق بكعب حذائها على بلاط قصر والدها الذي يعتلي أكبر هضبة في كفر الصوان ، تتبعثر نبضات قلبه وتهرب منه لائذة بحركة شعرها القصير وهو يتقافز حول أذنيها مع كل خطوة تنقلها كطائر حجل وسمته الدهشة .
الوقت الذي تعود فيه إلى البيت هو موعد لصلاة عميقة بينه وبين قامتها التي تميس بدلال عفوي أبدع الخالق حين سواه، منذ أن كانت فتاة صغيرة تهرول إلى المدرسة ، حتى صارت في المرحلة الثانوية تقطع الشارع من قصر والدها عالي الأسوار إلى طرقات كفر الصوان المتعرجة تطرق عليها بكعب حذائها العالي . ولا أحد يجرؤ على منعها من ارتداء ذاك الحذاء في المدرسة .
تخطر من أمام بيت عمها الذي يتطرف عن باقي بيوت البلدة المترفة الجمال . وسليم ابن عمها ينتظر طرق كعبها ليهبّ متحفزاً لرحلة مرافقتها إلى المدرسة فهو الوحيد المخول بذلك. فهو مدير المدرسة . عُيّن فيها مديراً فور تخرجه وانضمامه لسلك التعليم.
ضمة الكتب إلى صدرها تثير في أحشائه موجا من نجوم وأقحوان
.وحين يمشي قربها أو إلى الخلف قليلا، يهمس لها : سناء تمهلي لاتسرعي في المشي .
ثم يراقب انسياب خطواتها على الدرب؛ يذهل لتطاول قامات الأشجار على جانبي الطريق حين تعبّده نقرات كعبها، يقتنص لحظة مرورها بجانب مرج الأزهار الغربي ليراقب كيف تفتح الزهور أعينها على اتساعها فتفعم حواسه برائحة النسيم الذي ينسل من جانبي كتفي سناء ، ثم يرفرف حول رأسه فيدوخ بعبيرها البهي .
انقلبت كل قوانين الفيزياء التي درسها في الجامعة ؛ ويدرّسها الآن للطلبة ؛ فالزمن يمرّ بحضورها ويتوقف بغيابها والمسافة هي بعدها الموجع عن سمت عينيه حين تمضي بعيدا عنه.
العالم يتحول إلى ثقب كوني هائل تشع منه طاقات نور كثيفة لاتقوى أصابعه على لمسها ولاتطيق عيناه النظر إليها لفرط كمالها ،طول موجتها مثالي ليكون أحد.من شفرة تحز قلبه حين تنظر إليه ببرود، وتذبل حروف اسمه حين تنطقها بلا مبالاة .
كان يختزل العالم بذاك الثقب الذي أحدثه في سور حديقتها يراقبها حين تجلس للدراسة اولترخي شعرها تحت أشعة شمس الصباح. كذلك أحدثته أنا بعلاقتي مع أختها سهاد فجعلتها ثقباً أنفذ من خلاله إلى عالم سناء الغامض الشفيف .
و حين تتراقص حروف اسمي على شفتيها وتبرق عيناها إذ تديم النظر إليّ طوال الدرس ، وعندما تتحدث تمط خيوط الحكي الجميل وتغمس الحروف بريش أنوثتها الفارهة أبهت أنا بجمالها وأجزم بأن كل مدرسيها يقعون أسرى لعذوبة عفويتها الرقراقة التي لانراها عند سناء إلا هنا حين تتحرر من سلطان قصرها وتسرح وتمرح مع الطلاب ومع الجميع في المدرسة .
، أما سليم فيستحيل الكون أمامه إلى ثقب أسود هائل يمتص منه طاقات النور التي أتخم بها من زمن بعيد ويتركه خاوياً مرمياً كخرقة بالية على طاولة مسودة في حانة بعيدة لائذة بقدر عجيب من المرارة . سرّه الذي عرفته أنا وجهله أهله وبيت عمه أهل سناء وكل سكان كفر الصوان.
بنت سناء جداراً عالياً بينها وببن الناس في قريتنا ، فكانوا ينظرون إليها كانها نجمة هبطت من سماء أو حورية قفزت من البحر في ليلة صيفية لكن أحداً لم يجرؤ على الاقتراب من تخوم مملكتها . فهي لسليم وهو أمر قضى به والدها وانتهى الكلام .
وحين تزوجت من سليم كان حلم الجميع أن ينظر إليها وهي تخطر بثوبها الأبيض أو تسبح في فضاء الحب الذي ظنوه معطر الأنفاس بسحر ثغرها .
كان سليم يرنو إليها كأنه يطلّ من فوق قوس قزح إلى عالم الآدميين . وهي تبدو كطيف او حلم لفتى يرافقه ليالي الأرق المشبوب بالحمى ؛حمى التلهف والاشتياق.
وكان غور عميق يتفتق داخله يمتلىء شيئاً فشيئاً بسائل حارق يشوي جوفه ويتطافر من عينيه مهما حاول أن يخفيه بطبقات من الهدوء المضفور بخيوط حريرية من التأني وسعة الصدر .
لكن كان هذا السائل يفور حين يضبطها متلبسة بالنظر إلي أو يضبطني متلبساً بالتوهان في بحر عينيها الغامض ، فيثور؛ لكنه يلجأ لخيوط الحرير التي سبق وحاكها في ثنايا قلبه . فيبتسم لنا بود ، ويمسك يدها بحنان أب ويقتادها متأبطاً ذراعها وينسل بها من عالم كفر الصوان ويهرب بها إلى المدينة الكبيرة يختطفها من عالم الزهور المسحور بحضورها الوردي ، ليخنقها في غرفة باردة الظلال ، تكاد جدرانها تطبق على روحها ،منذ أول ليلة جاء بها إلى هنا .ليلة الزفاف ؛ حين كان سليم يحملها ويذوب في تأويلات قلبه ، فهذه هي المرة الأولى التي يقترب منها بهذا القدر ، والمرة الأولى التي تحيط ذراعيه بجسدها الفائر أنوثة، وكان من قبل حرام عليه ان يقترب منه أو يلامسه منذ تلك المرة التي حاول فيها لمس وجنتها وتقبيلها ، فعاجلته بصفعة مدوية ظلت رأسه تدور أياما بعدها . وظلت سناء ترميه بشرار نظراتها وتهديداتها بأن تخبر والدها ( عمه) بما حصل ، ووجدت في ذلك خير ملاذ لإبعاد شبح أشواقه عنها . أما في تلك الليلة فلامفر. هي الآن ملكه وله أن يفعل بها مايشاء . وكان هو سكران بتلك الفكرة . فهاهي بين يديه ويشيع دفء جسدها في خلاياه فيوقظ فيها حنين عشرين سنة مضت وهو يحلم بلمس كتفها أو تمرير يده على شعرها الذهبي .
و في الغرفة الباردة . كان السر . أبعدت يديه عنها وهمست له : لن يكون هنالك شيء هذه الليلة .
حينها قدّر الأمر أنه خفر الفتيات وحيرتهن . لكن عندما تكرر الأمر نفسه في الليلة التالية والتي بعدها وبعدها . إلى أن قالت له وهي تثبت نظرتها الحادة في عينيه الفاغرتين : لن يكون مثل هذا الأمر بيننا أبدا.
حينها لفظته الغرفة التي صارت نارا مشبوبة مطعونة ككبريائه . وتلقفته الحانة المسودة ليغرق فيها وفي ماتقدمه له من نسيان في كأس أو ربما في حضن امرأة عابرة يصرّ عليها أن ترتدي حذاء بكعب عال ؛ وتطرق به بلاط الغرفة قبل أن ينتحب ويركع مقبلاً الكعب غارقاً بين دموعه وأحضان المرأة، يلقي فيها بكل القهر الذي أورثته له كفر الصوان وحوريتها المتحجرة التي أجادت دوس قلبه بكعبها وبكل ذاك الصمت الذي يتمرغ على أعتابه كل ليلة لينتهي به الأمر مرمياً في غرفة لا يعرف صاحبتها ولاكيف جاء إليها ولا كيف وصلها ولا كيف سيرحل. وأي طريق سيودي به إلى هاوية سحيقة .
أما أنا فأقتنص الليل لآوي إلى غرفتي باردة الظلال ، أنهل من شوقي الحارق ل سناء وقد صرت خطيباً لأختها الصغرى .
ثم تكتمل دورة حزني حين تضيء شاشة هاتفي باسم سليم فأهيء نفسي لليلة أخرى يملؤها بهلاوسه و بما يثقل روحه من لوعة يعطيني في نهايتها عنوانا جديداً أحضره منه مثل كل يوم .
تطرق بكعب حذائها على بلاط قصر والدها الذي يعتلي أكبر هضبة في كفر الصوان ، تتبعثر نبضات قلبه وتهرب منه لائذة بحركة شعرها القصير وهو يتقافز حول أذنيها مع كل خطوة تنقلها كطائر حجل وسمته الدهشة .
الوقت الذي تعود فيه إلى البيت هو موعد لصلاة عميقة بينه وبين قامتها التي تميس بدلال عفوي أبدع الخالق حين سواه، منذ أن كانت فتاة صغيرة تهرول إلى المدرسة ، حتى صارت في المرحلة الثانوية تقطع الشارع من قصر والدها عالي الأسوار إلى طرقات كفر الصوان المتعرجة تطرق عليها بكعب حذائها العالي . ولا أحد يجرؤ على منعها من ارتداء ذاك الحذاء في المدرسة .
تخطر من أمام بيت عمها الذي يتطرف عن باقي بيوت البلدة المترفة الجمال . وسليم ابن عمها ينتظر طرق كعبها ليهبّ متحفزاً لرحلة مرافقتها إلى المدرسة فهو الوحيد المخول بذلك. فهو مدير المدرسة . عُيّن فيها مديراً فور تخرجه وانضمامه لسلك التعليم.
ضمة الكتب إلى صدرها تثير في أحشائه موجا من نجوم وأقحوان
.وحين يمشي قربها أو إلى الخلف قليلا، يهمس لها : سناء تمهلي لاتسرعي في المشي .
ثم يراقب انسياب خطواتها على الدرب؛ يذهل لتطاول قامات الأشجار على جانبي الطريق حين تعبّده نقرات كعبها، يقتنص لحظة مرورها بجانب مرج الأزهار الغربي ليراقب كيف تفتح الزهور أعينها على اتساعها فتفعم حواسه برائحة النسيم الذي ينسل من جانبي كتفي سناء ، ثم يرفرف حول رأسه فيدوخ بعبيرها البهي .
انقلبت كل قوانين الفيزياء التي درسها في الجامعة ؛ ويدرّسها الآن للطلبة ؛ فالزمن يمرّ بحضورها ويتوقف بغيابها والمسافة هي بعدها الموجع عن سمت عينيه حين تمضي بعيدا عنه.
العالم يتحول إلى ثقب كوني هائل تشع منه طاقات نور كثيفة لاتقوى أصابعه على لمسها ولاتطيق عيناه النظر إليها لفرط كمالها ،طول موجتها مثالي ليكون أحد.من شفرة تحز قلبه حين تنظر إليه ببرود، وتذبل حروف اسمه حين تنطقها بلا مبالاة .
كان يختزل العالم بذاك الثقب الذي أحدثه في سور حديقتها يراقبها حين تجلس للدراسة اولترخي شعرها تحت أشعة شمس الصباح. كذلك أحدثته أنا بعلاقتي مع أختها سهاد فجعلتها ثقباً أنفذ من خلاله إلى عالم سناء الغامض الشفيف .
و حين تتراقص حروف اسمي على شفتيها وتبرق عيناها إذ تديم النظر إليّ طوال الدرس ، وعندما تتحدث تمط خيوط الحكي الجميل وتغمس الحروف بريش أنوثتها الفارهة أبهت أنا بجمالها وأجزم بأن كل مدرسيها يقعون أسرى لعذوبة عفويتها الرقراقة التي لانراها عند سناء إلا هنا حين تتحرر من سلطان قصرها وتسرح وتمرح مع الطلاب ومع الجميع في المدرسة .
، أما سليم فيستحيل الكون أمامه إلى ثقب أسود هائل يمتص منه طاقات النور التي أتخم بها من زمن بعيد ويتركه خاوياً مرمياً كخرقة بالية على طاولة مسودة في حانة بعيدة لائذة بقدر عجيب من المرارة . سرّه الذي عرفته أنا وجهله أهله وبيت عمه أهل سناء وكل سكان كفر الصوان.
بنت سناء جداراً عالياً بينها وببن الناس في قريتنا ، فكانوا ينظرون إليها كانها نجمة هبطت من سماء أو حورية قفزت من البحر في ليلة صيفية لكن أحداً لم يجرؤ على الاقتراب من تخوم مملكتها . فهي لسليم وهو أمر قضى به والدها وانتهى الكلام .
وحين تزوجت من سليم كان حلم الجميع أن ينظر إليها وهي تخطر بثوبها الأبيض أو تسبح في فضاء الحب الذي ظنوه معطر الأنفاس بسحر ثغرها .
كان سليم يرنو إليها كأنه يطلّ من فوق قوس قزح إلى عالم الآدميين . وهي تبدو كطيف او حلم لفتى يرافقه ليالي الأرق المشبوب بالحمى ؛حمى التلهف والاشتياق.
وكان غور عميق يتفتق داخله يمتلىء شيئاً فشيئاً بسائل حارق يشوي جوفه ويتطافر من عينيه مهما حاول أن يخفيه بطبقات من الهدوء المضفور بخيوط حريرية من التأني وسعة الصدر .
لكن كان هذا السائل يفور حين يضبطها متلبسة بالنظر إلي أو يضبطني متلبساً بالتوهان في بحر عينيها الغامض ، فيثور؛ لكنه يلجأ لخيوط الحرير التي سبق وحاكها في ثنايا قلبه . فيبتسم لنا بود ، ويمسك يدها بحنان أب ويقتادها متأبطاً ذراعها وينسل بها من عالم كفر الصوان ويهرب بها إلى المدينة الكبيرة يختطفها من عالم الزهور المسحور بحضورها الوردي ، ليخنقها في غرفة باردة الظلال ، تكاد جدرانها تطبق على روحها ،منذ أول ليلة جاء بها إلى هنا .ليلة الزفاف ؛ حين كان سليم يحملها ويذوب في تأويلات قلبه ، فهذه هي المرة الأولى التي يقترب منها بهذا القدر ، والمرة الأولى التي تحيط ذراعيه بجسدها الفائر أنوثة، وكان من قبل حرام عليه ان يقترب منه أو يلامسه منذ تلك المرة التي حاول فيها لمس وجنتها وتقبيلها ، فعاجلته بصفعة مدوية ظلت رأسه تدور أياما بعدها . وظلت سناء ترميه بشرار نظراتها وتهديداتها بأن تخبر والدها ( عمه) بما حصل ، ووجدت في ذلك خير ملاذ لإبعاد شبح أشواقه عنها . أما في تلك الليلة فلامفر. هي الآن ملكه وله أن يفعل بها مايشاء . وكان هو سكران بتلك الفكرة . فهاهي بين يديه ويشيع دفء جسدها في خلاياه فيوقظ فيها حنين عشرين سنة مضت وهو يحلم بلمس كتفها أو تمرير يده على شعرها الذهبي .
و في الغرفة الباردة . كان السر . أبعدت يديه عنها وهمست له : لن يكون هنالك شيء هذه الليلة .
حينها قدّر الأمر أنه خفر الفتيات وحيرتهن . لكن عندما تكرر الأمر نفسه في الليلة التالية والتي بعدها وبعدها . إلى أن قالت له وهي تثبت نظرتها الحادة في عينيه الفاغرتين : لن يكون مثل هذا الأمر بيننا أبدا.
حينها لفظته الغرفة التي صارت نارا مشبوبة مطعونة ككبريائه . وتلقفته الحانة المسودة ليغرق فيها وفي ماتقدمه له من نسيان في كأس أو ربما في حضن امرأة عابرة يصرّ عليها أن ترتدي حذاء بكعب عال ؛ وتطرق به بلاط الغرفة قبل أن ينتحب ويركع مقبلاً الكعب غارقاً بين دموعه وأحضان المرأة، يلقي فيها بكل القهر الذي أورثته له كفر الصوان وحوريتها المتحجرة التي أجادت دوس قلبه بكعبها وبكل ذاك الصمت الذي يتمرغ على أعتابه كل ليلة لينتهي به الأمر مرمياً في غرفة لا يعرف صاحبتها ولاكيف جاء إليها ولا كيف وصلها ولا كيف سيرحل. وأي طريق سيودي به إلى هاوية سحيقة .
أما أنا فأقتنص الليل لآوي إلى غرفتي باردة الظلال ، أنهل من شوقي الحارق ل سناء وقد صرت خطيباً لأختها الصغرى .
ثم تكتمل دورة حزني حين تضيء شاشة هاتفي باسم سليم فأهيء نفسي لليلة أخرى يملؤها بهلاوسه و بما يثقل روحه من لوعة يعطيني في نهايتها عنوانا جديداً أحضره منه مثل كل يوم .