عصري فياض - شعوري والعلم والنشيد

يستفزوني رؤية العلم الفلسطيني في احتفلاتنا الرسمية والشعبية بأحجامه المختلفة... أحيانا يخفق بدون قلب.. وفي الاغلب مكسورا محطم الالوان مبعثر الخيوط..كما يستفزني الصباح عندما تشدوا طوابير المدارس النشيد الوطني...
أحس بداخلي بأننا نمارس الكذب حتى على اعلى وأكبر مراتب وجودنا....فالعلم الذي يراد له أن يخفق بقلب قويّ وشموخ وكبرياء يجب أن يكون حرا فعلا... وبما أن العلم هو رمز الوطن ، الشعب والأرض....فهو يدرك ــ أي العلم ـــ أنهما معذبان وما زالا تحت وطئة الاحتــــــــلال ولا يمضي يوم الا أخذ المحتـلون من زهرة أرواح شبابنا أجملها، وغيب في مقابر الاحياء السجون خيرتها، وأقعد برصاص الحق والبطش أبهاهم.... وأوجع القلوب،وجعل الاكباد حرى.... وشرد وإقتلع...، وما توقف عن بطش ولا صلف ولا عدوان ولا استعلاء وهمجية ولا إمتنع، وكذلك الارض يقضمها بشراهة وحش مفترس، ويندس اقدس بقاعها وابرك رقاعها....فكيف يكون العلم الذي نرفعه معبرا حقيقيا عن رمزيته المعذبة؟؟
في قانون البشر الراية لا ترفع الا بعد الانتصار الحاسم، والنشيد لا يكون الا بعد الاستقلال التام، ودونهما وخوفا من ان يسقطا تبذل الارواح والمهج....ولكن عندنا، وفي ثورتنا التي تقزمت، وراحت للوهم، وساقت عطشنا للحرية إلى ماء السراب...يفرح السذج منا على علم مرفوع، ونشيد مسموع.... ودلالة ما يعبر عنه صفر في الواقع والحقيقة ...
نعم انه الكذب، الكذب الذي رغم أنه في حياتنا أصبح " سنة مؤكدة" ،غير أن هذا النوع من الكذب الذي نتجرعه ساطع وقاطع وفاضح، ومؤلم ومحزن ومبكي ....
الاصح أن لا يرفع علم دون تحرير تام، وأن لا ينشد نشيد إلا باستقلال ناجز.. هكذا هي الامم والشعوب والثورات، هكذا هي الامم التي كانت وسادت وشاركت في صنع التاريخ والحضارات.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى