أيمن دراوشة - بائع البالونات - قصة للأطفال

الزمان / 1979

المكان / الحارة

الفئة العمرية /10 -12 سنة.

الشخوص / ماهر – الفتاة - طلال – عاطف – الأب.



ماهر طفل صغير يبلغ من العمر عشر سنوات، نشأ من أسرة فقيرة جدًّا، ومثل غيره من الأطفال كانت له أحلام وأمنيات، وكم كان يتضايق من أصدقائه عندما يراهم ينفقون النقود، ويشترون ما يشتهون من الأطعمة والألعاب، كونهم من أسرٍ غنية.

ماهر على الرغم من ذلك فهو سعيد مع أسرته الصغيرة المكونة من خمسة أفراد.

لم يكن ماهر يحمل الكراهية أو الضغينة نحو زملائه، بل كان مؤمنًا بأن كل إنسان عليه القبول بما قسَّمه الله له، فلا ينظر إلى ما يملك غيره من أموال وممتلكات، فربما جعل الله فقيرًا، لخير وفير، وربما جعل غنيًا لاختبار قصير، فالله سبحانه وتعالى لا ينسى عباده أبدًا.

كالعادة خرج ماهر صباحًا؛ كي يلعب مع رفاقه، فهو في إجازة مدرسية، ووجد العديد منهم قد اشترى سحبة البالونات، ويبيعون ويكسبون النقود.

وآخرون قد اشتروا أشياءً أخرى، فهذا أفضل من قضاء الإجازة في اللعب دون فائدة.

ذهب ماهر إلى منزله، متألِّمًا متحسِّرًا فقد كان يسعى لشراء البالونات التي تعتمد على السحب والحظ، وتلك النوعية من البالونات لا خسارة فيها، فأقل شي يمكن أن يحصل عليه الطفل الصغير في حالة الشراء بالون صغير، وربما حجم وسط أو كبير، ويتوسط أكبر البالونات منتصف لوحة العرض ورقمه 10.

وجد الأب ابنه في حالة حزن شديد فسأله:

- هل تشاجرت مع أحد اليوم يا بني.

أجاب ماهر: لا يا أبي.

الأب: إذًا لِمَ أنت حزين.

ماهر: لأنني لا أملك ثمن سحبة البالونات يا أبي، وأنا أريد أن أساعدك في مصروف البيت.

الأب: وكم ثمنها يا بني؟

ماهر: خمسٌ وثلاثون قرشًا يا أبي، وأنا لا أملك منها سوى عشرة قروش فقط.

الأب: لا تقلق يا بني، أنت تعرف أن مرتب التقاعد لا يكاد يكفينا، فلننتظر أخاك عاطف، فقد أخبرني أنه سيتقاضى اليوم مكافأة بسبب جهده الدؤوب في العمل.

عاد الأخ الكبير عاطف إلى البيت مسرورًا، وبعد أن طرح السلام قاطعه ماهر قائلًا:

هل استلمت المكافأة يا أخي؟

عاطف وقد برزت عليه ابتسامة عريضة، نعم يا ماهر، وسيكون لك نصيبًا منها.

قفز ماهر مقبلا أخاه الأكبر كم أنت كريم وطيب يا أخي؟!

عرف عاطف شدة رغبة أخيه لشراء سحبة البالونات، وناوله بقية المبلغ محذِّرا إياه من الدخول في مشاجرات مع زملائه.

وعد ماهر أخاه بأن يكون الطفل المطيع لوالده ولأخيه، وسوف يكسب النقود بإذنه تعالى، ويشتري هدية قيمة لوالدته المريضة وإخوته الصغار.

الأب: بارك الله بك يا ماهر، لكن انتظر للغد صباحًا، فقد تأخر الوقت.

ماهر: حاضر يا أبي.

في الصباح الباكر، تناول ماهر فطوره مع عائلته، واستأذنهم للمغادرة، فهو متشوِّقٌ جدًّا لشراء سحبة البالونات، وبيعها مبكرًا قبل أن ينفقَ أصدقاؤه الأطفال نقودهم على الحلويات.

سار ماهر إلى محل البقالة الذي يبعد كيلو ونصف تقريبًا عن المنزل، واشترى ما كان يتمنى وعاد سعيدًا إلى حارته كي يبدأ ببيع البالونات.

في أثناء الطريق استوقفه أحد الأشخاص ويدعى طلال، والذي يكبر ماهرًا حوالي ثلاث سنوات، وقال لماهر كم ثمن السحب؟

ماهر: أنت تعرف أنه بقرش واحد.

طلال: لا مشكلة، أعطني لوحة الأرقام كي أسحب واحدًا.

تعجب ماهر من تصرف طلال، فقد كان يرفع لوحة الأرقام باتجاه أشعة الشمس، ولم يستوعب ماهر السبب الذي جعل طلالًا أن يقوم بهذا العمل.

استطاع طلال من خلال أشعة الشمس أن يكتشف موقع رقم عشرة، وعند السحب أحس ماهر بأن قلبه سوف يقفز من مكانه.

فتح طلال الرقم الذي قام بسحبه ويا للهول، فقد كان رقم عشرة أكبر البالونات.

ارتبك ماهر وشعر بأنَّ طلالًا قد خَدَعَهُ، لكن ما باليد حيلة، بالون رقم عشرة مقابل قرش واحد.

المعروف أنَّ الأطفال يشترون من بائع البالونات بسبب الرقم عشرة، فإذا كان مسحوبًا، فهذا يعني أنَّ سحبة البالونات لن يشتريَها أحد.

توسل ماهر طلالا بأن يأخذ بالونًا غيره، لكنَّ طلالًا رفض، واقترح على طلال بأن يضع مكان رقم عشرة البالون المتوسط الحجم، لكن طلالا لم يقتنع، فجميع الأطفال يعلمون أنَّ رقم عشرة أكبر بكثير من البالون البديل.

مشى ماهر إلى حارته حائرًا جارًّا أذيال الخيبة، فسحبته لن تُباع أبدًا بدون رقم عشرة، وماذا سيقول لأبيه وأخيه؟!

تعب طلال من المشي، وهو الذي كان نشيطًا وسعيدًا قبل قليل.

جلس ماهر على الرصيف يبكي بحرارة، حتى مرَّتْ فتاة التي استوقفها المشهد الحزين، وعادت أدرجاها إلى ماهر.

الفتاة: ما بك يا شاطر تبكي؟ هل ضربك أحدهم؟!

ماهر: لم يضربني أحد، لكن أحدهم فاز بالبالون رقم عشرة.

الفتاة: هي هكذا سحبة البالونات تعتمد على الحظ، لكن قل لي: ما اسمك؟

- اسمي ماهر.

الفتاة: اسم جميل، وهل كسب رقم عشرة من أول محاولة أم محاولات؟

ماهر: من أول محاولة، لكنه تَصرَّف تَصرُّفًا غَريبًا.

الفتاة باندهاش: ماذا؟

ماهر: لقد رفع بطاقة الأرقام إلى أشعة الشمس.

الفتاة: الآن فهمت، لقد غشك يا ماهر؛ لأنه استطاع من خلال ضوء الشمس أن يكشفَ عن الرقم عشرة.

ماهر بقهر شديد: ما أغباني! ماذا سأقول لأبي الآن؟ سيوبخني لا محالة!

الفتاة: لا يا ماهر، فوالدك يحبك، بدليل أنَّه سمح لك بشراء سحبة البالونات.

اسمعني يا ماهر: سأشتري أنا منك البالونات كاملة، وتشتري أنت سحبة جديدة، لكن عليك أن تعدني بألا تبيع البالونات حتى تغيب الشمس.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى