ابن حجر العسقلاني - طيف لمن أهوى ألما

طَيفٌ لِمَن أَهوى أَلَمّا
يَطوي ذُيولَ اللَيلِ لَمّا
أَهلاً بِهِ لَو أَنَّ طَر
في لِلمَنامِ يَذوقُ طَعما
وَنَعَم لَقَد أَغفيتُ في
طَلَبِ الخَيالِ خَيالِ نُعمى
فاِعجَب لِصَبٍّ يَدَّعي
نَظراً يُجادِلُ فيهِ خَصما
يَرضى بِمَعدومِ الخَيا
لِ حَقيقَةً وَيُطيعُ وَهما
فَدَعِ الجِدالَ وَخُذ حَديثَ
الطيفِ إِن أوتيتَ فَهما
روحٌ أَتَت روحاً وَغَي
ري يَلتَقي بِالجِسمِ جِسما
نَصَبَ الكَرى لي مِنهُ غُص
ناً كِدتُ أَن أُذويهِ ضَمّا
فشرعتُ في وردى شَري
عةَ ريقِهِ كَرَماً وَحلما
وَسَكِرتُ حينَ رَشَف
تُ بِلَيلَةٍ يا صاحِ ظَلما
أَنعَشتُ روحي إِذ شَمَم
تُ خُدودَهُ وَالنَفس شَمّا
وَأَمِنتُ وِزراً إِذ رَشِف
تُ رضابَهُ وَشَرِبتُ إِثما
وَبلغتُ أَقصى مُنيتي
لَمّا دَنا وَفُتِنتُ مِمّا
ثُمَّ اِنتَبَهتُ وَعادَ ثَو
بُ الصَدِّ يَكسو الجِسمَ سقما
قَد خُصَّ جِسمي بِالضَنا
فَليسألن في الحَشرِ عمّا
يا أَيّها البَدرُ المُني
رُ إِلَيكَ أَشكو ما أَهَمّا
هَمّاً لِبُعدي عَنكَ قَد
غَطّى عَلى قَلبي وَغَمّا
رِفقاً بِصَبٍّ مُغرمٍ
أَسلَمتهُ لِلهَجرِ ظُلما
قَد كادَ يَقتُلُ نَفسَهُ
خَوفَ النَوى غمّاً وَهمّا
قَرُبَ الفَناءُ إِلَيهِ حي
نَ ثَوى بِهِ لَهبٌ وَحُمّا
وَحَياةِ حُبِّكَ خِفتُ مِن
تَلَفي فَهَب لي مِنكَ رُحمى
وَنَصيبُ قَلبي مِن لحا
ظِكَ وافِرٌ أَفديهِ سَهما
قسماً بِسَقمِ الطرفِ قَد
أَهدى لِجِسمي مِنهُ قِسما
بِسَلامَةِ الأَلحاظِ مِن
سِحرٍ دَعاهُ الصبُّ سُقما
حَتّامَ يا ريقَ الحَبي
بِ أَراكَ موروداً وأَظما
وَإِلامَ يا قَلبي الكَئي
بِ بِأَسهُمِ الأَلحاظِ تُرمى
هَلّا صَحوتَ مِنَ الغَرا
مِ فَلَم تُراجِع فيهِ عَزما
وَصبرتَ عَمَّن لا يُطا
وِعُ ما تَشاءُ نُهىً وَحلما
إِن كُنتَ في ذُلٍّ فَلُذ
بِعَزيزِ مَصر تَعِزُّ حَتما
مَلكٌ لَهُ شَرَفٌ عَلى ال
عليا فَحَدِّث عَنهُ قِدما
إِقصِد حِماهُ تَغنَ إِن
فارَقتَ فيهِ أَباً وَأُمّا
فالدَهرُ قَد غَطّى الحجا
وَجميلُهُ كَشَفَ المُعَمّى
يا أَيُّها المولى الَّذي
فاقَ المُلوكَ نَدىً وَحِلما
طوّقتَ أَعناقَ الأَنا
مِ قَلائِدَ الإِحسانِ نُعمى
وَقَصَمتَ أَعناقَ الجَبا
بِرَةِ العِظام الذَنَبِ قَصما
وَحَسَمتَ أَدواءَ المسا
ءَةِ عَن عِبادِ اللَه حَسما
وَقَد اِرتَفعتَ فَشأن شا
نِئكَ اِنخِفاضٌ صارَ جَزما
أَنتَ الَّذي لَولاهُ لَم
تَنفذ أَيادي العَدلِ حُكما
أَنتَ الَّذي لَولاهُ لَم
يَتَجَنَّب الطاغونَ إِثما
أَنتَ الَّذي لَولاهُ ما
أَمِنَت بِلادُ اللَه ثَلما
أَنتَ الَّذي لَولاهُ ما
مُلِئَت بُيوتُ اللَهِ عِلما
لِلَّهِ مَدرَسَةٌ سَمَت
وَرقَمتَ فيها الحُسنَ رَقما
تَستَوقِفُ الأَبصارَ رؤ
يَتُها فَتَشكُرُ مِنكَ عَزما
عَزمَ اِمرئٍ ما عَدَّ فِع
لَ الأَجرِ وَالخَيراتِ غُرما
شَهِدَ الأَنامُ بِأَنَّهُ
ما مِثلُها عُرباً وَعُجما
وَيُصَدِّقُ الخَبَرَ العيا
نُ دعوا حَديثَ الظَنّ رَجما
فَهيَ الفَريدَةُ في الجَوا
هِرِ لا تذوقُ الدَهرَ يُتما
جَمعتَ فنون العِلمِ وَالت
تحقيق وَالتَدقيق فَهما
فيها الشَريعَةُ وَالحَقي
قةُ قَد حَوَت عَمَلاً وَعِلما
ذاتُ الجَمالِ اليوسفي
ي حَوَت جَمالاً مِنهُ جَمّا
اللَهُ مَكَّنَ في البِلا
دِ لَهُ فَسَوّاهنُّ حُكما
وَخَزائِنَ الأَرضِ اِحتوا
ها فِكرُهُ حِفظاً وَعِلما
كسميّه الصدّيق يو
سف فاِستضاءَ بِمَن تسمّى
وَأَزالَ عَنها المارِقي
نِ المُتقنين أَذىً وَظُلما
كسميِّه الثاني ابن أَيّو
ب اِحتَوى بِالغَزوِ غُنما
مِن آل ذي النورَينِ لا
حَ ضِياؤُهُ فهدى وتمّا
وسما بِأَفعال العلا
فَغَدا مِن الأَفلاك أَسمى
من قاسه بِالغيث قَص
صَرَ فَهوَ أَعظَم مِنه رحما
ما مَلَّ رسماً لِلوفو
د وغيثهم كم دَكَّ رسما
مَن ذا يُساوي جودَهُ
بِالبَحرِ إِن أَمسى خضما
لا يَستَوي البَحران ذا
عَذبٌ وَذاكَ المِلحُ طعما
وَبوجهه تَمَّ الجَما
لُ فَلا تَقولوا البَدرُ تمّا
أَو لَم تَروا في خَدِّهِ
إِذ فاقه لِلحُزن لدما
وَالنيل يَلطُم وَجهَهُ
حَسَداً بكفِّ الموجِ لَطما
وَبِكفّه ماء الحَيا
ة فَإِن لثمت حَييت ممّا
وَبوجهه روض الجَما
ل فَإِن رأيت رأيت ثمّا
يا رمحه عجباً لعس
سالٍ سَقى الأَعداء سمّا
وَحُسامه عجباً لأب
يضَ هشّم البيضات هشما
وَهلال قوس في يدي
هِ لَقَد سموت النجم سَهما
قابل شَياطين العدى
لتصيبهم بِالنجم رجما
يا سهمه كَم ذا رَمي
تَ بِسَعدِهِ فأَصبتَ مَرمى
وَيراعَهُ كَم مدَّةٍ
قَصَرت عَلَينا الفَضلَ نُعمى
وَعَذولَ طولِ مَدائحي
إِعدِل إِذا وُلّيتَ حكما
وَاِنظُر إِلى ملكٍ عَلي
مٍ جلّ قدراً عزّ عظما
جَمَعَ الصفات العاليا
ت شَجاعَة وَنَدىً وَحلما
فالحسّ يَشهد أَنَّهُ
فاقَ الوَرى حِسّاً وَفِهما
سُنّي جودٍ لا يَرى ال
عافي مُحيّاً مِنه جهما
وَلَهُ بحمد اللَه إِن
يؤثِر سواه اللَهوَ وهما
عَينٌ إِلى العليا سَمَت
أُذنٌ عَن الفَحشاءِ صَمّا
إِن رحتُ أَكتُمُ مدحه
لَم أَستَطِع لِلمسك كتما
أَو رُحتُ أَهجُرُ قصده
عادَ الندى لي مِنهُ خصما
يا سَيِّداً قَد فاق حا
تِمَ في فُنون الجود حتما
أَنَكون مِن بعض العَبي
دِ وَنَشتَكي لِلدهر جرما
نُهدي لبحر الجود مِن
أَفكارنا نثراً وَنظما
ما لي سِواك لأَنَّني
أَفردت حُبّاً فيكَ جمّا
جنحَت بِكَ الدُنيا إِلي
يَ فَحربها قَد عادَ سِلما
وَأَمِنتُ حَتّى ما أَخا
فَ مِنَ الوَرى ظلماً وَهضما
سُبحان مَن أَحصى جَمي
عَ الكائِنات علاً وَعِلما
أَنتَ المكوّن جوهراً
وَقَديم أَصلك كانَ مِن ما
وَافاك مَدحي يَرتَجي
إِمّا القبول لَهُ وَإِمّا
قَد طال وَهوَ مُقَصِّر
في الوَصف إِجلالاً وَعظما
يا أَيّها المولى العَزي
زُ بِضاعَتي المزجاةُ قسما
أرسُم بأن يوفى لَها
كَيلُ الجَوائِز منك رسما
لا تَرمِها متغرِضّاً
لعيوبها بالظنِّ رَجما
مَروانُ كانَ يجيزُهُ ال
مهديُّ في بَغدادَ قِدما
عَن كلّ بَيت جَيّدٍ
أَلفاً فيصرف عَنه همّا
ولأنت أَعلى مِنه وَال
مملوك أَحلى مِنه نظما
أَتجَنَّبُ التَعقيدَ وال
إِيغال وَاللّفظ المعمّى
فَيَقول من أَصغى لَه
صدَقَ المُحدِّثُ واِستتمّا
فتهنَّها نعماً تَزي
دُ بِشكرها أَبَداً وَتنمى
وتهنَّ شهراً لَم تزل
فيهِ الرَغائِب منك قدما
فَهوَ الأَصَبُّ لأَنَّ جو
دك صَيّر الإِسم المسمّى
أَسمعتُهُ فيك الثَنا
ءَ فَلا يَعُد يدعى الأَصمّا
وَقَد اِنتهيت لنظم أَب
ياتي وَقاها اللَه هدما
وَالأُفقُ يَحكي شملة
أَبصرتُ فيها الزُهرَ رَقما
وَالصبح أَقبلَ في عَسا
كرِه فَوالى اللَيل هزما
وَيَدُ الصبا مُدّت لِحِل
لةِ لَيلَتي السَوداءِ لَمّا
فَكَّت عُرى الظلماءِ مِن
أَزرارها نجماً فَنجما
فَاِنعَم صَباحاً وَاِستَمِع
ها لا عَدَتكَ الدَهرَ نُعمى
ختم الثَناء بِها المَعا
نيَ فاِنتشق لِلمِسكِ ختما
أعلى