د. سيد شعبان - لمن أكتب؟

ظل هذا السؤال يلح علي؛ سيما وأن كتاباتي القصصية ومقالاتي السردية تعددت كثيرا؛ لا أجد إجابة واحدة كما أن المفردات مخايلة مثل ضوء القمر على صفحة النهر تكون التعبيرات، عجنت بالحكي فأنا مستمع جيد، ولا أزعم أنني كاتب جيد، في حالات كثيرة أشعر بأنني لا أمتلك غير ثرثرة وليتها كانت فوق النيل، صعب أن يخط كاتب جملة ولا يجعل أمامه سرد الآخرين، تهربت من قلمي؛ أراه قدري الذي يدفعني إلى عالم المشاغبة، أزعم أنني محب لهذا الوطن: إنسانه وثراه، نهره وقراه، فتيانه ذوي الهمة والمروءة، كهوله الذين جمعوا الحكمة.
جمال بناته، عرق جبين الكادحين تحت سياط الحياة، أكره أن أكون يد تدليس تعبث بعقول الصغار.
لذا أحاول الكتابة؛ فالموت ألا تغالب هذه الثعالب التي تربض عند التلة المهجورة من ذاكرتي المنسية، بين يدي " أيام طه حسين" وطفل القرية" ومعي لشوقي ضيف" "ووحي الرسالة للزيات" و"على الجسر لبنت الشاطيء".
أعجبني " نبش الغراب محمد مستجاب الوالد" وكتابات" عبدالرحمن منيف" وزكريا تامر" عوالم السرد ممتعة لكن سطوة القهر مذلة؛ أن يموت الأمل سريعا؛ أظل أكتب حتى لا يسرق الغول المحبرة، يجتمع حولي الصغار؛ يتساءلون: من أين تأتي بالحكايات الجميلة؟
أضحك من عالمهم البريء، أقول في دعابة: ﻷجل عيونكم تكون الحكاية.
مرت سنوات وأنا أختزن السرد في غيابة الجب؛ حتى إذا ما كان الداعي أجبت نداءه غير متوان، أشعر أنني أمتلك طاقة أمل لنكون أجمل، رغم ذلك الطلاء الأسود ما يزال للحسناء وجه القمر وفتنته أنثى!
متى أكف ؟
ربما الآن ؛ لو باغتني الموت، أو قبل دقيقة من مغادرة قطار الحياة، حتى ولو وضعت في قبو سأحرك إصبعي وأستمد من أنفاسي مداد الحرف.
أكتب لأن هناك عالما آخر يستحب أن نسكن فيه، هواء نظيفا، إنسانا يشعر فيه بحق الحياة، يراه البعض خيالا ووهما؛ وهل قتل فينا الحب إلا سواد الواقع، أستحث الحلم أن يطرق الباب؛ لذلك أتركه مشرعا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى