لطيفة زهرة المخلوفي - الجنسانية كشغل "سيلفيا فيديريتشي".. الحلقة الأولى

الحلقة الأولى


قدمت المترجمة "دعاء علي" ترجمة بالعربية لمقال "الجنسانية كشغل : كيف حرمنا من قدرتنا على الاستمتاع بالجنس" ، لصاحبته النسوية الماركسية "سيلفيا فيديريتشي"، الإيطالية الامريكية، والتي سبق للصفحة ان عرفت بها وببعض اسهاماتها، نشرت المقالة اول مرة باللغة الانجليزية سنة 1975.
عمر المقالة اليوم 46 سنة، لكن لازالت إحدى النصوص الأساسية لفهم مقاربة "سيلفيا فيديرتشي" لحقل الجنسانية، واقتصاد الشهوة، والموقع الذي تشغله الجنسانية في بنية أوسع من الاضطهاد ومصادرة التجربة الإنسانية بشكل عام.
سنعمل على بسط ونقاش المقالة عبر حلقات، بداية تنطلق سيلفيا من اعتبار الجنسانية هي ما يمنح لنا من تنفيس مقابل انضباط سيرورة العمل، هي مكمل ضروري لروتين أسبوع العمل ونظاميته المفروضة علينا.
نوعد بأن الجنسانية رخصة لـنتصرف على "طبيعتنا" و "نفلت الزمام"، حتى نعود منتعشين إلى أعمالنا بعد نهاية كل عطلة أسبوعية.
ونصدق وهم أنها حقا اللاعقلانية في عقلانية الضبط الرأسمالي لحياتنا، وبشكل خفي ولاواعي نعتبرها مكافأة مفترضة لقاء التزامنا بعملنا، تؤكد الكاتبة أن الجنسانية في مجتمعاتنا تصور لنا على أنها مساحة الحرية التي يمكننا فيها أن نكون أنفسنا.
يوهموننا أنها فرصتنا للاتصال الحميم "الصادق"، في نظام السوق الذي سلع العلاقات الاجتماعية، ويلزمنا على الدوام بكبت رغباتنا وإرضاخها وتأجيلها وإخفائها، حتى أمام أنفسنا.
في مقابل كل الوعود السابقة، تؤكد الكاتبة أن ما نناله في الحقيقة بعيد عن كل توقعاتنا ؛ فوهم العودة لطبيعتنا غير ممكن بمجرد خلع ملابسنا، وبهذا لا يمكننا أن نصبح "أنفسنا" فور حلول وقت الحب.
فالعفوية مفقودة حين يكون توقيت الحب وظروفه والطاقة المتوفرة له خارج تحكمنا ورغبتنا، لسنا نحن من نختار الوقت ولا الفترة العمرية لحميميتنا؛ ففي فترة شبابنا مثلا يفرض علينا أن نغرق في بحر العمل لتوفير أساسيات العيش، وبعد الحصول على مورد رزق، ننتظم في العمل، ونقضي أسبوعا من الكد والكدح، في نهايته تكون أجسادنا ومشاعرنا خدرة متعبة، وليس بوسعنا تشغيلها كالآلات.
في الحقيقة ما يخرج حين "نفلت الزمام" هو عادة إحباطنا وعنفنا المكبوتان في اسبوع الضبط النطامي الذي يفرضه منطق الاستلاب والاغتراب، لا نفلت ذواتنا الحقيقية الجاهزة لتولد من جديد في السرير، بل نفلت بؤسنا وكبتنا.
لهذا، تقر الكاتبة أن الجنس بالنسبة للنساء شغل، ولا يخرج عن دائرة الواجب؛ فواجب الإمتاع محفور بعمق في جنسانية المرأة لدرجة أنها تتعلم كيف تستمتع بالإمتاع، فإثارة الرجل وتحميسه في السرير متعة، وذاتها تذوب في كونها موضوعا ومحفزا للفعل لا فاعلا فيه.



1632166274091.png


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى