محمد السلاموني - الإحيائية والطوطمية.. واحتراق صاحب الرسوم المسيئة للرسول

الإعتقاد السائد الآن بأن "احتراق صاحب الرسوم المسيئة للرسول" هو نوع من العقاب الإلهى
للرجل الذى أساء إلى الرسول، هذا الإعتقاد تمتد جذوره إلى [الإحيائية] التى تأسست عليها المعتقدات الدينية الوثنية القديمة- وهو ما يشير إلى الأصول القديمة التى انحدرت منها الأديان السماوية؛ إذا ما تناولناها من منظور تطورى.
المنظور الإحيائى:
فى الأنثروبولوجيا-
[الإحيائية فى الإنجليزية Animism - بمعنى "الروح، حياة"]
[إذ قام العالم الألماني إدوارد بيرنت تايلور بنحته في حوالي 1720م، للإشارة إلى أنه "يتم إنتاج الحياة الحيوانية من قبل روح معنوية".
ادوارد تايلور الأنثروبولوجي في كتابه الثقافة البدائية عام 1871، عرفه بـ "نظرية الحركة العالمية للطبيعة". وبفضل تعريف تايلور هذا، ينظر الإحيائيون إلى العالم الطبيعي على أنه على قيد الحياة، أى على أنه "عالم عقلاني معزَّز"، واعتبر العلماء أن هذا التصور البدائى كان "طفوليا" ونموذجا للتخلف المعرفي، ومن ثم كان شيوعه عند الشعوب "البدائية" ...]
هذا، و [الإحيائية بشكل عام، تنظر إلى الأجسام على أنها تحتوى على روح. ويعود هذا -لدى العلماء- إلى وجود ظواهر كـ "الأحلام والهلوسات والنشوة"، فهى التى أدت بالوحشيين إلى الاعتقاد بوجود الإحيائية .
[الشنتو، التي تعد الديانة التقليدية في اليابان، إحيائية للغاية. ففيها، روح الطبيعة، أو الكامي، موجود في كل مكان. وهكذا سائر الشعوب الأخرى وإن بتكييفات مختلفة؛ فمنهم من يعتقد بالإحيائية ومنهم من يعتقد بالطوطمية.]
الإحيائية والطوطمية:
[على الرغم من وجه الشبه بين الطوطمية والإحيائية، ولكن هذه الأخيرة كما يقول تيم أنجولد تركز على كائنات الروح الفردية التي تساعد في إدامة الحياة، في حين أن الطوطمية ترتكز على أن هناك مصدر يوفر الأساس للحياة مثل الأرض أو أسلاف. هذا وبعض الجماعات الدينية القومية مثل السكان الأصليين فى استراليا يميلون إلى الطوطمية، ولكن الإنويت يميلون إلى الإحيائية...]
فى علم النفس:
[عالم النفس الشهير "جان بياجيه" طبق المصطلح في علم نفس التنموى الخاص بالطفل، وانتهى به إلى أنه فى عقل الطفل، يحدث نوع من "التفاهم الضمني مع العالم"، إذ يفترض أن كل الأحداث تنتج من نِيَّة أو وعى. ويفسر بياجيه هذا بعدم قدرة الطفل المعرفية على التمييز بين العالم الخارجي وبين نفسيته كطفل . وذهب إلى أن عدم القدرة على التمييز بين "الأشكال ذوات الأرواح" مقابل "الجماد" فكرة مجردة مكتسبة عن طريق التعلم.].
فى الأديان الوثنية والسماوية والفلسفة الميتافيزيقية عامة هناك نظرة "طوطمية" للطبيعة، ترتكز على وجود "عقل ومن ثم إرادة ماورائيين" يهيمنان على العلاقات الكونية، فإذا كان "هيجل" قد ذهب إلى "العقل"، فـ "شوبنهاور" قال بوجود "إرادة كونية شاملة"، وإذا عدنا إلى الخلف سنجد أن مفاهيم مثل [اللوغوس / العالم المعقول أو عالم المُثُل / الله... إلخ] ، متوالدة من الطوطمية وإن بطرق عقلانية.
من هنا كان الإعتقاد بإمكانية تأويل "غضب الطبيعية" باعتباره "غضب الله"- هذا دون أن ننسى أن قوة الطبيعة تم تحويلها إلى آلهة "الآلهة الطبيعية: إله الشمس، إله القمر، الريح... إلخ"، وهو مايعنى أن الميتافيزيقا بوجهيها "الدينى والفلسفى" ترتد إلى فكرة واحدة.
لا أريد هنا استعراض ردود فلاسفة ومفكرين آخرين-وما أكثرها- على ذلك الإعتقاد الطفولى العتيق، وبدلا من هذا أقول:
يبدو واضحا أن المنظومة الإعتقادية "الميتافيزيقية القديمة"، لاتزال ممتدَّة إلى الآن، وأننا لم نغادر بعد "طفولة العقل البدائى، المتوحش"...



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى