سعيد الشحات - برقية بتوقيع «تيتو وعبدالناصر وباندرانيكا» إلى الكونغو لرفض حضور «تشومبى» رئيس وزرائها وقاتل لومومبا مؤتمر عدم الانحياز فى القاهرة

ذات يوم..4 أكتوبر 1964


استعد مؤتمر قمة دول عدم الانحياز الثانى لجلسته الافتتاحية يوم 5 أكتوبر 1964، بحضور 58 ملكا ورئيسا، لكن أزمة احتمال حضور «مويس تشومبى» رئيس وزراء «الكونغو ليد بولد فيل» خيمت على الأجواء، لرفض الغالبية العظمى من المشاركين الجلوس معه حول مائدة واحدة، وفقا للأهرام، 5 أكتوبر 1964.
كان 4 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1964 يوم التمهيد السابق ليوم المؤتمر، لكنه كان «عاصفا حافلا بالمفاجآت» بوصف الأهرام، بسبب احتمالات حضور «تشومبى» المتهم بقتل «لومومبا» بطل حركة التحرر الوطنى فى الكونغو، وقتل «همرشلد» السكرتير السابق للأمم المتحدة، ويصفه الرئيس الجزائرى أحمد بن بيلا فى تصريح للأهرام قائلا: «تشومبى متحف استعمارى حى، فهو منحاز لكل ما نقف ضده».
تابعت «الأهرام» الأزمة التى استمرت عدة أيام، وبلغت ذروتها بحضور «تشومبى».. تذكر أنه منذ أن بدأ وصول الرؤساء، بل حتى منذ وصول وزراء الخارجية، تأكد أن هناك أغلبية فى المؤتمر ترفض قبول «تشومبى» زميلا لهم فيه، ومنذ الساعة الأولى من صباح 4 أكتوبر وحتى الساعات الأولى من صباح 5 أكتوبر تطورت الحوادث على نحو تكشفه الأهرام قائلة: « فى الساعات الأولى من صباح أمس «4 أكتوبر» كان الرؤساء، اليوغسلافى «تيتو»، والجزائرى «أحمد بن بيلا» وجمال عبدالناصر مجتمعين فى بيت رئيس الجمهورية بمنشية البكرى، يتشاورون فى الموقف الذى أحسوا به جميعا بعد اتصالاتهم التمهيدية بغيرهم من الرؤساء سواء من الذين اشتركوا فى توجيه الدعوة للمؤتمر، أو الذين حضروا للاشتراك فيه، واستقر الرأى بينهم على إرسال نداء إلى «كازافوبو» رئيس جمهورية الكونغو، يبلغونه عدم الرغبة فى حضور تشومبى.
وتقرر أن يوقع البرقية ثلاثة من الرؤساء، هم المارشال تيتو، لأن مؤتمر عدم الانحياز الأول عقد فى بلجراد، والسيدة «باندرانيكة» رئيسة وزراء سيريلانكا، لأن المؤتمر التمهيدى لمؤتمر عدم الانحياز الثانى عقد فى كولومبو، والرئيس عبدالناصر، لأن مؤتمر عدم الانحياز الثانى ينعقد فى القاهرة، ونصت البرقية على: «صاحب الفخامة الرئيس كازافوبو.. نعتقد أنكم على علم بالاتجاه الذى اتخذته اللجنة الدائمة للسفراء بالقاهرة فيما يتعلق بعدم الرغبة فى حضور السيد «مويس تشومبى» المؤتمر الثانى للدول غير المنحازة، فقد تبين من خلال المشاورات التى أجريناها هنا مع عدد من رؤساء الدول والحكومات أنهم اتخذوا نفس الموقف، وأننا نرجو ألا يفسر هذا الوضع على أنه محاولة للتدخل فى الشؤون الداخلية للكونغو، وأننا على أساس أنه يعبر قبل كل شىء عن رغبة صادقة فى تجنيب المؤتمر صعوبات لا داعى لها تعوق سيره الطبيعى، وأننا إذ نؤمن بأنكم ستقدرون الدوافع الحقيقية التى أملت هذه الرسالة، فإننا نشعر أنه يتحتم أن تقوموا شخصيا بتمثيل بلدكم فى هذا المؤتمر، وبذلك تساعدونه لكى يواصل سيره الطبيعى ويحقق النجاح كله».
تذكر «الأهرام» أنه تم إرسال هذه البرقية مفتوحة إلى سفارة مصر فى «ليوبولدفيل» مع الأمر بأن يتوجه السفير بنفسه إلى الرئيس «كازافوبو» فى مكتبه ليسلمها إليه، وفى الساعة التاسعة صباح 4 أكتوبر انعقدت اللجنة السياسية للمؤتمر، وتصفها «الأهرام» جلستها بأنها «أعنف جلسة دارت، ويمكن أن تدور فى إطار الدول غير المنحازة، ففيما كانت الأغلبية ترفض حضور «تشومبى»، كانت هناك ثلاث دول أفريقية، هى السنغال، نيجيريا، ليبيريا، تقول إنه لا ينبغى منعه، وأن الإصرار على ذلك يعد تدخلا فى الشؤون الداخلية للكونغو، وبعد مناقشات عنيفة تقرر إرسال برقية إلى «كازافوبو» تدعوه إلى تمثيل بلاده فى المؤتمر وأنه من غير المناسب حضور «تشومبى»، ويوقع على البرقية جمال عبدالناصر بوصفه ممثلا لاتجاه الأغلبية العظمى فيه، وبالفعل تم إرسال البرقية إلى سفير مصر فى الكونغو، وبذلك أصبح لديه رسالتان.
تكشف «الأهرام» الوضع المثير فى الكونغو، حيث أعلنت رسميا أن تشومبى سوف يركب طائرة تابعة لشركة «سابينا» البلجيكية متوجها إلى القاهرة ليصلها فى الساعة الرابعة صباحا، وذلك فى الوقت الذى كانت جميع الإذاعات تعلن نص برقية الرؤساء الثلاثة.. تضيف «الأهرام» أن السفير المصرى حول مقابلة «كازافوبو» لتسليمه الرسالة، وحصل على موعد مبدئى فى الساعة الرابعة بعد الظهر، ثم التأجل إلى السابعة مساء بعد أن يكون تشومبى غادر الكونغو، وأمام هذه المناورات بعثت القاهرة ببرقية إلى السفير، تطالبه بتسليم الرسائل فى مقر «كازافوبو» حتى وإن لم يستطع أن يقابله شخصيا، وفى المقر تبين أنه ليس هناك مخلوق لأن اليوم أحد وهو عطلة، وفى حوالى الساعة العاشرة مساء تمكن السفيران المصرى واليوغسلافى من تسليم الرسالتين فى قصر الرئاسة.
تؤكد «الأهرام»: «حتى منتصف الليل بتوقيت القاهرة، لم يكن الموقف اتضح، وساعات الصباح «5 أكتوبر» سوف تحسم الموضوع كله».. فماذا حدث؟

.........................................................................
سعيد الشحات_اليوم السابع




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى