عبد علي حسن - نقد النقد

* (يعترض قسم من النقاد على اطلاق
مصطلح ( الشعر الحر) على شعر التفعيلة ولاسيما على الشاعرة نازك الملائكة التي تبنته كما ان قسما من المتأدبين لايفرقون بين شعر التفعيلة وبين قصيدة النثر فقصيدة النثر لا يشترط فيها الوزن الخليلي فالوزن فيها متأت من الكثافة / التوهج/إيقاع الفكرة.)
ا. الدكتور نجاح كبة
الصفحة الشخصية 8/10


قلق المصطلح
-------------------------

يتضمن القول السالف للاستاذ الدكتور نجاح كبة معطيين لارابط بينهما ، فالمعطىٰ الأول هو أن هنالك قسم من النقاد معترض على اطلاق نازك الملائكة مصطلح الشعر الحر على تجربة جيل الرواد في تمردهم على النظام التقليدي للقصيدة العربية المتمثلة بنظام الشطرين ، ويفضل -- هذا القسم من النقاد -- إطلاق مصطلح قصيدة التفعيلة على هذه التجربة ، ونضمّ صوتنا إلى صوت هذا القسم المعترض وفق القرائن التالية : --
١-- أن الشكل البنائي الذي اعتمدته نازك يتهيكل على حرية التفعيلة المنتسبة لوزن هذا البحر أو ذاك في توزّعها على أسطر القصيدة -- كثيرة او قليلة -- ، فالخروج عن ثبات التفعيلة بعدد محدد في القصيدة التقليدية كان الفيصل البنائي الأول والحاسم في تفرد الشكل الجديد ، لذا كان من الضروري أن يأخذ سمته الإصلاحية من هذه الوحدة الوزنية وهي التفعيلة تمييزا عن الشكل القديم الذي كانت سمته نظام البيت وليس السطر الشعري .
٢-- أن السياق الزمني الذي ظهرت به قصيدة التفعيلة هذه لم يشهد او يعرف أن هنالك مصطلح ( الشعر الحر) الذي بادر إلى وضعه الشاعر الأمريكي والت وايتمان في أواخر القرن التاسع عشر عبر ديوانه (اوراق العشب) ، وهو شعر غايته الشعر إلّا أنه منزوع الوزن والقافية ، وقد نبه الراحل جبرا إبراهيم جبرا الشاعرة نازك إلى وجود مثل هذا المصطلح على المستوى العالمي ، غير أن نازك كانت مصرّةً علىٰ بقاء المصطلح كما اجترحته ولم تشأ تغييره لارتباطه بجهدها التحولي ، وكان نتيجة هذا الإصرار هو قلق المصطلح وتقاطع واختلاف النقاد عليه قبولاً ورفضاً ، ومن الشعراء العرب ممن كتبوا في هذا الشكل ( الشعر الحر) الشاعران أمين الريحاني في ديوانه (هتاف الأودية ) عام 1921 والشاعر جبران خليل جبران ، ولعل وجودهما في امريكا مغتربين قد قوّض لهما الاطلاع عن كثب وقرب على هذا الشكل الذي شاع بعد وايتمان فكتبت شعرهما وفق ذلك .وحين اطلع عليه العرب المشارقة خاصة أطلقوا عليه الشعر المنثور وكتبوا وفقه ، وعدّه بعض الدارسين خطأً بدايات قصيدة النثر العربية التي تعلن البراءة منه شكلا ارهاصيّا ، لذا فإن مفهوم ( الشعر الحر) المعروف عالمياً يتقاطع مع مفهوم نازك لقصيدة التفعيلة لغياب السمة الوزنية فيه وحضورها في قصيدة التفعيلة .
٣-- أن ضرورة حسم هذا القلق الإصطلاحي تتأتّىٰ من وفرة النصوص الشعرية التي تنتمي إلى (الشعر الحر) وفق المفهوم الذي ذهبنا إليه ويدعي كاتبوها على أنها قصيدة نثر ، إلّا أنها تعلن البراءة من انتساب هذا الشعر لها . فالشعر الحر شعر غايته شعر غير أنه بلا وزن وبلا قافية ، في حين أن قصيدة النثر هي نثر غايته الشعر
أما المُعطىٰ الثاني فهو ( أن قسما من المتأدبين لايفرقون بين قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر ) عجبي!!!
إلا يجد الدكتور نجاح أن تهافت النصوص على كتابة ما يسمونه بقصيدة النثر هو هروب من الوزن الذي تلتزم به قصيدة التفعيلة ؟ كيف لايفرقون وهم يريدون الكتابة بلا وزن وبلا قافية؟ ويعرفون أن قصيدة النثر بلا وزن وبلا قافية .
أمّا (أن قصيدة النثر لايشترط فيها الوزن الخليلي فالوزن فيها متأت من الكثافة/ التوهج/ ايقاع الفكرة ) كما أشار الدكتور فإن الالتباس في هذا القول بائن ويدعو إلى التعجب ، فمتى كانت الكثافة والتوهج وإيقاع الفكرة هي معايير لوزن قصيدة النثر ؟ عن أي وزن تتحدث سيدي الناقد!!! ؟ أن ما أوردته إنما هي خصائص اسلوبية لقصيدة النثر وليست وزناً ولا ايقاعا،
إن هذه الالتباسات التي تضمنها قول ا.د نجاح كبة تسهمُ في إشاعة الارتباك في استخدام هذا الشكل أو ذاك لاحتواء التجربة الإبداعية بدلاً من الاعتقاد بأنها تفكُّ الاشتباك الحاصل بين هذه المصطلحات ..والله من وراء القصد .
عبد علي حسن
العاشر من أكتوبر/2021





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى