د. زياد العوف - هُويّةُ الكاتب؟

أُسْعِدْتُم أوقاتاً...
أثار فوز الكاتب( عبد الرزاق قرنح ) ( ١٩٤٨م ) ذي الأصول التنزانية- اليمنية بجائزة نوبل للآداب لهذا العام موجةً عارمةً من الابتهاج والفرح الغامر في أوساط الأدباء والمثقفين وقرّاء الأدب ومتذوّقيه من العرب والأفارقة، كما رافق ذلك فيضٌ من التنديد بتقاعس المترجمين العرب عن ترجمة بعض آثاره للتعريف بها في الوسط الثقافيّ العربيّ.
وهذا أمر طبيعيّ ومفهوم من حيث المبدأ.
لكنّ المشكلة تكمن- فيما أرى - في نسبة أدب الكاتب إلى الأصول العرقيّة لصاحبها؛ فالكاتب المقيم في بريطانيا منذ شبابه المبكّر ،حيث قدِم إليها للدراسة عام ( ١٩٦٨م )، يكتب باللغة الإنكليزية ويعبّر عن فكره وفنّه وأحلامه وهواجسه بلغة شكسبير، وذلك بعد أن تمثّل وهضم وتفاعل مع النتاج الأدبي والفكري والحضاري المكتوب باللغة الإنكليزية. ناهيك عن تشرّبه للمفردات الاجتماعية والثقافية والعلمية للبيئة التي نما ونضج في رحابها وبين جنباتها.
على أنّ هذا الإشكال في هوية الكاتب الإبداعية لمّما يندرج في اهتمامات ( الأدب المقارَن ) الذي يبحث، من بين أمور أخرى، في مصادر الأدب والأدباء، وقضايا التأثّر والتأثير بين الآداب والأدباء .*
فجائزة نوبل، والحال كذلك ، قد ذهبت هذه المرّة إلى الأدب الإنكليزي، وليس إلى الأدب العربيّ أو الإفريقيّ، بصرف النظر عن هويّة صاحبها أو أصوله العرقية.
لكم ودِدتُ أنْ أنضمَّ إلى ركب المبتهجين بما حسِبوه إنجازاً عالمياً جديداً للأدب العربيّ أو الإفريقيّ، لكنّ الحقّ أولى بالاتّباع.
على أنّ في جائزة نوبل التي نالها بجدارة واستحقاق عميد الرواية العربية المتوَّج ( نجيب محفوظ ) عام (١٩٨٨م) بعضَ العزاء.
ولعلّ المستقبل القريب يزفُّ إلينا خبر تتويج محفوظٍ آخر بهذه الجائزة العالمية الكبرى.
وإنّا لمنتظرون...


*- للوقوف على مفهوم واهتمامات الأدب المقارَن، يُنظَر :
١- فان تيجيم، الأدب المقارَن، دار الفكر العربيّ، القاهرة، د.ت.
٢- د. محمد غنيمي هلال، الأدب المقارَن، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط٤، ١٩٧٠م.

دكتور زياد العوف





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى