أحمد بخيت - لاَ أُفْقَ لِيْ

لاَ أُفْقَ لِيْ إنَّنِي الراؤونَ والأفُقُ
صَمْتُ الْجِبَالِ الَّتِي فِي ظِلِّهَا صُعِقُوا
لَمَّا أَضَاءُوا نُجُومًا، فِي غُضُونِ دُجًى
أَجَّلْتُ مَوْعِدَ إِشْرَاقِي، لِيَأْتَلِقُوا
إِنِّي لِفَرْطِ حَنَانِي، كُلَّمَا كَذِبُوا..
أَشْفَقْتُ مِنْهُمْ، عَلَيهِم، قَائِلاً: صَدَقُوا
أَنَّى يُطِيقُونَ نَارَيْ فتنةٍ، وهدًى
مَنْ لَو رَأَوا جَنَّةَ العِرْفَانِ لاَحْتَرَقُوا
آتٍ لِكَيْ آخُذَ الصَّحْرَاءَ مِنْ يَدِهَا
مَشْيًا عَلَى الْمَاءِ وَالصَّحْراءُ لاَ تَثِقُ
مَعِي عَصَايَ، وَأَلْوَاحُ الْعُصُورِ مَعِي
بِي -لاَ بِغَيْرِيَ- هَذَا الْبَحْرُ يَنْفَلِقُ
أَجُرُّ دُنْيَايَ خَلْفِي مِنْ ضَفَائِرِهَا
إلى طريقي وقد هاءتْ لِيَ الطُّرُقُ
لا َ يَزْهُوَنَّ بَلِيْد ٌ مَا بِعِفَّتِهِ
حَتَّى يَكُونَ بِقَدْرِ الْعِفَّةِ الشَّبَقُ
رَهْطٌ مِنَ الغَيْبِ، فِي الْلاَغَيْبِ ضَيْفُ دَمِي
لَمَّا نَطَقْتُ، بَكَوْا، لَمَّا بَكَوْا، نَطَقُوا
مَا ثَمَّ إلاَّ حُرُوفٌ صَفَّهَا قَلَمٌ
فِي صَفْحَةِ الْمَاءِ، وَالْقُرَّاءُ قَدْ سَبَقُوا
هَا قِصَّةُ الأَرْضِ: مَقْتُولٌ… وَقََاتِلُهُ
وَأُمُّ سِتِّ دُمُوعٍ، قَبْلَنَا خُلِقُوا
وَحْدِي عَلَى صَخْرَةِ الأَعْرَافِ أُشْهِدُكُمْ
أَنَّ الْعُصُورَ جَمِيعًا ذَلِكَ الرَّمَقُُُ
مَا زَالَ فِي "الْكَهْفِ" سِرٌّ، وَ"الرَّقِيمُ" مَعِي
طُوبَى لِمَنْ قَالَ: رُوْحُ الْوَردَةِ العَبَقُ
أُمِّيَّـتِي… تَقْرَأُ الدُّنْيَا، وَتَكْتُبُهَا
كَأَنَّهَا، وَكَأَنِّي: اللَّيْلُ، وَالْفَلَقُ
كُفْءٌ لِحَنْجَرَةِ الأَجْيَالِ أُغْنِيَتِي
وَكُفْءُ كُلِّ غِنَاءٍ صَمْتِيَ اللَّبِقُ
أعلى