محمد الفاسي - شعراء الملحون السلويون

إن التحدث عن شعر الملحون من المواضيع التي يتذوقها المغاربة ويقبلون عليها وذلك لأنه التعبير الصادق من مشاعرهم وإحساساتهم وهو ديوان حياتهم وسجل عوائدهم وحضارتهم وهو يحتوي على روائع في كل فنون الشعر. ولا أريد في هذه المحاضرة أن أطيل في الكلام على الملحون عموما فإن كتابي معلمة الملحون الذي سيظهر إن شاء الله فريبا الجزء الأول منه والذي سيحتوي بفضل الله ومنته على عشرين جزءا تكفل بشرح كل ما يتعلق بهذا الفن البديع وإنما أجزئ بكلمة حول اشتقاق لفظة الملحون لأن الذي يظنه الكثيرون أنه من اللحن أي الخطأ في النحو ولكن ذلك جاء من توافق الحروف بين معنى الغلط ومعنى النغمة، فالملحون هو الشعر الذي يلحن ويغني وفي المعلمة الحجج من كلام ابن خلدون على هذا المفهوم والملحون بمعنى الشعر الذي ينظم في مختلف اللهجات العربية ويتغنى به لا تخلو منه ناحية من نواحي الوطن العربي إلا أن ما أنتجه المغاربة فيه بلغ الغاية القصوى في الجودة والروعة وأنا أقول هذا بعد إطلاعي على أكثر ما نشر منه في البلاد العربية من الشعر النبطي كما يسمى بالمشرق ومن شعر الملزومة كما يدعي بتونس ومن غيرهما وبعد دراستي الطويلة العميقة للأدب الشعبي في المغرب وفي المشرق وفي الأدب الفرنسي.

وقد حاضرت مرارا في موضوع الملحون عموما وخصصت دراسة لشعراء الملحون الدكاليين ولشعراء الملحون المكناسيين واليوم سأتعرض لشعراء الملحون السلويين وذلك أن هذا الشعر وإن كان لا يخلو بلد من إنجاب شعراء ولا قبيلة إلا أن بعض النواحي والمدن تعتبر مراكز هامة للملحون وإذا كانت مراكش وفاس برزتا في هذا الميدان فإن أزمور ومكناس وسلا من أخصب البقاع لظهور شعراء الملحون. ثم أن هناك ظاهرة عجيبة وهي أن أكثر فحول شعراء الملحون أصلهم من تافلالت وإن كانوا لم ينبغوا بها، فالمغراوي والمصمودي والشيخ الجلالي مثيرد والسي التهامي المدغري وابن علي الشريف وأبو خريص وعبد الرحمان حمدوش والحبابي والعيساوي الفلوس وعدد كبير من الشعراء الذين ينتسبون إلى البيت العلوي كل هؤلاء وغيرهم كثير أصلهم من تافلالت وإن كانوا نبغوا بمراكش أو بفاس أو بمكناس أو بسلا أو بغير هذه المدن.

هذا وأن شعراء سلا الذين سأحدثكم عنهم ضاع الكثير من إنتاجهم وهم في هذا كأكثر الشعراء الآخرين باستثناء جماعة قليلة كان وقع عليهم الإقبال في زمنهم فحوفظ على كمية وافرة من إنتاجهم ومنهم وسيدي عبد العزيز المغراوي وسيدي قدور العلمي والسي التهامي المدغري والشيخ الجلالي مثيرد وابن علي الشريف وابن سليمان ومريفق والشاوي والحاج إدريس الخنش والغرابلي والهادي بناني.

ثم أن أقدم من بلغني خبره من الشعراء السلويين كان يعيش أيام سيدي محمد ابن عبد الله وأدرك أيام مولاي سليمان وهو سيدي عبد السلام الشرقاوي، ومدينة أبي الجعد موطن الشرقاويين أنجبت كذلك عددا كبيرا من شعراء الملحون أغلبهم في بلده ولكن منهم من ظهر في ناحية أخرى من بلادنا مثل سيدي عبد السلام هذا ولكننا لا نعرف عنه إلا الشيء القليل ولم يحفظ من كلامه شيء وعندما أقول لا نعرف فمعناه لم يبلغ علمي أنا رغم اشتغالي بهذا الفن الفريد منذ ستين سنة تتم في الشهر المقبل حيث أنني كتبت أول قصيدة في شهر أبريل سنة 1925 وهي قصيدة ذابل الأعيان لسيدي قدور العلمي. فإن يمكن أن يكون عند أحد الحفاظة أو الخزانة علم عن الشاعر أو شيء من إنتاجه.

والذي رويته عن الشيخ عثمان الزكي الرباطي سنة 1946 حول السي عبد السلام الشرقاوي هو أنه كان معاصرا للشيخ الجلالي مثيرد وكان صديقا له ،،وهو المعنى في قول الشيخ الجلالي في إحدى قصائده:

" رايس الفرسان سلوي"

وتنسب له قصيدة في أبي عبيد الشرقي يقول في حربتها:

أزاير العمري جل في أشعاري

وتأمل في مديح سيد أسيادي

أبو عبيد الأفضل من عرب قريش فاض نيله

ولد الفاروق سيدنا عمر

***

ومن الشعراء القدماء بسلا مارويته عن الشيخ عمر الأغزاوي رحمه الله من أنه صاحب قصيدة الورشان. حربتها:

سرا ورشاني بالعزم تدى لي علوان

للظريفة ذابل الأعيان

سيف العثمان لالة أبو سالف عايشة

ويقول فيها في القسم الأول:

وأسباب أعياني يوم جيت لحوز الكدان

ريت هيفا

تسحر الأذهان بهواها فاني

حبها في ساكن الحشا

وتلتبس هذه القصيدة بورشان آخر لشاعر من أهل فاس كان يدعي محمد ابن عمرو. وحيث أن الشاعر السلوي ذكر في قصيدته حومة الكدان وهي بفاس. يعتبره بعض الذين بلغهم خبره من أهل فاس. ولكن الشيخ عمر الأغزاوي ذكر لي أن هذا الشاعر لما زار مدينة فاس شاهد بالكدان امراة جميلة علم أن اسمها عايشة اخذت بلبه ونظم هذه القصيدة وتخيل أنه يوجه لها رسالة مع طائر هو الورشان ليعبر لها عن غرامه. فارتفع الالتباس ويؤسف على ضياعها ولا شك أنه نظم غيرها ولكن لم يبق شيء من إنتاجه معروفا ولقد قيل لي أنها توجد بسلا ولكنني لم أقف على من يدلني عليها.

أما عن اسمه فقد ورد في قصيدته هذه قوله:

ابن عمرو غليوطي في بيان عبد الإشراف بلا بهتان

كان هذا رواية عن الشيخ عمر الأغزاوي وما ذكرته هو كل ما علق بحافظته وأما لفظة الغليوطي فكأنها نسبة إلى السفن القرصانية المسماة غليةط. وكان مثل سي ابن عمرو الفاسي أيام مولاي اليزيد أي سنة1204 - 1206 - (1790 - 1792).

أما ثالث هؤلاء الشعراء القدماء فهو المسمى الشيخ الكعبوري رويت خبره عن الشيخ عثمان الزكي الرباطي رحمه الله ولم يبق من كلامه سوى قصيدة الذهبية التي يقول في حربتها وهو يعني غروب الشمس.

راحت الذهبية قبل البهيم هات المالي

ياعبوش لا ترثي لي كب وار واسقني بالكير قبل يروح الليل

وله قصيدة النجمة التي يقول في حربتها:

سلتك بالله يا النجمة باني بقدومك بان الفجر بضياه يتلالا

باني يا نجمة الصباح في وقتك ما بقى مهالة

متروك اللعب والمزاح

لحضرة الذكر والجلالة في بساط العز والأفراح

وتنسب له قصيدة طاموا وحربتها:

طاموا خيتي علم الفجر تاك من القبلة بعساكره وهجم جيش الليل

والي تحت أحكام الرجال الله وراه غير يمشي في حاله

كما تنسب له قصيدة أم الحسن.

واسم هذا الشاعر فيه خلاف لأنه ذكر في قصيدته النجمة أن اسمه أحمد ولكن الشيخ عثمان الزكي يقول أن اسمه محمد وما في القصيدة غلط ولا يستقيم الوزن بلفظة أحمد.

وكان الشيخ الكعبوري أيام مولاي عبد الرحمان أي أواسط القرن الثاني عشر الهجري وهو عصر ابتداء نهضة الملحون التي ازدهرت أيام ولده سيدي محمد بن عبد الرحمان ويطلق على هذه الفترة عند رجال الملحون وقت صابة الأشياخ.

ويأتي بعد الكعبوري عاشر لاتعرفه سوى بقصيدة نشرها مترجمة إلى الفرنسية المستعرب الفرنسي سونيك في كتابه المعنون "بالديوان من أقوال عرب إفريقية" والمعرب المطبوع نصه العربي سنة 1903 والترجمة الفرنسية سنة 1904.تحت العدد 74 ص .145.

وهذه القصيدة في هجوم السفن الحربية الفرنسية على مدينة سلا سنة 1851أيام مولاي عبد الرحمان وهو يقول في حربتها:



ابن حسون أفارس العناية سلطان سلا أنت وسيدي ابن عاشر

حاشى والله بلادكم لا دخلوها كفار

ويقول في مطلعها:

يامولاي حرم النبي وحرم أصحابه تحيي الإسلام

واهزم الكافر

غلبنا يارب عليه واهزم جيش الكفار

جانا ومشى مهزوم ليس روح خصلة مر بعد ظل بالكور يشير،

واستغيظ بكفره وزادهم القاهر تغيار

حافت له الإسلام الرجال التياك غزاوا فيه بالطعن الباتر

هدوه بحرب شديد بعد جانا بشقوف النار

ولقاوه أهل الإيمان بالمدافع والكور حتى دهاوا الكريه الدامر

طاح علمه وتشتتوا ألواحه معمي الأبصار

وسار على هذه الوتيرة في أقسامها الخمسة وهي في قياس الباقي (22) بنواعير أربع.

ونحن لا نعلم كما قلت عن هذا الشاعر سوى ما ورد في هذه القصيدة من أنه تلميذ الكعبوري المتقدم كما صرح به في الناعورة الرابعة حيث يقول:

الكعبوري فصيح لفظ شيخي نبينه هزام الطغيان

ومن أن اسمه كما يقول: محمد والكنوة الواضحة ابن الحسن ولقد سألت عنه كل المهتمين بالملحون خصوصا من أهل العدوتين الشيخ عثمان الزكي والشيخ حمان النجار وسيدي إدريس المباركي وغيرهم فلم أجد عندهم خبرا عنه.

وهذه القصيدة لم يجعل لها ناشرها اسما فأسميتها: "الجهاد" أخذا من قوله:

فرحنا وسعدنا في مدينة سلوان على الجهاد ما كان في مصر

في مدن الشرق وناس الجزائر تعطي الخبرا

ثم أن هذه القصيدة كانت متداولة في الجزائر لأن سونيك نقلها عن حفاظ من مدينة قسنطينة رحم الله صاحبها وأثابه.

***

ومن الشعراء السلويين المشهورين محمد الشليح.قد حفظت نحو العشر من قصائده وكان هجا بليغا وكانت صنعته بناء وولد أيام مولاي عبد الرحمان وعمر إلى أن أدرك أيام مولاي الحسن.

وما بلغني خبره من شعره ينحصر في الهجاء والتغزل وفي قصيدتين في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفي مدح دار الضمانة وقصيدة اجتماعية وهذه القصائد يبلغ عددها ثلاث عشرة قصيدة هي:

أولا في الهجاء:

1 - الداعي ولعلها في هجاء عبد الرحمان حمدوش لأنني لم أقف عليها.

2 - الذيب حربته:

ياراوي صغ تراجم أشعاري

على حكاية الذيب إلى ربيته في الرياض نصيبه غدار

3 - باقي تفهم والكلام مع الأخر كيف قالت رهونة:
قوم النفاق كاع يغببوا في الهم

4 - صف الخياطة - في هجاء السي العربي معنينو وحربتها:

صف الخياطة - يا اللي جيت بين النفاط

طابع الرهاطة سكتك رجعها للبوط

5 - شاهدت اليوم شيء مضابع وحربتها:

شاهدت اليوم شي مضابع شاخوا بقصايد الذراري
لا طيبة لامساق غير المقت والبسالة

6 - الشينية - في هجاء الشيخ عبد الرحمان حمدوش - لم أقف عليها.

ثاني : في التغزل:

1 - رحمة وحربتها

الراحم يرحم يا الريم انعمي بوصولك
واجي على الرضى يا الغزال رحمة

2 - طاموا لا أعرف عنها إلا أول حربتها:

انصروا السالبة عقلي طاموا

3 - عباسة - حربتها:

بادر يا عباسي* بكتابي لعند أحبابي نرمي الباس
وقد لعباسة مملوكم للريام بقى حبيس)

ولم أقف عليها

4 - عراض الزين - وتسمى خدوج. حربتها:

زوري رسمي يالالة واجي أكامل المحاسن عراض الزين والبها

ألغزالة خدوج

5 - شامة - وحربتها:

يا الحضرة انصروا تاج البها غزالي قامة العلم الوجيبة بدر التام

دوحة انسامي* بالمحاسن صالت والزين لالة شامة

لم أقف عليها.

أما قصيدته الاجتماعية فتسمى العينية وحربتها:

قلت للمعلم وافق الصانع أعرف الزمان انقلب مابيدك ما تدير

ساعف غرض الصناع

ويظهر أنه وقعت منازعة بين أهل الحرف وتداخل المعلم البناء ليوفق بين المعلمين ومساعدتهم الذين يطلق عليهم لفظ صانع وهو الذي يلي المعلم، فنظم هذه القصيدة التي يؤسف لضياعها ولعلها توجد عند أحد أشياخ سلا.

وقد رويت عن الشيخ عثمان الزكي أن الشيخ الشليح من أهل الرباط وأن السلطان مولاي الحسن بن محمد أعطاه دار لسكناه بسلا إجازة له على قصيدته العينية مما يدل على أنه كان له دور مهم في قضية خصام الصناع مع معلميهم. وانتقل إلى سلا إلى أن توفي بعد عمر مديد رحمه الله وفي آخر عمره انقطع إلى نظم الشعر ومع ذلك لم يبق من كلامه إلا النزر القليل.

ومن شعراء سلا أيام مولاي سليمان أحمد حمدوش وقد ذكر له الرواة الذين رويت عنهم ثلاث قصائد هي عيشة والرياض والساقي إلا أن مولاي المهدي العلوي وكان يقطن سلا وكان من كبار الخزانة ومن الأدباء المتضلعين في أدب الملحون رحمه الله وفد أخذت عنه الكثير وفي آخر عمره رجع إلى مراكش حيث توفي يقول أن هذه القصائد الثلاث لعبد الرحمان حمدوش وأن اسم أحمد حمدوش في الحقيقة ابن حمدوش. ويؤيده في هذا النظر الشيخ الكحيل وقد كان رحمه الله أيضا من كبار أشياخ القريحة ومن الحفاظة المتفنين وهو كذلك من جملة أساطين المعرفة بالملحون وقد رويت عنه أخبارا مفيدة في هذا الموضوع وأيام المؤتمر الأول للملحون الذي كنت نظمته بمراكش سنة 1970 تعرفت بأحد العارفين بشؤون الملحون فخالفهما في نسبة عيشة لعبد الرحمان حمدوش وأكد أنها لأحمد ابن حمدوش.

ولا يمكن الفصل في هذا الخلاف وعلى كل فإن قصيدة عيشة هذه من أحلى قصائد التغزل وهي موجودة في الكنانيش ويحفظها الأشياخ وحربتها:

أعلاش ولاش وفاش مانجني ورد أعراشي

من ورد خدودك يا أم النواجل

الغزال عبوش - يامولاتي عيشة

وفي الرواية التي تنسبها لعبد الرحمان حمدوش لباش عضو اعلاش

ويقال أن أحمد ابن حمدوش كان يتهاجى مع الشاعر الكبير ابن سليمان الفاسي.

أما سميه وبلديه عبد الرحمان حمدوش فقد كان أسعد حظا منه لأن كلامه بقي متداولا معروفا وقد كان معاصرا في شبابه له أنه تأخر إلى أواخر أيام مولاي الحسن إن لم يكن أدرك أيام مولاي عبد العزيز لأن أكثر شعراء الملحون لا يذكرهم مؤرخونا إلا إذا كانت لهم صفة أخرى تؤهلهم إلى ذلك حسب رأي مؤلفي التواريخ والطبقات كأن يكونوا من العلماء أو من الأولياء أو من رجال الدولة.

وقد أحصيت لعبد الرحمان حمدوش عشر قصائد على ما بلغ إليه علمي وهي مرتبة على حروف المعجم.





1- الحاجة - وحربتها:

جادت تاج الريام قد علم الصنهاجي صردية الغناج

مصباح المولوعات حاجة

2- دامي الأطلال - وتسمى فضيلة وحربتها:

ولفى طال الحال وعليَّ أمير هواك ما عدل

زوري رسمي أ الصايلة

أ دامي الأطلال أزينة الاسم باشة الريام فضيلة

3 - الداعي - في هجاء الشيخ العربي الرحوي الفاسي يقول في حربتها:

أبرع في شياخة اللغة بالوزن القرعي

أ الداعي ما تقوى بعراض حلتي باشطارك البشيعة

تَبَّعْتِ رَيَّ الفزوع

4 - الرياض المنسوب لأحمد ابن حمدوش كما قدمنا وحربته:

صنت رياضي وغنمت فرحتي بين أدواح أشجاره

غير أنا والي هواتني الغزال أم كلثوم.

وقد أرخها بحروف الحمل" فرج" أي 1288 أي أواخر دولة سيدي محمد بن عبد الرحمان.

5 - الكاس - وحربته:

طال فرحي بين أوناسي على وصول مراسم ناسي

ولا زهو دون رضيع الكاس

6 - الليلية وحربتها

قالت غزالي: كب الكاس أساقي بان الحال

يقظ الطبا يحب الماية زيانت الليلة

7 - من نقر الباب - في هجاء الحاج إدريس الحنس وقد رد عليه بقصيدة عصماء هي قصر العنان - وحربة من نقر الباب ويقال من دق الباب:

من نقر الباب ما يليه غير جوابه وغربه من جابه

من حرقته الضرسة جا الكلاب

8 - عيشة - وقد تقدمت حربتها في ترجمة أحمد ابن حمدوش الذي تنسب له

9 - الساقي- وهي القصيدة الثانية التي تنسب لأحمد حمدوش وحربتها.

حرمتك رادف العراقي: خمرنا وشمعنا باقي: أنا ياساقي

كبه لا ترثي على العشيق

10 - سيد الملاح - وهي القصيدة الوحيدة التي هي في غير العشاقي من

تغزل وهجو وهي في مدح الني صلى الله عليه وسلم وحربتها.

سيد الملاخ: صلى الله على الماحي:محمد شافع البرية

وعلاج الروح بصلاته الإسلام رابحة

وأصل عبد الرحمان حمدوش من الغرفة بتافلالت وكانت صنعته خراطا، وكان يحفظ القرآن وأكثر كلامه كما رأينا في التغزل، وبرع في الهجاء أيضا وكان يتهاجى بالخصوص مع شعراء فاس.

***

ويأتي بعده الشاعر المشهور البري وهو لا يزيد في تسميته في قصائده على قوله مثلا في المصباحية وفي العروة الوثقى، قال البري"نظمته التوشاح": وسلام الله على الأشياخ من عند البري صاحب المعاني في أشعار ولكنه قال في صلوا على طه المدين:

نسبي نبينه من آل الرسول ما خفيت لجمع العرفان

فهو هكذا من آل البيت ولكن لا يعرف إلا بالبري - وهو لا شك أكبر يسمى عندهم بالمدح ويقصدون به ما سوى الشعر الغنائي وذلك كالتوسل والحكم والوصايا. وكان البري يعيش أيام سيدي محمد بن عبد الرحمان ويذكر في قصائده أنه تلميذ النجار شيخ الأشياخ بفاس والذي أصله من مراكش وقد خرج على يده جمهور من شعراء الملحون يعترفون كلهم بفضله عليهم حتى أن أحدهم وهو الحاج عبد الفضيل المرنيسي لا تخلو قصيدة من كلامه من تنويهه بشيخه حيث يقول دائما بعد اسمه تلميذ النجار وهذه التلمذة تدل على أنه أقام مدة بفاس وقد كان كثير الترحال فقد زار كل نواحي شمال المغرب كالقصر الكبير والعرائش وطنجة ومولاي عبد السلام بن مشيش وتازروت ووازان وتطوان.

وقد أحصيت له أربع عشرة قصيدة وهي مرتبة على حروف المعجم:

من بغى يرادف يقصد مولاة الرديف المصباحية

بالسرب البيضا هما أولاد مصباح

8- صلوا وسلموا عن جيّد العرب - وحربتها:

صلوا وسلموا عن جيد العرب والعجم والديام

وجميع ما في الأنساب

9- صليوا على طه المدني - ولها شهرة ذائعة حتى أن الأشياخ يسمون كل القصائد التي نظمت من بعدها في قياسها أو كما يقول أشياخ سلا" في قدها" - وحربتها:

صليوا على طه المداني سلطان الآخرة والدنيا

هو إيمامنا تاج بني عدنان

10- عيشة - وحربتها:

أمبروم السالفين عيشة الهلال الضاوي والضو من ضيها ضوى

عابوا قومان فيه وإلى عابه ما صابه

11- العروة الوثقى - وهي تصلية حربتها:

صلى الله على من سرى ليل المعراج وفضله المولى واخناره

يتسمى بلقاسم وبعد بلقاسم زين الزين

12- القلب - وهي قصيدة في الحكم وحربتها:

من كرهك يالقلب كرهه واشييك أنت مسيده

من بالك غير حيده خليه على هواه لا تدخل لاسواق المعاندة

13 - الشعبة ويقال لها شعبة الراس - وهي أيضا في الحكم - وحربتها:

كل شعبة تتقلب غير شعبة الراس وهاكذا سولني وتصبني مجرب

1 - أبو نجلات - وحربتها:

أبو نجلات نجلاتك جرحوني في ذاتي ذراعك درلي وساده* واحنا يالالة

أخوت

2 - التوبة - وحربتها:

توبة طلبتها من عند التواب من عليه اتكالي ورجاي

بدل يا مولاي سيّتي بالحسنة

3- التوسل - وحربته:

يا من لا يسهى ولا ينام في ملكه وجّهنا للخير

واغفر لي يا مولاي زلتي بنبيك الصادق الأمين مع آله

4- الجلانية - وحربتها:

أزاير زور بالأقدام الأمير البغدادي مولاي البغدادي عبد القادر من ضيافة لالة خيرة.

5- الحجام - وحربته:

ما احتجت لولد صنعة واشمة ولا يتكشف عن بهاها حجّام

ولا يتكلف عن خزين كنزي حجام

6- زهرة - وحربتها

أدام الله الحسن والبها والزين المكمول والعيون النحارة

يا سلطانة الاريام لالة أبو سالف زهرا

7- المصباحية - نظمها عند زيارته لضريح لالة منانة المصباحية مولاة العرائش وهي شريفة من أولياء أولاد مصباح الإدريسين أهل تازورت - وذكر في هذه القصيدة جملة من الأولياء لذلك تسمى أيضا جمهور الأولياء وهي مشهورة محفوظة وتوجد في عدة كنانيش وحربتها:

14 - الوصاية - الحربة:

ياراسي نوصيك يالزايد عنوة مابي

رويت خبرها عن شيخ اسمه أبو جمعة كان بالرباط ولم يعلق بفكره سوى فراش هذه الحربة والغطاعات عنه.

ولا ندري بالضبط تاريخ وفاة البرى رحمه الله وهو في هذا ككل شعراء الملحون كما قدمنا وكانت صنعته درازا، وكثر من هؤلاء الأشياخ كانوا يحترفون هذه المهنة.

***

والآن نتعرض لشاعر عمر عمرا طويلا بلغ خمسا ومائة سنة فعناصر سبعة من ملوك الدولية العلوية من محمد بن عبد الرحمان إلى محمد الخامس تغمدهم الله برحمته ونعرف بالضبط تاريخ ولادته وهو سنة 1260هـ وتوفي سنة 1365هـ واسمه الحاج إبراهيم الطبرابلسي ورغم بقائه إلى هذا العصر فلم يبلغني من خبرة شعره سوى قصيدتين أولاهما الفصادة في السوسي المزلوك وحربتها:

ما أعظم يوم نواوا الخوضات للفصادة

وأولها:

جمهور من الريام انشالوا وعلى الزهو في حين احتالوا

ولم أقف عليها وله ربيعة.ولا شك أن أشياخ سلا يعرفونه ولعلهم يحفظون شيئا من شعره أو عندهم كنانيش تحتوي عليه.

***

وفي أيام مولاي الحسن الأول ظهر بسلا شعراء أذكر من بلغني خبر عنهم أولهم الحاج أحمد بن علي الدكالي السلوي وهو عم المؤرخ ابن علي الدكالي - بلغني من أخباره أنه كان عدلا بمرسى الرباط وتوفي في آخر أيام مولاي الحسن.وكان ينظم في العشاقي وكان الشيخ قدور البهلول السلاوي والحاج إبراهيم الطرابلسي يحفظان كلاماه ولم يبلغني سوى خبر تسع قصائد عندى منها ثلاث وهذه القصائد التسع هي:

1- زينة اللبة - وحربتها:

يازينة اللبه حزت من الغزال الرقبة

ياتوقة البها الرقابة نسل القراهب زينك ورانا عجايب

واستولى بالأحكام على القلوب

2- الكاس - وحربته:

ناوليني خمر الكاس واعتق ياساقي مهجتي بكل كْياس

على الصدر نرشبها تنكيس تحت عيون النرجيس

3- المرسم - لا اعرف عنه إلا اسمه ولكن حقق لي الشيخ حمان النجار أنها لشيخه السي العربي معنينو وسنذكره في ترجمته.

4- نطلب ربنا يتلاءم جمعي ويروي طالب ربنا إلخ - وحربتها:

نطلب ربنا يتلاءم جمعي مع الحبيب إلى نهوى في مقام مرفوع

وتنسب هذه القصيدة أيضا للشاعر الحبابي الفاسي.

5 - عويشة - لاحربة لها في النسخة التي وقعت عليها وأولها:

هب علي ريح الهوي وحرك غصني من النوم باس

ولا اسم لها كذلك فسميتها عويشة لقوله في آخرها

مولاة الدواح والمقايس الغزال عويشة بانت قدامي بارزة

وبيدها تهدى لي الكاس.

6 - الفجر - وحربته:

تيقظ يا نديم برد لي ناري بالوصال من خناري

قم تغنم فرجه في عساكر الفجر راه ارسل الافراق والخيم

7 - الساقي - وحربته:

صبها حمرة من بلارها عراقي وإلى سكران عالجه ياساقي

شي رحيق وشي منك ريق

ولما ينظم شعراء الملحون خمريات فأما أن يقصدوا بذلك الخمرة الإلهية كسيدي قدور العلمي وغيره من الصوفية والأولياء وإما ليظهروا براعتهم في هذا النوع من الشعر الغنائي - وقد عارض الساقي لسيدي التهامي المدغري وزاد فيها النواعير وقصيدة السي التهامي خالية منها:

8 - 9 قصيدتان كان ذكرهما لي مولاي المهدي العلوي نزيل سلا رحمة الله وليستا من التي ذكرت وأسجل اسمهما ولا شك أن أشياخ سلا عندهم من خبره ومن كلامه أكثر مما حصلت عليه. وكان مولعا بالتزويق في شعره والاتيان بالمجناسات المتنوعة ولكن بدون تصنُّع رحمه الله وأثابه.

***

ومن شعراء هذه الحقبة السي العربي معنينو وكان في أول أمره نجاراً ثم صار مؤذنا بضريح سيدي إبراهيم معنينو وتقدمت له دراسة في صغره لكنه انقطع عنها واشتغل بقرض الشعر وتخرج على يده بعض أشياخ الملحون من جملتهم الشيخ حمان النجار الذي أروى عنه أخباره. وفي آخر عمره صار مذررا بكتاب سيدي سعيد وهنا أيضا تخرج على يده عدة طلبة وتوفي وهو مؤذن عن سن تناهز الثمانين سنة 1348هـ(1930) كما أرخ وفاته سيدي إدريس المبارك في قصيدة يرثيه فيها.

وكان تلميذا للشيخ عبد الرحمان حمدوش وكان ينظم في سائر فنون شعر الملحون، وقد بلغني من أخبار كلامه عشر قصائد ولا شك كما قلت عن الشعراء الآخرين أن أشياخ وحفاظ سلا حافظوا على شيء من كلامه أما القصائد العشر المذكورة فهي:

1- الحاجة - لا أعرف حربتها وهي في قياس الغالية للسي التهامي المدغري.

2- خدوج الأولي - في قياس سيدي محمد للسي التهامي المدغري.

3- خدوج الثانية - في السوسي المزلوك في قياس الزضمة للشيخ الجلالي مثرد.

4- لالة الزهرا - وحربتها:

ألالة الزهرا في الزين ما تشبهك زهرة وادواحك أ الريم زهاروا

كل غصن زاهر حسنك منعوت في المزاهر

زوريني يا أم الثبوث زهور

5- زهور وحربتها

مادري يا الأيام واش تلاكيني بالخنار

مصباح المولوعات عارمي أبو سالف زهرا

من لا ننساها راية النصر أبو دواح زهور

6- المرسم وحربتها جيتك يارسم الماجدين صبتك ساطع بالنور

نسالك على البدور فيدني بالله واين ساروا

7- من عشقي في مديح النبي راغب وحربتها:

من عشقي في مديح النبي راغب

أسامعين قولي زيدان في صلاة النبي والآل والأصحاب

8- الفجر – أول حربته:

راح البهيم غدر يا ساقي

9- فرحة نهاري - حربتها:

فرحة نهاري فرحة بوجود الخنار من صال بالحسن والتبختيرة

- وتنسب للشيخ أبي بكر حركات.

10 - الساقي - وحربته:

قالوا جمع العشاق غدر المدام أساقي

وقظ ناس الحال بالعزم واسق من أبريق للعاشق والمعشوق

***

ومن ذكروا كشعراء في الملحون المؤرخ الكبير أبو العباس أحمد الناصري صاحب كتاب "الاستقصا"، ولكنني لم أقف على شيء من كلامه ويقال إنه كان رفيقا للشيخ الشليح رحمه الله.

***

وكانت بسلا امرأة تسمى منانة حضرية، وكانت تنظم في الذكر والمديح، وتلقى إنتاجها في مجامع النساء ولكنني أيضا لم أقف على شيء من كلامها رحمها الله.

***

ومن شعراء هذا العصر الشيخ أبو بكر حركات وتأخر إلى أيام مولاي يوسف وهو تلميذ اليشخ عبد الرحمان حمدوش، وكان ينسخ كلامه، وتنسب له فرحة نهاري ويقال إنه لما نظم شيخه عبد الرحمان حمدوش الليلة نظم هو فرحة نهاري وقال له إنني زوجت لك ليلتك بنهاري، ولكن حقق لي الشيخ عثمان الزكي أن فرحة نهاري هي للشيخ العربي معنينو.

ولم يبلغني عن إنتاجه سوى قصيدتين إحداهما المطموس نظمها في هجاء الشليح ردا على قصيدته الذيب وحربتها:

واش المطموس يشابه القارئ أمن بغى يعارضني بالجبهة

مصنصلة ما باقي تقار

والثانية عنوانها حجِّبة ولا أعرف عنها شيئا.

وكان الشيخ أبو بكر حركات عدلا وانتقل في آخر عمره إلى الدار البيضاء حيث توفي رحمه الله.

***

ومن شعراء الملحون بسلا أيام مولاي عبد العزيز الشيخ ابن عبود وكان من شيوخ الطريقة الدرقاوية وهو والد صديقنا الدكتور المهدي ابن عبود وهو ناظم القصيدة الجفرية اللامية المنسوبة للفقيه العميري المكناسي وقد حقق لي مولاي المهدي العلوي والشيخ العربي الزهروي المكناسي أنها لابن عبود وأن هذا الأخير هو الذي نسبها للفقيه العميري. وذكر أنها جاءته من مكناس، وذلك لأسباب سياسية وقد ذكرت في باب موضوعات الملحون من المعلمة أن الشعراء، كانوا يتخذون وسيلة النظم في الجفريات وهي قصائد التنبؤ بالمستقبل لنقد الحكم ومحاولة إصلاح الأحوال الاجتماعية وحيث أن الفقيه العميري هو أشهر الناظمين في هذا الموضوع فإن الشيخ ابن عبود نسب قصيدته له ولم يبلغني سوى حريتها وكان نصها عند الشيخ العربي الزهروي وتوفي رحمه الله قبل أن ينسخها لي وقد أخذت عنه عشرات القصائد. وأما هذه الحربة فهي:

يا أهل الله عاري راني منزله ارغبو فينا شوفو من ضيق الحالة

أسيدنا يفك العزيز من راهم وحلوا

وذكر لي الشيخ العربي الزهروي أن مما يدل على أنها ليست للعميري أنه عادة نظمه لا يستعمل السَّرح والرواح وهي طريقة في عروض الملحون ليس هنا محل شرحها وقد تكلفت بذلك في معلمة الملحون وابن عبود يستعمل السَّرح.ولم يبلغني شيء من كلامه رحمه الله

***

وهنا نصل إلى شاعر كبير من فحول شعراء الملحون وهو الشيخ محمد بن علي الدمناتي المسفيوي نسبة إلى أسفي نزيل سلا. واعتبره من شعرائها لأنه قضى بها أكثر أيام عمره وبها نظم أكثر شعره الكثير.

وقد ولد بأسفي أيام مولاي الحسن الأول وبدأ يتعاطى نظم الشعر وهو لا يزال بالمسيد ثم سافر إلى الحجاز يقصد الحج ورجع إلى المغرب وحج مرة ثانية وذهب إلى اسطنبول واستخدم في الجيش التركي ولما رجع إلى المغرب احتمى بالدولة العثمانية لذلك لما قامت الحرب العالمية الأولى ألقى عليه القبض الفرنسيون، وسجن بحبس عين مومن وبقي سجينا أربعة أعوام ولما أطلق سراحه جاء إلى مدينة سلا واستوطنها. وكان يلازم الشيخ إبراهيم الطرابلسي وبقي بها مشتغلا بنظم الشعر إلى أن لقي ربه بعد مرض دخل من أجله مستشفى مولاي يوسف حيث توفي سنة 1353هـ 1945م ودفن رحمه الله بشالة وكان عزبا لم يتزوج قط.

وهو من الشعراء المكترين وقد أخبرني مولاي المهدي العلوي أن عدد قصائده يفوق الألف ولا شك أنه أكثر شعراء الملحون المغاربة إنتاجا.

وقد أحصيت له سبعا وثلاثين ومائة قصيدة عندي منها ثمان وثمانون ، وكان له حفّاظان أي روايتان هما ابن عيسى الشنتوي الفاسي والشيخ محمد ابن غانم وكان يحفظ كلامه أيضا الشيخ أحمد العمري.

وكان الشيخ المسفيوي عيسوي الطريقة وينظم ذكرات في هذه الطريقة وكلامه محفوظ بفاس وبمكناس عند رجال الطريقة العيسوية.

وكان ينظم في كل الشؤون من عشاقي ومدح وامتاز شعره بقصائد في المخترعات العصرية من كهرباء وغاز وسيارات وغواصات وسفن حربية وغيرها وطرق كل مواضيع الملحون المعروفة. فله قصائد في ترحيل الشمس وفي التصليات وفي التوسل والحراز. وله خمس قصائد فيه والحجام وجمهور البنات والجفريات وفي أكثر أسماء النساء وفي الخلخال وفي الخلق أي مولد النبي صلى الله عليه وسلم وفي اللطيف وفي الرحلات وفي المرسول. وله خمس قصائد فيه وفي النشأة أي بدء الخلق وفي الفقيه وفي القاضي وفي الفرصان وفي الساقي. وله فيه أربع قصائد وفي الغزوات أي الشعر الملحمي وفي الشمعة وفي شعبانة وغير هذه المواضيع مما لا يمكن أن أستعرضه في هذه المحاضرة إذ الشاعر المسفيوي يحتاج إلى دراسة خاصة وعندما يتنبه أساتذة الأدب بجامعاتنا إلى هذا التراث الأدبي يجد طلابهم فيه مرتعا خصبا لتحضير الأطرحات فيه.

فتكتفى بهذا القدر وفي معلمة الملحون تفاصيل عن هذا الإنتاج الضخم رحم الله صاحبه وأتابه.

***

ومن هؤلاء الشعراء المتأخرين سيدي حمادي المكناسي وهو شريف إدريسي من أهل مكناس وسكن مدينة سلا حيث كان يكتب التمائم وتوفي مسنا حوالي سنة 1936 وكان ينظم في العشاقي وفي المدح ونسب له مولاي المهدي العلوي القصيدة التي حربتها:

أنا هربت يلك أرسول الله من عدياني يبليس والهوى والدنيا

والنفس زلغوا بي جاروا مارتاوا علي

ووجدت نسبتها للولي الصالح سيدي الحاج محمد بن علال من أولياء مراكش.

وتنسب له قصيدة في قصة سيد فضلون. ولعل عند أشياخ سلا معلومات عنه أكثر من هذا.

***

وحوالي سنة 1936 توفي أيضا شاعر عرفته بوقوفي على ديوان صغير له يحتوي على إحدى عشرة قصيدة كاملة وقسمين من أخرى وأول حراز.وقصائده باستثناء الحراز وقصيدة يفي الطوموبيل( ولم تكن لفظة السيارة معروفة إذاك) وقصيدة الباتول كلها في التشوق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه سيدي محمد بن الحاج العلوي وهو يتسمى في كل قصائده ويذكر أن الكنوة ابن الحاج ويفخر بنسبة الشريفة وينص على أنه في سلا بحسه أما قلبه ففي المدينة المنورة وكثيرا ما يجعل زربا لقصائده.

أما قصائده في موضوع التشوق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها تعبر عن حرارة وشوق عميق إلى طيبة الطيبة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.

وتاريخ وفاته أرويه عن سيدي إدريس المباركي رحمهما الله.

***

ومنهم أيضا الشريف سيدي الحاج المامون العلوي المكناسي نزيل سلا وقد ضاع كلامه وذكر لي سيدي إدريس المباركي أنه يوجد عند ولده سيدي محمد بن المامون وهو ينظم أيضا ولكن لم يبلغني منه شيء وهكذا فإن الميدان فسيح لمن يريد أن يبحث وتوفي سيدي الحاج المامون رواية عن المباركي سنة 1926 رحمه الله.

ومنهم شاعر كان يعرف بدريهم واسمه محمد بن الهاشمي السلوي وأصله من دكالة وعرف بقصيدتين هزليتين هما الراديو والشانطة وله قصيدة الشطرنج.

وحربة الشانطة:

إلي بغى يسافر يمشي حتى لمانطة* يحضى الشانطة*

بالك لا يكون مغفل ويصير له بحالي.

ومنهم الحاج أحمد الطرابلسي ولا أدري هل له علاقة مع الحاج إبراهيم الطرابلسي المتقدم الذكر. وهو من الشعراء المتأخرين وكان حيا سنة 1971 حيث كان مؤذنا بمسجد الحيحي بتابريكت عندما اطلعت على ثلاثة دواوين صغيرة له تحتوي على اثنتين وأربعين قصيدة عندي كلها. وهو أيضا من المكترين وإن كان لمن يبلغ درجة المسفيوي ولا سيدي إدريس المباركي في كثرة النظم. وشعره يمتاز بوطنياته فله في ذلك عدة قصائد منها " الخائن" في التشهير بالخونة ومنها " المقاومة" في جهاد الملك والشعب إلى أن نال المغرب استقلاله ومنها " الغيبة" في نفي بطل المغرب محمد الخامس تغمده الله برحمته مع عائلته الكريمة وله في شفائه قصيدتان " الراحة" والشفا". وله قصيدة في عيد العرش وله الرحلة في زيارة محمد الخامس لأقاليم الشمال.

ونظم كذلك في العشاقي عدة قصائد وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كذلك. وفي ذلك من المواضيع الحية.

ومنهم السي محمد بن الحاج الهركوي نزيل سلا وأصله من مراكش وتوفي سنة 1946 (رواية عن سيدي إدريس المباركي). وأعرف له تصلية حربتها: يارسول الله جد ياضي اللماحي في قياس احميدوا لابن سليمان الفاسي ،وكان يبيع الملابس القديمة رحمه الله.

***

ومن المتأخرين أيضا الحاج حمان النجار وهو من المكثرين وقد تعرفت به ما بين سنة 1938 وسنة 1941 وأهدى لي ديوانه بخط يده وهو يحتوي على خمس وخمسين قصيدة وهو يكثر من استعمال المحسنات البديعية ومن تضمين الحرفين أي لزوم ما لا يلزم ومن القصائد غير المنقوطة والقصائد المنشوبة وهو اصطلاح يطول شرحه ويقلد كبار الشعراء في المواضيع التي طرقوها وفي بحورهم وأسماء قصائدهم،فلا أطيل عليكم بذكرها ولكنني في معلمة الملحون أتيت بأسمائها وفاء له ولجهوه في هذا الفن الفريد رحمه الله وأثابه.

ولسيدي إدريس المباركي آخر الشعراء السلويين القدماء وقد ولد سنة 1889م بسلا وحفظ القرآن وهو ابن اثنتي عشرة سنة وأخذ بعد ذلك من علماء العدوتين مثل سيدي عبد الله ابن خضراء الحاج محمد الصبحي والجراري وكان حزابا في ضريح العربي الصالح القطب سيدي عبد الله بن حسون وكان والده إماما بهذا المسجد.

وتوفي يوم 19 مايه 1983 م عن سن يتقارب المائة سنة ودفن رحمه الله بالزاوية المباركية بسلا.

وقد عرفته سنة 1976 وأطلعني على ديوانه وأخذت منه نسخة مصورة وهو يحتوي على تسع وأربعين ومائة قصيدة من أول اشتغاله بالنظم إلى سنة 1932 م وفي أيام الحركة الوطنية نظم قصيدة في المقاومة يحث فيها المغاربة على مساندتها والتشبت براعيها الملك محمد الخامس رحمه الله. وقد أطلعني عليها الشريف الأستاذ عبد المجيد الحسوني مطلعها:

ما احْلا كاس المنيا اعلى لوطان كافحوا ياشبان اعلى وطانكم

أما كلامه فيدور حول كل مواضيع الملحون، ويكثر من التصليات والدعوات وهو يرثى كل الأشياخ الراحلين وقد اقتبست من ذلك ما أشرت إليه في تراجمهم السابقة، ونظرا لكثرة كلامه فلا يمكن أن أذكر هنا تفاصيله واكتفى بالإشارة إلى بعض قصائده منها في العشاقي بحر الغرام والحراز والعرصة وهنو وملكة وله قصيدة على شاكلة كلام الشيخ المسفيوي في نظم المخترعات الحديثة؛ وعنوانها خصام الكهرباء والبرق وله غير ذلك رحمه الله.

ومن شعراء السلويين أيضا سيدي عبد الحميد العلوي وهو من المجيدين وقد توفي في السنين الأخيرة وله ديوان وقفت عليه يحتوي على إحدى وأربعين قصيدة وجلها في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم،وفي التشوق إلى قبره الكريم. وله عدة قصائد في مدح بطل المغرب والاستقلال محمد الخامس رحمه الله ووارث سره الملك الحسن الثاني نصره الله وله في العشاقي قصائد طريفة منها الغالية وغيتة والساقي والربيعية ولالة نجيبة واللحظ الصردي واستئناف الحب وحب الزين صعيب، وله قصيدة في نصح سواقي السيارات سماها وصاية، وقد شارك في المباراة التي كنت نظمتها بمناسبة عيد الأربعين لصاحب الجلالة الحسن الثاني ونال الجائزة الأولى رحمه الله.

أما الشعراء المعاصرون الأحياء أطال الله عمرهم، فلي عودة إلى الكلام عليهم في مناسبة أخرى وعلى كل فقد ذكرتهم كغيرهم من شعراء الملحون المغاربة في معلمة الملحون التي أشرت إليها سابقا.

هذه محاولة لتسجيل ماضي هذه العاصمة الثقافية في ميدان الملحون، تعرضت فيها لخمسة وعشرين شاعرا من أبنائها وأظن أنني لم أغفل أحدا وفوق كل ذي علم عليم ومن المولى تعالى نستمد العون والتوفيق.

الرباط، محمد الفاسي

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
ديوان الملحون والزجل والشعر العامي - ملف
المشاهدات
1,843
آخر تحديث
أعلى