محمد عارف مشّة - هكذا أفهمُ الحياة بعد الموت..

لمّا كان الإنسان لا يعرف عن حياته شيئا ، قبل أن يكون نطفة في صلب أبيه ُ، سوى أنه عاش في برزخ رحم أمه ، في ظلمات ثلاث ، وبأنه كان نطفة ، فعلقة ، فعظاما ، فكسوناها لحما ، كما أخبرنا الله سبحانه . لكن أحدا من البشر لما يتوصل ، أو يعلم طبيعة الحياة الحقيقة في برزخ رحم الأم ، ولم يخبرنا أحد بشيء ، ولم يتوصل الانسان أيضا لمعرفة عما كان عليه الانسان ، قبل أن تلتقي نطفة الأب ببويضة الأم ، فيبدأ تشكل الانسان بإذن ربه سبحانه . ما أدى لقلق الانسان على مر تواجده في هذه الحياة ، بأسئلة : من أين جاء ، ولماذا خُلق ، والحياة ما بعد الموت .
جاءت الرسالات السماوية ، لتطمئن الانسان على ماضيه وحاضره ومستقبله ، بإجابات واضحة وصريحة وواضحة في كثير من الجوانب ، خاصة في مجال اليوم الآخر والجنة والنار والثواب والعقاب ، لترشده أن حياة الإيمان والصلاح وعمل الخير ، تقوده إلى الجنة ، وأن الشر يقوده إلى النار والعقاب . إلا أن الانسان ظلّ قلقا ، وفي حيرة كبيرة ، بالبحث عن اجابات لأسئلة كثيرة ، في واحد منها عن حياة البرزخ ( الحياة في القبر ) ، فكانت الاجابات افتراضية في كثير من الحالات ، كون أن الدين لم يعط إجابات واضحة ، لتشفي حب البحث عند الانسان عن إجابة يقينية ، فجاءت الاجابات افتراضية ، إلا ما كان قد ورد عن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ، بالأسئلة التي توجه للنسان عند موته من ربك ومن نبيك وما هو دينك ، من ملكين يتنزلان على الميت في قبره . فكانت الاسئلة ، هل يسئل الانسان في روحه ، أم في جسده ، أم في روحه وجسده معا ، فصار البحث عن الاجابات ، وكانت كلها افتراضية من الباحثين والمهتمين بالحياة ما بعد الموت في البرزخ ، ومما قيل من اراء ، أن الميت يعيش حياة مختلفة في حياة البرزخ ، لكنها حياة حقيقية ، فالله سبحانه قال في محكم كتابه ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) ، وهذا دليل واضح أن هناك حياة ممكنة ، ما دام أن الشهداء يرزقهم الله سبحانه ، فهم أحياء بعد الموت ، لكن حياتهم مختلفة ، وطبيعة أجسادهم تختلف عما نعرفه ، وذلك أن الموت حياة مابعد الموت الذي يعرفه الانسان في الدنيا ، ويتحول من حالة إلى حالة أخرى ، من جسدية مادية ممكنة اللمس ، إلى حالة غير مرئية يتم انتقال جسد الانسان من حالته المادية الصلبة لحالة ، فيبدأ التحول منذ مرحلة ما قبل الموت بلحظات ( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) الاية ، حيث يبدأ الانسان برؤية أشياء وأجسام لا يتمكن من رؤيتها قبل هذه اللحظات التي تسبق ارتقاء الروح لبارئها ، سواء كان هذه الروح صالحة فتعود لبارئها راضية مرضية ، وتدخل في عباد الله وجناته ، أو تكون الروح شريرة فأمرها إلى الله سبحانه ، إما أن يعفو ويصفح ، وإما أن يعذب ، وإلى الله تّرجع الأمور .
يُقال في الموروث الديني الشعبي ، أن روح المُتوفى تظل تحوم في المكان الذي تحبه ، وتعود لأهلها في الدنيا لتطمئن عليهم ، ويقال أيضا أن المُتوفى يعيش مع من سبقوه إلى البرزخ من أحبته وأهله ، وهناك بعض الاشارات والدلائل التي تشير إلى مثل هذا ، وإن كان قد اختلف في تفسير الآيات بعض المفسرين ، فمنهم من أكدّ المعنى السابق بأحاديث وردت عن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ، تؤكد هذا المعنى ، والبعض الاخر من المفسرين ، يفسر الايات على غير ما ذهب إليه سابقوهم ، لكني أجد وهذا رأي شخصي نابع من قناعاتي الدينية ، أن هناك حياة البرزخ حياة مرحلة انتقالية يعيشها الميت بشكل مختلف عما نعرفه في حياتنا الدنيا من حياة ، والدليل والنص واضحان ، بأن الشهداء ليسوا أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون . والله أعلم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى