المقاهي طارق حرب - "خدري الچاي" أغنية تراثيه بغداديه رددتها أغلب الاصوات الغنائيه البغداديه للشاي معشوق البغداديين

في سلسلة تراث بغداد كانت لنا محاضرة عن أغنية شعبية أرتبطت بعشق البغداديين للشاي ذلك العشق الذي لا يناظره حتى عشق أهل البلاد التي تزرع الشاي وهي سريلانكا بحيث أصبح الشاي سمة مميزه لأهل بغداد تكاد تنفرد به عن أية مدينة أخرى وأغنية خدري الچاي كتبها البغدادي ملا سلمان الشكرچي المولود في محلة بني سعيد سنة 1890 الذي كان من الشعراء الشعبيين وكتاب الاغنيه الالمعيين الذي صدر له ديوان شعر سنة1938 بعنوان زفرات الحب والتي كانت أغنية خدري الچاي من أشهر أغانيه والتي لحن موسيقاها الاخوان داود وصالح الكويتي البغداديان اليهوديان وردد هذه الاغنيه الكثير من مغنيات الثلاثينات كصديقه الملايه وأجادتها سليمه پاشا وحتى سنة 1951 حيث أنشدتها فرقة الانشاد العراقيه وكانت موسيقى مقام ( الأوشار) لهذه الاغنيه وتقول هذه الاغنيه:-
خدري الچاي خدري
عيوني إلمن أخدره
تخدير الشاي يعني نضوجه وفي الشاي يقال خدر الشاي من التخدير الذي يشابه في نضوجه ما يصل اليه من يتناول المخدر لذلك فأن خير الشاي ما تم عمله على الفحم بنار هادئه وليس النار التي تستخدم لانضاج المأكولات والمشروبات الاخرى وهذه الاغنيه تؤدى من المغنيات ولم يؤديها الذكور من المغنيين لأنها أغنيه نسائيه كون عمل الشاي مهمة المرأه في بغداد سابقاً لذلك تذكر الاغنيه أن للحبيب يطلب من حبيبته عمل الشاي وتخديره والحبيبه ترد عليه ولكن لمن سأتولى اعداده ياعيوني كما تصفه بردها.
لذلك تستمر الاغنيه بالقول:-
مالچ يا بعد الروح دومچ مكدره
أي لماذا انت مقطبه ياروحي دوماً
( بعد هواي يا ناس إلمن آني أصبه)
أي لمن سأتولى صبه بعد حبيبي
( محد بعد عيناه يستاهل يشربه)
أي لا يستأهل بعد عيون الحبيب من يشربه
( أحلف ما أخدره ولا أگعد اگباله)
أي قسما سوف لن أعمل الشاي ولن أجلس مقابله
( إلا يجي المحبوب وأتهنه ابجماله)
الا بعودة الحبيب وأهنأ بجماله
( إي والله وحياتك أبدا ما أخدره)
تأكيد لقسمها في عدم عمل الشاي
( وآخذ فاس بيدي للقوري أكسره)
وهنا تقول انها ستكسر ( القوري) الذي يعمل به الشاي بالفأس.
ومن أغاني الشاي:-
مر يا حبيبي أشرب چاي
مر عند أهلنه اشرب چاي
وهذه سجلها في بغداد مسعود العمارتلي في ثلاثينات القرن العشرين
ومن الاغاني التي سجلها في بغداد حضيري أبو عزيز وهي في فترة الحرب العالميه الثانيه حيث يتم توزيع الشاي ببطاقة التموين كون السمراء مريضه بسبب عدم وجود الچاي:-
( عمي يا بو التموين مشي العريضه
والسمره عالچاي طاحت مريضه)
وحيث ان البعض يفضل القهوه التي ينسبها لليمن على الشاي الذي ينسبه للعجم فيقول:-
( يا عطار گلي اشجايبك
انته من العجم وآني يمانيه)
لا بل ذهب البغض الى اجراء حوار على لسان القهوه ولسان الشاي اذ يقول الشاي
( آنه الچاي الحلو تزهي مواعيني
بللور وبرنج ومعدن صيني)
أي ان الشاي يعدد مميزاته كونه حلو وأواني زاهيه وكونه بللور ومعادن غاليه.
ولكن القهوه تجيب الشاي واصفة نفسها:
( آنه بنت اليمن وربات حاتم طي
من بيت الكرم والجود وأهل الزي)
أي ان مكان زرع القهوه في اليمن وان مجلس حاتم الطائي المعروف بالكرم وكثرة الضيوف تكون القهوه وليس الشاي مما يوزع على الضيوف
وفي الچاي يقولها أهل بغداد بالجيم الفارسيه كالباچه وليس بالشين شاي واذا كان البعض يعود في حضور الشاي في موائد البغداديين وادمانهم عليه الى نهايات العهد العثماني فأن الكثيرين يربطونه بدخول الانگليز الى بغداد سنةٍ1917 وقد علت درجة الشاي بحيث انه ان لم يقدم للضيف فأن ذلك له دلالات معينه لا بل ان الضيف الذي لا يشرب الشاي يكون استثناء ونادراً حتى اصبح الشاي رفيق البغداديين في كل الازمان والامكنه ليلا نهارا صيفا شتاء حتى في درجات الحراره الشديده في بغداد تجد ان اهل بغداد يشربون الشاي وكان لأداة شرب الشاي مكانة معينه وهي الاستكان التي تتكون من مقطعين east وتعني الشرق مكان زراعة الشاي و can أي التعليب والجمع باعتبار ان الشاي يأتي معلباً من الشرق اذ اعتاد أهل بغداد شرب الشاي بالاستكان وليس بالاقداح كما هو موجود في البلاد الاخرى مثل مصر فالاستكان جزء من طقوس شرب الشاي
حيث ان الاغلب من البغداديين يرفضون شرب الشاي الا اذا تم تقديمه بأداة أخرى غير الاستكان والمرأه البغداديه تتفاخر بجودة صنعها للشاي وان مطبخها يحوي عدة كامله للشاي واعتاد أهل بغداد شرب الشاي كثيفا أو ما يسموه(سنكين أو طوخ) خاصة بعد تناول السمك والباچه وغيرها من الأكلات الدسمه ويقدم الشاي للأطفال خفيفاً واجرة الجلوس في المقهى تكون مقابل اعطاء الزبون ( استكان) الشاي وهنالك من يشرب الشاي مع الحلويات الجافه وليس مع السكر وهنالك من يشرب الشاي بدون سكر وخاصة مرضى داء السكري وهنالك مناسبتان مشهورتان للشاي لدى البغداديين سابقاً وهي مناسبة شرب شاي مساء مع الكعك ومناسبه اخرى هي مناسبة شاي الزهره اي مناسبة شرب الشاي باسم الزهراء ابنة الرسول وزوج الامام علي
واذا كان جميع أهل بغداد يفضلون الشاي فأن البعض منهم يقسمون به اذ يقولون (وحق هذا عمل ابليس) ويؤشر أثناء قسمه على الشاي باعتبار ان الشاي والسكر يؤدي الى آثار صحيه والسائد هو الشاي الاحمر أو الاسود وان ظهر الشاي الاخضر خاصة في السنوات الاخيره وان كان تناوله محدودا جدا وتتعدد أدوات الشاي من الاستكان والقوري كما رأينا فأن هنالك الصحن والملعقه والصينيه التي توضع فيها الاستكانات والصحون و(الكتلي) ويستعمل للماء الحار والسماور وهي خزانات الماء الحار خاصة في المقاهي كون ( الكتلي) لا يستطيع امداد طلبات الماء لعمل الشاي وفي المقاهي وبعض البيوت هنالك منقلة الفحم التي يوضع عليها الماء الحار بالكتلي والشاي بالقوري.



طارق حرب خبير قانوني ومحام




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى