طارق حرب - بشر بن المعتمر شيخ معتزلة بغداد وشاعرهم وشيخ نحلة البشريه زمن خليفة بغداد العباسي المأمون

ساد الفكر الاعتزالي ببغداد زمن الخليفه المأمون وكانت محنة خلق القرآن في فترة حكم هذا الخليفه لبغداد من عام 198هج الى عام 218 هج سنةً813 م الى سنة 833 م أي قبل مرور نصف قرن على بناء بغداد وفي هذه الفتره برز بشر بن المعتمر المتوفي ببغداد قبل سنتين من وفاة الخليفه المأمون وانتهاء حكمه.
الذي كان شيخ المعتزله ورئيس النحله الاعتزاليه المسماة بأسمه ( البشريه) الذي بلغ الذروه من فصحاء المتكلمين وبلغائهم وجعله الجاحظ أكثر المعتزله راوية للشعر وبارعاً في نظمه فلقد كانت فرقة المعتزله من أهم فرق المعترله في العهد العباسي الذي أنتهى بوفاة الخليفه المأمون لذلك سمي هذا العصر عصر الاعتزال وبلغ من ازدهاره أن أستولى على صولجان الحكم وأن وجهه حسب مشيئته وتم وضع محنة خلق القرآن على رقاب الناس ولكن هذا الفكر وان أخفق في ذلك لكنه نجح نجاحاً كبيراً في صبغ العقول بصبغة فلسفيه ومرنها على دقة التعليل والمهاره في الاستنباط لخفيات المعاني ودقائقها والبراعه في تفريعها وتشعيبها وتوليدها مع القياس الناصع والبرهان الساطع وقد تميز الفكر الاعتزالي بأصوله الخمسه التوحيد والعدل والوعد والوعيد والقول بأن مرتكب الكبيره بين منزلتين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والبشريه نحلة اعتزاليه زعيمها بشر بن المعتمر الذي كان شيخ معتزلة بغداد ورئيسهم يقال انه كوفي أو بصري ثم أستوطن بغداد وقد أتخد النخاسه حرفة له وكان زاهداً نسكاً لمع اسمه زمن الرشيد والبرامكه والمأمون وقد توثقت صلته مع البرامكه ربما للنزعه الشيعيه التي يحملها بشر حيث كان يوافق الشيعه بأن الامام علي كان مصيباً في حروبه حتى ان ابن أبي الحديد كان يروي عنه موقفه هذا وهو أول من ذهب الى تولد الافعال بعضها من بعض كالحجر يرمى فيحطم زجاجاً فتتطاير منه شظيه فتصيب انساناً في موضوع البحث لتحديد المسووءليه وكان يخاف بعض المعتزله في فكرة وجوب الاصلح اذ يذكر انه ما من أصلح الا وفوقه أصلح منه.
وكان بشر ينصر القياس العقلي نصرة شديده كما كان يجل العقل اجلالاً بعيداً حتى ليرفعه الى مرتبه مقدسه لما أودعه الله فيه من المعرفه الفطريه التي تجعل الانسان يميز الشر من الخير ويدرك الحسن فيعتنقه والقبيح فيتجنبه ويقول لولاه لذهب الادراك والتمييز بل لفقد الانسان جوهر انسانيته ونظمه الشعر لم ينطمه في الاغراض الغنائيه التي تعود الشعراء أن ينظموا فيها الذي كان أبان بن عبد الحميد قد برع فيه غير انه لم يتجه به وجهة من القصص والتاريخ والفقه والمنطق وانما أتجه به الى الرد على أهل المقالات والنحل من خصوم المعتزله كما أتجه الى ذكر عجائب الله في صنوف خلقه مما يمكن أن يدخل في التاريخ الطبيعي ويذكر ان له مزدوجه رد فيها على جميع الىخالفين للمعتزله بلغت أربعين ألف بيت ومن قوله في أرجوزه:-
ننفيهم عنا ولسنا منهم
ولا هم منا ولا نرضاهم
أمامهم جهم وما لجهم
وصحب عمرو ذي التقى والعلم
لأن جهم كان يوءمن بالجبر وينفي استطاعة الانسان وحرية ارادته مما كان يعتنقه المعتزله.
وبشر يفضل الامام علي على الخوارج وفيه يقول:
ماكان في أسلافهم أبو الحسن
ولا ابن عباس ولا أهل السنن
ويظهر موقفه من الشيعه والأباضيه الحشويه مما يدل دلالة قاطعه انه لم يعتنق مذهب الاماميه اذ انه ربما كان زيدي الهوى أي الامام زيد لذلك يقول:
لست أباضياً غبياً ولا كرافضي غره الجفر
اذ يقول بشر ان بعض الشيعه والاباضيه ممن يوءمنون بكتاب الجفر ذلك الكتاب الذي يقولون انه عند أئمتهم فيه كل أصناف العلم وما يكون الى يوم القيامه نحو ما كان يقال في زمن بشر ويعرض لأهل المقالات والنحل من غير المعتزله فيقول:
قد غمر التقليد أحلامهم
فناصبوا القياس ذا السبر
أي انه يأخذ عليهم انهم يلغون عقولهم وانهم لا يحكمون المنطق والقياس العقلي السديد الذي تقاس به الأشياء ويسبو ويعرف غورها ومقدار ما فيها من الخطأ والصواب وعلى هذا النحو ظل بشر بن المعتمر مشغولاً في شعره التعليمي بالرد على خصوم المعتزله وبيان عجائب الخلق الرباني حتى وافاه القدر سنة ستة عشر ومائتين.
وختاما فأن بشر هذا واحداً من ثلاثة شعراء أصحاب الفكر الاعتزالي في الوقت المذكور هم العتابي كلثوم بن عمرو بن أيوب التغلبي الذي يتصل نسبه بالشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم أحد أصحاب المعلقات السبه والذي ولد بالشام وتحول الى بغداد والشاعر الثاني النظام ابراهيم بن سيار بن هانيء الذي ولد وتشأ بالبصره ولكنه يناضر ويحاور أهل الكلام في مجالس البرامكه وهذه المجالس مكانها بغداد.


طارق حرب خبير قانوني ومحام



تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
الجماعات والمدارس والحركات والصالونات الأدبية
المشاهدات
882
آخر تحديث
أعلى