أبووردة السعدني - المقاهي العثمانية

..لم يعرف العثمانيون التبغ إلا في بداية القرن السابع عشر الميلادي، عن طريق البحارة الذين جلبوه من العالم الجديد ( الأمريكتين ) ، وثار جدل كبير حوله ، حتى أفتي بإباحته بعد خمسين سنة تقريبا ، أما القهوة فعرفها العثمانيون في منتصف القرن السادس عشر حيث وصلت إلى العاصمة العثمانية من اليمن .
...يروي بجوي - وهو مؤرخ عثماني شهير - أن أول مقهى أنشئ في إستانبول كان سنة 1555م - قبل ظهور المقاهي في لندن وفي باريس بقرن من الزمان - أنشأه شاميان قدما العاصمة العثمانية في التاريخ المذكور، وافتتحا دكانا قدما فيه مشروب القهوة للمترددين إلي دكانهم ، ولقي المشروع الصغير قبولا ورواجا ، ومن وقتها انتشرت المقاهي في العاصمة العثمانية، وصارت أمكنة لتزجية الوقت ، أو منتدى ثقافيا وفكريا وملتقى للشعراء ، أو مكانا لعقد الصفقات التجارية، أو تجمعا للباحثين عن عمل، وازدحمت المقاهي بالمرتادين الذين يحتسون القهوة، أو يدخنون الغليون، وحرص بعض أصحاب تلك المقاهي على تزويد مقاهيهم بالفرق الموسيقية، التي تعزف أعذب الألحان، ويغني مطربوها قصائد الغزل التي تجذب أسماع مرتاديها ، مثل :
بصقر عينيك أوقعت طائر قلبي في شراكك
إن البلسم الذي يخرج من شفتيك حبيبتي
يغريني لأخذ رشفة
ومثل :
من حمرة وجنتيها أخذ الورد لونه
أما شفتاها ، فتعلم العندليب الغناء
.....وقد اكتظت مقاهي إستانبول بالمرتادين حتى شغلت الكثيرين عن الصلاة، و ضاق الأئمة والمؤذنون من تلك الحال قائلين : أدمن الناس جلوس المقاهي عن الجلوس في المساجد للصلاة ....







تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى