أبو فارس دلّة
خلوة
بعكازةٍ مُرتجفةٍ سمراءَ رسمَ خطوطاً متوازيةً على تُربةٍ غُضاريةٍ مُشبعةٍ بنجيعِ الوفاءْ، ظِلالُ أغصانِ الزيتونِ الوارفةِ تُضفي على تقاسيمِ ذاكَ الوجهِ العتيقِ صِبغةً خضراءَ تكتحلُ بنورِ شمسٍ استيقظتْ منْ مَرقَدِها للتوْ، أحْصى ثروةً منتظرةً منذُ سنينَ طِوالْ، ازدحمتْ بناتُ أفكارهِ لبرهةٍ، ما إنْ غَرسََ تلكَ الأحلامَ الورديّةَ حتى تلاشتْ بقدومِ حفيدهِ الأصغرَ وقد خرّبَ ؤبقدميهِ الحافيتينِ ما تمّ بناؤهْ.
---------------------------
القراءة النقدية:
خلوة عنوان نكرة وسرعان ما يتطرق لأذهاننا سؤال
أي خلوة؟
خلوة : مكان يختلي فيه الإنسان بنفسه.
ومكان مقتطع من أروقة قصر.
خلوة : مكان منعزل عن الناس والخلق كلهم وقد يكون خلوة ظليلة وارفة في وادٍ بعيد،
وهناك خلوة محرّمة بين الرجل والمرأة ما لم يكن بينهما رابطٌ شرعيّ كأن يوجدا في مكان مغلق من الدّاخل وإن لم يكن مغلقاً فليس هذا بخلوة والله أعلم
نلج إلى النّص و إلى جملته الإستهلاليّة:
" بعكازهٍ مرتجفة سمراء رسم خطوطاً متوازية على تربة غضارية مشبعة بنجيع الوفاء"
العكَّازة هنا مفرد مؤنث تجمع جمع مؤنث سالم على عكازات جمع تكسير عكاكيز
لغةً واصطلاحاً تعني: خيزرانة/ دعامة/ ركيزة /سند/ عصاً /قصبة
أمّا دلالتها إنَّما يدلُّ على أنَّ النَّص بطله رجل مسنّ قد بلغ من العمر عتيّا يتوكَّأ على عصاه في مشيته وله فيها مآرب أخرى
وكلمة "مرتجفة " تؤكّد على أنّه رجلٌ مسنٌّ ، أمّا سمراء فهي كناية عن ساعد الفلاح الأسمر وقد لوَّحته الشُّمس بلون وسمرة الأرض الطّيبة
رسم خطوط متوازية عبارة حاذقة تنم عن أفق شاسع للكاتب/ة تدلُّ أن ما يضمره ويرجوه في نفسه لن يتحقَّق
ففي علم الرَّياضيات هناك قاعدة تقول أنّ الخطان المتوازيان لا يلتقيان سيَّما إذا كان الرسم على تربةٍ غضاريةٍ (الصلصال)
الصلصال أو الغضار مادة من الطين مصدرها الرَّئيس الصُّخور السيليكاتية المعرَّضة للتفتُّت، موجودة في معظم أنواع التربة.
يتميَّز الغضارعن غيره بأنَّ قوامه شديد الإرتباط ببنيته الهيكليَّة.
"مشبعةً بنجيع الوفاء"وكأنّ الكاتب هنا يرمي إلى أنّ البطل كان فلاحاً مخلصاً في عمله وفياً لأرضه والنَّجيع هنا تأتي بمعنى النافع والهنئ للبدن
وهل أنجع من وفاءٍ يهبُ الأرضَ عطاءً يضاهي عطاءها؟
يقول أبو فراس الحمداني عن الوفاء :
أتزعمُ أنّك خِدْنُ الوفاءِ وقد حجبَ التُّرْبُ من قد حجبْ
فإن كنتَ تصدقُ فيما تقولُ فمتْ قبل موتك مع مَن تُحبّ
"ظلال أغصان الزيتون الوارفة تضفي على تقاسيم ذلك الوجه العتيق صبغةً خصراء تكتحل بنور الشَّمس استيقظت من مرقدها للتوّ" الله ما أجملها من جملة وجدانية تخترق حاجز الصمت المبين!
يشير الكاتب هنا وبكلّ براعة إلى ذلك الفلاح الأسمر العتيق الذي جلس "مختلياً" بنفسه بفيئ أشجار الزَّيتون التي سقاها من عرق جبينه حتَّى أضحتْ وارفةً ممتدَّةً حتى المدى الشاسع من عمره وعمر آبائه وأجداده وحدها تلك الظِّلال ترسم تجاعيد وجه وتكشف الخطوط والتَّعاريج التي خطَّها الزَّمان على وجهه حتَّى تغصَّنت وأورقت وأينعت وآتت أوكلها.
بالإضافة إلى أنّ غصن الزيتون وشجرته رمزاً للسَّلام
فهي شجرة معمّرة يعود عمرها لآلاف السّنين استخدمها واستثمرها الإنسان على مرّ العصور والأزمان ونهل من بركاتها الكثير من زيتها وثمارها وهي شجرةٌ "مستديمة الخضرة" وأوراقها جلديَّة وأزهارها عنقوديَّة وثمارها لحميّة ممتلئة بمادة زيتيَّة ولونها يتحوَّل إلى أسود عند النُّضج
وهي من الأشجار المباركة الَّتي ذُكرت في القرآن الكريم قال الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
{شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار} سورة النور آية 35
كذلك أقسم الله بها والله لا يقسم إلا بعظيم!
{ والتين والزيتون وطور سينين } سورة التين آية 1/2
لِمَ فيها من من بركة وفائدة سيّما زيتها المبارك الصّحي الخالي من الكولسترول المضرِّ للقلب كما استُخدم عبر الحُقب الزمنيَّة كعلاجٍ لبعض الأمراض التي كانت تصيب الإنسان.
وتعتبر منطقة البحر المتوسط الأشهر عالمياً في شجر الزيتون، خاصةً المناطق الواقعة في تركيا وسورية وفلسطين ويُعرف زيتها بالجودة العالية والأشهر عالمياً كما تُعتبر بلاد الشام المكان الأوّل التي خرجتْ منه هذه الشجرة المباركة.
كثافة ظلال أشجار الزيتون انعكست على وجه ذلك الفلاح الأسمر مضمَّّخة بأشعة الشَّمس الذهبيَّة مكتحلةً بضيائها الذَّهبي في أوّل دقائق بزوغها
هنا نجد أنَّ الكاتب استخدم لغة شاعريةً وجدانيةً مستخدماً الأنسنة في اكتحال أوراق الشجر بنور الشمس مشبهاً إيّاها بفتاة بكرٍ راحت تكتحل بنور الشّّمس لدى استياقظها من نومها
"أحصى ثروةً منتظرةً منذ سنين طوال"
يشير الكاتب هنا إلى أنّ الفلاح أخذ يعدُّ أشجار الزيتون التي زرعها هو ومن سبقه من الآباء والأجداد عبر حقبة تاريخية تشهدها هذي الظلال الوارفة والأرض الشاسعة التي تضمُّها، فكما أسلفت شجرة الزيتون شجرة معمّرة تعيش لآلاف السنين وهنا يسرّني أن أنوه أنّ أقدم شجرة زيتون في العالم توجد في فلسطين يزيد عمرها عن (5550)عام فأيّ ثروة تلك عكف ذلك الفلاح الأشمّ على إحصائها؟
"ازدحمت بنات أفكاره لبرهة ما إن غرس تلك الأحلام الوردية حتى تلاشت بقدوم حفيده الأصغر بقدميه الحافيتين ما تمّ بناؤه"
الكاتب المبدع هناو بذكاء مطلق وبعد تأزّم الحبكة وقد عاش بين ظلال أشجار الزيتون الوارفة وبين حبّه المطلق لها وإحصاء ثروته الباهظة والتي لا تقدَّر بثمن يأخذ بأيدينا للإنفراج عبر قدوم حفيده" الأصغر" وهذه الكلمة تدل على وجود عدة أحفاد للفلاح المعمّر وقدوم هذا الطفل الصغير قطع عليه "خلوته " مع أرضه الشاسعة وأشجارة الأثيرة فمشى فوق الخطوط التي راح يرسمها لتتلاقى أحلامه الوردية مع ظلال أشجار الزيتون الوارفة.
وكأني بالكاتب يعلق كل آماله في الحفاظ على هذا الجيل القادم من وراء ظلال هذه الأشجار المباركة.
"خرّب بقدميه الحافيتين ما تمّ بناؤه"
جملة تفيد الاستفاضة في الشرح هل قصد الكاتب هنا أنّ الجيل القادم ليس على القدر الكافي من المسؤولية لحمل هذه الأمانة؟
كلمة الحافيتين هنا تدلّ على الفقر المعرفي وقلّة الدّراية وشُحّ الخبرة وأنَّ هذا الجيل الناشئ ليس من الوعي بمكان كي يحافظ على هذه الثروة الهائلة التي سيصيُّرها الزَّمن في عهدته؟
وهنا يعود بنا الكاتب/ة وبكلِّ براعة إلى متن النَّص عندما أشار إلى الخطوط المتوازية التي لا تلتقي أبداً كناية عن فرق العمر المرحلي الكبير بين الفلاح المعمّر وبين حفيده الغضّ عودِه..
والذي أتى حديثاً إلى هذه الأرض الضَّاربة في القَدِم
فالفلاح من رؤيتي الخاصَّة لهذه الزَّاوية الجميلة من النّص يخشى ما يخشاه من عبث هذا الجيل وقلَّة وعيه في الحفاظ على هذا الإرث العظيم الذي رعاه حقَّ رعايته طيلة سِنيّ عمره حفاظاً على عُهدة آبائه وأجداده ،،وقد لوَّحت جبهته عين الشَّمس ولوَّنت ساعديه سمرةً و أصالة وحفر الزَّمان على وجهه خطوطاً بمعول الجهد والكدّ والتّعب لن يمحوها سوى حفاظ الأجيال القادمة على هذة الثروة العظيمة
خلوة
بعكازةٍ مُرتجفةٍ سمراءَ رسمَ خطوطاً متوازيةً على تُربةٍ غُضاريةٍ مُشبعةٍ بنجيعِ الوفاءْ، ظِلالُ أغصانِ الزيتونِ الوارفةِ تُضفي على تقاسيمِ ذاكَ الوجهِ العتيقِ صِبغةً خضراءَ تكتحلُ بنورِ شمسٍ استيقظتْ منْ مَرقَدِها للتوْ، أحْصى ثروةً منتظرةً منذُ سنينَ طِوالْ، ازدحمتْ بناتُ أفكارهِ لبرهةٍ، ما إنْ غَرسََ تلكَ الأحلامَ الورديّةَ حتى تلاشتْ بقدومِ حفيدهِ الأصغرَ وقد خرّبَ ؤبقدميهِ الحافيتينِ ما تمّ بناؤهْ.
---------------------------
القراءة النقدية:
خلوة عنوان نكرة وسرعان ما يتطرق لأذهاننا سؤال
أي خلوة؟
خلوة : مكان يختلي فيه الإنسان بنفسه.
ومكان مقتطع من أروقة قصر.
خلوة : مكان منعزل عن الناس والخلق كلهم وقد يكون خلوة ظليلة وارفة في وادٍ بعيد،
وهناك خلوة محرّمة بين الرجل والمرأة ما لم يكن بينهما رابطٌ شرعيّ كأن يوجدا في مكان مغلق من الدّاخل وإن لم يكن مغلقاً فليس هذا بخلوة والله أعلم
نلج إلى النّص و إلى جملته الإستهلاليّة:
" بعكازهٍ مرتجفة سمراء رسم خطوطاً متوازية على تربة غضارية مشبعة بنجيع الوفاء"
العكَّازة هنا مفرد مؤنث تجمع جمع مؤنث سالم على عكازات جمع تكسير عكاكيز
لغةً واصطلاحاً تعني: خيزرانة/ دعامة/ ركيزة /سند/ عصاً /قصبة
أمّا دلالتها إنَّما يدلُّ على أنَّ النَّص بطله رجل مسنّ قد بلغ من العمر عتيّا يتوكَّأ على عصاه في مشيته وله فيها مآرب أخرى
وكلمة "مرتجفة " تؤكّد على أنّه رجلٌ مسنٌّ ، أمّا سمراء فهي كناية عن ساعد الفلاح الأسمر وقد لوَّحته الشُّمس بلون وسمرة الأرض الطّيبة
رسم خطوط متوازية عبارة حاذقة تنم عن أفق شاسع للكاتب/ة تدلُّ أن ما يضمره ويرجوه في نفسه لن يتحقَّق
ففي علم الرَّياضيات هناك قاعدة تقول أنّ الخطان المتوازيان لا يلتقيان سيَّما إذا كان الرسم على تربةٍ غضاريةٍ (الصلصال)
الصلصال أو الغضار مادة من الطين مصدرها الرَّئيس الصُّخور السيليكاتية المعرَّضة للتفتُّت، موجودة في معظم أنواع التربة.
يتميَّز الغضارعن غيره بأنَّ قوامه شديد الإرتباط ببنيته الهيكليَّة.
"مشبعةً بنجيع الوفاء"وكأنّ الكاتب هنا يرمي إلى أنّ البطل كان فلاحاً مخلصاً في عمله وفياً لأرضه والنَّجيع هنا تأتي بمعنى النافع والهنئ للبدن
وهل أنجع من وفاءٍ يهبُ الأرضَ عطاءً يضاهي عطاءها؟
يقول أبو فراس الحمداني عن الوفاء :
أتزعمُ أنّك خِدْنُ الوفاءِ وقد حجبَ التُّرْبُ من قد حجبْ
فإن كنتَ تصدقُ فيما تقولُ فمتْ قبل موتك مع مَن تُحبّ
"ظلال أغصان الزيتون الوارفة تضفي على تقاسيم ذلك الوجه العتيق صبغةً خصراء تكتحل بنور الشَّمس استيقظت من مرقدها للتوّ" الله ما أجملها من جملة وجدانية تخترق حاجز الصمت المبين!
يشير الكاتب هنا وبكلّ براعة إلى ذلك الفلاح الأسمر العتيق الذي جلس "مختلياً" بنفسه بفيئ أشجار الزَّيتون التي سقاها من عرق جبينه حتَّى أضحتْ وارفةً ممتدَّةً حتى المدى الشاسع من عمره وعمر آبائه وأجداده وحدها تلك الظِّلال ترسم تجاعيد وجه وتكشف الخطوط والتَّعاريج التي خطَّها الزَّمان على وجهه حتَّى تغصَّنت وأورقت وأينعت وآتت أوكلها.
بالإضافة إلى أنّ غصن الزيتون وشجرته رمزاً للسَّلام
فهي شجرة معمّرة يعود عمرها لآلاف السّنين استخدمها واستثمرها الإنسان على مرّ العصور والأزمان ونهل من بركاتها الكثير من زيتها وثمارها وهي شجرةٌ "مستديمة الخضرة" وأوراقها جلديَّة وأزهارها عنقوديَّة وثمارها لحميّة ممتلئة بمادة زيتيَّة ولونها يتحوَّل إلى أسود عند النُّضج
وهي من الأشجار المباركة الَّتي ذُكرت في القرآن الكريم قال الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
{شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار} سورة النور آية 35
كذلك أقسم الله بها والله لا يقسم إلا بعظيم!
{ والتين والزيتون وطور سينين } سورة التين آية 1/2
لِمَ فيها من من بركة وفائدة سيّما زيتها المبارك الصّحي الخالي من الكولسترول المضرِّ للقلب كما استُخدم عبر الحُقب الزمنيَّة كعلاجٍ لبعض الأمراض التي كانت تصيب الإنسان.
وتعتبر منطقة البحر المتوسط الأشهر عالمياً في شجر الزيتون، خاصةً المناطق الواقعة في تركيا وسورية وفلسطين ويُعرف زيتها بالجودة العالية والأشهر عالمياً كما تُعتبر بلاد الشام المكان الأوّل التي خرجتْ منه هذه الشجرة المباركة.
كثافة ظلال أشجار الزيتون انعكست على وجه ذلك الفلاح الأسمر مضمَّّخة بأشعة الشَّمس الذهبيَّة مكتحلةً بضيائها الذَّهبي في أوّل دقائق بزوغها
هنا نجد أنَّ الكاتب استخدم لغة شاعريةً وجدانيةً مستخدماً الأنسنة في اكتحال أوراق الشجر بنور الشمس مشبهاً إيّاها بفتاة بكرٍ راحت تكتحل بنور الشّّمس لدى استياقظها من نومها
"أحصى ثروةً منتظرةً منذ سنين طوال"
يشير الكاتب هنا إلى أنّ الفلاح أخذ يعدُّ أشجار الزيتون التي زرعها هو ومن سبقه من الآباء والأجداد عبر حقبة تاريخية تشهدها هذي الظلال الوارفة والأرض الشاسعة التي تضمُّها، فكما أسلفت شجرة الزيتون شجرة معمّرة تعيش لآلاف السنين وهنا يسرّني أن أنوه أنّ أقدم شجرة زيتون في العالم توجد في فلسطين يزيد عمرها عن (5550)عام فأيّ ثروة تلك عكف ذلك الفلاح الأشمّ على إحصائها؟
"ازدحمت بنات أفكاره لبرهة ما إن غرس تلك الأحلام الوردية حتى تلاشت بقدوم حفيده الأصغر بقدميه الحافيتين ما تمّ بناؤه"
الكاتب المبدع هناو بذكاء مطلق وبعد تأزّم الحبكة وقد عاش بين ظلال أشجار الزيتون الوارفة وبين حبّه المطلق لها وإحصاء ثروته الباهظة والتي لا تقدَّر بثمن يأخذ بأيدينا للإنفراج عبر قدوم حفيده" الأصغر" وهذه الكلمة تدل على وجود عدة أحفاد للفلاح المعمّر وقدوم هذا الطفل الصغير قطع عليه "خلوته " مع أرضه الشاسعة وأشجارة الأثيرة فمشى فوق الخطوط التي راح يرسمها لتتلاقى أحلامه الوردية مع ظلال أشجار الزيتون الوارفة.
وكأني بالكاتب يعلق كل آماله في الحفاظ على هذا الجيل القادم من وراء ظلال هذه الأشجار المباركة.
"خرّب بقدميه الحافيتين ما تمّ بناؤه"
جملة تفيد الاستفاضة في الشرح هل قصد الكاتب هنا أنّ الجيل القادم ليس على القدر الكافي من المسؤولية لحمل هذه الأمانة؟
كلمة الحافيتين هنا تدلّ على الفقر المعرفي وقلّة الدّراية وشُحّ الخبرة وأنَّ هذا الجيل الناشئ ليس من الوعي بمكان كي يحافظ على هذه الثروة الهائلة التي سيصيُّرها الزَّمن في عهدته؟
وهنا يعود بنا الكاتب/ة وبكلِّ براعة إلى متن النَّص عندما أشار إلى الخطوط المتوازية التي لا تلتقي أبداً كناية عن فرق العمر المرحلي الكبير بين الفلاح المعمّر وبين حفيده الغضّ عودِه..
والذي أتى حديثاً إلى هذه الأرض الضَّاربة في القَدِم
فالفلاح من رؤيتي الخاصَّة لهذه الزَّاوية الجميلة من النّص يخشى ما يخشاه من عبث هذا الجيل وقلَّة وعيه في الحفاظ على هذا الإرث العظيم الذي رعاه حقَّ رعايته طيلة سِنيّ عمره حفاظاً على عُهدة آبائه وأجداده ،،وقد لوَّحت جبهته عين الشَّمس ولوَّنت ساعديه سمرةً و أصالة وحفر الزَّمان على وجهه خطوطاً بمعول الجهد والكدّ والتّعب لن يمحوها سوى حفاظ الأجيال القادمة على هذة الثروة العظيمة