إيمان فجر السيد - قراءة إنطباعية لنص اِنكسار للأديبة خديجة السيد

خديجة السيد
اِنكسار

دكَّ أسوار ذاكرتي، نفذ عبر الشروخ، كلما أقمتُ سداً تهاوى. تصدَّعَ حصني وسقطت طروادة تحت قدمي أمرأةٍ دنَّستْ فراشي.

القراءة:
نص( ققج )بامتياز
جدير بالتأمل و التَّفكر
سمته (التكثيف) الذي وظّفته الكاتبة هنا عبر مكونات القصَّ المتباين والمتشابه في بؤرة الحدث وقد كان التَّكثيف في هذا النص عنصراً حيوياً وفعّالاً تبلور بالمفارقات والحديث المُضمر بين ثنايا السرد و الحكي المحذوف المقدَّر والمؤوَّل؛ فالتكثيف من أهم أركان الققج الذي إن لم يتمكَّن الكاتب من استخدامه أخرج النص من دائرة (الققج)
وقد برعت الكاتبة هنا في استخدامه عن طريق ضغط الأحداث والموضوع بجمل بلاغية خالية من الحشو
انكسار :مفردة نكرة تفيد معنى التحطم والإنكسار
انكسر القلب/أصيب بصدمةٍ عاطفيةٍ وهي عتبةٌ مشوقةٌ مضمرةٌ غير كاشفةٍ. تدعو للغوص في بحره لاستكشاف كنهه
عُنيت القاصة بالحركة الداخلية للنص من خلال رصدها للإنفعالات النفسيّة في نفس بطلة النص وما تنطوي عليه من عمق يشدُّ القارئ للغوص في مكنون النص والحركة الخارجية عبر سردها للحدث بلغةٍ جميلةٍوأسلوبٍ مشوّقٍ وهذا ما يميّز القصة القصيرة جداً.
بالإضافة إلى عناية الكاتبة بعنصر المفارقة أثناء عملية السرد وقد تمكَّنت من جذب عناية المتلقي لمتابعة الأحداث المشوقة
المفارقة من أهم عناصر الققج التي يسعى من خلالها الكاتب لإظهار الوجه الآخر ممَّا يعنيه عبر رصد بُعدين متناقضَين:
تناقض معماري
أسوار / شروخ
أقمت /تهاوى
تبادل لفظي موفق وحاذق يتجلّى في
دكّ/نفذ
تصدّعَ/سقطتْ
سقطتْ/دنّستْ
وقد مهدّتِ القاصة للقفلة المباغتة من خلال كل ما ذكرتُه آنفاً بدقةٍ متناهيةٍ موظّفةً كل حدث بما يخدمه من جملٍ مكثَّفةٍ بلاغيةٍ تخدم مقصديتها فقالت الكثير بقليلها، واستطاعت من خلالها إثارة المتلقي واستفزاز مشاعره الكامنة؛ فأتت القفلة بقفزةٍ سريعةٍ نقلتنا من التحفيز إلى المستفِزّ والمفاجئ!
بالإضافة إلى عناية القاصة بعنصريّ الزمان والمكان وهما من أهم عناصر سرد الأحدث في الققج بتضاد رائع؛ فهبطت بنا هبوطاً سريعاً من ذروة المكان (الحصن) إلى سفحه (الفِرَاش) تموضع مكاني رائع متناقض تمظهر بمفارقةٍ واخزةٍ متعالقة مع العنونة التي تجلّت في القفلة الصادمة فأماطت اللّثام عن مقصدية العنونة الذكية.
كان الصراع وهو -عمود القصّ- موفَّقاً ومنسجماً بين البيئة الخارجية للنص (سدّ-أسوار-شروخ-طروادة)
والبيئة الداخلية (الصراع الداخلي) للبطلة
( ذاكرتي- حصني- قدمي- فراشي)
وقد تجلّت من خلال هذا الصراع أعماق شخصية البطلة وكوامنها
وعلى المستوى الداخلي والخارجي كان الصراع موفقاً ومدروساً مؤثراً في النفس..وقد اكتملت متعته بتشويقه.
تناولت هذه القصة قضية هامة من قضايا الأدب النسوي :
(الخيانة الزوجية) بجرأةٍ جميلةٍ ودلالاتٍ بيانيةٍ محببةٍ تمّ بناء القصة على أساسها، بتراكيب بلاغية وبيانية وإيحائية مميزة.
Écrire à إيمان السيد
Aa

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى