لست أدري كيف ستمضي بي الحياة، اعتدت أن أجدها معي، حين ارتحل أبي كانت العوض، حاولت جاهدة أن تملأ الفراغ الذي تركه، شجعتني وأخذت بيدي، ذللت كل الصعاب التي اعترضت طريقي، رغم كبر سنها فقد جاوزت إذ ذاك الثمانين تماسكت، ساعتها لم أشعر باليتم، ها أنا الآن تتناوشني الكواسر، كل يحاول أن يجهز على جريح، أسلو بنصائحها، أعلم أنها عند ربها راضية مرضية، كثيرا ما رددت: أما الأمهات فيمكثن في الأرض!
إنهن جذور تضرب وتستقر أوتادا، وحيدا يا أمي أجتر الذكريات وأردد نفس مقولاتك، فما أنا إلا ابن امرأة طيبة القلب أحسنت صناعة الحياة.
هل تراها تطلع من صفحة الغيب؟
أي عالم ملأته يا أمي خضرة وجمالا!
تكاد الورقة تتساقط دموعها حزنا، ما عاد منك غير طيف يشاغلني ليل نهار، أتوسد ذراعي ومن ثم أرسم ملامحك بقلم ينزف أنينا!
في مكان ما من هذا العالم أسكن، أتدبر حالي، ألتمس بعض دفء من أمي، أخرج أغطية الشتاء، لم يعد من يدثرني في منتصف الليل، ترى من يهبني حبات البطاطا الشهية؟
أو من يسامرني في ليل يمتد، تعوي الكلاب من حولي، يصيبني الفزع، يدوي صدى صوتي في البيت الحجري، حتى الذين كانوا لي صاروا علي، معلل بما تركت من مفردات أسطرها في حكايات يقرأها القادمون، هذه حياتي صفحة وراء أخرى، والوالدت يرحلن سريعا، مثل تلك الحمامة البيضاء، وقد ذكرتها بها في أيامها الأخيرة، أو ذلك القط الأخضر، أشجار الحديقة بعدك يا أمي تصفر بينها الريح!
هنا أمسكت بمشراع النافذة، تكاد تسقط اعياء لكنها تصر أن تجهز الطعام الأخير!
هادئة مثل العصافير، بريئة كما الحملان لاتعرف غير الحب!
ذلك القدر أصاب سهمه من كانت نسمة جميلة، عاشت لاتعرف غير الرضا، جميلة أنت يا أمي، فهل الجمال إلا العطاء!
تسرين إلى بأحاديث لم يكن غيرك يرويها، بارعة فيما مست يداك، تخرجين أرغفة الخبز شهية، حتى الحمام يا أمي لم يعد يثير غير دموع المنكسر!
أما قبل فكنت أذرع الحياة سعادة لأن لدي قلب يسعني حبا، كتبي وأقلامي وتلك الدرجة الأعلى من فيض نداك، من سلة الخضر وضربة الفأس وكفة الميزان، من حياكة الثياب وحنية ظهرك، من نحول بدن حتى صرت أشبه بالحمامة.
وزعت يا أمي جسدك حتى ورم منه من ورم؛ يقولون ماتت أمي، وهموا!
إنها تسكن قلبي، يراوح طيفها فلا يبرح أمكنة عرفت وقع خطوك ودبيب عصاك، من يا أمي يصبح على الأشجار بل من تراه يحنو على الحملان والجراء!
أعبث في الأشياء فأجد حافظة هاتفك القماشية، ما يزال أثر يديك على أزراره، كنت دائما تردين سلام عليكم!
والآن بت في عالم كله أمن وهدوء ويقين بالله!
بقية من إرث النبوة اشتملت عليه قلوب الأمهات، فيأيها الذين أعرضوا ومالوا بأعطافهم لن تجدوا بعد رحيل الآباء غير الوهم ولن تطعموا غير الحصرم!
إنهن جذور تضرب وتستقر أوتادا، وحيدا يا أمي أجتر الذكريات وأردد نفس مقولاتك، فما أنا إلا ابن امرأة طيبة القلب أحسنت صناعة الحياة.
هل تراها تطلع من صفحة الغيب؟
أي عالم ملأته يا أمي خضرة وجمالا!
تكاد الورقة تتساقط دموعها حزنا، ما عاد منك غير طيف يشاغلني ليل نهار، أتوسد ذراعي ومن ثم أرسم ملامحك بقلم ينزف أنينا!
في مكان ما من هذا العالم أسكن، أتدبر حالي، ألتمس بعض دفء من أمي، أخرج أغطية الشتاء، لم يعد من يدثرني في منتصف الليل، ترى من يهبني حبات البطاطا الشهية؟
أو من يسامرني في ليل يمتد، تعوي الكلاب من حولي، يصيبني الفزع، يدوي صدى صوتي في البيت الحجري، حتى الذين كانوا لي صاروا علي، معلل بما تركت من مفردات أسطرها في حكايات يقرأها القادمون، هذه حياتي صفحة وراء أخرى، والوالدت يرحلن سريعا، مثل تلك الحمامة البيضاء، وقد ذكرتها بها في أيامها الأخيرة، أو ذلك القط الأخضر، أشجار الحديقة بعدك يا أمي تصفر بينها الريح!
هنا أمسكت بمشراع النافذة، تكاد تسقط اعياء لكنها تصر أن تجهز الطعام الأخير!
هادئة مثل العصافير، بريئة كما الحملان لاتعرف غير الحب!
ذلك القدر أصاب سهمه من كانت نسمة جميلة، عاشت لاتعرف غير الرضا، جميلة أنت يا أمي، فهل الجمال إلا العطاء!
تسرين إلى بأحاديث لم يكن غيرك يرويها، بارعة فيما مست يداك، تخرجين أرغفة الخبز شهية، حتى الحمام يا أمي لم يعد يثير غير دموع المنكسر!
أما قبل فكنت أذرع الحياة سعادة لأن لدي قلب يسعني حبا، كتبي وأقلامي وتلك الدرجة الأعلى من فيض نداك، من سلة الخضر وضربة الفأس وكفة الميزان، من حياكة الثياب وحنية ظهرك، من نحول بدن حتى صرت أشبه بالحمامة.
وزعت يا أمي جسدك حتى ورم منه من ورم؛ يقولون ماتت أمي، وهموا!
إنها تسكن قلبي، يراوح طيفها فلا يبرح أمكنة عرفت وقع خطوك ودبيب عصاك، من يا أمي يصبح على الأشجار بل من تراه يحنو على الحملان والجراء!
أعبث في الأشياء فأجد حافظة هاتفك القماشية، ما يزال أثر يديك على أزراره، كنت دائما تردين سلام عليكم!
والآن بت في عالم كله أمن وهدوء ويقين بالله!
بقية من إرث النبوة اشتملت عليه قلوب الأمهات، فيأيها الذين أعرضوا ومالوا بأعطافهم لن تجدوا بعد رحيل الآباء غير الوهم ولن تطعموا غير الحصرم!